قال: جئت أشهد ألا إله إلا الله و انك رسول الله و أن ما جئت به هو الحق!!!…. ابسط إلي يدك لأبايعك يا رسول الله فبايعه المصطفى و شهد نعيم شهادة التوحيد و على الفور في التو و اللحظة قال نعيم : يا رسول الله مرني بما شئت!! فوالله لا تأمرني بشيء إلا قضيته فإنه لا يعلم أحد من القوم بإسلامي ، فقال له النبي يا نعيم : إنما أنت فينا رجل واحد فخذل عنا ما استطعت فإن الحرب خدعة…. فانطلق نعيم ، لم يضع النبي له تفاصيل خطة!.. لا… بل أمره أمراً عاما: خذل عنا ما استطعت، و انطلق نعيم الذي استشعر مسئوليته تجاه هذا الدين ، الرجل في مأزق! ، في فتنة الإسلام يتعرض لخطر، فلماذا لا أبذل؟!.. لماذا لا أقدم؟!… فكر هذا الفدائي الذي لم تمض عليه إلا دقائق في دين الله، و لكنه يستشعر مسئوليته في دين الله… الأحزاب يحيطون بالمدينة و رسول الله في فتنة خطيرة.. فليبذل دمه.. فليبذل روحه.. ــ و ها أنتم ترون الآن الإسلام و المسلمين في محنة و لكن منا والله من لا يفكر في أن يبذل شيئاً لدين الله لا في ليل أو نهار!!.. حتى لو دعونا الناس لمجرد الإنفاق ترى التقاعس ! هذا مسجد مثلأً لله جل و علا ترون فيه الطابق الثاني منذ متى و نحن نشيده؟ منذ متى و نحن ندعو لتشييده و بنائه و الناس يقفون الآن في الشمس! و مع ذلك سيسمع كثير منا هذا اللقاء و في جيبه الأموال من فضل الله و سيمضي و لن يساهم ولو بالقليل و كأن الأمر لا يعنيه! .. لماذا ؟.. لأن قضية العمل لهذا الدين أصبحت تتمثل في حسه في الخطبة و المحاضرة و الندوة هذا هو العمل لدين الله … لا أبداً لا ينتهي العمل لدين الله عند خطبة الجمعة أو عند محاضرة لشيخ أو عند ندوة لعالم بل إن الدين يحتاج إلى كل جهد و لو كان هذا الجهد قليلا ــ …. نعيم بن مسعود انطلق يفكر كيف يعمل لدين الله؟…
فتدبروا معي يا شباب حتى لا يأتي شاب يقول ماذا أفعل! … ما دوري ؟…لا مانع من أن تستأنس و أن تسأل إن استشكلت عليك مسالة لكن فكر لدين الله كيف تعمل.. كيف تبذل ، انطلق نعيم إلى يهود بني قريظة فقال : لقد جئتكم أبذل لكم النصيحة، فاكتموا عني!، فقالوا قل يا نعيم ، قال : تعلمون ما بيني و بينكم ، قالوا : لست عندنا بمتهم و أنت عندنا على ما نحب من الصدق و البر فقال نعيم : إن أمر هذا الرجل بلاء ـ يقصد النبي عليه الصلاة و السلام فقد استحل نعيم من رسول الله أن يقول ما شاء ،فقال له المصطفى قل! فأنت في حل ـ فقال : أنتم ترون يا يهود بني قريظة ما فعل بيهود بني قينقاع و بني النضير و لستم كقريش و كغطفان فإن قريشاً و غطفان قد جاءوا من بلادهم و نزلوا حول المدينة فإن رأوا فرصة إنتهشوها و إن كانت الأخرى عادوا إلى بلادهم و ديارهم و أموالهم و انفرد بكم