أنكر البعض من أهل البدع والضلال من متصوفة ورافضة على أهل السنة قولهم برؤية الله بالمنام
وومن فعل ذلك المدعو السخاف في قناة المستقلة وقد كنت رددت عليه آنذاك بمثل موضوعي هذا كما أنكروا على شيخ الإسلام رحمه الله استدلاله بحديث رؤية الله على صورة شاب أمرد
و مع أن هذا الحديث قد تكلم عليه العلماء بعض العلماء وحكموا عليه بالوضع إلا أنني ومن خلال بحثي للمسألة أن بعض أهل العلم قد صححوا هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والمسألة هنا ليست في الحكم على الحديث من حيث الصحة والضعف وإنما في بيان مراد شيخ الإسلام لها لقوله بصحتها . وحقيقة الرؤية لله في المنام
ولكن كيف يمكن فهم هذا عن شيخ الإسلام رحمه الله باستدلاله على صحتها ( علما أنني لم أجد ما قاله السقاف عن شيخ الإسلام نظرا لأن الكتاب ليس عندي فهو مخطوط غير مطبوع )
ولكن مع القول بتصحيح شيخ الإسلام لها
فلا يصح استدلال هذا السقاف بالحديث على أن شيخ الإسلام يقول ذلك أي رؤية حقيقية على أنها ذاته نفسها
فشيخ الإسلام رحمه الله إنما أراد رؤيته في المنام هذا أولا
وثانيا : لا يلزم من رؤية المنام وأنها حقيقة للأنبياء أن رؤية الله في المنام هي نفس الصورة التي رآها في المنام كما استدل السقاف بذلك
لأنه كما قال شيخ الإسلام رحمه الله واستدل على ذلك برؤيا يوسف عليه السلام عندما رأى الشمس والقمر والكواكب يسجدون له فلو كانت كما يراها السقاف أن الرؤيا في الصفات كالرؤيا في الأوامر من الكلام للزم ذلك أن يرى يوسف عليه السلام سجود الشمس والقمر له حقيقة .
وهذا كلام شيخ الإسلام رحمه الله حتى يتبين لكم الحق إن شاء الله من كلامه لا من كلام السقاف عليه من الله ما يستحق
قال رحمه الله :
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : يقول الله أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي خيرا ).
وفي صحيح مسلم عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا يموتن أحد منكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى "
"
فمن ظن وتوهم به أنه بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير كان هذا الظن والتوهم حقا وإن كان الواجب تيقن ذلك
بل لفظ الرؤية وإن كان في الأصل مطابقا فقد لا يكون مطابقا كما في
قوله : ( أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا)
وقال (يرونهم مثليهم رأي العين)
وقد يكون التوهم والتخيل مطابقا من وجه دون وجه فهو حق في مرتبته وإن لم يكن مماثلا للحقيقة الخارجة مثل ما يراه الناس في منامهم
كما رأى يوسف سجود الكواكب والشمس والقمر له فلا ريب أن هذا تمثله وتصوره في نفسه وكانت حقيقته سجود أبويه وأخوته كما قال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا
وكذلك رؤيا الملك التي عبرها يوسف حيث رأى السنابل بل والبقر فتلك رآها متخيلة متمثلة في نفسه وكانت حقيقتها وتأويلها من الخصب والجدب.
فهذا التمثل والتخيل حق وصدق في مرتبته بمعنى أن له تأويلا صحيحا يكون مناسبا له ومشابها له من بعض الوجوه .
فإن تأويل الرؤيا مبناها على القياس والاعتبار والمشابهة والمناسبة .
ولكن من اعتقد أن ما تمثل في نفسه وتخيل من الرؤيا هو مماثل لنفس الموجود في الخارج وأن تلك الأمور هي بعينها
رآها فهو باطل
وإذا كان كذلك فالإنسان قد يرى ربه في المنام ويخاطبه فهذا حق في الرؤيا ولا يجوز أن يعتقد أن الله في نفسه مثل ما رأى في المنام .
أقول :
وقد حدث مثل هذا معي فرأيت وكأني رأيت الله عز وجل في المنام وأنا في عرصات يوم القيامة ، وقدمت للحساب والجزاء، ووقفت أمام الله عز وجل ، وفرائصي ترتعد خوفا من الله ، وأدعو الله ، وأقول له : مغفرتك، مغفرتك، .. أكررها كثيرا وبخوف شديد وكأني بالله جل في علاه ينظر إليّ . وسمعته يقول لي قد غفرت لك .
