وازينباه !!
أمّا زينب الغزالي، فوا حرّ قلباه على فقدِ تلكَ الدرّة،
وحسبنا منها علم وقرَ في نفوس أخواتنا من بناتِ مصر وما عداها، وحسبنا منها كتاب أيّام من حياتي، وحسبنا ما تبعه من جهودٍ دائبةٍ في الوعظِ والتعليمِ والتربيةِ، وكتبٍ متتابعةٍ أقلّها كتاب التفسير الذي احتفت به الأوساط العلمية في حينه!
وإن أعجب، فعجبٌ رأيها! فرغم خروجها للوعظ في المساجد إلاّ أنها كانت ترى أن المرأة لها مجالاتٌ عديدةٌ للدعوة لا تستلزم منها الخروج ومزاحمة الرجال بالمناكب،
فلها أن تكتب، ولها أن تربي أبناءها، ولها أن تعلّم النساء من أمثالها، ولها زيارة المرضى في محيط جاراتها وأهلها، ولها صلة رحمها بالدعوة بالمقول والمفعول، فليستْ كل امرأة تصلح أن تكون متحدثة وخطيبة، وهذا الفكر الجميل عندها يمثل لبّ نهجها الذي تعتمد فيه على التأصيل الشرعي القائم على السنة النبوية، والفطرة القويمة.
وقد تهيأ للداعية الكبيرة هذا التفرغ التام للدعوة لعدم ارتباطها بأسرة وأطفال،
فقد طُلّقت قسراً من زوجها حين أدخلت السجن ولم تكن قد أنجبتْ أطفالاً، ثمّ إن الله قد استردّ وديعته فمات زوجها وهي سجينة، فلما خرجت لم تتزوج من بعده، ونذرت نفسها لله، فكان لها ذلك الوهج!
إنّ إسلامنا لا يلزمنا أن نكونَ كزينبَ في الخروجِ والولوج، لكنّه سيفخر بنا إنّ كنّا مثلها في البذل والعطاء والثبات،
فيكفي أنّها صمدتْ رغم ما صبّوه عليها من العذابِ .