تشجيع للاستثمار أم استحمار؟
سعيد رجل اعمال ناجح يعيش في اوروبا منذ عشرين سنة حافظ على قيمه العربية والاسلامية ولم يقطع اتصاله يوما بالجالية الاسلامية في بلده ويزور المسجد هو واولاده بشكل منتظم واشرف على ان يتقن ابناؤه اللغة العربية بشكل كامل لانها لغتهم وجذورهم .
في يوم وعندما قدم شيك تبرعات لابناء بلده كالعادة قال له امام المسجد :
- يااخ سعيد انا باشكرك على روحك الطيبة وحبك للمساعدة ولكن المثل يقول ان احببت شخصا لاتعطه سمكة بل علمه صيد السمك
- ماذا تقصد ياشيخنا ؟ لم افهم قصدك
- اقصد ان تبرعاتك هي امر حسن وتشكر عليه وبارك الله في مالك ولكن ان اردت ان تفعل شيئا دائميا فارى ان تستثمر جزء من اموالك في بلدك في مشروع يشغل عددا كبيرا من الناس ويضمن لهم حياة كريمة هم وعوائلهم وانت ايضا ستكسب ارباحا طيبة ان شاء الله
- حسنا ياشيخنا سافكر بالموضوع واستشير عائلتي ان شاء الله
ذهب سعيد الى البيت وجمع افراد عائلته وطرح معهم الموضوع وكان جوابهم مشجعا لحبهم لبلدهم ورغبتهم في ان يكون لديهم وجود فيه ينفع الناس من حولهم . توكل سعيد على الله وقرر ان ينزل في اقرب فرصة الى بلده كي يحضرمقدمات انشاء مصنع للمواد الغذائية يتمكن من توظيف ما لايقل عن 500 عامل وعاملة ويساعد في تنشيط الاقتصاد الزراعي في القرية التي كانت مسقط راسه ويعاني نصف شبابها من البطالة ويستولي التجار الجشعين على محصول القرية الزراعي بابخس الاثمان .
نزل سعيد على اول طائرة حاملا معه تفاصيل المشروع وصل الى المطار وقدم جوازه الى الضابط الذي سأله :
- كم ستبقى في البلد ؟
- انا هنا كي استثمر وابني مصنعا لابناء قريتي
اجابه الضابط بلا مبالاة :
- حسنا حسنا سنرى كم سيصمد مشروعك !!
تعجب سعيد من هذا الكلام وذهب الى الفندق وقضى ليلته متحمسا كي يقدم اوراقه في الصباح الباكر الى الوزارة المعنية بالاستثمارات ذهب الى هناك ووصل في بداية الدوام دخل الوزارة وصعد الى الطابق العلوي حيث مكتب الوزير سلم على السكرتير وبقية موظفي المكتب وقال بثقة :
- لو سمحت اريد ان اقابل الوزير الان
- ومن تكون حضرتك ؟
- انا مواطن مغترب واريد ان اقيم مشروعا استثماريا في قريتي واريد ان اكلم الوزير بشان التفاصيل
نظر السكرتير اليه برهة ثم مالبث ان انفجر ضاحكا بصوت مرتفع ولحق به بقية زملاؤه وهم يضحكون بصوت مرتفع تعجب سعيد من هذا السلوك وقال :
- ماهو المضحك فيما قلت ؟
- والله ياخي عندما دخلت وتكلمت بكل ثقة انك تريد رؤية الوزير حسبتك شخصية هامة او مسؤول كبير , الوزير ياحبيبي مشغول وليس لديه وقت لك ولامثالك اذهب الى مكتب المدير العام فهو من يستطيع ان يساعدك
خرج سعيد وهو يسمع ضحكات الموظفين من خلفه .وصل الى مكتب المدير العام وسلم على السكرتير وطلب مقابلة المدير العام ووضح له سبب المقابلة قال له السكرتير :
- حضرتك غلطان يجب ان تذهب اولا الى القرية التي تريد اقامة المشروع فيها وتشتري الارض ثم تتقدم بطلب الى مدير الناحية واذا وافق فسيرفع طلبك الى المحافظة واذا وافقت المحافظة عندها سياتي طلبك الينا طبعا سيذهب بداية الى دائرة الدراسات واذا وافقت عليه سيرفع الى لجنة تقرير الاستثمارات واذا اقرت اللجنة المشروع سيصل ساعتها الى السيد المدير العام .
