السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمان الرحيم
عنوان الإستشارة : ما هي أفضل الطرق للمتزوجين لكي تزيد المشاعر العاطفية بينهما؟
تاريخ الإستشارة : 2007-09-12 08:29:54
الموضوع : استشارات ثقافية وفكرية
السائل : محمود
الســؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فجزاكم الله كل الخير على ما تبذلونه من جهد لمساعدة إخوانكم، وعلى ماتقدمونه للناس من نصائح ومساعدات تساعدهم على سلوك الطريق الصحيح نحو الله عز وجل، وجعله الله في ميزان حسناتكم.
سؤالي هو: هل يجوز لي شرعا كمتزوج أن أستمع لأغاني الحب أنا وزوجتي بحيث تزيد مشاعر الحب لكل منا تجاه الآخر؟ بحيث أننا لا نغنيها أو نسمعها أمام أي أحد من الناس، سواء كان من الأهل أو من غيرهم، ونستمع إليها في حالة انفرادنا مع بعض، أرجو أن تفيدوني، مع العلم بأني شاب ملتزم بتعاليم الدين، وبسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأطلب منكم طلبا آخر طمعا في توجيهكم لي، أريد معرفة الطرق التي يستطيع الإنسان من خلالها إيجاد الحياة الزوجية الناجحة والمليئة بالحب والمودة والرحمة حتى وإن كانت الزوجة غير ملتزمة بالدين التزاما قويا.
وشكرا جزيلا لكم، وجزاكم الله جبالا من الحسنات.
الجـــواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فهذا سؤال قيم عظيم وقد يستغرب بعض الناس لو طرح عليه، ولكنه سؤال في نفسه قوي جيد حسن لأن هذا السؤال فيه دلالات: فالدلالة الأولى أن صاحب السؤال هو رجل يريد أن يحكِّم شرع الله تعالى في نفسه، ويريد أن يتبع الأسلوب الشرعي في كل شأنه حتى في جذب حب زوجته وفي زيادة المودة بينهما، فهذا سؤال قد دلَّ على أن صاحب هذا السؤال قد رضي بالله ربًّا ورضي بنبيه - صلوات الله وسلامه عليه - نبيًّا ورسولاً ورضي بالإسلام دينًا ومنهجًا يسير عليه.
وأيضًا ففيه دلالة أخرى على أن صاحب السؤال رجل يحرص على أن يكون ودودًا لأهله محبًّا إياهم معاملاً إياهم بما أمر الله من الإحسان بالمعروف ومن الرفق الذي قد بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه ما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه، والحديث أخرجه مسلم في صحيحه.
وفيه دلالة أخرى على أن صاحب هذا السؤال يحتاج أيضًا إلى علم شرعي يقويه في تعامله ليس فقط مع ربِّه بل ومع الناس أيضًا ومن ذلك زوجته.
والمقصود أن هذا سؤال قيم وجوابه هو أن تعلم قاعدة الشرع الكريم أن الغاية لا تسوغ الوسيلة مطلقًا، فغايتك أن تكون صاحب مودة دائمة في ازدياد مع أهلك، فالوسيلة لذلك لا بد أن تكون مشروعة موافقة لما جاء به المعصوم - صلوات الله وسلامه عليه - ولا ريب أن الله جل وعلا قد حرَّم هذه المعازف التي تفسد الأخلاق وتفسد الدين وجعلها من المحرمات التي نصَّ الله جل وعلا عليها في كتابه العزيز ونصَّ كذلك نبيه - صلوات الله وسلامه عليه - على تحريمها، وهذا ليس مجال بسط ذلك، فهذا أمر مستقر لديك بحمد الله عز وجل.
وإنما سؤالك: هل تبيح مثل هذه الحاجة مثل هذا الأمر؟ والجواب: أن هذه حاجة من الحاجات وهي المودة وليست ضرورة من الضرورات التي تجوِّز المحرمات، وأما حاجتك فلها سُبُل أخرى فما عند الله لا ينال إلا بطاعته وإلا بمرضاته، ولذلك لا بد لك أن تُجمل في الغاية أي أن تكون غايتك حسنة مطلوبة وأن تُجْمِل في الوسيلة، أي تكون وسيلتك كذلك جميلة ولا جمال لها إلا باتباع شرع الله، ولذلك ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه قال: (إن روح القدس – أي جبريل عليه السلام – نفث في روعي – أي ألقى في قلبي – أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها، فأجملوا في الطلب) أخرجه الطبراني في المعجم. أي أحسنوا في طلب أرزاقكم، ولا ريب أن المودة بين الزوجين من أعظم الأرزاق ومن أعظم المنح.
