لا يشرع رفع الأيدي عند الإتيان بأذكار الصباح والمساء ، ولا في أدبار الصلوات المكتوبة ، لعدم ورود ما يدل على استحباب ذلك .
والأصل هو استحباب رفع اليدين مع كل دعاء ، إلا في المواطن التي دعا فيها النبي صلى الله عليه ولم يرفع يديه ، كالدعاء في خطبة الجمعة لغير الاستسقاء ، والدعاء في الطواف والسعي ، والدعاء دبر الصلاة ، سواء قيل المراد بدبر الصلاة ما قبل السلام ، أو ما بعده ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرفع يديه في هذه المواطن .
لكن لو رفع الإنسان يديه في بعض المواضع أحياناً ، فلا حرج إن شاء الله .
وراجع جواب السؤال رقم (11543) .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : هل الدعاء بعد صلاة الفرض سنة ؟ وهل الدعاء مقرون برفع اليدين ؟ وهل ترفع مع الإمام أفضل أم لا ؟
فأجابوا : "ليس الدعاء بعد الفرائض بسنة إذا كان ذلك برفع الأيدي ، سواء كان من الإمام وحده أو المأموم وحده أو منهما جميعا، بل ذلك بدعة؛ لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولاعن أصحابه رضي الله عنهم، أما الدعاء بدون ذلك فلا بأس به لورود بعض الأحاديث في ذلك" انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (7/103) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله : " رفع الأيدي في الدعاء من أسباب الإجابة في أي مكان ، يقول صلى الله عليه وسلم : ( إن ربكم حيي سِتِّير يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا ) ، ويقول صلى الله عليه وسلم : ( إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا ، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، فقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ) وقال سبحانه : (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر ، يمد يديه إلى السماء ، يا رب ، يا رب ، ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغذي بالحرام ، فأنى يستجاب له ) رواه مسلم في صحيحه .
فجعل من أسباب الإجابة رفع اليدين . ومن أسباب المنع ، وعدم الإجابة : أكل الحرام والتغذي بالحرام . فدل على أن رفع اليدين من أسباب الإجابة ، سواء في الطائرة أو في القطار أو في السيارة أو في المراكب الفضائية ، أو في غير ذلك ، إذا دعا ورفع يديه . فهذا من أسباب الإجابة إلا في المواضع التي لم يرفع فيها النبي صلى الله عليه وسلم فلا نرفع فيها ، مثل خطبة الجمعة ، فلم يرفع فيها يديه ، إلا إذا استسقى فهو يرفع يديه فيها . كذلك بين السجدتين وقبل السلام في آخر التشهد لم يكن يرفع يديه صلى الله عليه وسلم فلا نرفع أيدينا في هذه المواطن التي لم يرفع فيها صلى الله عليه وسلم ؛ لأن فعله حجة ، وتركه حجة ، وهكذا بعد السلام من الصلوات الخمس ، كأن يأتي بالأذكار الشرعية ولا يرفع يديه ، فلا نرفع في ذلك أيدينا اقتداء به صلى الله عليه وسلم ، أما المواضع التي رفع صلى الله عليه وسلم فيها يديه ، فالسنة فيها رفع اليدين تأسيا به صلى الله عليه وسلم ؛ ولأن ذلك من أسباب الإجابة ، وهكذا المواضع التي يدعو فيها المسلم ربه ولم يرد فيها عن النبي رفع ولا ترك ، فإنا نرفع فيها للأحاديث الدالة على أن الرفع من أسباب الإجابة كما تقدم " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله" (6/158).
والله أعلم