عذاب الكافرين في جهنم
قال اللّه تعالى: (فَالَّذِينَ كَفَرُواْ قُطِعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤوسِهِمُ الْحَمِيمُ. يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ. وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ. كُلَّمَا أَرَادُاْ أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَا مِنْ غَمٍ أُعِيدُواْ فِيهَا وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِِ.).
(تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ).
(إِذ الأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاَسِلُ يُسْحَبُونَ. فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ).
(وَالَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِى كُلَّ كَفُورٍ. وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَ لَمْ نُعَمِرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ).
(إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّوِم طَعَامُ الأثِيِم كَالْمُهْلِ يَغْلىِ فيِ الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إلَى سَوَاءِ الْجَحِيِم ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأسِهِ مِنْ عَذَابِ الحَمِيِم ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الْكَرِيمُ).
(وَأَصْحَابُ الشِمَالِ مَا أَصْحابُ الشِمَالِ. فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ. وَظِلٍّ مِن يَحْمُومٍ.لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ. إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتَرَفِينَ. وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ. وَكَنُواْ يَقُولُونَ أَئِذا مِتْنَا وكُنَّا تُرَاباً وعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ. أَوَ آبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ. قُلْ إِنَّ الأَوَلِينَ وَالآخِرينَ. لَمَجْمُوعُونَ إلى مِيقَاتِ يَومٍ مَعْلُومٍ. ثُّمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالْونَ الْمُكَذِّبُونَ. لآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِن زَقُومٍ. فَمَالِؤنَ مِنْهَا البُطُونَ. فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الحَمِيمِ. فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ. هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ. نَحْنُ خَلَقْنكُمْ فَلَولا تُصَدِّقُونَ.) (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ. ثُّمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ. ثُّمَّ في سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلِكُوهُ. إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤمِنُ بِالله الْعَظِيمِ. وَلاَ يَحَضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكينِ. فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ. وَلاَ طَعَامٌ إلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ. لاَّ يَأكُلُهُ إِلاَّ الْخَاطِؤُنَ.).
(هل أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ. وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ. عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ. تَصْلَى نَاراً حَامِيَةٌ. تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ. لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ. لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِى مِن جُوعٍ).
وفي كتاب الترمذي عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لما خلق اللّه الجنة قال لجبريل اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها وإلى ما أعد اللّه لأهلها فيها، ثم جاء فقال أي رب وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها، ثم حفها بالمكاره، ثم قال يا جبريل اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها ثم جاء، فقال: أي رب وعزتك لقد خشيت أن لا يدخلها أحد.
قال فلما خلق اللّه النار، قال يا جبريل اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، فقال: أي رب وعزتك لا يسمع بها أحد فيدخلها، فحفها بالشهوات، ثم قال يا جبريل اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، فقال: أي رب وعزتك لقد خشيت أن لا يبقى أحد إلا دخلها.
وفي صحيح مسلم قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " ناركم هذه التي يوقدها ابن آدم جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم " ، قالوا واللّه إن كانت لكافية يا رسول اللّه. قال: " إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً كلها مثل حرها " .
وذكر سفيان بن عيينة عن أبي هريرة. قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " ناركم هذه جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم ولولا أنها ضربت بالماء مرتين ما كان لأحد فيها منفعة " .
وفي كتاب الترمذي، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت فهي سوداء مظلمة " .
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: كنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذ سمع وجبة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أتدرون ما هذا؟ " قال: قلنا اللّه ورسوله أعلم قال: " هذا حجر رُميَ به في النار منذ سبعين خريفاً فهو يهوي في النار الآن حتى انتهى إلى قعرها فسمعتم وجبتها " .
وفي كتاب الترمذي عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " لو أن رضاضة مثل هذه وإشارة إلى مثل الجمجمة، أرسلت من السماء إلى الأرض، في مسيرة خمسمائة سنة لبلغت الأرض قبل الليل، ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة لسارت أربعين خريفاً الليل والنهار قبل أن تبلغ أصلها أو قعرها " .
وفي صحيح البخاري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يقول اللّه:لأهون أهل النار عذاباً يوم القيامة، لو أن لك ما في الأرض من شيء، أكنت تفتدي به؟ فيقول نعم، فيقول: قد أردت منك أهون من هذا وأنت في صلب آدم أن لا تشرك بي شيئاً فأبيت إلا أن تشرك " .
وفي صحيح مسلم عن النعمان بن بشير رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " إن أهون أهل النار عذاباً من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل ما يرى أن أحداً أشد منه عذاباً وإنه لأهونهم عذاباً " .
[b][size=25]وفيه عن سمرة بن جندب أنه سمع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول: " إن منهم من تأخذه النار إلى كعبيه ومنهم من تأخذه إلى حجزته ومنهم من تأخذه إلى عنقه " .
وفي مسند البزار عن هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " لو كان في المسجد مائة ألف أو يزيدون ثم تنفس رجل من أهل النار لأحرقهم " .
وفي كتاب الترمذي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " لو أن قطرة من الزقوم قطرت في الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم فكيف بمن يكون طعامه؟ " .
وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لسرادق النار أربعة جدر، وكثف كل جدار مسيرة أربعين سنة " .
قالصلى الله عليه وسلم: " لو أن دلواً من غساق تهراق في الدنيا لأنتن أهل الدنيا " .
قال العلماء: عرق أهل النار وصديدهم.
وقيل دموعهم يسقونها مع الحميم.
وقال صلى الله عليه وسلم: " ويل واد في جهنم يهوى الكافر فيه أربعين خريفاً قبل أن يبلغ قعره والصعود جبل من نار يصعد فيه سبعين خريفاً ويهوى كذلك أبداً " .
وقال صلى الله عليه وسلم: " لو أن مقمعاً من حديد وضع على الأرض فاجتمع الثقلان ما نقلوه من الأرض. وقال: لو ضرب بمقمع من حديد الجبل لتفتت وصار غباراً " .
وفي كتاب الترمذي عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " يخرج عنق من النار يوم القيامة له عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينطق يقول إني قد وكلت بثلاث، بكل جبار عنيد، وبكل من دعا مع اللّه إلهاً آخر، وبالمصورين " .
وفي كتاب الترمذي عن أبي أمامة رضي اللّه عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (وَيُسْقَى مِن مَّاءٍ صَدِيدٍ. يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ).
قال يقرب إلى فيه فإذا أدنى منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه فإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره.
يقول اللّه تعالى: (وَسُقُواْ مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ).
ويقول جل وعلا: (وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِى الْوُجُوهَ).
وفيه عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الحميم ليصب على رؤوسهم فينفذ الحميم حتى يخلص إلى جوفه فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدميه وهو الصهر، ثم يعاد كما كان " .
وفيه عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " وهم فيها كالحون: قال تشويه النار فتتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته " .
وفي كتاب الترمذي قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " إن غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعاً،وإن ضرسه مثل أُحد، وإن مجلسه في جهنم كما بين مكة والمدينة " .
وفي صحيح مسلم قال: ضرس الكافر أو ناب الكافر مثل أُحد وغلظ جلده مسيرة ثلاث.
وقال: ما بين منكبي الكافر في النار مسيرة ثلاث للراكب المسرع.
وروي عن ابن عمر رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " إن الكافر ليسحب لسانه الفرسخ والفرسخين يتوطؤه الناس " .
وفي كتاب الترمذي وغيره عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " أيها الناس ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا فإن أهل النار يبكون في النار حتى تسيل دموعهم على وجوههم كأنها جداول حتى تنقطع الدموع فتسيل الدماء فتقرح العيون فلو أن سفناً أجريت فيها لجرت " .
وحكي عن شقيق البلخي أنه كان يوماً يعاتب نفسه ويوصيها ويقول: يا شقيق لا تعص اللّه إلا على حسب ما تطيق من عذابه واعمل لآخرتك على قدر حوائجك إليها، واطلب الرزق على قدر مقامك في الدنيا، واعمل لدار لا نفاذ لها فسوف ترى إذا انجلى الغبار أفرس تحتك أم حمار.
وروي أن الربيع بن خثيم كان يذهب إلى ابن مسعود فمر بحانوت حداد فرأى الحديدة المحماة في الكير فغشي عليه، ولم يفق إلى الغد، فلما أفاق سئل عن ذلك؟ فقال: تذكرت كون أهل النار في النار.
إخواني صححوا الإِيمان: وهو تصديق القلب، ولا يعتبر إلا مع التلفظ بالشهادتين حتى تنجوا من خلود نار جهنم واحرصوا كل الحرص على الإِتيان بكمال خصال الإِسلام حتى تنجوا من دخولها رأساً.
أيا عاملاً للنار جسمك لين ... فجربه لتمرينا بحرِّ الظهيرة
[b][size=25]ودرجه في لسع الزنابير تجتري ... على نهش حيات هناك عظيمة
فإن كنت لا تقوى فويلك ما الذي ... دعاك إلى إسخاط رب البرية
تبارز بالنكرات عشية ... وتصبح في أثواب نسك وعفة
فأنت عليه منك أجرى على الورى ... بما فيك من جهل وخبث طوية
تقول مع العصيان ربي غافر ... صدقت ولكن غافر بالمشيئة
وربك رزاق كما هو غافر ... فلم لم تصدق فيهما بالسوية
فإنك ترجو العفو من غير توبة ... ولست ترجى الرزق إلا بحيلة
على أنه بالرزق كفل نفسه ... لكل ولم يكفل لكل بجنة
إلهي أجرنا من عظيم ذنوبنا ... ولا تخزنا وانظر إلينا برحمة
وخذ بنواصينا إليك وهب لنا ... يقيناً يُقينا كل شك وريبة
إلهي اهدنا فيمن هديت وخذ بنا ... إلى الحق نهجاً في سواء الطريقة
وكن شغلنا عن كل شغل وهمنا ... وبغيتنا عن كل هم وبغية
وصل صلاة لا تناهي على الذي ... جعلت به مسكاً ختام النبوة
[/b][/size][/b][/size]