محمد ليفعل بكم ما فعل بيهود بني قينقاع و بني النضير، فأنا جئت لكم اليوم أبذل لكم النصيحة، قالوا : ما هي يا نعيم ، قال : لا تقاتلوا مع قريش و غطفان حتى تأخذوا سبعين رجلاً من أشرافهم! تستوثقون به منهم أنهم لن يبرحوا المدينة حتى يقتلوا محمدا و حتى يريحوكم من شره … قالوا: نعم الرأي يا نعيم، قال : اكتموا عني هذا فإني ناصح لكم، قالوا: نفعل… فتركهم نعيم الفدائي البطل و ذهب إلى قائد جيوش الشرك أبي سفيان، وقال: يا أبا سفيان تعلم الود الذي بيني و بينك، قال: نعم يا نعيم، قال: لقد جئتك الآن بنصيحة، قال ابذلها ، قال : ألا تعلم يا أبا سفيان أن يهود بني قريظة قد ندموا على نقدهم للعهد مع محمد بن عبد الله و ذهبوا إليه و قالوا أننا لا نقاتل مع قريش ضدك و لنثبت لك صدقنا سوف نرسل لك سبعين رجلاً من أشراف قريش و غطفان لتقتلهم لتعلم أننا ندمنا على نقضنا للعهد معك ؟…ففزع أبو سفيان ، فقال نعيم : إياك أن تسلم اليهود رجلاً واحداً من أشرافكم قال : أفعل يا نعيم… و شكر له هذه النصيحة الغالية و تركهم و ذهب إلى غطفان و قال لهم مثلما قال لأبي سفيان و في الوقت ذاته أرسل اليهود إلى قريش و غطفان ليقولوا لهم: ادفعوا لنا سبعين رجلاً من أشرافكم لنستوثق بهم أنكم لن تبرحوا المدينة حتى تقاتلوا معنا محمدا و لن تدعونا لينفرد محمد بقتالنا!.. فقالت قريش و غطفان صدق والله نعيم، كذب اليهود عليهم لعائن الله… و لما رفض القرشيون أن يسلموا اليهود الأشراف و عاد الرسل لليهود قالوا صدق والله نعيم! إنهم يريدون أن ينصرفوا لينفرد محمد بقتالنا… فخذل الله عز و جل بين قريش و غطفان و بين اليهود على يد نعيم بن مسعود رضي الله عنه.. و يئس هؤلاء من نصر هؤلاء و يئس هؤلاء من نصر هؤلاء و استراح قلب النبي داخل المدينة لأن اليهود قد نقضت العهد مرة أخرى مع قريش و غطفان و قد انشغل قلبه و قلوب أصحابه على ذويهم و نسائهم و أطفالهم داخل المدينة وهم قد خرجوا ليحاصروا المدينة من الخارج في مواجهة الصف المشرك الذي خندق حولها …على يد رجل ثبت الله جيشاً ما وضع النبي له بنود هذه الخطة بل فكر و على قدر الإخلاص و على قدر الصدق يكون التوفيق من الله جل و علا… أيها الشباب… أيها الشباب… قد يرد علي الآن رجل من آبائنا أو شاب من أحبابنا أو أخت من أخواتنا و هذا سؤال مثار و يقول يا أخي ولكني والله استحي أن أتحرك لدين الله و أنا مقصر، أنا مذنب، أنا عاصي أنا أعلم حقيقة نفسي أقول : لو تخاذلت عن العمل لدين الله فقد أضفت إلى قائمة تقصيرك تقصيراً!!، و إلى ذنوبك ذنبا، و إلى بعدك بعدا، فلا يمنعك ذنبك من ترك العمل لدين الله ولا يمنعك تقصيرك، و لا يمنحك إجازة مفتوحة من العمل للإسلام.. لا!..
