حكم الصور والرسومات التي توضع في توقيعات بعض رواد الانترنت
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد:
فقد سألني بعض الإخوة عن حكم الصور والرسومات التي يضعها بعض كتاب الانترنت في توقيعاتهم فأجبته بجواب مفصل أسأل الله التوفيق والسداد والهدى والرشاد .
وهذا هو السؤال
سؤال هام جدا!! السلام عليكم و رحمته الله و بركاته,
و بعد, شيخنا الكريم ابو عمر, لاحظت في كثير من المنتديات أن بعض الأعضاء يضعون توقيعات لصور بنات و حب و غيرها من الصور الغير مقبولة في الإسلام, و صور البنات تكون معظم الأحيان صور مرسومة و بعضها حقيقة...و قد قرأت منذ فترة من إحدى الصفحات الإسلامية أن هذه الصور لا يجوز رسمها و أنها محرمة, فأرجو منك أن توضح لي لماذا صور الحب و صور البنات المرسومة و غير المرسومة محرمة شرعا مع الأدلة, لأنني أريد أن أوضحها لأحد الإخوة على أنها محرمة و لكن لا أعرف أي دليل...
الــــــــجَـــــــواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد :
فقد كنت كتبت سابقاً فتوى حول تحريم التصوير ، وبينت أنه من وسائل الشرك وخاصة في هذا الزمان الذي انتشر فيه الجهل بأمور الشرع ، وكثُرَت الشبه والأهواء .
فسأعيدها هنا مع زيادة بيان وتوضيح .
ومما يؤكد حرمة التصوير ، ويزيد في وضوح فساده إذا كان وسيلة من وسائل الفساد والإفساد .
فتصوير البنات أو النساء أو الشباب المرد سواء كان رسماً أو تصويراً فوتوغرافياً محرم من وجوه :
الوجه الأول: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لعن المصورين .
عن أبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي -رضي الله عنه- قال: ((لعن النبي -صلى الله عليه وسلم- :الواشمة والمستوشمة ، وآكل الربا وموكله ، ونهى عن ثمن الكلب وكسب البغي ، ولعن المصورين)).رواه البخاري في صحيحه.
الوجه الثاني: أن الله توعد الذين يصورون ذوات الأرواح بالعذاب والنكال .
# عن عمر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم)).رواه البخاري ومسلم .
# عن عائشة -رضي الله عنه- أيضاً-: أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير فلما رآها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام على الباب فلم يدخل ، فعرفت في وجهه الكراهية
قالت: فقلت : يا رسول الله! أتوب إلى الله وإلى رسوله ماذا أذنبت؟
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ((ما بال هذه النُمْرُقة ؟))
فقلت : اشتريتها لك لتقعد عليها وتوسدها .
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ((إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة فيقال لهم أحيوا ما خلقتم))
وقال: ((إن البيت التي فيه الصور لا تدخله الملائكة)) رواه البخاري ومسلم
النُمْرُقة: المخدة والوسادة.
# عن أبي هريرة –أيضا- -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يخرج عنق من النار يوم القيامة له عينان يبصر بهما ، وأذنان تسمعان ، ولسان ينطق يقول: إني وكلت بثلاثة ؛ بمن جعل مع الله إلها آخر ، وبكل جبار عنيد ، وبالمصورين)) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح غريب وهو حديث صحيح كما قال الترمذي -رحمه الله-
الوجه الثالث: أن المصورين من أشد الناس عذاباً ومن أظلم الناس .
عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون)) رواه البخاري ومسلم
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((قال الله تعالى : ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي ، فليخلقوا ذرة ، أوليخلقوا حبة ، أوليخلقوا شعيرة)) .رواه البخاري ومسلم
الوجه الرابع : أن المصور منازع لله في بعض خصائصه وهو اسم المصور .
وهذا يتضح من الأدلة السابقة كقوله تعالى في الحديث القدسي: ((ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي)).
وكقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : ((يا عائشة أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله)).
ويتضح منها أن علة تحريم التصوير هو : مضاهاة خلق الله .
وليست علة التحريم كونها منحوتة أو مرسومة أو مصنوعة باليد كما يظنه البعض .
وتصوير الكاميرا والفيديو من أعظم الوسائل التي يتوصل بها إلى مضاهاة خلق الله .
فلو جهد المصور أن يرسم بيده صورة مشابهة لخلق الله لما استطاع أن يصورها كما تصورها الكاميرا أو الفيديو .
لذلك فالتصوير بشتى أنواعه حرام لا يجوز وأعظم التصوير حرمة ما كان بالكاميرا أو الفيديو لأنه أبلغ في مضاهاة خلق الله .
#وقد استثنى الشرع غير ذوات الأرواح فأباح تصوير الشجر والبيوت والجبال ونحو ذات مما لا روح له .
والأمر لله فهو الإله المعبود ما شاء أباحه وما شاء حرمه ، وكل هذا راجع إلى علمه وحكمته عز وجل
الوجه الخامس : أن التصوير من وسائل الشرك ، بل ومن أسباب وقوع الشرك في بني آدم .