فأسأله جل في علاه أن تكون رؤيا حق ، وحاولت حينئذ أن أفهم معنى هذه الرؤيا حتى وفقني الله للإطلاع على كلام شيخ الإسلام رحمه الله
ثم قال شيخ الإسلام رحمه الله :
فإن سائر ما يرى في المنام لا يجب أن يكون مماثلا ولكن لا بد أن تكون الصورة التي رآه فيها مناسبة ومشابهة لاعتقاده في ربه فإن كان إيمانه واعتقاده مطابقا أتي من الصور وسمع من الكلام ما يناسب ذلك وإلا كان بالعكس .
قال بعض المشايخ إذا رأى العبد ربه في صورة كانت تلك الصورة حجابا بينه وبين الله وما زال الصالحون وغيرهم يرون ربهم في المنام ويخاطبهم وما أظن عاقلا ينكر ذلك فإن وجود هذا مما لا يمكن دفعه إذ الرؤيا تقع للإنسان بغير اختياره وهذه مسألة معروفة وقد ذكرها العلماء من أصحابنا وغيرهم في أصول الدين وحكوا عن طائفة من المعتزلة وغيرهم إنكار رؤية الله والنقل بذلك متواتر عمن رأى ربه في المنام .
من ذلك نعلم :
مراد الشيخ رحمه الله من الحديث أنه رأى ربه في صورة شاب أمرد أي مناما ( أي في صورة حسنه أو في أحسن صورة وليس أن الله على صورة شاب أمرد) كما استدل رحمه الله في بداية قوله من حسن الظن بالله .
وقال شيخ الإسلام رحمه الله :
ولكن لا بد أن تكون الصورة التي رآه فيها مناسبة ومشابهة لاعتقاده في ربه فإن كان إيمانه واعتقاده مطابقا أتي من الصور وسمع من الكلام ما يناسب ذلك .
وقد أشار الرسول صلى الله عليه وسلم على عينه وأذنه لما قرأ ( إن الله كان سميعا عليما ) فهل الرسول صلى الله عليه وسلم شبه سمع الله وبصره بسمع الإنسان وبصره لما أشار إلى سمع نفسه وبصره .
وهذا عند العلماء يسمى تحقيق السمع والبصر لا التشبيه بأن سمع الله كسمع البشر وعينه كذلك أو بصره :
فالشيخ رحمه الله أراد بهذا الحديث لما ثبت عنده صحته تحقيق أن الله في أحسن صورة كما يراها النائم من حسن ظنه بالله لا أن الله على صورة الشاب الأمرد .
وأنقل هنا ما ذكره العجلوني رحمه الله في الحديث
قال :
والحديث إن حمل على رؤية المنام فلا إشكال وان حمل على اليقظة فأجاب عنه ابن الهمام بأن هذا حجاب الصورة قال القاري كأنه أراد بهذا التجلي الصوري ولله تعالى أنواع من التجليات بحسب الذات والصفات لكنه تعالى منزه عن الجسم والصورة بحسب الذات وأما ما قاله السبكي في الحديث فان أراد أن في سنده ما يدل على وضعه فمسلم وإلا فبات التأويل واسع انتهى ملخصا .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن ذلك فأجاب قائلا :
وقد يخيل لبعض الناس أنه رأى ربه وليس كذلك ، فإن الشيطان قد يخيل لهم ويوهمهم أنه ربهم ، كما روي أنه تخيل لعبد القادر الجيلاني على عرش فوق الماء ، وقال أنا ربك وقد وضعت عنك التكاليف ، فقال الشيخ عبد القادر : اخسأ يا عدو الله لست بربي؛ لأن أوامر ربي لا تسقط عن المكلفين ، أو كما قال رحمه الله .