خذ هذه الرسالة الرقيقة من أبي محجن الثقفي رضي الله عنه … رجل مدمن لشرب الخمر !… سبحان الله، مع أنه فارس مغوار إذا نزل الميدان أظهر البطولة و الرجولة و لكنه ابتلي بإدمانه لشرب الخمر و مع ذلك تراه جندياً في صفوف القادسية… خرج للقتال؟.. نعم !.. و هو الذي كثيراً ما يؤتى به ليقام عليه الحد؟.. نعم و في ميدان البطولة و الشرف أتي به لقائد الجيش سعد بن أبي وقاص لأنه قد شرب الخمر فلعبت الخمر برأسه مرة أخرى في ساحة المعركة؟!!!… نعم !… فأمر سعد بن أبي وقاص خال رسول الله أن يمنع أبو محجن من المشاركة في المعركة و أن يقيد حتى تنتهى المعركة لأنه لا تقام الحدود في أرض العدو و قيد أبو محجن و بدأت المعركة و ارتفعت أصوات الأبطال و قعقعة السيوف و الرماح و تعالت أصوات الخيول و انفتحت أبواب الجنة لتطير إليها أرواح الشهداء.. و هنا احترق قلب أبي محجن!.. الذي جيء به على معصية؟.. نعم!… لا لم يفهم أبو محجن أن الوقوع في المعصية يمنحه أجازة مفتوحة من العمل لدين الله من المشاركة لنصرة لا إله إلا الله إنما احترف قلبه و بكى و نادى على زوج سعد بن أبي وقاص سلمى و قال لها أسألك بالله يا سلمى أن تفكي قيدي و أن تدفعي لي سلاح و فرس سعد ـ لأن سعداً قد أقعده المرض عن المشاركة في القادسية إلا بالتخطيط ـ فرقت سلمى لحال أبي محجن ففكت قيده و دفعت له السلاح و الفرس و قال لها : لكي علي إن قتلت فالحمد لله!… وإن أحياني الله جل و علا أن أعود إلى قيدي لأضعه في رجلي بيدي مرة أخرى!.. و انطلق أبو محجن و تغير سير المعركة على يد بطل… على يد فارس… حتى قال سعد الذي جلس في عريش فوق مكان مرتقع ليراقب المعركة قال سعد: والله لولا أني أعلم أن أبى محجن في القيد لقلت بأن هذا الفارس أبو محجن و لو لا أني أعلم أن البلقاء في مكانها لظننت أنها البلقاء فردت عليه زوجه و قالت نعم!.. إنها البلقاء و إنه أبو محجن و حكت له ما قد كان و لما انتهت المعركة دخل سعد بن أبي وقاص على أبي محجن في موقعه في سجنه فوجد ابو محجن قد وضع القيد بيديه في رجليه كما كان مرة أخرى!! فبكى سعد بن أبي وقاص و رق لحاله و قال له : قم يا أبا محجن و فك القيد عن قدميه بيديه و قال له سعد : والله لا أجلدك في الخمر بعدها أبدا ، فنظر إليه أبو محجن و قال : ربما أكون كنت أذل فيها لأنني أعلم أنني أطهر بعدها بالجلد ، أما الآن لا تجلدني فأنا والله لا أشرب الخمر بعدها أبدا!!… و صدق مع الله جل و علا
….فهذه رسالة رقيقة يرسل بها أبو محجن الثقفي لأصحاب العصاة من أمثالي… لأهل الذنوب من أمثالي… ألا تمنحهم ذنوبهم إجازة مفتوحة من أن يتحركوا لدين الله و من أن تتحرك قلوبهم بالعمل لدين الله جل و علا… حتى الهدهد!!… ذلكم الطائر الأعجم لم يفهم أنه في مملكة ضخمة على رأسها نبي سخر فيها الإنس و الجن و الأرض و الريح لهذا الملك النبي لم يفهم أنه بهذا قد أخذ إجازة من ألا يعمل لدين الله… الهدهد؟… أي والله تحرك ليعمل للدين؟… أي والله!، بل جاء لهذا الملك النبي ليكلمه بكل ثقة: أحطت بما لم تحط به و جئتك من سبأ بنبأ يقين .. إني وجدت امرأة تملكهم و أوتيت من كل شيء و لها عرش عظيم وجدتها و قومها يسجدون للشمس من دون الله و زين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون… و يعلن الهدهد براءته من عقيدة الشرك و الكفر و يقول : ألا يسجدوا لله ؟!…الذي يخرج الخبأ في السماوات و الأرض و يعلم ما تخفون و ما تعلنون؟… الله… لا إله إلا هو رب العرش العظيم ….هدهد لم يعجز أن يجد لنفسه دوراً في مملكة موحدة لا في بلد نحت شريعة الله بل في مملكة موحدة على رأسها ملك نبي لم يعجز أن يجد لنفسه دوراً ليعمل لدين الله فهل تعجز أيها المسلم و أيها الشاب أن تجد لنفسك دوراً الآن حتى تعطي نفسك أجازه مفتوحة ألا تتحرك و ألا تعمل شيئاً لدين الله جل و علا ؟…أقول يجب أن نزيل من قلوبنا وهماً كبيراً يتمثل في أن العمل للدين هو الخطبة و الندوة و المحاضرة … لا.. لا!! … بل إن العمل للدين مسئولية كل مسلم و مسلمة على وجه هذه الأرض و هذا هو عنصرنا الثالث…..