- يا الله وكم سيستغرق كل هذا ؟
- يعني , حسب الاوضاع مابين 4 الى 6 اشهر اذا لم يكن هناك معوقات
دار راس سعيد من هذه البيروقراطية في بلد يدعي انه يشجع الاستثمار وكنه مع ذلك رضي بالامر الواقع وكون هدفه نبيلا فان الامر يستحق العناء حزم حقائبه وذهب الى قريته وعثر على ارض ذات موقع جيد واشتراها من صاحبها وقام بتسجيلها ثم تقدم بالطلب الى الناحية التى احالته الى المحافظة وهناك بدا الطلب يصعد وينزل ومن لجنة الى اخرى ومن مدير الى معاون ومن مفتش الى خبير حتى انتهت المعاملة اخيرا بعد 3 اشهر مرت على سعيد كانها دهر واحيل الطلب الى الوزارة وهناك ايضا بدات رحلة العذاب من لجنة الى اخرى حتى وصل الطلب الى المدير العام بعد شهرين .راجع سعيد المنهك الى مكتب المدير العام وذهب الى السكرتير الذي قال له :
- مبروك استاذ سعيد لقد صدرت الموافقة المبدئية على طلبك
فرح سعيد بانتهاء رحلة العذاب هذه وقال للسكرتير :
- الف شكر ياسيدي متى استطيع البدء بالمشروع ؟
- حالما تستحصل على موافقة وزارة الصحة وبعدها وزارة البيئة وموافقة وزارة الداخلية
- الداخلية ؟ وما دخل الداخلية بالموضوع ؟ انا لم اتقدم بطلب ترخيص لحزب سياسي
- الداخلية لازم توافق من ناحية كونك لاتملك خلفيات سياسية تجعل توضيفك لهذا العدد من الناس خطرا على امن الدولة
- سبحان الله وكيف يكون تامين وظائف للناس خطرا على امن الدولة ؟
- والله هذه اجرائات يجب الالتزام بها ولست انا من وضعها
- طيب اي شي اخر ؟
- موافقة البنك المركزي على مصدر الاموال وبعد ان تحصل على كل هذه الموافقات يرفع الطلب الى الوزير واذا وافق عليه سيرفعه الى مجلس الوزراء وعندها تصدر الموافقة النهائية ان شاء الله
- طيب ولماذا تخبرني بكل هذا من البداية ؟
- انت لم تسال !!
- وكل هذه الموافقات كم تستغرق ؟
- 6 اشهر الى 3 سنوات !!
- هل من اوراق بعد ذلك ؟
- لا
- هناك ورقة اخيرة يجب ان تضاف الى الملف
تعجب سكرتير المدير العام وقال :
- ليس على حد علمي ماهي ؟
- شهادة من مستشفى المجانين تفيد باني مجنون كي استمر في هذه المهزلة , انا استعوضت الله خيرا في نقودي ووقتي وانا عائد الى اوروبا ولن اعود هنا قبل موتي والارض التي اشتريتها ساجعلها مقبرة للعائلة .
نظر اليه السكرتير وقال :
- انت حر ولكن هل تريدني ان اخبرك بالاوراق المطلوبة لكي تستطيع تحويل ارضك الى مقبرة ؟
خرج سعيد ومشاعر الغضب وخيبة الامل والحزن تمزق صدره وجمع اغراضه وفي المطار راه نفس الضابط وقال له :
- الم اقل لك لن تبقى هنا طويلا ؟ هذا هو حال كل من يريد الاستثمار في بلداننا رافقتك السلامة
وكل استثمار وانتم بخير ]
الوعي العربي
. محسن الصفار سعيد رجل اعمال ناجح يعيش في اوروبا منذ عشرين سنة حافظ على قيمه العربية والاسلامية ولم يقطع اتصاله يوما بالجالية الاسلامية في بلده ويزور المسجد هو واولاده بشكل منتظم واشرف على ان يتقن ابناؤه اللغة العربية بشكل كامل لانها لغتهم وجذورهم .