والمقصود أن رؤية الله عز وجل يقظة لا تحصل في الدنيا لأحد من الناس حتى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كما تقدم في حديث أبي ذر لما سئل الرسول هل رأيت ربك قال : نورا أنّا أراه .، وكما دل على ذلك قوله سبحانه لموسى عليه الصلاة والسلام لما سأل ربه الرؤية . قال له : {لَنْ تَرَانِي}[2] الآية
لكن قد تحصل الرؤية في المنام للأنبياء وبعض الصالحين على وجه لا يشبه فيها سبحانه الخلق ، كما تقدم في حديث معاذ رضي الله عنه أن الرسول قد رأى ربه ، وإذا أمره بشيء يخالف الشرع فهذا علامة أنه لم ير ربه وإنما رأى شيطانا ، فلو رآه وقال له : لا تصل قد أسقطت عنك التكاليف ، أو قال ما عليك زكاة أو ما عليك صوم رمضان أو ما عليك بر والديك أو قال لا حرج عليك في أن تأكل الربا . . . فهذه كلها وأشباهها علامات على أنه رأى شيطانا وليس ربه
هذا والله أعلم فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان
فهذه بعض من أقوال العلماء - التي وقفت عليها - في مسألة رؤية الله في المنام، والتي يثبتها أهل السنة والجماعة خلافا للمعتزلة والجهمية
1- الإمام سعيد بن عثمان الدارمي
قال في نقضه على المريسي( تحقيق الدكتور رشيد الألمعي) ج2 ص738-739:" وإنما هذه الرؤية كانت في المنام ، وفي المنام يمكن رؤية الله تعالى على كل حال وفي كل صورة
روى معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" صليت ما شاء الله من الليل ثم وضعت جنبي، فأتاني ربي في أحسن صورة"، فحين وجد هذا لمعاذ كذلك صرفت الروايات التي فيها إلى ما قال نعاذ، فهذا تأويل هذا الحديث عند أهل العلم..."
2- الإمام البغوي
قال في شرح السنة 12/227-228 : "رؤية الله في المنام جائزة ، فال معاذ عن النبي صلى الله عليه وسلم:" إني نعست فرأيت ربي" وتكون رؤيته - جلت قدرته - ظهور العدل والفرج والخصب والخير لأهل ذلك الموضع، فإن رآه فوعد له جنة أو مغفرة أو نجاة من النار فقوله حق ووعده صدق. وإن رآه ينظر إليه فهو رحمته وإن رآه معرضا عنه فهو تحذير من الذنوب لقوله سبحانه وتعالى{ أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم} ( آل عمران 77) وإن أعطاه شيئا من متاع الدنيا فأخذه فهو بلاء ومحن، وأسقام تصيب بدنه، يعظم بها أجره، لا يزال يضطرب فيها حتى يؤديه إلى الرحمة وحسن العاقبة".
3- الإمام البيهقي
: قال في الأسماء والصفات( ج2 ص 368-369 ) تعقيبا على حديث قتادة عن عكرمة عن ابن عباس في الرؤية: "ثم حمله بعض أهل النظر على أنه رآه في المنام واستدل عليه بحديث أم الطفيلي رضي الله عنهما.... إلى أن قال: وهذا شبيه بما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما وهو حكاية رؤيا رآها في المنام، قال أهل النظر: رؤيا النوم قد يكون وهما يجعله الله تعالى دلالة للرائي على أمر سالف أو آنف على طريق التعبير".
4- شيخ الإسلام ابن تيمية
قال في مجموع الفتاوى :"وليس فى شىء من أحاديث المعراج الثابتة أنه رآه بعينه وقوله ( أتانى البارحة ربى فى أحسن صورة ( الحديث الذى رواه الترمذى وغيره انما كان بالمدينة فى المنام هكذا جاء مفسرا وكذلك حديث أم الطفيل وحديث ابن عباس وغيرهما مما فيه رؤية ربه انما كان بالمدينة كما جاء مفسرا فى الأحاديث والمعراج كان بمكة كما قال تعالى ( سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى ) وقد بسط الكلام على هذا فى غير هذا الموضع وقد ثبت بنص القرآن أن موسى قيل له ( لن ترانى ) وأن رؤية الله أعظم من إنزال كتاب من السماء كما قال تعالى ( يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة ) فمن قال ان أحدا من الناس يراه فقد زعم أنه أعظم من موسى بن عمران ودعواه أعظم من دعوى من ادعى أن الله أنزل عليه كتابا من السماء "
مجموع الفتاوى ج2ص 336.