ثالثاً : تبعة ثقيلة و أمانة عظيمة أطوق بها الأعناق أيها المسلمون في كل مكان يا من تستمعون إلي الآن في هذا البيت المبارك أو عبر شريط الكاسيت بعد ذلك… أعلموا أن كل مسلم و مسلمة على وجه الأرض نبض قلبه بحب الله و حب رسول الله واجب عليه أن يتحرك لدين الله على حسب قدرته و استطاعته و إمكانياته المتاحة ليس بالضرورة أن ترتقي المنبر هنا! ، ليس بالضرورة أن تجلس على الكرسي لتحاضر، لكنه لابد أن تتحرك لدين الله في موقعك ، أنت طبيب هل حولت الإسلام في حياتك إلى عمل؟… أنت مدرس ، هل حولت الإسلام في فصلك إلى منهج حياة ؟… أنت موظف هل اتقيت الله في عملك و راقبت الله في السر و العلن و قال الجمهور ممن يتعاملون معك هذا موظف مسلم يخشى الله جل و علا؟؟… أم انك لا تقدم شيئا إلا إذا أخذت الرشوة بأسلوب صريح أو غير صريح؟! ، أين الإسلام … أين الإسلام في واقع حياتنا ؟… هل شهدنا للإسلام شهادة عملية سلوكية أخلاقية؟.. بعد ما شهد الكل شهادة قوليه باللسان مع أننا نعلم يقينا أن القول إن خالف العمل بذر بذور النفاق في القلوب " يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون " و نحن نقول ما لا نفعل إلا من رحم ربك جل و علا… أسأل الله أن يجعلنا و إياكم ممن رحم… العمل للدين مسئولية كل مسلم و ها أنا ذا سأضع لك خطوات عملية فاحفظها حتى لا نسأل بعد ما هو دوري .. ما ذا أفعل ؟!…
الخطوة الأولى : أن تكون لقضية الدين مساحة في خريطة اهتماماتك و برامجك.. أن يحرك الدين عواطفك و أن يحرق هم الدين وجدانك.. هذه أول خطوة!، فمحال أن يتحرك الإنسان لشيء لا يعتقده!! ، لا يحمله في قلبه.. أحمل هم الدين في قلبك لتتحرك له..
