بسم الله الرحمن الرحيم
الوهن وباء خطير ومرض قاتل
يتعرض الفرد والمجتمع والأمة دائما وباستمرار إلى عوارض متعددة، وظروف طارئة، وتطورات كثيرة، وأمراض مختلفة، ويتفاوت أثر ذلك بحسب طبيعة المؤثر الجديد، وبنيان الفرد والمجتمع، والعوامل المساعدة، وقد ينتاب الفرد أو المجتمع مرض عارض، ويزول بسرعة دون أن يترك أثرا ما، وقد يصاب الفرد بمرض معين، فيقتصر عليه ولا يمتد إلى المجتمع، ولا تحس به الأمة، وقد يتحول المرض من الفرد إلى المجتمع، فيصبح مرضا قاتلا، ووباء فتاكا، ويكون أثره إزهاق الفرد، وإبادة الأمة وسحق المجتمع.
وإن أمراض الإنسان كثيرة، منها عضوية، ومنها نفسية ومنها اجتماعية، وهي في معظمها أمراض عامة لا تخص فردا أو مجتمعا أو أمة، فإذا حلت في فرد أو مجتمع أو أمة فلا بد أن تظهر أعراضها، وينتشر خطرها، ويحس بآلامها المصاب وغيره، وقد تفتك بالمريض، وتؤدي إلى العدوى، لتفتك بالمجموع.
ومن هنا تقوم الديانات السماوية، والمفكرون في كل أمة، والمصلحون في كل مجتمع، بمجابهة هذه الأمراض، ووصف الأدوية لها، بل يسارعون إلى التحذير منها لأخذ الوقاية والمناعة قبل أن تحل وتستشري بين الناس، لأن الوقاية خير من العلاج، وبذلك ينقذون أمتهم ومجتمعهم من الأخطار المحدقة، ويجنبون الأفراد ويلات تحيق بهم، وتهدد وجودهم.
ومن هذه الأمراض الفتاكة التي يشترك فيها الفرد والمجتمع، وتنذر الأمة بالويل والدمار مرض الوهن الذي بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أعراضه وأسبابه، وحذر منه.
والوهن في اللغة العربية الضعف، سواء أكان ماديا أم معنويا، وسواء أكان في الفرد أم في المجتمع، من وهن يهن وهنا أي ضعف، ويقال وهن عظمه، واسم التفضيل أوهن، ويقال: وهن الرجل أي جبن عن لقاء عدوه، وهذا داخل في الضعف، وقد استعمل القرآن الكريم هذا المعنى في عدة آيات، فقال تعالى: {قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا} مريم/ 4، وقال تعالى: {فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله} آل عمران / 146، وقال تعالى: {ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون} النساء/ 104 أي لا تجبنوا، وقال تعالى: {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين} آل عمران / 139، وقال تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن} لقمان / 14، وقال عز وجل: {وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت} العنكبوت /41.
ولكن الوهن المقصود في هذا المقال هو مرض عضال، ووباء عام بينه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام أحمد وأبو داود عن أبي هريرة وثوبان قالا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها"، قيل: يا رسول الله: فمن قلة نحن يومئذ؟ قال: لا، بل أنتم يومئذ كثير،ولكنكم غثاء كغثاء السيل،ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن" فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: "حب الدنيا، وكراهية الموت".
وهكذا يكشف الرسول صلى الله عليه وسلم أعراض الوهن الذي يبدأ من الفرد، وينتهي بالمجتمع، هذا المرض الذي يصيب الأمم والشعوب فيقضي عل كيانها، ويهدم وجودها، ويسقط هيبتها، ويمحو أثرها، ويزلزل أركانها، ويحطم دعائمها، فتهوى من عليائها وكرامتها واستعلائها إلى أن تركع أمام الأمم الأخرى، وتستخذل أمام الشعوب المجاورة، وتصبح لقمة سائغة للطامعين فيها، بل يكثر الأكلة حولها، ويجتمعون على اقتسامها والقضاء عليها، كما يجتمع الجياع حول الطعام ليتناولوه، ويأخذوه، ويقتسموه، فلا يرفعون أيديهم عنه، وفي القصعة أثر لوجوده.