إذا عُلم هذا فإن الأسلوب الشرعي هو الذي يكون في هذا الأمر وهو سؤالك الثاني وهو كيفية كسب المودة بين الزوجين، وهذا أمر يضيق عنه مثل هذا الجواب وإنما نشير إلى جمل وقواعد تعينك في هذا الباب، فأعظم ما ينمي العلاقة بين الزوجين أن يلتقيا على طاعة الرحمن وأن يكون عمادهما تقوى الله، فإنك مثلاً تحبُّ الرجل وأنت لا تعرفه بمجرد أنه يتقي الله وأنه عبدٌ مطيع ربه فيقع في قلبك من الحب له ما الله به عليم، بل ربما فاق حبَّ أخيك شقيقك من أبيك وأمك، وهذا من أعظم عُرى الإيمان؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (أوثق عُرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله) أخرجه الترمذي في سننه.
والمقصود أن اجتماعكما على طاعة الله ينمي بينكما المحبة وينمي بينكما المودة، بل لا سكينة أصلاً إلا بذلك؛ قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}. فالمعصية توجب الوحشة، فلا يلتقي اثنان على معصية الله إلا وبينهما من التنافر الباطني ما الله به عليم وإن أظهرا المودة والمصافحة، ولذلك حتى وإن ظهرت هذه المودة في الدنيا ظهرت حقيقتها في الآخرة يوم تؤول الأمور إلى حقيقتها؛ قال تعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ}.
فثبت بذلك أن من أعظم الأسباب التي تنمي المودة بينكما وتزيدها هو الالتقاء على طاعة الله، أن تدخل على زوجتك فتسلم عليها، ثم بعد ذلك تخالطها مخالطة الأزواج، ثم بعد ذلك تقدم لها هدية لطيفة، ثم تجلس إلى جانبها تحضنها تمسح على رأسها، تمسح بأصابعك وأناملك شعرها وتخلل أصابعك في بدنها وأنت تهمس في أذنها بكلام الحب وكلام الغزل اللطيف، هذا أيضًا خطوة أخرى تنمي العلاقة بينكما وتُشعر زوجتك أنك صادق في محبتك، إن هذه المحبة أمر يَشُعُّ من العينين وأمر يفيض من البدن، فإن ضممت إلى ذلك همسات الحب ولمسات المودة قوي الأمر بينكما.
من ذلك أيضًا أن تُجلسها في حضنك مثلاً وتعاملها وتدللها كما تدلل الطفل الصغير وتهمس في أذنها بحبك، وكذلك تطلب منها أن تبادلك مثل هذه الكلمات وأن تُشجعها على ذلك.
من ذلك أيضًا أن تُحضر لها الهدية اللطيفة في الوقت المناسب وليس من شرطها أن تكون غالية الثمن بل وردة حمراء أو وردة بيضاء تقدمها في صباح يومٍ إلى زوجتك أو في عصر يومٍ إليها قد تفوق هدية من الذهب والحلي.
من ذلك أيضًا أن يكون لكما شيء من الفسح وشيء من المباحات التي تشتركون فيها، فمثلاً تخرج معها لتتمشيا سويًّا في وقت جميل، تخرج معها لنزهة تخلوان ببعضكما البعض بعيدًا عن الناس،وأيضًا تشاركها المشاركات الاجتماعية في زيارة أهلها وفي زيارة أهلك، ويكون لكما أمام الناس تواصلٌ وكذلك في الباطن، المقصود أن تنويع الأساليب هي التي تنمي المودة بين الزوجين.
من ذلك أيضًا مشروع عظيم أن تذهب أنت وهي إلى العمرة فتخلوان ببعضكما، فتحصلان بذلك نسكًا وعبادة وفسحة وسياحة وخلوة بين الزوجين الحبيبين، وكذلك يكون لكما من التعرف على بعضكما البعض في خلال السفر ما لا تتعرفان على بعضكما البعض في الحضر.
والمقصود أن تنويع الأساليب هو المطلوب، مضافًا إلى ذلك معاشرتها عمومًا بالمعروف، فمن ذلك تلبية طلباتها في الفراش، فلا تهجرها هجرًا ولا تسرف في مخالطتها في الفراش إسرافًا، ونقصد بذلك الجماع، ولكن تجعل الجماع بينك وبينها غاية ما يصل إليه المتحابان، بحيث تبدأ بالكلام الرقيق ثم تبدأ معها بتناول الطعام اللطيف ثم تنتقل بعد ذلك إلى مجالستها وملاعبتها، ثم بعد ذلك يحصل بينكما ما يحصل بين الزوجين ويكون ذلك قمة النشوة بينكما مع تقديم القُبُلات ونحوها من الأعمال التي تعينها على أن تستوفي رغبتها وحاجتها.