فتدبروا معي يا شباب حتى لا يأتي شاب يقول ماذا أفعل! … ما دوري ؟…لا مانع من أن تستأنس و أن تسأل إن استشكلت عليك مسالة لكن فكر لدين الله كيف تعمل.. كيف تبذل ، انطلق نعيم إلى يهود بني قريظة فقال : لقد جئتكم أبذل لكم النصيحة، فاكتموا عني!، فقالوا قل يا نعيم ، قال : تعلمون ما بيني و بينكم ، قالوا : لست عندنا بمتهم و أنت عندنا على ما نحب من الصدق و البر فقال نعيم : إن أمر هذا الرجل بلاء ـ يقصد النبي عليه الصلاة و السلام فقد استحل نعيم من رسول الله أن يقول ما شاء ،فقال له المصطفى قل! فأنت في حل ـ فقال : أنتم ترون يا يهود بني قريظة ما فعل بيهود بني قينقاع و بني النضير و لستم كقريش و كغطفان فإن قريشاً و غطفان قد جاءوا من بلادهم و نزلوا حول المدينة فإن رأوا فرصة إنتهشوها و إن كانت الأخرى عادوا إلى بلادهم و ديارهم و أموالهم و انفرد بكم محمد ليفعل بكم ما فعل بيهود بني قينقاع و بني النضير، فأنا جئت لكم اليوم أبذل لكم النصيحة، قالوا : ما هي يا نعيم ، قال : لا تقاتلوا مع قريش و غطفان حتى تأخذوا سبعين رجلاً من أشرافهم! تستوثقون به منهم أنهم لن يبرحوا المدينة حتى يقتلوا محمدا و حتى يريحوكم من شره … قالوا: نعم الرأي يا نعيم، قال : اكتموا عني هذا فإني ناصح لكم، قالوا: نفعل… فتركهم نعيم الفدائي البطل و ذهب إلى قائد جيوش الشرك أبي سفيان، وقال: يا أبا سفيان تعلم الود الذي بيني و بينك، قال: نعم يا نعيم، قال: لقد جئتك الآن بنصيحة، قال ابذلها ، قال : ألا تعلم يا أبا سفيان أن يهود بني قريظة قد ندموا على نقدهم للعهد مع محمد بن عبد الله و ذهبوا إليه و قالوا أننا لا نقاتل مع قريش ضدك و لنثبت لك صدقنا سوف نرسل لك سبعين رجلاً من أشراف قريش و غطفان لتقتلهم لتعلم أننا ندمنا على نقضنا للعهد معك ؟…ففزع أبو سفيان ، فقال نعيم : إياك أن تسلم اليهود رجلاً واحداً من أشرافكم قال : أفعل يا نعيم… و شكر له هذه النصيحة الغالية و تركهم و ذهب إلى غطفان و قال لهم مثلما قال لأبي سفيان و في الوقت ذاته أرسل اليهود إلى قريش و غطفان ليقولوا لهم: ادفعوا لنا سبعين رجلاً من أشرافكم لنستوثق بهم أنكم لن تبرحوا المدينة حتى تقاتلوا معنا محمدا و لن تدعونا لينفرد محمد بقتالنا!.. فقالت قريش و غطفان صدق والله نعيم، كذب اليهود عليهم لعائن الله… و لما رفض القرشيون أن يسلموا اليهود الأشراف و عاد الرسل لليهود قالوا صدق والله نعيم! إنهم يريدون أن ينصرفوا لينفرد محمد بقتالنا… فخذل الله عز و جل بين قريش و غطفان و بين اليهود على يد نعيم بن مسعود رضي الله عنه.. و يئس هؤلاء من نصر هؤلاء و يئس هؤلاء من نصر هؤلاء و استراح قلب النبي داخل المدينة لأن اليهود قد نقضت العهد مرة أخرى مع قريش و غطفان و قد انشغل قلبه و قلوب أصحابه على ذويهم و نسائهم و أطفالهم داخل المدينة وهم قد خرجوا ليحاصروا المدينة من الخارج في مواجهة الصف المشرك الذي خندق حولها …على يد رجل ثبت الله جيشاً ما وضع النبي له بنود هذه الخطة بل فكر و على قدر الإخلاص و على قدر الصدق يكون التوفيق من الله جل و علا… أيها الشباب… أيها الشباب… قد يرد علي الآن رجل من آبائنا أو شاب من أحبابنا أو أخت من أخواتنا و هذا سؤال مثار و يقول يا أخي ولكني والله استحي أن أتحرك لدين الله و أنا مقصر، أنا مذنب، أنا عاصي أنا أعلم حقيقة نفسي أقول : لو تخاذلت عن العمل لدين الله فقد أضفت إلى قائمة تقصيرك تقصيراً!!، و إلى ذنوبك ذنبا، و إلى بعدك بعدا، فلا يمنعك ذنبك من ترك العمل لدين الله ولا يمنعك تقصيرك، و لا يمنحك إجازة مفتوحة من العمل للإسلام.. لا!..