هذا المرض بأعراضه وأسبابه يصيب الدول في القديم والحديث، ويؤدي إلى سقوطها وانهيارها، وهو اليوم مقيم بين المسلمين، وقد حط بكلكله عليهم، ونزل بهم الوهن منذ أمد، وكأن الرسول صلى الله عليه وسلم ينظر بعين الغيب (الذي يطلعه عليه الوحي) ويصور حال المسلمين، وقد تداعت عليهم الأمم الاستعمارية، والشعوب المعادية وتكالبت على أرضهم وبلادهم، وجزأت أوطانهم وديارهم، وسلبت نصيبا كبيرا وعزيزا من مقدساتهم، وتآمرت، ولا تزال تتآمر، عليهم في كل قطر وجانب، وتحيك لهم المؤامرة تلو المؤامرة للإطاحة بهم، وفرض الاستسلام عليهم، وضمان الاستذلال والاستسلام لهم، وتنوع عليهم أساليب الاستغلال والابتزاز لثرواتهم واقتصادهم، وتفرض عليهم الأفكار الخبيثة، والمبادئ البراقة، والقيم الدخيلة، والقوانين الوضعية، وتغزوهم فكريا وثقافيا وسياسيا واقتصاديا في عقر دارهم، وتتقاسمهم النفوذ ومناطق السيطرة، وتتقاذفهم ذات اليمين وذات اليسار، وتحفر لهم الحفر ليسقطوا فيها، وترى القطر الواحد يوما مع الشرق ويوما مع الغرب، وتارة يستورد أفكاره وقيمه ومواده وأسلحته من هنا، وتارة من هناك، والمسلمون اليوم في ضياع وتمزق، وتردد واضطراب، لا يعرفون ذاتا لأنفسهم، ولا يعلمون هوية لشخصيتهم، ويجهلون السفينة التي تحملهم، وهم نائمون عن الرياح التي تتقاذفهم، وقد تكسرت السواري، وسقطت الراية، وهم في بحر لجي، في ظلمات بعضها فوق بعض، إذا أخرجوا أصابعهم لا يكادون يرونها من الحجب الكثيفة، والنظارات السوداء التي أحكم العدو ربطها على أعينهم، وشدد الخناق فيها على رقابهم، لكن أعدادهم كثيرة، وثرواتهم ضخمة، ومركزهم استراتيجي، وهم ملايين وملايين، ولكنهم غثاء كغثاء السيل، لا قيمة له، ولا يثبت على حال، ويقذفه السيل إلى الحضيض، ولذلك فقدوا هيبتهم، وطمع بهم القريب والبعيد، والقوى والضعيف، وسامهم الذل والهوان على أيدي عصابات صهيون، وجنود المرتزقة، وتسلط العملاء.
حب الدنيا وكراهية الموت:
وقد شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم المرض، فبين أنه الوهن، ثم شرح أعراضه الظاهرة وأسبابه القريبة والبعيدة، وهي حب الدنيا، والتعلق بها، والافتتان بزينتها، والسعي وراءها، والطمع فيها، وقصور الآمال عليها، واعتبارها المبدأ والمنتهى، والظن بالخلود فيها، وحب الاستزادة من البقاء فيها، وبالتالي كراهية الموت، لأنه يقطع هذه ا لآمال والأماني وكأن لسان حال القوم يردد سخافات الجاهلية من الدهريين وغيرهم، حين يقولون: {إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين} المؤمنون/37، {وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين} الأنعام/ 29، {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون} الجاثية / 24 .
