السؤال : هل يجوز أن أطلب من رجل أظن فيه الصلاح والتقوى أن يدعو لي ؟
الإسلام سؤال وجواب
الجواب :
الحمد لله
طلب الدعاء من الغير ـ وإن كان جائزاً ـ ، إلا أن الأفضل أن يدعو الإنسان لنفسه ، ولا يطلب من أحد أن يدعو له ، كما أن طلب الرقية جائز ، وليس حراماً ، إلا أن الأفضل للمؤمن أن لا يطلب من أحد أن يرقيه ، ولهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب أنهم لا يسترقون . رواه البخاري (6472) ، ومسلم (218) .
وإذا طلب المسلم من أخيه أن يدعو له وكان قصده نفع المطلوب منه ذلك ، لأنه سيقوم بهذه العبادة وهي (الدعاء) ويحسن إلى أخيه ، وقد يدعو له بظهر الغيب ، فيكون له مثل ما دعا به ، فإن ذلك لا بأس به. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فالدعاء للغير ينتفع به الداعي والمدعو له ...
فمن قال لغيره : ادع لي ، وقصد انتفاعهما جميعاً بذلك كان هو وأخوه متعاونين على البر والتقوى ، فهو نبه المسؤول وأشار عليه بما ينفعهما , والمسئول فعل ما ينفعهما ، بمنزلة من يأمر غيره ببر وتقوى ; فيثاب المأمور على فعله ، والآمر أيضاً يثاب مثل ثوابه ; لكونه دعا إليه ...
وإن كان قصده مصلحة المأمور ، أو مصلحته ومصلحة المأمور ، فهذا يثاب على ذلك ، وإن كان قصده حصول مطلوبه من غير قصد منه لانتفاع المأمور ، فهذا من نفسه أُتي ، ومثل هذا السؤال لا يأمر الله به قط ، بل قد نهى عنه ، إذ هذا سؤال محض للمخلوق من غير قصده لنفعه ولا لمصلحته ، والله يأمرنا أن نعبده ونرغب إليه ، ويأمرنا أن نحسن إلى عباده ، وهذا لم يقصد لا هذا ، ولا هذا ، فلم يقصد الرغبة إلى الله ودعائه ، ولا قصد الإحسان إلى المخلوق ، وإن كان العبد قد لا يأثم بمثل هذا السؤال ، لكن فرق بين ما يؤمر به العبد ، وما يؤذن له فيه ، ألا ترى أنه قال في حديث السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب : (إنهم لا يسترقون) . وإن كان الاسترقاء جائزاً " انتهى باختصار من "مجموع الفتاوى" (1/133، 134) .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما الحكم إذا رأينا شخصاً نتوخى فيه الصلاح وطلبنا منه أن يدعو لنا ؟
فأجاب :
" طلب الدعاء من شخص ترجى إجابة دعائه: إن كان لعموم المسلمين - فلا بأس به؛ مثل أن يقول شخص لآخر: ادع الله أن يعز المسلمين ، وأن يصلح ذات بينهم، وادع الله أن يصلح ولاتهم وما أشبه ذلك. أما إذا كان خاصًا بالشخص السائل الطالب من أخيه أن يدعو له - فهذا قد يكون من المسألة المذمومة؛ إلا إذا قصد الإنسان بذلك نفع أخيه الداعي له؛ وذلك لأن أخاه إذا دعا له بظهر الغيب قال الملك : آمين ولك بمثله .
وكذلك إذا دعا له أخوه فإنه قد أتى إحسانًا إليه؛ والإحسان يثاب عليه ، فينبغي عليه أن يلاحظ َمْن طلب مِنْ أخيه أن يدعو له فائدة الأخ الداعي .
على أن طلب الدعاء من الغير قد يترتب عليه مفسدة: وهي أن هذا الغير يعجب بنفسه ويرى أنه أهل لإجابة الدعاء، وفيه أيضًا: أن هذا الطالب من الغير أن يدعو له قد يعتمد على دعاء المطلوب فلا يلح هو على ربه بالدعاء؛ بل يعتمد على دعاء غيره، وكلا المفسدتين شر.
والذي أنصح به إخواني: أن يكونوا هم الذين يدعون الله عز وجل؛ لأن الدعاء عبادة والدعاء مصلح للقلب؛ لما فيه من الالتجاء إلى الله والافتقار إليه وشعور المرء بأن الله تعالى قادر على أن يمده بفضله " انتهى .
فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
"فتاوى علماء البلد الحرام" (1060) .
والله أعلم
الحمد لله
طلب الدعاء من الغير ـ وإن كان جائزاً ـ ، إلا أن الأفضل أن يدعو الإنسان لنفسه ، ولا يطلب من أحد أن يدعو له ، كما أن طلب الرقية جائز ، وليس حراماً ، إلا أن الأفضل للمؤمن أن لا يطلب من أحد أن يرقيه ، ولهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب أنهم لا يسترقون . رواه البخاري (6472) ، ومسلم (218) .
وإذا طلب المسلم من أخيه أن يدعو له وكان قصده نفع المطلوب منه ذلك ، لأنه سيقوم بهذه العبادة وهي (الدعاء) ويحسن إلى أخيه ، وقد يدعو له بظهر الغيب ، فيكون له مثل ما دعا به ، فإن ذلك لا بأس به. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فالدعاء للغير ينتفع به الداعي والمدعو له ...
فمن قال لغيره : ادع لي ، وقصد انتفاعهما جميعاً بذلك كان هو وأخوه متعاونين على البر والتقوى ، فهو نبه المسؤول وأشار عليه بما ينفعهما , والمسئول فعل ما ينفعهما ، بمنزلة من يأمر غيره ببر وتقوى ; فيثاب المأمور على فعله ، والآمر أيضاً يثاب مثل ثوابه ; لكونه دعا إليه ...
وإن كان قصده مصلحة المأمور ، أو مصلحته ومصلحة المأمور ، فهذا يثاب على ذلك ، وإن كان قصده حصول مطلوبه من غير قصد منه لانتفاع المأمور ، فهذا من نفسه أُتي ، ومثل هذا السؤال لا يأمر الله به قط ، بل قد نهى عنه ، إذ هذا سؤال محض للمخلوق من غير قصده لنفعه ولا لمصلحته ، والله يأمرنا أن نعبده ونرغب إليه ، ويأمرنا أن نحسن إلى عباده ، وهذا لم يقصد لا هذا ، ولا هذا ، فلم يقصد الرغبة إلى الله ودعائه ، ولا قصد الإحسان إلى المخلوق ، وإن كان العبد قد لا يأثم بمثل هذا السؤال ، لكن فرق بين ما يؤمر به العبد ، وما يؤذن له فيه ، ألا ترى أنه قال في حديث السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب : (إنهم لا يسترقون) . وإن كان الاسترقاء جائزاً " انتهى باختصار من "مجموع الفتاوى" (1/133، 134) .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما الحكم إذا رأينا شخصاً نتوخى فيه الصلاح وطلبنا منه أن يدعو لنا ؟
فأجاب :
" طلب الدعاء من شخص ترجى إجابة دعائه: إن كان لعموم المسلمين - فلا بأس به؛ مثل أن يقول شخص لآخر: ادع الله أن يعز المسلمين ، وأن يصلح ذات بينهم، وادع الله أن يصلح ولاتهم وما أشبه ذلك. أما إذا كان خاصًا بالشخص السائل الطالب من أخيه أن يدعو له - فهذا قد يكون من المسألة المذمومة؛ إلا إذا قصد الإنسان بذلك نفع أخيه الداعي له؛ وذلك لأن أخاه إذا دعا له بظهر الغيب قال الملك : آمين ولك بمثله .
وكذلك إذا دعا له أخوه فإنه قد أتى إحسانًا إليه؛ والإحسان يثاب عليه ، فينبغي عليه أن يلاحظ َمْن طلب مِنْ أخيه أن يدعو له فائدة الأخ الداعي .
على أن طلب الدعاء من الغير قد يترتب عليه مفسدة: وهي أن هذا الغير يعجب بنفسه ويرى أنه أهل لإجابة الدعاء، وفيه أيضًا: أن هذا الطالب من الغير أن يدعو له قد يعتمد على دعاء المطلوب فلا يلح هو على ربه بالدعاء؛ بل يعتمد على دعاء غيره، وكلا المفسدتين شر.
والذي أنصح به إخواني: أن يكونوا هم الذين يدعون الله عز وجل؛ لأن الدعاء عبادة والدعاء مصلح للقلب؛ لما فيه من الالتجاء إلى الله والافتقار إليه وشعور المرء بأن الله تعالى قادر على أن يمده بفضله " انتهى .
فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
"فتاوى علماء البلد الحرام" (1060) .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب