الأمـــــــــانـــــة
فلقد كرم الله سبحانه بني آدم فخلق آدم بيده عز وجل وأسجد لهملائكته وعلَّمه الأسماء كلها، واختص سبحانه وتعالى بني آدم دون سائر المخلوقاتبتكريم ومنزلة ومزايا خاصة لهم دون غيرهم، لكن أعظم تكريم وتشريف هو أنْ حمَّلهمسبحانه وتعالى هذا الدين، وأنْ جعلهم سبحانه وتعالى عباداً له فشرفهم بالانتسابإليه والتعبد له عز وجل، فصار شرف الإنسان وعزه عندما يذل بين يديه مولاه، وكمالههو في فقره لله عز وجل واستغنائه عمن سواه، بل هذا هو ما خُلِقَ بنو آدم من أجله[وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون] . الذاريات:56ولقد كرم الله الأنسان بحمله امانةعجزت السموت والأرض عن حملها وذلك فيقولةتعالى(إنا عرضنا الأمانة علىالسموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الأنسان إ‘نه كانظلوما جهولا)سورة الاحزاب : الآية (72)
فهنا نقف ونسأل ماهي الأمانة؟؟
جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عنالساعة . . . قال صلى الله عليه وسلم : " إذا ضيعت الأمانة فانتظرالساعة ، قال : وكيف إضاعتها ؟ قال : إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة " [ رواه البخاري ]
فالأمانة منالأخلاق الفاضلة وهي أصل من أصول الديانات ، وعملة نادرة في هذه الأزمنة ، وهيضرورة للمجتمع الإنساني ، لا فرق فيها بين حاكم ومحكوم ، وصانع وتاجر ، وعامل وزارع، ولا بين غني وفقير ، ولا كبير وصغير ، ولا معلم وتلميذ ، فهي شرف للجميع ، ورأسمال الإنسان ، وسر نجاحه ، ومفتاح كل تقدم ، وسبب لكل سعادة ، وليست الأمانة محصورةفي مكانها الضيق الذي يعتقده كثير من الناس ، فالأمانة ليست مقصورة على أداءالودائع التي تؤمن عند الناس ، بل هي أشمل من ذلك بكثير ، فالصلاة والصيام والزكاةوالحج وغيرها من شعائر الدين أمانة ، من فرط في شيء منها أو أخل به فهو مفرط فيماائتمنه عليه ربه تبارك وتعالى ، وتشمل الأمانة كذلك كل عضو من جسد الإنسان ، فاليدوالرجل والفرج والبطن وغير ذلك أمانة عندك ....
ماهي صور الأمانة والتفريط بها؟؟
التفريط في أمانةالأسرة ، من زوجة وأولاد ، فهذه هي الخيانة التي حذر منها الشرع ، وهذا هو الغشالمحرم الذي أشار إليه الدين الحنيف ،وعن معقل بن يسار -رضيالله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: ما من عبديسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنةمتفق عليه.
فكم هم الأولياء الذينخانوا الله ورسوله ، وخانوا أماناتهم وهم يعلمون ، وذلك بإدخال وسائل الفساد إلىبيوتهم ، من أطباق فضائية وإنترنت ، ومجلات خليعة ماجنة فاضحة ،وإن منأعظم الأمانة ، الأمانة التي تكون بين الرجل وزوجته ، فلا تفشي له سراً ، ولا يطلعلها مخفياً ،وعن أبي سعيد الخدري أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة الرجليفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها". رواه مسلم
* وحفظ أسرار الآخرين أمانة .
* ونقل رسالة كلفك بها إنسان أمانة .
*وأن تشهد في موقف ما بما رأيته بالضبط من غيرتغيير أمانة .
* والوقت أمانة ، فلا نقضيه إلا في كل ما هو مفيد، ولانضيعه فيما يغضب الله .