الشيخ العلامة محمد صالح العثيمين رحمة الله
فقد سئل العلامة ابن عثيمين رحمه الله في اللقاء المفتوح :
بالنسبة لرؤية الله عزوجل هل يصح القول بأنها يمكن أن تقع لأي مؤمن من المؤمنين ؟
الجواب : رؤية الله تعالى في المنام ـ في الدنيا ـ طبعا لأن الآخرة ليس فيها نوم ، هذه جاءت في حديث اختصام الملأ الأعلى الذي أخرجه أهل السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه في المنام . ورؤية الله لغير النبي لاأعلم أنها ثابتة ولاأدري تقع أم لا ؟ لكنه قد ذكر أن الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ رأى ربه في المنام . وذكر شيخ الإسلام أن الإنسان قد يرى ربه في المنام وذلك بأن الله سبحان وتعالى يضرب له مثلا بحسب تمسكه بالدين ، يعني يراه رؤية حسنة يكون في ذلك مساعدة له على التمسك بالدين فالله تعالى أعلم .( اللقاء المفتوح 30/17 ).
المحدث العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله
فقد سئل رحمه الله كما في سلسلة الهدى والنور - الشريط الثاني -
س: هل تمكن رؤية الله في المنام؟
ج: يقال هذا والله أعلم
س: بالنسبة إلى رسول صلى الله عليه وسلم؟
ج: الرسول واقعة
==========
وسئل أيضا كما في سلسلة الهدى والنور شريط 12 ب
س: حديث" رأيت البارحة ربي في أحسن صورة" هل في هذا الحديث دليل لمن يقول إني أرى الله في المنام؟
ج: دليل!!! مفهوم مقصود السائل لكن خطأ السؤال
مثل من يقول: قوله عليه السلام : " من رآني في المنام فقد رآني حقا " هل فيه دليل لمن يقول أنه رأى الرسول في المنام ؟ هذا السؤال خطأ
واضح وإلا لا؟ وإلا نشرحه
السائل: أعد مرة أخرى
ج: أقول هذا السؤال خطأ لأنه يشبه من يقول مثلا قوله عليه السلام: " من رآني في المنام فقد رآني حقا " فيه دليل أنه إذا قال القائل رأيت الرسول في المنام؟ فيه دليل لقوله هذا؟
فأقول السؤال خطأ
فيه دليل أنه يمكن للمسلم أن يرى الرسول في المنام ، أما فلان رأى الرسول في المنام فيه دليل بهذا الحديث؟ أو هذا الحديث يقول القائل رأى ربه في المنام فيه دليل على ما يقول ؟
ما فيه دليل لا هذا ولا هذا
لكن هو يقصد ، أنا بقول الآن المقصود من السؤال غير ظاهر السؤال، المقصود من السؤال يعني هل يدل الحديث على أنه يمكن لأي إنسان أن يرى ربه في المنام كما هو توجيه سؤالي الذي طرحته آنفا، هل في الحديث السابق" من رآني في المنام فقد رآني حقا فإن الشيطان لا يتمثل بي" أنه يجوز للمسلم أن يرى نبيه في المنام ؟ نقول نعم ، في الحديث الثاني فيه دلاله على الجواز، وإن كان رؤية المسلم لنبيه صلى الله عليه وسلم في المنام : أما الحديث الأول " رأيت ربي في أحسن صورة" هذا حديث عن شخص الرسول عليه السلام، وليس فيه مبدأا عاما كحديث رؤية الرسول عليه السلام في المنام ، ليس فيه دليل إلا أن هذه وقعت للرسول عليه السلام ،
بالنسبة لغيره؟ ما ننكر و لا نقر، يمكن ،
وقد قيل عن الإمام أحمد رحمه الله بأنه رأى ربه في المنام كذا مرة ، والله أعلم بصحة ذلك عنه ، لكن إن ادعى مدع، أنه رأى الله ، والله هذه دعوى عريضة جدا ، وصعب التصديق بها ، لكن ما عندنا حجة قاطعة لتكذيبه ، لا سيما إذا كان معروفا بالصدق والصلاح ،
وأسال الله يحقق رؤياك ويحقق خشيتك له في الدنيا وتقواك فتكون من الآمنين يوم الفزع الأكبر
_________
قال عليه الصلاة والسلام
{ اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال و الأهواء و الأدواء }
رواه الترمذي وصححه الأباني
وومن فعل ذلك المدعو السخاف في قناة المستقلة وقد كنت رددت عليه آنذاك بمثل موضوعي هذا كما أنكروا على شيخ الإسلام رحمه الله استدلاله بحديث رؤية الله على صورة شاب أمرد
و مع أن هذا الحديث قد تكلم عليه العلماء بعض العلماء وحكموا عليه بالوضع إلا أنني ومن خلال بحثي للمسألة أن بعض أهل العلم قد صححوا هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والمسألة هنا ليست في الحكم على الحديث من حيث الصحة والضعف وإنما في بيان مراد شيخ الإسلام لها لقوله بصحتها . وحقيقة الرؤية لله في المنام
ولكن كيف يمكن فهم هذا عن شيخ الإسلام رحمه الله باستدلاله على صحتها ( علما أنني لم أجد ما قاله السقاف عن شيخ الإسلام نظرا لأن الكتاب ليس عندي فهو مخطوط غير مطبوع )
ولكن مع القول بتصحيح شيخ الإسلام لها
فلا يصح استدلال هذا السقاف بالحديث على أن شيخ الإسلام يقول ذلك أي رؤية حقيقية على أنها ذاته نفسها
فشيخ الإسلام رحمه الله إنما أراد رؤيته في المنام هذا أولا
وثانيا : لا يلزم من رؤية المنام وأنها حقيقة للأنبياء أن رؤية الله في المنام هي نفس الصورة التي رآها في المنام كما استدل السقاف بذلك
لأنه كما قال شيخ الإسلام رحمه الله واستدل على ذلك برؤيا يوسف عليه السلام عندما رأى الشمس والقمر والكواكب يسجدون له فلو كانت كما يراها السقاف أن الرؤيا في الصفات كالرؤيا في الأوامر من الكلام للزم ذلك أن يرى يوسف عليه السلام سجود الشمس والقمر له حقيقة .
وهذا كلام شيخ الإسلام رحمه الله حتى يتبين لكم الحق إن شاء الله من كلامه لا من كلام السقاف عليه من الله ما يستحق
قال رحمه الله :
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : يقول الله أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي خيرا ).
وفي صحيح مسلم عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا يموتن أحد منكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى "
"
فمن ظن وتوهم به أنه بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير كان هذا الظن والتوهم حقا وإن كان الواجب تيقن ذلك
بل لفظ الرؤية وإن كان في الأصل مطابقا فقد لا يكون مطابقا كما في
قوله : ( أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا)
وقال (يرونهم مثليهم رأي العين)
وقد يكون التوهم والتخيل مطابقا من وجه دون وجه فهو حق في مرتبته وإن لم يكن مماثلا للحقيقة الخارجة مثل ما يراه الناس في منامهم
كما رأى يوسف سجود الكواكب والشمس والقمر له فلا ريب أن هذا تمثله وتصوره في نفسه وكانت حقيقته سجود أبويه وأخوته كما قال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا
وكذلك رؤيا الملك التي عبرها يوسف حيث رأى السنابل بل والبقر فتلك رآها متخيلة متمثلة في نفسه وكانت حقيقتها وتأويلها من الخصب والجدب.
فهذا التمثل والتخيل حق وصدق في مرتبته بمعنى أن له تأويلا صحيحا يكون مناسبا له ومشابها له من بعض الوجوه .
فإن تأويل الرؤيا مبناها على القياس والاعتبار والمشابهة والمناسبة .
ولكن من اعتقد أن ما تمثل في نفسه وتخيل من الرؤيا هو مماثل لنفس الموجود في الخارج وأن تلك الأمور هي بعينها
رآها فهو باطل
وإذا كان كذلك فالإنسان قد يرى ربه في المنام ويخاطبه فهذا حق في الرؤيا ولا يجوز أن يعتقد أن الله في نفسه مثل ما رأى في المنام .
أقول :
وقد حدث مثل هذا معي فرأيت وكأني رأيت الله عز وجل في المنام وأنا في عرصات يوم القيامة ، وقدمت للحساب والجزاء، ووقفت أمام الله عز وجل ، وفرائصي ترتعد خوفا من الله ، وأدعو الله ، وأقول له : مغفرتك، مغفرتك، .. أكررها كثيرا وبخوف شديد وكأني بالله جل في علاه ينظر إليّ . وسمعته يقول لي قد غفرت لك .