إن المرض واحد، ولكن له وجهان متقابلان، وصفتان متلازمتان، وعرضان متحدان، وهما حب الدنيا وكراهية الموت، وهذان العرضان نشيطان ومؤثران، ويتركان الآثار العظيمة، والنتائج الخطيرة، ويدفعان إلى أعمال جمة.
فمن آثار حب الدنيا أن تبدأ من الفرد لتصل إلى المجتمع، فتصبغه بها، وينتشر الحرص على جمع المال، والانكباب على كسبه بالطرق المشروعة وغير المشروعة، ويظهر التقاتل والتخاصم، والشح والبخل، والجشع والطمع، واللف والدوران في التعامل، والتحايل والتهرب، والسرقة والغصب، ثم يعقب ذلك التخاذل والجبن والخوف والاضطراب، والقلق الشديد من المستقبل.
ومن آثار كراهية الموت أن يعب الإنسان من طيبات الحياة ما استطاع إلى ذ لك سبيلا، وألا يعد للموت عدته، ولا يقدم شيئا أمامه، ويسرف في الملذات، ويسعى لإشباع الشهوات، وينقاد وراء الغرائز، ولو قتل نفسه بنفسه، ثم يهلك ذاته بيده.
ويشرح القرآن الكريم هذا المرض بشقيه، مبينا أثره وخطره وعاقبته، فيقول تعالى: {ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين ثم لتسألن يومئذ عن النعيم} التكاثر.
حقيقة الدنيا:
وإن حب الدنيا وكراهية الموت يعني أن الإنسان يجهل حقيقة الدنيا، ويغتر بمظاهرها، ويفتتن بمغرياتها، وأن صاحبها قصير النظر، كليل البصر، ينظر بين رجليه، ولا يستعد لأبعد من ذلك، ولا يهيء نفسه لمستقبل أيامه، ولا يدخر سلاحه وقوته لوقت حاجته، لذلك حرص القرآن الكريم على أن يكشف للمسلم حقيقة الدنيا، ويميط له اللثام عن مفاتنها، ويحذره من الاغترار فيها، وذلك في آيات كثيرة، قال تعالى: {اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور} الحديد/ 20. وقال تعالى: {زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب} آل عمران/ 14، ويبين القرآن حقيقة الحياة، ويحذر من فتنتها، فيقول تعالى: {يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور} فاطر/ 5، كما يقرر القرآن الكريم أشياء كثيرة من زينة الحياة الدنيا، ثم يدعو الناس إلى عدم الوقوف عندها، ويطلب منهم تجاوزها إلى ما هو خير وأشمل، وأحسن وأدوم وأثمن وأبقى، فيقول تعالى: {المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا} الكهف/46.
فالدنيا جميلة، وفيها من المسليات والملاهي الشيء الكثير، ولكن ذلك إلى زوال، وأن الحياة الحقيقية، والسعادة الحقة هي في الدار الآخرة، فيقول تعالى: {وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون} العنكبوت/ 64، ثم يحذر الرسول الكريم من مفاتن الدنيا، والانشغال بمالها وخيراتها، والتنافس فيها، والغفلة عن الله والآخرة، فيقول عليه الصلاة والسلام في حديث طويل رواه البخاري ومسلم عن عمرو بن عوف الأنصاري: "فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى أن تبسط الدنيا عليكم، كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم"، وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم قيمة الدنيا، وهوانها عند الله تعالى، وأنه لا قدر لها إذ ا قصدت لذاتها، وإنما تظهر قيمتها إذا جعلت طريقا إلى الآخرة، ومزرعة للأعمال، فقال عليه الصلاة و السلام - فيما رواه الترمذي وابن ماجه عن سهل بن سعد الساعدي: "لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء "، وحذر الرسول الكريم المؤمنين من استعباد الدنيا وزينتها لهم، فالعاقل لا يكون عبدا للدرهم والدينار، وإلا استحق السخط والغضب، يروي البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " تعس عبد الدينار والدرهم، والقطيفة والخميصة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط لم يرض"، وروى مسلم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله تعالى مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء" وروى البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة"، وهذه الآيات والأحاديث، وغيرها كثير، تحذير للمسلمين من الفتنة بالدنيا، والتعلق بها، والاغترار بزينتها، وليكون ذ لك وقاية لهم من الانغماس فيها، ولكن ذ لك لا يعني التخلي عن الدنيا وترك ما فيها، واعتبارها نجسا كما يحلو لأتباع بعض الديانات المحرفة، بل الدنيا مزرعة للآخرة، وأن الدنيا ميراث وتركة للمؤمن، ينفقها في سبيل الآخرة، ويشترى بها الدرجات العليا في الجنة، روى الترمذي عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الزهادة في الدنيا ليست بتحريم الحلال، ولا إضاعة المال، ولكن الزهادة في الدنيا ألا تكون بما في يديك أوثق مما في يد الله، وأن تكون في ثواب المصيبة اذا أنت أصبت بها أرغب فيها لو أنها أبقيت لك".