خذ هذه الرسالة الرقيقة من أبي محجن الثقفي رضي الله عنه … رجل مدمن لشرب الخمر !… سبحان الله، مع أنه فارس مغوار إذا نزل الميدان أظهر البطولة و الرجولة و لكنه ابتلي بإدمانه لشرب الخمر و مع ذلك تراه جندياً في صفوف القادسية… خرج للقتال؟.. نعم !.. و هو الذي كثيراً ما يؤتى به ليقام عليه الحد؟.. نعم و في ميدان البطولة و الشرف أتي به لقائد الجيش سعد بن أبي وقاص لأنه قد شرب الخمر فلعبت الخمر برأسه مرة أخرى في ساحة المعركة؟!!!… نعم !… فأمر سعد بن أبي وقاص خال رسول الله أن يمنع أبو محجن من المشاركة في المعركة و أن يقيد حتى تنتهى المعركة لأنه لا تقام الحدود في أرض العدو و قيد أبو محجن و بدأت المعركة و ارتفعت أصوات الأبطال و قعقعة السيوف و الرماح و تعالت أصوات الخيول و انفتحت أبواب الجنة لتطير إليها أرواح الشهداء.. و هنا احترق قلب أبي محجن!.. الذي جيء به على معصية؟.. نعم!… لا لم يفهم أبو محجن أن الوقوع في المعصية يمنحه أجازة مفتوحة من العمل لدين الله من المشاركة لنصرة لا إله إلا الله إنما احترف قلبه و بكى و نادى على زوج سعد بن أبي وقاص سلمى و قال لها أسألك بالله يا سلمى أن تفكي قيدي و أن تدفعي لي سلاح و فرس سعد ـ لأن سعداً قد أقعده المرض عن المشاركة في القادسية إلا بالتخطيط ـ فرقت سلمى لحال أبي محجن ففكت قيده و دفعت له السلاح و الفرس و قال لها : لكي علي إن قتلت فالحمد لله!… وإن أحياني الله جل و علا أن أعود إلى قيدي لأضعه في رجلي بيدي مرة أخرى!.. و انطلق أبو محجن و تغير سير المعركة على يد بطل… على يد فارس… حتى قال سعد الذي جلس في عريش فوق مكان مرتقع ليراقب المعركة قال سعد: والله لولا أني أعلم أن أبى محجن في القيد لقلت بأن هذا الفارس أبو محجن و لو لا أني أعلم أن البلقاء في مكانها لظننت أنها البلقاء فردت عليه زوجه و قالت نعم!.. إنها البلقاء و إنه أبو محجن و حكت له ما قد كان و لما انتهت المعركة دخل سعد بن أبي وقاص على أبي محجن في موقعه في سجنه فوجد ابو محجن قد وضع القيد بيديه في رجليه كما كان مرة أخرى!! فبكى سعد بن أبي وقاص و رق لحاله و قال له : قم يا أبا محجن و فك القيد عن قدميه بيديه و قال له سعد : والله لا أجلدك في الخمر بعدها أبدا ، فنظر إليه أبو محجن و قال : ربما أكون كنت أذل فيها لأنني أعلم أنني أطهر بعدها بالجلد ، أما الآن لا تجلدني فأنا والله لا أشرب الخمر بعدها أبدا!!… و صدق مع الله جل و علا