فأسأله جل في علاه أن تكون رؤيا حق ، وحاولت حينئذ أن أفهم معنى هذه الرؤيا حتى وفقني الله للإطلاع على كلام شيخ الإسلام رحمه الله
ثم قال شيخ الإسلام رحمه الله :
فإن سائر ما يرى في المنام لا يجب أن يكون مماثلا ولكن لا بد أن تكون الصورة التي رآه فيها مناسبة ومشابهة لاعتقاده في ربه فإن كان إيمانه واعتقاده مطابقا أتي من الصور وسمع من الكلام ما يناسب ذلك وإلا كان بالعكس .
قال بعض المشايخ إذا رأى العبد ربه في صورة كانت تلك الصورة حجابا بينه وبين الله وما زال الصالحون وغيرهم يرون ربهم في المنام ويخاطبهم وما أظن عاقلا ينكر ذلك فإن وجود هذا مما لا يمكن دفعه إذ الرؤيا تقع للإنسان بغير اختياره وهذه مسألة معروفة وقد ذكرها العلماء من أصحابنا وغيرهم في أصول الدين وحكوا عن طائفة من المعتزلة وغيرهم إنكار رؤية الله والنقل بذلك متواتر عمن رأى ربه في المنام .
من ذلك نعلم :
مراد الشيخ رحمه الله من الحديث أنه رأى ربه في صورة شاب أمرد أي مناما ( أي في صورة حسنه أو في أحسن صورة وليس أن الله على صورة شاب أمرد) كما استدل رحمه الله في بداية قوله من حسن الظن بالله .
وقال شيخ الإسلام رحمه الله :
ولكن لا بد أن تكون الصورة التي رآه فيها مناسبة ومشابهة لاعتقاده في ربه فإن كان إيمانه واعتقاده مطابقا أتي من الصور وسمع من الكلام ما يناسب ذلك .
وقد أشار الرسول صلى الله عليه وسلم على عينه وأذنه لما قرأ ( إن الله كان سميعا عليما ) فهل الرسول صلى الله عليه وسلم شبه سمع الله وبصره بسمع الإنسان وبصره لما أشار إلى سمع نفسه وبصره .
وهذا عند العلماء يسمى تحقيق السمع والبصر لا التشبيه بأن سمع الله كسمع البشر وعينه كذلك أو بصره :
فالشيخ رحمه الله أراد بهذا الحديث لما ثبت عنده صحته تحقيق أن الله في أحسن صورة كما يراها النائم من حسن ظنه بالله لا أن الله على صورة الشاب الأمرد .
وأنقل هنا ما ذكره العجلوني رحمه الله في الحديث
قال :
والحديث إن حمل على رؤية المنام فلا إشكال وان حمل على اليقظة فأجاب عنه ابن الهمام بأن هذا حجاب الصورة قال القاري كأنه أراد بهذا التجلي الصوري ولله تعالى أنواع من التجليات بحسب الذات والصفات لكنه تعالى منزه عن الجسم والصورة بحسب الذات وأما ما قاله السبكي في الحديث فان أراد أن في سنده ما يدل على وضعه فمسلم وإلا فبات التأويل واسع انتهى ملخصا .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن ذلك فأجاب قائلا :
وقد يخيل لبعض الناس أنه رأى ربه وليس كذلك ، فإن الشيطان قد يخيل لهم ويوهمهم أنه ربهم ، كما روي أنه تخيل لعبد القادر الجيلاني على عرش فوق الماء ، وقال أنا ربك وقد وضعت عنك التكاليف ، فقال الشيخ عبد القادر : اخسأ يا عدو الله لست بربي؛ لأن أوامر ربي لا تسقط عن المكلفين ، أو كما قال رحمه الله .
والمقصود أن رؤية الله عز وجل يقظة لا تحصل في الدنيا لأحد من الناس حتى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كما تقدم في حديث أبي ذر لما سئل الرسول هل رأيت ربك قال : نورا أنّا أراه .، وكما دل على ذلك قوله سبحانه لموسى عليه الصلاة والسلام لما سأل ربه الرؤية . قال له : {لَنْ تَرَانِي}[2] الآية
لكن قد تحصل الرؤية في المنام للأنبياء وبعض الصالحين على وجه لا يشبه فيها سبحانه الخلق ، كما تقدم في حديث معاذ رضي الله عنه أن الرسول قد رأى ربه ، وإذا أمره بشيء يخالف الشرع فهذا علامة أنه لم ير ربه وإنما رأى شيطانا ، فلو رآه وقال له : لا تصل قد أسقطت عنك التكاليف ، أو قال ما عليك زكاة أو ما عليك صوم رمضان أو ما عليك بر والديك أو قال لا حرج عليك في أن تأكل الربا . . . فهذه كلها وأشباهها علامات على أنه رأى شيطانا وليس ربه
هذا والله أعلم فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان
فهذه بعض من أقوال العلماء - التي وقفت عليها - في مسألة رؤية الله في المنام، والتي يثبتها أهل السنة والجماعة خلافا للمعتزلة والجهمية
1- الإمام سعيد بن عثمان الدارمي
قال في نقضه على المريسي( تحقيق الدكتور رشيد الألمعي) ج2 ص738-739:" وإنما هذه الرؤية كانت في المنام ، وفي المنام يمكن رؤية الله تعالى على كل حال وفي كل صورة
روى معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" صليت ما شاء الله من الليل ثم وضعت جنبي، فأتاني ربي في أحسن صورة"، فحين وجد هذا لمعاذ كذلك صرفت الروايات التي فيها إلى ما قال نعاذ، فهذا تأويل هذا الحديث عند أهل العلم..."
2- الإمام البغوي
قال في شرح السنة 12/227-228 : "رؤية الله في المنام جائزة ، فال معاذ عن النبي صلى الله عليه وسلم:" إني نعست فرأيت ربي" وتكون رؤيته - جلت قدرته - ظهور العدل والفرج والخصب والخير لأهل ذلك الموضع، فإن رآه فوعد له جنة أو مغفرة أو نجاة من النار فقوله حق ووعده صدق. وإن رآه ينظر إليه فهو رحمته وإن رآه معرضا عنه فهو تحذير من الذنوب لقوله سبحانه وتعالى{ أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم} ( آل عمران 77) وإن أعطاه شيئا من متاع الدنيا فأخذه فهو بلاء ومحن، وأسقام تصيب بدنه، يعظم بها أجره، لا يزال يضطرب فيها حتى يؤديه إلى الرحمة وحسن العاقبة".
3- الإمام البيهقي
: قال في الأسماء والصفات( ج2 ص 368-369 ) تعقيبا على حديث قتادة عن عكرمة عن ابن عباس في الرؤية: "ثم حمله بعض أهل النظر على أنه رآه في المنام واستدل عليه بحديث أم الطفيلي رضي الله عنهما.... إلى أن قال: وهذا شبيه بما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما وهو حكاية رؤيا رآها في المنام، قال أهل النظر: رؤيا النوم قد يكون وهما يجعله الله تعالى دلالة للرائي على أمر سالف أو آنف على طريق التعبير".
4- شيخ الإسلام ابن تيمية
قال في مجموع الفتاوى :"وليس فى شىء من أحاديث المعراج الثابتة أنه رآه بعينه وقوله ( أتانى البارحة ربى فى أحسن صورة ( الحديث الذى رواه الترمذى وغيره انما كان بالمدينة فى المنام هكذا جاء مفسرا وكذلك حديث أم الطفيل وحديث ابن عباس وغيرهما مما فيه رؤية ربه انما كان بالمدينة كما جاء مفسرا فى الأحاديث والمعراج كان بمكة كما قال تعالى ( سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى ) وقد بسط الكلام على هذا فى غير هذا الموضع وقد ثبت بنص القرآن أن موسى قيل له ( لن ترانى ) وأن رؤية الله أعظم من إنزال كتاب من السماء كما قال تعالى ( يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة ) فمن قال ان أحدا من الناس يراه فقد زعم أنه أعظم من موسى بن عمران ودعواه أعظم من دعوى من ادعى أن الله أنزل عليه كتابا من السماء "
مجموع الفتاوى ج2ص 336.