الاستعداد للموت:
وهذه النظرة الحقيقية للدنيا، وعدم التعلق بها، وسيلة تربوية حتى يكون المال وغيره في يد المؤمن والعاقل، وليس في قلبه، فلا يستأسره ويسيطر عليه، وإنما يستخدمه لنفع العباد والبلاد، ويسخر ما في يده من خير ليكون أمامه يوم الدين والحساب، وليبقى ذكرا له، وعملا نافعا، وأجرا دائما بعد وفاته، وأن الادخار والبخل، والاكتناز والشح لا يعود عليه بشيء، ولن يخلد في الدنيا، وسوف ينقل إلى القبر، ويدفن تحت التراب، ويبقى المال لغيره، ويكشف لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه الحقيقة، مبينا حظ الإنسان من ماله، فيما يرويه مسلم وأحمد والترمذي والنسائي عن عبد الله بن الشخير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يقول ابن آدم: مالي مالي، وهل لك من مالك إلا ما تصدقت فأمضيت، أو أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت" ولذلك يستعد العاقل للموت، - ويهيئ له الأسباب المحمودة، فإن جاءه الموت كان عل خير حال، دون أن يغفل عن هذه الحقيقة التي تلازم البشرية، وأن الدنيا ليست مقرا ولا مستقرا، ولم يخلد فيها إنسان، والموت حق يقيني، ومهما جمع الإنسان في هذه الحياة، فإن متطلباته منها محدودة، وحصيلته مقررة، وانتفاعه محصور، والزائد عنه سيبقى لغيره من الأحياء، ويروح المرء إلى مصيره المحتوم شاء أم أبى، وإن أنفق ماله في الشر والإيذاء فسوف يحاسب عليه، وإن كان رشيدا أنفقه في الخير، واستعد لما بعد الموت، لما روي الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الكيس (وفي رواية العاقل) من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني"، وقد خلق الله الحياة ابتلاء للإنسان واختبارا له، ليستعد إلى لقاء ربه، ويغتنم الفرصة في حياته، لما رواه الإمام أحمد والحاكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك". وكان اليهود يدعون أنهم أبناء الله وأحباؤه، فوضعهم الله على المحك الحقيقي،وطلب منهم تمني الموت إن كانوا صادقين في لقاء الله، فقال تعالى: {قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين} الجمعة/ 6.
وفي هذا التوجيه، والتربية الإسلامية يكون الإنسان سويا وقويا، ويضمن لنفسه العزة والكرامة، ويحقق لأمته النصر والحياة العزيزة، ويغرس في نفسه المناعة والوقاية من الوهن، ويطلب الموت لتوهب له الحياة، وينزع من قلبه حب الدنيا، ويضع الموت نصب عينيه ليحاسب نفسه قبل أن تحاسب، وفقنا الله لما يحبه ويرضاه، وردنا إلى دينه ردا جميلا، والحمد لله رب العالمين.
الدكتور/ محمد الزحيلي
الوهن وباء خطير ومرض قاتل
يتعرض الفرد والمجتمع والأمة دائما وباستمرار إلى عوارض متعددة، وظروف طارئة، وتطورات كثيرة، وأمراض مختلفة، ويتفاوت أثر ذلك بحسب طبيعة المؤثر الجديد، وبنيان الفرد والمجتمع، والعوامل المساعدة، وقد ينتاب الفرد أو المجتمع مرض عارض، ويزول بسرعة دون أن يترك أثرا ما، وقد يصاب الفرد بمرض معين، فيقتصر عليه ولا يمتد إلى المجتمع، ولا تحس به الأمة، وقد يتحول المرض من الفرد إلى المجتمع، فيصبح مرضا قاتلا، ووباء فتاكا، ويكون أثره إزهاق الفرد، وإبادة الأمة وسحق المجتمع.
وإن أمراض الإنسان كثيرة، منها عضوية، ومنها نفسية ومنها اجتماعية، وهي في معظمها أمراض عامة لا تخص فردا أو مجتمعا أو أمة، فإذا حلت في فرد أو مجتمع أو أمة فلا بد أن تظهر أعراضها، وينتشر خطرها، ويحس بآلامها المصاب وغيره، وقد تفتك بالمريض، وتؤدي إلى العدوى، لتفتك بالمجموع.
ومن هنا تقوم الديانات السماوية، والمفكرون في كل أمة، والمصلحون في كل مجتمع، بمجابهة هذه الأمراض، ووصف الأدوية لها، بل يسارعون إلى التحذير منها لأخذ الوقاية والمناعة قبل أن تحل وتستشري بين الناس، لأن الوقاية خير من العلاج، وبذلك ينقذون أمتهم ومجتمعهم من الأخطار المحدقة، ويجنبون الأفراد ويلات تحيق بهم، وتهدد وجودهم.
ومن هذه الأمراض الفتاكة التي يشترك فيها الفرد والمجتمع، وتنذر الأمة بالويل والدمار مرض الوهن الذي بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أعراضه وأسبابه، وحذر منه.
والوهن في اللغة العربية الضعف، سواء أكان ماديا أم معنويا، وسواء أكان في الفرد أم في المجتمع، من وهن يهن وهنا أي ضعف، ويقال وهن عظمه، واسم التفضيل أوهن، ويقال: وهن الرجل أي جبن عن لقاء عدوه، وهذا داخل في الضعف، وقد استعمل القرآن الكريم هذا المعنى في عدة آيات، فقال تعالى: {قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا} مريم/ 4، وقال تعالى: {فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله} آل عمران / 146، وقال تعالى: {ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون} النساء/ 104 أي لا تجبنوا، وقال تعالى: {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين} آل عمران / 139، وقال تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن} لقمان / 14، وقال عز وجل: {وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت} العنكبوت /41.
ولكن الوهن المقصود في هذا المقال هو مرض عضال، ووباء عام بينه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام أحمد وأبو داود عن أبي هريرة وثوبان قالا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها"، قيل: يا رسول الله: فمن قلة نحن يومئذ؟ قال: لا، بل أنتم يومئذ كثير،ولكنكم غثاء كغثاء السيل،ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن" فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: "حب الدنيا، وكراهية الموت".
وهكذا يكشف الرسول صلى الله عليه وسلم أعراض الوهن الذي يبدأ من الفرد، وينتهي بالمجتمع، هذا المرض الذي يصيب الأمم والشعوب فيقضي عل كيانها، ويهدم وجودها، ويسقط هيبتها، ويمحو أثرها، ويزلزل أركانها، ويحطم دعائمها، فتهوى من عليائها وكرامتها واستعلائها إلى أن تركع أمام الأمم الأخرى، وتستخذل أمام الشعوب المجاورة، وتصبح لقمة سائغة للطامعين فيها، بل يكثر الأكلة حولها، ويجتمعون على اقتسامها والقضاء عليها، كما يجتمع الجياع حول الطعام ليتناولوه، ويأخذوه، ويقتسموه، فلا يرفعون أيديهم عنه، وفي القصعة أثر لوجوده.