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- : (صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد ، أما ود كانت لكلب بدومة الجندل ، وأما سواع فكانت لهذيل ، وأما يغوث فكانت لمراد ، ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ ، وأما يعوق فكانت لهمدان ، وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع ، أسماء رجال صالحين من قوم نوح ، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسموها بأسمائهم ، ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت) .
فالشرع حرم التصوير حسماً لمادة الشرك .
ومن كان يظن أن التصوير بالكاميرا أو الفيديو لا يتوصل به إلى الشرك فقد وهم .
ولقد استغل أهل الشرك والأوثان في هذا العصر ما استجد من آلات التصوير لنشر الشرك وأسبابه على نطاق واسع .
فقد حصلت بسبب التصوير الفوتوغرافي والفيديو فتن عظيمة وكم وقع بسببها من شرك بالله .
وأذكر هنا مثالين :
المثال الأول: الصوفية استخدموا التصوير وسيلة لنشر الشرك فتجد صور شيوخ الصوفية تعلق في الزوايا وفي بيوت المريدين !
بل وصلت الفتنة بهم إلى أن أصبحوا يوزعون على مريديهم صورهم (صور الشيوخ) ليستحضر المريد مراقبة الشيخ!!
وحدثني بعض من كان مريداً عند بعض شيوخ الصوفية في الأردن أنهم أعطوا كل مريد صورة الشيخ وكانوا إذا صلوا وأرادوا أن يخشعوا في الصلاة أخرجوا صورة الشيخ من جيوبهم! فيتأملون فيها ويتدبرونها فيخشعون ويبكون!!
فهذا الخشوع والبكاء الشركي .
المثال الثاني: حدثني بعض مشايخي أنه كان لا يرى تحريم التصوير الفوتوغرافي وكان يذهب إلى ماليزيا في دورات تعليمية مبتعثة من الجامعة الإسلامية .
وكان بعض الماليزيين الذين ينزل عندهم مشايخ الدورة العلمية يطلبون تصوير المشايخ وكانوا يكثرون من ذلك .
فسألهم شيخي : لماذا تكثرون من التصوير ؟
فقال أحدهم: نتبرك بها !! يعنون : يتبركون بصور المشايخ.
فهذا هو الشرك !
فالتصوير الفوتوغرافي حرام بشتى صوره ووسائله.
وهذا هو قول الشيخ ابن باز والشيخ الألباني من كبار الأئمة المعاصرين .
الوجه السادس : أن التصوير من وسائل نشر الرذيلة والفجور وهذا كتصوير الأفلام ، والصور الخليعة ، كما في التمثيليات والمسلسلات وما يسمى بالفيديو كلب ونحو ذلك .
فقد انتشر في هذا الزمان تصوير النساء العاريات ، والصور الجنسية الخسيسة ، وصور المغنيات والراقصات ، والداعرين والداعرات ، والمرد الذين هم في بعض الأحوال أشد إثارة وإغراء من النساء كصور المخنثين منهم .
فهذا من أعظم وسائل الفساد ونشر الزنا والفجور بين الناس .
قال تعالى: {ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً}.
فحرم الله قرب الزنا ، ففيه تحريم كل ما يقرب إلى الزنا ويقرب إليه .
ومن ذلك تلك الصور المحرمة .
وقال تعالى: {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
وتصوير هذه الصور ونشرها من وسائل إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا .
وقال الله : {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {30} وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} الآية.
ونشر هذه الصور معارض لهذه الآية ومحادة لله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- .
فيتبين مما سبق أن تصوير فتيات أو شباب مخنثين أو صور ورموز تدعو إلى الفاحشة والرذيلة ، أو تؤدي إلى خضوع النساء بالقول للرجال من الأمور المحرمة المؤدية إلى غضب الله وعقابه .
ويدخل فيما سبق تحريم من يجعل في توقيعه صورة قلب ، أو قلب ووسطه سهم ، أو كلمات فيها تغنج أو مثيرة للغريزة فكل هذا حرام وظلم وعدوان ، وولوج في باب كبائر الذنوب .
أسأل الله أن يحمي شباب المسلمين من مكر أعدائهم ، وأن يجنبهم الشرور والآثام .
وانظر فيما يأتي في التنبيهات ففيه مزيد بيان .
وفي الختام أنبه بتنبيهات :
- الأمر الأول: التصوير المحرم هو تصوير ذوات الأرواح كالإنسان والحيوان أما النبات والجماد فيجوز .
- الأمر الثاني: أن المراد بالصورة ما كانت مشتملة على الوجه فلو وجدت صورة لإنسان أو حيوان ليس فيها الوجه فليست محرمة قال ابن عباس -رضي الله عنه-: ((الصورة الرأس ، فإذا قطع فلا بأس)).
عن أبي الهياج الأسدي -رحمه الله- قال: قال لي علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (( أن لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبراً مشرفا إلا سويته)). رواه مسلم في صحيحه
فلابد من طمس الصورة ألا وهي الوجه.