*وأداء العبادات التيكلفنا الله بها كالصوم والصلاة هي أهم أمانة، فالصلاة عندما نؤديها في وقتها، ونتم ركوعها وسجودها باهتمام وخشوع دون تقصير أوإهمال، نكون بذلك قد أدينا الأمانة .
*وعدم الغشفي البيع أو الشراء أمانة، والتاجر الأمين هو منينصح المشترى، ولا يبيعه سلعة قبل أن يوضح له كل ما فيها، ولا يحاول أن يخفىعيوبها، ويبتعد عن الغش بكل أنواعه ، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- :
"من غشنا فليس منا" . (رواهمسلم) .
*والمحافظة على المواعيد أمانة، فإذا أعطيت زميلاً لك موعدًا باللقاء فعليك أن تذهبإليه في الموعد المحدد بالضبط، ولا تتأخر أو تتخلف عن الموعد .
* وطلب العلم أمانة، وإفادة الناسبما تعلمناه أمانة .
* وجسم الإنسان أمانة ، علينا أننحافظ عليه، ولا نستخدمه إلا في الخير وكل ما هو مفيد .
* وتأدية العمل بإتقان، ودون إهمال أمانة ؛ فالتلميذ أمين على دروسه وواجباته المدرسية، ولايغش في الامتحان ولا يغشش غيره، والمعلم أمين على العلم والمتعلمين، والموظف أمينعلى وظيفته، وعليه مساعدة كل الناس دون إبطاء أو تقصير،
الأمانة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أن الأمانة من أبرز أخلاق الرسل عليهم الصلاة والسلام ،فنوح وهود وصالح ولوط وشعيب يخبرنا الله عز وجل في سورة الشعراء أن كل واحد منهم قدقال لقومه : " إني لكم رسول أمين" ، ورسولنا محمدصلى الله عليه وسلم أمين الله في الأرض على الرسالة ، فهو الذي يبلغ عن ربه هذاالدين العظيم ، وقد كان مشهوراً بالأمانة في قومه قبل الرسالة ، فقد كانوا يلقبونه ( محمد الأمين ) ، وجبريل عليه السلام أمين وحي السماء، فقد وصفه الله بذلك فيقوله تعالى: {وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين} (الشعراء:192-194)
عقوبة المفرط بالأمانة:
فأمر الأمانةعظيم ، وخطر التفريط فيها جسيمالأمانة هي رأس الامر وشأنها عظيم ولذلكفالأمانةأول ما يفقد من الدين كما في الحديث الصحيح
" أول ما تفقدون من دينكم الأمانة وآخره الصلاة "
وعند البخاري ومسلم كما في كتاب الجمع بين الصحيحين عنأبي هريرة قال بينما النبي {صلى الله عليه وسلم} في مجلسٍ يحدث القوم جاءه أعرابيفقال متى الساعة فمضى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يحدث فقال بعض القوم سمع ماقال فكره ما قال وقال بعضهم بل لم يسمع حتى إذا قضى حديثه قال أين السائل عن الساعةقال ها أنا يا رسول الله قال إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة قال كيف إضاعتها قالإذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة، فأي فوز ، وأي نجاة ،وأي نصر يرجوه المسلم عندما يتعامل مع إخوانه المسلمين ، بالخيانة ، وعدم الأمانة ،بل بالكذب والغش والتدليس والسرقة ، إن التفريط في الأمانة ، وصمة عار في جبينالمفرط ، ووسام ذل وخيانة ، يحيط بعنقه ، وأي خسارة أعظم من أن يكون المسلم في عدادالمنافقين ، لقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن المفرط في الأمانة ، والخائنفيها هو في عداد المنافقين الذين توعدهم الله تعالى بأقسى العقوبة ، وأسفل مكان فيالنار ،قال الله تعالى: (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهمنصيرا) (النساء: 145) "
فاحذروا عباد الله من سوء العاقبة ، وخطر الخيانة والكذب على المسلمين...