الشيخ العلامة محمد صالح العثيمين رحمة الله
فقد سئل العلامة ابن عثيمين رحمه الله في اللقاء المفتوح :
بالنسبة لرؤية الله عزوجل هل يصح القول بأنها يمكن أن تقع لأي مؤمن من المؤمنين ؟
الجواب : رؤية الله تعالى في المنام ـ في الدنيا ـ طبعا لأن الآخرة ليس فيها نوم ، هذه جاءت في حديث اختصام الملأ الأعلى الذي أخرجه أهل السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه في المنام . ورؤية الله لغير النبي لاأعلم أنها ثابتة ولاأدري تقع أم لا ؟ لكنه قد ذكر أن الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ رأى ربه في المنام . وذكر شيخ الإسلام أن الإنسان قد يرى ربه في المنام وذلك بأن الله سبحان وتعالى يضرب له مثلا بحسب تمسكه بالدين ، يعني يراه رؤية حسنة يكون في ذلك مساعدة له على التمسك بالدين فالله تعالى أعلم .( اللقاء المفتوح 30/17 ).
المحدث العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله
فقد سئل رحمه الله كما في سلسلة الهدى والنور - الشريط الثاني -
س: هل تمكن رؤية الله في المنام؟
ج: يقال هذا والله أعلم
س: بالنسبة إلى رسول صلى الله عليه وسلم؟
ج: الرسول واقعة
==========
وسئل أيضا كما في سلسلة الهدى والنور شريط 12 ب
س: حديث" رأيت البارحة ربي في أحسن صورة" هل في هذا الحديث دليل لمن يقول إني أرى الله في المنام؟
ج: دليل!!! مفهوم مقصود السائل لكن خطأ السؤال
مثل من يقول: قوله عليه السلام : " من رآني في المنام فقد رآني حقا " هل فيه دليل لمن يقول أنه رأى الرسول في المنام ؟ هذا السؤال خطأ
واضح وإلا لا؟ وإلا نشرحه
السائل: أعد مرة أخرى
ج: أقول هذا السؤال خطأ لأنه يشبه من يقول مثلا قوله عليه السلام: " من رآني في المنام فقد رآني حقا " فيه دليل أنه إذا قال القائل رأيت الرسول في المنام؟ فيه دليل لقوله هذا؟
فأقول السؤال خطأ
فيه دليل أنه يمكن للمسلم أن يرى الرسول في المنام ، أما فلان رأى الرسول في المنام فيه دليل بهذا الحديث؟ أو هذا الحديث يقول القائل رأى ربه في المنام فيه دليل على ما يقول ؟
ما فيه دليل لا هذا ولا هذا
لكن هو يقصد ، أنا بقول الآن المقصود من السؤال غير ظاهر السؤال، المقصود من السؤال يعني هل يدل الحديث على أنه يمكن لأي إنسان أن يرى ربه في المنام كما هو توجيه سؤالي الذي طرحته آنفا، هل في الحديث السابق" من رآني في المنام فقد رآني حقا فإن الشيطان لا يتمثل بي" أنه يجوز للمسلم أن يرى نبيه في المنام ؟ نقول نعم ، في الحديث الثاني فيه دلاله على الجواز، وإن كان رؤية المسلم لنبيه صلى الله عليه وسلم في المنام : أما الحديث الأول " رأيت ربي في أحسن صورة" هذا حديث عن شخص الرسول عليه السلام، وليس فيه مبدأا عاما كحديث رؤية الرسول عليه السلام في المنام ، ليس فيه دليل إلا أن هذه وقعت للرسول عليه السلام ،
بالنسبة لغيره؟ ما ننكر و لا نقر، يمكن ،
وقد قيل عن الإمام أحمد رحمه الله بأنه رأى ربه في المنام كذا مرة ، والله أعلم بصحة ذلك عنه ، لكن إن ادعى مدع، أنه رأى الله ، والله هذه دعوى عريضة جدا ، وصعب التصديق بها ، لكن ما عندنا حجة قاطعة لتكذيبه ، لا سيما إذا كان معروفا بالصدق والصلاح ،
وأسال الله يحقق رؤياك ويحقق خشيتك له في الدنيا وتقواك فتكون من الآمنين يوم الفزع الأكبر
_________
قال عليه الصلاة والسلام
{ اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال و الأهواء و الأدواء }
رواه الترمذي وصححه الأباني