هذا المرض بأعراضه وأسبابه يصيب الدول في القديم والحديث، ويؤدي إلى سقوطها وانهيارها، وهو اليوم مقيم بين المسلمين، وقد حط بكلكله عليهم، ونزل بهم الوهن منذ أمد، وكأن الرسول صلى الله عليه وسلم ينظر بعين الغيب (الذي يطلعه عليه الوحي) ويصور حال المسلمين، وقد تداعت عليهم الأمم الاستعمارية، والشعوب المعادية وتكالبت على أرضهم وبلادهم، وجزأت أوطانهم وديارهم، وسلبت نصيبا كبيرا وعزيزا من مقدساتهم، وتآمرت، ولا تزال تتآمر، عليهم في كل قطر وجانب، وتحيك لهم المؤامرة تلو المؤامرة للإطاحة بهم، وفرض الاستسلام عليهم، وضمان الاستذلال والاستسلام لهم، وتنوع عليهم أساليب الاستغلال والابتزاز لثرواتهم واقتصادهم، وتفرض عليهم الأفكار الخبيثة، والمبادئ البراقة، والقيم الدخيلة، والقوانين الوضعية، وتغزوهم فكريا وثقافيا وسياسيا واقتصاديا في عقر دارهم، وتتقاسمهم النفوذ ومناطق السيطرة، وتتقاذفهم ذات اليمين وذات اليسار، وتحفر لهم الحفر ليسقطوا فيها، وترى القطر الواحد يوما مع الشرق ويوما مع الغرب، وتارة يستورد أفكاره وقيمه ومواده وأسلحته من هنا، وتارة من هناك، والمسلمون اليوم في ضياع وتمزق، وتردد واضطراب، لا يعرفون ذاتا لأنفسهم، ولا يعلمون هوية لشخصيتهم، ويجهلون السفينة التي تحملهم، وهم نائمون عن الرياح التي تتقاذفهم، وقد تكسرت السواري، وسقطت الراية، وهم في بحر لجي، في ظلمات بعضها فوق بعض، إذا أخرجوا أصابعهم لا يكادون يرونها من الحجب الكثيفة، والنظارات السوداء التي أحكم العدو ربطها على أعينهم، وشدد الخناق فيها على رقابهم، لكن أعدادهم كثيرة، وثرواتهم ضخمة، ومركزهم استراتيجي، وهم ملايين وملايين، ولكنهم غثاء كغثاء السيل، لا قيمة له، ولا يثبت على حال، ويقذفه السيل إلى الحضيض، ولذلك فقدوا هيبتهم، وطمع بهم القريب والبعيد، والقوى والضعيف، وسامهم الذل والهوان على أيدي عصابات صهيون، وجنود المرتزقة، وتسلط العملاء.
حب الدنيا وكراهية الموت:
وقد شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم المرض، فبين أنه الوهن، ثم شرح أعراضه الظاهرة وأسبابه القريبة والبعيدة، وهي حب الدنيا، والتعلق بها، والافتتان بزينتها، والسعي وراءها، والطمع فيها، وقصور الآمال عليها، واعتبارها المبدأ والمنتهى، والظن بالخلود فيها، وحب الاستزادة من البقاء فيها، وبالتالي كراهية الموت، لأنه يقطع هذه ا لآمال والأماني وكأن لسان حال القوم يردد سخافات الجاهلية من الدهريين وغيرهم، حين يقولون: {إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين} المؤمنون/37، {وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين} الأنعام/ 29، {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون} الجاثية / 24 .
إن المرض واحد، ولكن له وجهان متقابلان، وصفتان متلازمتان، وعرضان متحدان، وهما حب الدنيا وكراهية الموت، وهذان العرضان نشيطان ومؤثران، ويتركان الآثار العظيمة، والنتائج الخطيرة، ويدفعان إلى أعمال جمة.