في يوم وعندما قدم شيك تبرعات لابناء بلده كالعادة قال له امام المسجد :
- يااخ سعيد انا باشكرك على روحك الطيبة وحبك للمساعدة ولكن المثل يقول ان احببت شخصا لاتعطه سمكة بل علمه صيد السمك
- ماذا تقصد ياشيخنا ؟ لم افهم قصدك
- اقصد ان تبرعاتك هي امر حسن وتشكر عليه وبارك الله في مالك ولكن ان اردت ان تفعل شيئا دائميا فارى ان تستثمر جزء من اموالك في بلدك في مشروع يشغل عددا كبيرا من الناس ويضمن لهم حياة كريمة هم وعوائلهم وانت ايضا ستكسب ارباحا طيبة ان شاء الله
- حسنا ياشيخنا سافكر بالموضوع واستشير عائلتي ان شاء الله
ذهب سعيد الى البيت وجمع افراد عائلته وطرح معهم الموضوع وكان جوابهم مشجعا لحبهم لبلدهم ورغبتهم في ان يكون لديهم وجود فيه ينفع الناس من حولهم . توكل سعيد على الله وقرر ان ينزل في اقرب فرصة الى بلده كي يحضرمقدمات انشاء مصنع للمواد الغذائية يتمكن من توظيف ما لايقل عن 500 عامل وعاملة ويساعد في تنشيط الاقتصاد الزراعي في القرية التي كانت مسقط راسه ويعاني نصف شبابها من البطالة ويستولي التجار الجشعين على محصول القرية الزراعي بابخس الاثمان .
نزل سعيد على اول طائرة حاملا معه تفاصيل المشروع وصل الى المطار وقدم جوازه الى الضابط الذي سأله :
- كم ستبقى في البلد ؟
- انا هنا كي استثمر وابني مصنعا لابناء قريتي
اجابه الضابط بلا مبالاة :
- حسنا حسنا سنرى كم سيصمد مشروعك !!
تعجب سعيد من هذا الكلام وذهب الى الفندق وقضى ليلته متحمسا كي يقدم اوراقه في الصباح الباكر الى الوزارة المعنية بالاستثمارات ذهب الى هناك ووصل في بداية الدوام دخل الوزارة وصعد الى الطابق العلوي حيث مكتب الوزير سلم على السكرتير وبقية موظفي المكتب وقال بثقة :
- لو سمحت اريد ان اقابل الوزير الان
- ومن تكون حضرتك ؟
- انا مواطن مغترب واريد ان اقيم مشروعا استثماريا في قريتي واريد ان اكلم الوزير بشان التفاصيل
نظر السكرتير اليه برهة ثم مالبث ان انفجر ضاحكا بصوت مرتفع ولحق به بقية زملاؤه وهم يضحكون بصوت مرتفع تعجب سعيد من هذا السلوك وقال :
- ماهو المضحك فيما قلت ؟
- والله ياخي عندما دخلت وتكلمت بكل ثقة انك تريد رؤية الوزير حسبتك شخصية هامة او مسؤول كبير , الوزير ياحبيبي مشغول وليس لديه وقت لك ولامثالك اذهب الى مكتب المدير العام فهو من يستطيع ان يساعدك
خرج سعيد وهو يسمع ضحكات الموظفين من خلفه .وصل الى مكتب المدير العام وسلم على السكرتير وطلب مقابلة المدير العام ووضح له سبب المقابلة قال له السكرتير :
- حضرتك غلطان يجب ان تذهب اولا الى القرية التي تريد اقامة المشروع فيها وتشتري الارض ثم تتقدم بطلب الى مدير الناحية واذا وافق فسيرفع طلبك الى المحافظة واذا وافقت المحافظة عندها سياتي طلبك الينا طبعا سيذهب بداية الى دائرة الدراسات واذا وافقت عليه سيرفع الى لجنة تقرير الاستثمارات واذا اقرت اللجنة المشروع سيصل ساعتها الى السيد المدير العام .