ومن ذلك أيضًا أن تكون صاحب شخصية فلا تكون مزَّاحًا يفرط في المزاح، ولا عبوسًا بحيث لا ترى منك إلا الجدَّ ولا ترى منك الملاطفة، ولكن كن بين بين، بين المزاح وبين الجدِّ ملاطفًا أهلك معاملاً إياهم بالحزم في أوقات الحزم، حتى تشعر زوجتك بأنها تلجأ إلى ركن قوي من خلال هذا الزوج.
والمقصود أن اجتماع هذه الأمور تحقق لكما السعادة وتحقق لكما نموها، مضافًا إلى ذلك أن يكون بينكما اطلاع على العلوم الشرعية بحيث تعرفون حقوق بعضكما البعض،ولا مانع من أن يكون لكما اطلاع على أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وآدابه في العشرة لاسيما ما شرح من ذلك، وقد بسط الإمام أبو عبد الله بن القيم في (زاد المعاد) كيفية وآداب معاملة الزوجات وكذلك أيضًا كيفية الجماع فانظر في هذا الأمر فإنه يعينك إعانة قوية.
ونوصيك وصية خاصة بأن تستعين على إنجاح حوائجك بالكتمان أنت وزوجتك، فلا تظهر المودة الفائقة أمام الناس ولا تكثر زوجتك من الحديث عنك أمام النساء، ولا تكثر أنت من الحديث عنها أمام الأقارب وأمام الأصحاب، ولكن إن سئلت فقل الحمد لله حياتنا عادية كسائر الناس، فإن كل ذي نعمة محسود – كما ذكرنا في الحديث أخرجه الطبراني في المعجم: (استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود).
وعليكم بالدعاء أن يلين الله قلوبكما لبعضكما البعض وأن يجعلكما متحابين متوادين، والله يتولاكم برحمته ويرعاكم بكرمه.
وبالله التوفيق.
المجيب : أ/ الهنداوي
بسم الله الرحمان الرحيم
عنوان الإستشارة : ما هي أفضل الطرق للمتزوجين لكي تزيد المشاعر العاطفية بينهما؟
تاريخ الإستشارة : 2007-09-12 08:29:54
الموضوع : استشارات ثقافية وفكرية
السائل : محمود
الســؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فجزاكم الله كل الخير على ما تبذلونه من جهد لمساعدة إخوانكم، وعلى ماتقدمونه للناس من نصائح ومساعدات تساعدهم على سلوك الطريق الصحيح نحو الله عز وجل، وجعله الله في ميزان حسناتكم.
سؤالي هو: هل يجوز لي شرعا كمتزوج أن أستمع لأغاني الحب أنا وزوجتي بحيث تزيد مشاعر الحب لكل منا تجاه الآخر؟ بحيث أننا لا نغنيها أو نسمعها أمام أي أحد من الناس، سواء كان من الأهل أو من غيرهم، ونستمع إليها في حالة انفرادنا مع بعض، أرجو أن تفيدوني، مع العلم بأني شاب ملتزم بتعاليم الدين، وبسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأطلب منكم طلبا آخر طمعا في توجيهكم لي، أريد معرفة الطرق التي يستطيع الإنسان من خلالها إيجاد الحياة الزوجية الناجحة والمليئة بالحب والمودة والرحمة حتى وإن كانت الزوجة غير ملتزمة بالدين التزاما قويا.
وشكرا جزيلا لكم، وجزاكم الله جبالا من الحسنات.
الجـــواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فهذا سؤال قيم عظيم وقد يستغرب بعض الناس لو طرح عليه، ولكنه سؤال في نفسه قوي جيد حسن لأن هذا السؤال فيه دلالات: فالدلالة الأولى أن صاحب السؤال هو رجل يريد أن يحكِّم شرع الله تعالى في نفسه، ويريد أن يتبع الأسلوب الشرعي في كل شأنه حتى في جذب حب زوجته وفي زيادة المودة بينهما، فهذا سؤال قد دلَّ على أن صاحب هذا السؤال قد رضي بالله ربًّا ورضي بنبيه - صلوات الله وسلامه عليه - نبيًّا ورسولاً ورضي بالإسلام دينًا ومنهجًا يسير عليه.
وأيضًا ففيه دلالة أخرى على أن صاحب السؤال رجل يحرص على أن يكون ودودًا لأهله محبًّا إياهم معاملاً إياهم بما أمر الله من الإحسان بالمعروف ومن الرفق الذي قد بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه ما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه، والحديث أخرجه مسلم في صحيحه.
وفيه دلالة أخرى على أن صاحب هذا السؤال يحتاج أيضًا إلى علم شرعي يقويه في تعامله ليس فقط مع ربِّه بل ومع الناس أيضًا ومن ذلك زوجته.
والمقصود أن هذا سؤال قيم وجوابه هو أن تعلم قاعدة الشرع الكريم أن الغاية لا تسوغ الوسيلة مطلقًا، فغايتك أن تكون صاحب مودة دائمة في ازدياد مع أهلك، فالوسيلة لذلك لا بد أن تكون مشروعة موافقة لما جاء به المعصوم - صلوات الله وسلامه عليه - ولا ريب أن الله جل وعلا قد حرَّم هذه المعازف التي تفسد الأخلاق وتفسد الدين وجعلها من المحرمات التي نصَّ الله جل وعلا عليها في كتابه العزيز ونصَّ كذلك نبيه - صلوات الله وسلامه عليه - على تحريمها، وهذا ليس مجال بسط ذلك، فهذا أمر مستقر لديك بحمد الله عز وجل.
وإنما سؤالك: هل تبيح مثل هذه الحاجة مثل هذا الأمر؟ والجواب: أن هذه حاجة من الحاجات وهي المودة وليست ضرورة من الضرورات التي تجوِّز المحرمات، وأما حاجتك فلها سُبُل أخرى فما عند الله لا ينال إلا بطاعته وإلا بمرضاته، ولذلك لا بد لك أن تُجمل في الغاية أي أن تكون غايتك حسنة مطلوبة وأن تُجْمِل في الوسيلة، أي تكون وسيلتك كذلك جميلة ولا جمال لها إلا باتباع شرع الله، ولذلك ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه قال: (إن روح القدس – أي جبريل عليه السلام – نفث في روعي – أي ألقى في قلبي – أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها، فأجملوا في الطلب) أخرجه الطبراني في المعجم. أي أحسنوا في طلب أرزاقكم، ولا ريب أن المودة بين الزوجين من أعظم الأرزاق ومن أعظم المنح.
إذا عُلم هذا فإن الأسلوب الشرعي هو الذي يكون في هذا الأمر وهو سؤالك الثاني وهو كيفية كسب المودة بين الزوجين، وهذا أمر يضيق عنه مثل هذا الجواب وإنما نشير إلى جمل وقواعد تعينك في هذا الباب، فأعظم ما ينمي العلاقة بين الزوجين أن يلتقيا على طاعة الرحمن وأن يكون عمادهما تقوى الله، فإنك مثلاً تحبُّ الرجل وأنت لا تعرفه بمجرد أنه يتقي الله وأنه عبدٌ مطيع ربه فيقع في قلبك من الحب له ما الله به عليم، بل ربما فاق حبَّ أخيك شقيقك من أبيك وأمك، وهذا من أعظم عُرى الإيمان؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (أوثق عُرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله) أخرجه الترمذي في سننه.
والمقصود أن اجتماعكما على طاعة الله ينمي بينكما المحبة وينمي بينكما المودة، بل لا سكينة أصلاً إلا بذلك؛ قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}. فالمعصية توجب الوحشة، فلا يلتقي اثنان على معصية الله إلا وبينهما من التنافر الباطني ما الله به عليم وإن أظهرا المودة والمصافحة، ولذلك حتى وإن ظهرت هذه المودة في الدنيا ظهرت حقيقتها في الآخرة يوم تؤول الأمور إلى حقيقتها؛ قال تعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ}.
فثبت بذلك أن من أعظم الأسباب التي تنمي المودة بينكما وتزيدها هو الالتقاء على طاعة الله، أن تدخل على زوجتك فتسلم عليها، ثم بعد ذلك تخالطها مخالطة الأزواج، ثم بعد ذلك تقدم لها هدية لطيفة، ثم تجلس إلى جانبها تحضنها تمسح على رأسها، تمسح بأصابعك وأناملك شعرها وتخلل أصابعك في بدنها وأنت تهمس في أذنها بكلام الحب وكلام الغزل اللطيف، هذا أيضًا خطوة أخرى تنمي العلاقة بينكما وتُشعر زوجتك أنك صادق في محبتك، إن هذه المحبة أمر يَشُعُّ من العينين وأمر يفيض من البدن، فإن ضممت إلى ذلك همسات الحب ولمسات المودة قوي الأمر بينكما.
من ذلك أيضًا أن تُجلسها في حضنك مثلاً وتعاملها وتدللها كما تدلل الطفل الصغير وتهمس في أذنها بحبك، وكذلك تطلب منها أن تبادلك مثل هذه الكلمات وأن تُشجعها على ذلك.
من ذلك أيضًا أن تُحضر لها الهدية اللطيفة في الوقت المناسب وليس من شرطها أن تكون غالية الثمن بل وردة حمراء أو وردة بيضاء تقدمها في صباح يومٍ إلى زوجتك أو في عصر يومٍ إليها قد تفوق هدية من الذهب والحلي.
من ذلك أيضًا أن يكون لكما شيء من الفسح وشيء من المباحات التي تشتركون فيها، فمثلاً تخرج معها لتتمشيا سويًّا في وقت جميل، تخرج معها لنزهة تخلوان ببعضكما البعض بعيدًا عن الناس،وأيضًا تشاركها المشاركات الاجتماعية في زيارة أهلها وفي زيارة أهلك، ويكون لكما أمام الناس تواصلٌ وكذلك في الباطن، المقصود أن تنويع الأساليب هي التي تنمي المودة بين الزوجين.
من ذلك أيضًا مشروع عظيم أن تذهب أنت وهي إلى العمرة فتخلوان ببعضكما، فتحصلان بذلك نسكًا وعبادة وفسحة وسياحة وخلوة بين الزوجين الحبيبين، وكذلك يكون لكما من التعرف على بعضكما البعض في خلال السفر ما لا تتعرفان على بعضكما البعض في الحضر.
والمقصود أن تنويع الأساليب هو المطلوب، مضافًا إلى ذلك معاشرتها عمومًا بالمعروف، فمن ذلك تلبية طلباتها في الفراش، فلا تهجرها هجرًا ولا تسرف في مخالطتها في الفراش إسرافًا، ونقصد بذلك الجماع، ولكن تجعل الجماع بينك وبينها غاية ما يصل إليه المتحابان، بحيث تبدأ بالكلام الرقيق ثم تبدأ معها بتناول الطعام اللطيف ثم تنتقل بعد ذلك إلى مجالستها وملاعبتها، ثم بعد ذلك يحصل بينكما ما يحصل بين الزوجين ويكون ذلك قمة النشوة بينكما مع تقديم القُبُلات ونحوها من الأعمال التي تعينها على أن تستوفي رغبتها وحاجتها.
ومن ذلك أيضًا أن تكون صاحب شخصية فلا تكون مزَّاحًا يفرط في المزاح، ولا عبوسًا بحيث لا ترى منك إلا الجدَّ ولا ترى منك الملاطفة، ولكن كن بين بين، بين المزاح وبين الجدِّ ملاطفًا أهلك معاملاً إياهم بالحزم في أوقات الحزم، حتى تشعر زوجتك بأنها تلجأ إلى ركن قوي من خلال هذا الزوج.
والمقصود أن اجتماع هذه الأمور تحقق لكما السعادة وتحقق لكما نموها، مضافًا إلى ذلك أن يكون بينكما اطلاع على العلوم الشرعية بحيث تعرفون حقوق بعضكما البعض،ولا مانع من أن يكون لكما اطلاع على أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وآدابه في العشرة لاسيما ما شرح من ذلك، وقد بسط الإمام أبو عبد الله بن القيم في (زاد المعاد) كيفية وآداب معاملة الزوجات وكذلك أيضًا كيفية الجماع فانظر في هذا الأمر فإنه يعينك إعانة قوية.
ونوصيك وصية خاصة بأن تستعين على إنجاح حوائجك بالكتمان أنت وزوجتك، فلا تظهر المودة الفائقة أمام الناس ولا تكثر زوجتك من الحديث عنك أمام النساء، ولا تكثر أنت من الحديث عنها أمام الأقارب وأمام الأصحاب، ولكن إن سئلت فقل الحمد لله حياتنا عادية كسائر الناس، فإن كل ذي نعمة محسود – كما ذكرنا في الحديث أخرجه الطبراني في المعجم: (استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود).
وعليكم بالدعاء أن يلين الله قلوبكما لبعضكما البعض وأن يجعلكما متحابين متوادين، والله يتولاكم برحمته ويرعاكم بكرمه.
وبالله التوفيق.
المجيب : أ/ الهنداوي