فمن آثار حب الدنيا أن تبدأ من الفرد لتصل إلى المجتمع، فتصبغه بها، وينتشر الحرص على جمع المال، والانكباب على كسبه بالطرق المشروعة وغير المشروعة، ويظهر التقاتل والتخاصم، والشح والبخل، والجشع والطمع، واللف والدوران في التعامل، والتحايل والتهرب، والسرقة والغصب، ثم يعقب ذلك التخاذل والجبن والخوف والاضطراب، والقلق الشديد من المستقبل.
ومن آثار كراهية الموت أن يعب الإنسان من طيبات الحياة ما استطاع إلى ذ لك سبيلا، وألا يعد للموت عدته، ولا يقدم شيئا أمامه، ويسرف في الملذات، ويسعى لإشباع الشهوات، وينقاد وراء الغرائز، ولو قتل نفسه بنفسه، ثم يهلك ذاته بيده.
ويشرح القرآن الكريم هذا المرض بشقيه، مبينا أثره وخطره وعاقبته، فيقول تعالى: {ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين ثم لتسألن يومئذ عن النعيم} التكاثر.
حقيقة الدنيا:
وإن حب الدنيا وكراهية الموت يعني أن الإنسان يجهل حقيقة الدنيا، ويغتر بمظاهرها، ويفتتن بمغرياتها، وأن صاحبها قصير النظر، كليل البصر، ينظر بين رجليه، ولا يستعد لأبعد من ذلك، ولا يهيء نفسه لمستقبل أيامه، ولا يدخر سلاحه وقوته لوقت حاجته، لذلك حرص القرآن الكريم على أن يكشف للمسلم حقيقة الدنيا، ويميط له اللثام عن مفاتنها، ويحذره من الاغترار فيها، وذلك في آيات كثيرة، قال تعالى: {اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور} الحديد/ 20. وقال تعالى: {زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب} آل عمران/ 14، ويبين القرآن حقيقة الحياة، ويحذر من فتنتها، فيقول تعالى: {يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور} فاطر/ 5، كما يقرر القرآن الكريم أشياء كثيرة من زينة الحياة الدنيا، ثم يدعو الناس إلى عدم الوقوف عندها، ويطلب منهم تجاوزها إلى ما هو خير وأشمل، وأحسن وأدوم وأثمن وأبقى، فيقول تعالى: {المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا} الكهف/46.
فالدنيا جميلة، وفيها من المسليات والملاهي الشيء الكثير، ولكن ذلك إلى زوال، وأن الحياة الحقيقية، والسعادة الحقة هي في الدار الآخرة، فيقول تعالى: {وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون} العنكبوت/ 64، ثم يحذر الرسول الكريم من مفاتن الدنيا، والانشغال بمالها وخيراتها، والتنافس فيها، والغفلة عن الله والآخرة، فيقول عليه الصلاة والسلام في حديث طويل رواه البخاري ومسلم عن عمرو بن عوف الأنصاري: "فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى أن تبسط الدنيا عليكم، كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم"، وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم قيمة الدنيا، وهوانها عند الله تعالى، وأنه لا قدر لها إذ ا قصدت لذاتها، وإنما تظهر قيمتها إذا جعلت طريقا إلى الآخرة، ومزرعة للأعمال، فقال عليه الصلاة و السلام - فيما رواه الترمذي وابن ماجه عن سهل بن سعد الساعدي: "لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء "، وحذر الرسول الكريم المؤمنين من استعباد الدنيا وزينتها لهم، فالعاقل لا يكون عبدا للدرهم والدينار، وإلا استحق السخط والغضب، يروي البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " تعس عبد الدينار والدرهم، والقطيفة والخميصة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط لم يرض"، وروى مسلم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله تعالى مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء" وروى البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة"، وهذه الآيات والأحاديث، وغيرها كثير، تحذير للمسلمين من الفتنة بالدنيا، والتعلق بها، والاغترار بزينتها، وليكون ذ لك وقاية لهم من الانغماس فيها، ولكن ذ لك لا يعني التخلي عن الدنيا وترك ما فيها، واعتبارها نجسا كما يحلو لأتباع بعض الديانات المحرفة، بل الدنيا مزرعة للآخرة، وأن الدنيا ميراث وتركة للمؤمن، ينفقها في سبيل الآخرة، ويشترى بها الدرجات العليا في الجنة، روى الترمذي عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الزهادة في الدنيا ليست بتحريم الحلال، ولا إضاعة المال، ولكن الزهادة في الدنيا ألا تكون بما في يديك أوثق مما في يد الله، وأن تكون في ثواب المصيبة اذا أنت أصبت بها أرغب فيها لو أنها أبقيت لك".