- يا الله وكم سيستغرق كل هذا ؟
- يعني , حسب الاوضاع مابين 4 الى 6 اشهر اذا لم يكن هناك معوقات
دار راس سعيد من هذه البيروقراطية في بلد يدعي انه يشجع الاستثمار وكنه مع ذلك رضي بالامر الواقع وكون هدفه نبيلا فان الامر يستحق العناء حزم حقائبه وذهب الى قريته وعثر على ارض ذات موقع جيد واشتراها من صاحبها وقام بتسجيلها ثم تقدم بالطلب الى الناحية التى احالته الى المحافظة وهناك بدا الطلب يصعد وينزل ومن لجنة الى اخرى ومن مدير الى معاون ومن مفتش الى خبير حتى انتهت المعاملة اخيرا بعد 3 اشهر مرت على سعيد كانها دهر واحيل الطلب الى الوزارة وهناك ايضا بدات رحلة العذاب من لجنة الى اخرى حتى وصل الطلب الى المدير العام بعد شهرين .راجع سعيد المنهك الى مكتب المدير العام وذهب الى السكرتير الذي قال له :
- مبروك استاذ سعيد لقد صدرت الموافقة المبدئية على طلبك
فرح سعيد بانتهاء رحلة العذاب هذه وقال للسكرتير :
- الف شكر ياسيدي متى استطيع البدء بالمشروع ؟
- حالما تستحصل على موافقة وزارة الصحة وبعدها وزارة البيئة وموافقة وزارة الداخلية
- الداخلية ؟ وما دخل الداخلية بالموضوع ؟ انا لم اتقدم بطلب ترخيص لحزب سياسي
- الداخلية لازم توافق من ناحية كونك لاتملك خلفيات سياسية تجعل توضيفك لهذا العدد من الناس خطرا على امن الدولة
- سبحان الله وكيف يكون تامين وظائف للناس خطرا على امن الدولة ؟
- والله هذه اجرائات يجب الالتزام بها ولست انا من وضعها
- طيب اي شي اخر ؟
- موافقة البنك المركزي على مصدر الاموال وبعد ان تحصل على كل هذه الموافقات يرفع الطلب الى الوزير واذا وافق عليه سيرفعه الى مجلس الوزراء وعندها تصدر الموافقة النهائية ان شاء الله
- طيب ولماذا تخبرني بكل هذا من البداية ؟
- انت لم تسال !!
- وكل هذه الموافقات كم تستغرق ؟
- 6 اشهر الى 3 سنوات !!
- هل من اوراق بعد ذلك ؟
- لا
- هناك ورقة اخيرة يجب ان تضاف الى الملف
تعجب سكرتير المدير العام وقال :
- ليس على حد علمي ماهي ؟
- شهادة من مستشفى المجانين تفيد باني مجنون كي استمر في هذه المهزلة , انا استعوضت الله خيرا في نقودي ووقتي وانا عائد الى اوروبا ولن اعود هنا قبل موتي والارض التي اشتريتها ساجعلها مقبرة للعائلة .
نظر اليه السكرتير وقال :
- انت حر ولكن هل تريدني ان اخبرك بالاوراق المطلوبة لكي تستطيع تحويل ارضك الى مقبرة ؟
خرج سعيد ومشاعر الغضب وخيبة الامل والحزن تمزق صدره وجمع اغراضه وفي المطار راه نفس الضابط وقال له :
- الم اقل لك لن تبقى هنا طويلا ؟ هذا هو حال كل من يريد الاستثمار في بلداننا رافقتك السلامة
وكل استثمار وانتم بخير ]