….فهذه رسالة رقيقة يرسل بها أبو محجن الثقفي لأصحاب العصاة من أمثالي… لأهل الذنوب من أمثالي… ألا تمنحهم ذنوبهم إجازة مفتوحة من أن يتحركوا لدين الله و من أن تتحرك قلوبهم بالعمل لدين الله جل و علا… حتى الهدهد!!… ذلكم الطائر الأعجم لم يفهم أنه في مملكة ضخمة على رأسها نبي سخر فيها الإنس و الجن و الأرض و الريح لهذا الملك النبي لم يفهم أنه بهذا قد أخذ إجازة من ألا يعمل لدين الله… الهدهد؟… أي والله تحرك ليعمل للدين؟… أي والله!، بل جاء لهذا الملك النبي ليكلمه بكل ثقة: أحطت بما لم تحط به و جئتك من سبأ بنبأ يقين .. إني وجدت امرأة تملكهم و أوتيت من كل شيء و لها عرش عظيم وجدتها و قومها يسجدون للشمس من دون الله و زين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون… و يعلن الهدهد براءته من عقيدة الشرك و الكفر و يقول : ألا يسجدوا لله ؟!…الذي يخرج الخبأ في السماوات و الأرض و يعلم ما تخفون و ما تعلنون؟… الله… لا إله إلا هو رب العرش العظيم ….هدهد لم يعجز أن يجد لنفسه دوراً في مملكة موحدة لا في بلد نحت شريعة الله بل في مملكة موحدة على رأسها ملك نبي لم يعجز أن يجد لنفسه دوراً ليعمل لدين الله فهل تعجز أيها المسلم و أيها الشاب أن تجد لنفسك دوراً الآن حتى تعطي نفسك أجازه مفتوحة ألا تتحرك و ألا تعمل شيئاً لدين الله جل و علا ؟…أقول يجب أن نزيل من قلوبنا وهماً كبيراً يتمثل في أن العمل للدين هو الخطبة و الندوة و المحاضرة … لا.. لا!! … بل إن العمل للدين مسئولية كل مسلم و مسلمة على وجه هذه الأرض و هذا هو عنصرنا الثالث…..
ثالثاً : تبعة ثقيلة و أمانة عظيمة أطوق بها الأعناق أيها المسلمون في كل مكان يا من تستمعون إلي الآن في هذا البيت المبارك أو عبر شريط الكاسيت بعد ذلك… أعلموا أن كل مسلم و مسلمة على وجه الأرض نبض قلبه بحب الله و حب رسول الله واجب عليه أن يتحرك لدين الله على حسب قدرته و استطاعته و إمكانياته المتاحة ليس بالضرورة أن ترتقي المنبر هنا! ، ليس بالضرورة أن تجلس على الكرسي لتحاضر، لكنه لابد أن تتحرك لدين الله في موقعك ، أنت طبيب هل حولت الإسلام في حياتك إلى عمل؟… أنت مدرس ، هل حولت الإسلام في فصلك إلى منهج حياة ؟… أنت موظف هل اتقيت الله في عملك و راقبت الله في السر و العلن و قال الجمهور ممن يتعاملون معك هذا موظف مسلم يخشى الله جل و علا؟؟… أم انك لا تقدم شيئا إلا إذا أخذت الرشوة بأسلوب صريح أو غير صريح؟! ، أين الإسلام … أين الإسلام في واقع حياتنا ؟… هل شهدنا للإسلام شهادة عملية سلوكية أخلاقية؟.. بعد ما شهد الكل شهادة قوليه باللسان مع أننا نعلم يقينا أن القول إن خالف العمل بذر بذور النفاق في القلوب " يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون " و نحن نقول ما لا نفعل إلا من رحم ربك جل و علا… أسأل الله أن يجعلنا و إياكم ممن رحم… العمل للدين مسئولية كل مسلم و ها أنا ذا سأضع لك خطوات عملية فاحفظها حتى لا نسأل بعد ما هو دوري .. ما ذا أفعل ؟!…
الخطوة الأولى : أن تكون لقضية الدين مساحة في خريطة اهتماماتك و برامجك.. أن يحرك الدين عواطفك و أن يحرق هم الدين وجدانك.. هذه أول خطوة!، فمحال أن يتحرك الإنسان لشيء لا يعتقده!! ، لا يحمله في قلبه.. أحمل هم الدين في قلبك لتتحرك له..