الاستعداد للموت:
وهذه النظرة الحقيقية للدنيا، وعدم التعلق بها، وسيلة تربوية حتى يكون المال وغيره في يد المؤمن والعاقل، وليس في قلبه، فلا يستأسره ويسيطر عليه، وإنما يستخدمه لنفع العباد والبلاد، ويسخر ما في يده من خير ليكون أمامه يوم الدين والحساب، وليبقى ذكرا له، وعملا نافعا، وأجرا دائما بعد وفاته، وأن الادخار والبخل، والاكتناز والشح لا يعود عليه بشيء، ولن يخلد في الدنيا، وسوف ينقل إلى القبر، ويدفن تحت التراب، ويبقى المال لغيره، ويكشف لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه الحقيقة، مبينا حظ الإنسان من ماله، فيما يرويه مسلم وأحمد والترمذي والنسائي عن عبد الله بن الشخير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يقول ابن آدم: مالي مالي، وهل لك من مالك إلا ما تصدقت فأمضيت، أو أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت" ولذلك يستعد العاقل للموت، - ويهيئ له الأسباب المحمودة، فإن جاءه الموت كان عل خير حال، دون أن يغفل عن هذه الحقيقة التي تلازم البشرية، وأن الدنيا ليست مقرا ولا مستقرا، ولم يخلد فيها إنسان، والموت حق يقيني، ومهما جمع الإنسان في هذه الحياة، فإن متطلباته منها محدودة، وحصيلته مقررة، وانتفاعه محصور، والزائد عنه سيبقى لغيره من الأحياء، ويروح المرء إلى مصيره المحتوم شاء أم أبى، وإن أنفق ماله في الشر والإيذاء فسوف يحاسب عليه، وإن كان رشيدا أنفقه في الخير، واستعد لما بعد الموت، لما روي الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الكيس (وفي رواية العاقل) من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني"، وقد خلق الله الحياة ابتلاء للإنسان واختبارا له، ليستعد إلى لقاء ربه، ويغتنم الفرصة في حياته، لما رواه الإمام أحمد والحاكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك". وكان اليهود يدعون أنهم أبناء الله وأحباؤه، فوضعهم الله على المحك الحقيقي،وطلب منهم تمني الموت إن كانوا صادقين في لقاء الله، فقال تعالى: {قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين} الجمعة/ 6.
وفي هذا التوجيه، والتربية الإسلامية يكون الإنسان سويا وقويا، ويضمن لنفسه العزة والكرامة، ويحقق لأمته النصر والحياة العزيزة، ويغرس في نفسه المناعة والوقاية من الوهن، ويطلب الموت لتوهب له الحياة، وينزع من قلبه حب الدنيا، ويضع الموت نصب عينيه ليحاسب نفسه قبل أن تحاسب، وفقنا الله لما يحبه ويرضاه، وردنا إلى دينه ردا جميلا، والحمد لله رب العالمين.
الدكتور/ محمد الزحيلي