- الأمر الثالث: أن الصورة لو صورت وقطع الرأس بخط أو نحوه فهذا لا يبيح الصورة ما دام الرأس(الوجه) موجوداً فالتحريم متعلق بالوجه .
فإذا طمس الوجه لم تحرم الصورة .
- الأمر الرابع: التصوير يجوز للضرورة والحاجة كالتعليم ومعرفة الجناة ونحو ذلك.
ولا يدخل في الصور الجائزة الصور التي توضع على النقود الورقية أو المعدنية بل يحرم ذلك .
ولكن حملها يجوز للحاجة أو الضرورة .
- الأمر الخامس: يحرم الاحتفاظ بالصور للذكرى كصور العرس أو الرحلات أو الأطفال ونحو ذلك.
-الأمر السادس: يتأكد تحريم اقتناء الصور إذا علقت على الحيطان أو السيارات أو على الدواليب(الخزانات) ونحو ذلك.
- الأمر السابع: قال بعض العلماء إن التصوير بالكاميرا والفيديو ليس من فعل الإنسان إنما هو حبس للظل وهذا تقوم به الآلة !!
وهذا باطل .
لأن الكاميرا والفيديو من صنع الإنسان وهو الذي جعلها آلة صالحة للتصوير وحبس الظل هو حقيقة التصوير .
والتصوير بالكاميرا والفيديو لا يزيل علة تحريم التصوير ألا وهي مضاهاة خلق الله .
بل التصوير بالكاميرا والفيديو أشد مضاهاة لخلق الله ويؤدي إلى الشرك الأكبر كما بينه من قبل.
- الأمر الثامن: قال بعضهم : إن التصوير الفوتوغرافي مثله مثل المرآة ومثل النظر في الماء!!
وهذا باطل أيضاً .
وهذا قياس فاسد فالفروق بين التصوير وبين ظهور الصورة في المرآة والماء فروق ظاهرة لا يخفى .
## فمن الفروق:
1- الصورة التي في المرآة تزول وتذهب بمجرد انتقال الناظر فيها عنها . بخلاف الصورة التي تصورها الكاميرا أو بالفيديو فإنها ثابته وموجودة دوماً إما على ورقة وإما على شريط خاص مصنوع من مادة خاصة.
2- وصورة المرآة لا يحصل بسببها الشرك –عادة- بخلاف التصوير بالكاميرا وبالفيديو .
3- أن الصورة ظهرت في الماء لا بسبب العبد بل بما وضعه الله فيها من الخواص وكذلك النظر في المرآة ولا يقال لمن ينظر في المرآة أنه تصور أو صور بخلاف التصوير بالكاميرا والفيديو .
4- أنه لو سلم –جدلاً- أن النظر في المرآة وفي الماء يسمى تصويراً فهذا نوع أباحه الشرع وأجمعت الأمم على حله فيستثنى من حكم التصوير .
- الأمر التاسع: لا يجوز الاحتفاظ ولا تعليق الصور التي تشتمل على صورة قبر كقبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أو قبر غيره .
والعلة في ذلك: ليس حرمة التصوير لأن القبر (أي ما يظهر منه من التراب) ليس من ذوات الأرواح .
ولكن العلة لما يؤدي إليه من الشرك وهو تعظيم تلك القبور المؤدي إلى الشرك بها كالاستغاثة والاستعانة والتوسل بها أو بأصحابها .
- الأمر العاشر: لا يجوز شراء الملابس التي تحتوي على الصور ويتأكد التحريم إذا كانت تلك الصور لصور مشايخ يعظمون أو زعماء يعظمون أو صور فجار أو فاجرات من الفساق أو الكفار .
ومن تلك الملابس المحرمة ملابس الأطفال التي تحتوي على الصور لذوات الأرواح.
- الأمر الحادي عشر: لا يجوز اقتناء الصور التي تحتوي على صور النساء ، والعاهرات ، والفاجرات ؛ لما تسببه من فتن وفساد هذا إضافة إلى حرمة التصوير .
- الأمر الثاني عشر: لا يجوز النظر إلى عورات الرجال والنساء سواء كان ذلك على الطبيعة أو تصويراً.
فلا يجوز النظر إلى الرجال العراة أو شبه العراة كما لا يجوز النظر إلى النساء الكاشفات لعوراتهن .
فعلى ذلك لا يجوز مشاهدة المسرحيات ولا التمثيليات ولا الأفلام ولا السهرات المحرمة ولا الحفلات الغنائية ولا الفيديو كلب .
والنظر له أحكامه ليس هذا موضع بسطها .
## فالخلاصة: أن التصوير الفوتوغرافي وبالفيديو محرم ولا يجوز إلا للضرورة والحاجة المشروعة .
وأن التصوير من أسباب الشرك ومن أبوابه.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
المصدر . موقع الشيخ أبو عمر أسامة العتيبي
من هنا رابط الفتوى
http://otiby.net/makalat/articles.php?id=84