كثيراً ما يتقدم الشاب الملتزم بالشكوى من جراء وجود بعض المخالفات الشرعية في بيته بين أفراد أسرته خاصة وأنه لا يمتلك السلطة المطلقة لتغييرها.
فيشق على نفسه أن يرى مخالفة أوامر الله تعالى أمام ناظريه، ويقف في حيرة من أمره إذ أنه في حال سكوته يدرك تماماً أنه عرضة للتجاوب مع هذه المخالفات حينما يعتاد رؤيتها ،فيضعف في قلبه استقباحها،كمرحلة تسبق الوقوع في المشاركة فيها، وهذا أمر معلوم شرعاً، ومشاهد على الأرض الواقع، كما أنه يتأثم من التزام جانب الصمت إزاء هذه المخالفات وهو يعلم أمر النبي صلى الله عليه وسلم ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه وأن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ).
هذه المخاوف ولا شك قد تدفع الشاب إلى محاولة التغيير . وهو أمر مطلوب، ولكن التعامل مع هذه المخالفات داخل إطار الأسرة بالذات ينبغي أن يحاط بسياج من الحكمة وإلا نجمت عن هذه المحاولات خسائر اجتماعية تتمثل في اصطدامه بأسرته وتوتر العلاقات بينه وبينهم لذا كان من المناسب أن أوجه بعض النصائح لعزيزي الشاب عسى أن ينفعه الله بها.
1- " فاهجر "
بعض الشباب الملتزمين يتساهلون في التواجد في مكان المخالفة الشرعية داخل المنزل كأن يجلس مع أخيه مثلاً حال استماعه للغناء أو يجالسهم حال اجتماعهم على مشاهدة الأفلام والمسلسلات، أو يختلط بالأجنبيات حال الزيارات العائلية. علماً بأنه لا يجوز له الجلوس في أماكن المنكر إلا أن يكون في مقام وعظ أو تذكير أو إنكار . فهذا التساهل يوقع الشاب أولاً في دائرة الإثم، ثم ثانياً فيه إقرار على الخطأ وثالثا فيه تعريض نفسه للوقوع في الخطأ ذاته. ونصيحتي للشاب الملتزم إذا تعرض لمثل هذه المواقف أن يعتزل المكان ويعتذر إليهم بلطف دون إثارة أي مشكلات . فتكون النتيجة أما أن يقلعوا نهائيا عنً تلك المخالفات على الأقل مراعاة لشعور ولدهم وهذا احتمال ضعيف لكنه وارد . وإما أن تكون استجابتهم وقتية فيمتنعون في حال تواجده معهم وهذا بلا شك مكسب كبير. وإما أنهم لا يكترثون فيكون الشاب قد أدى ما عليه.
2- " لا تحجر واسعاً "
هناك أمور هي من موارد الاجتهاد والخلاف فيها بين أهل العلم معتبر، فلا تنكر على أهلك في مثل هذه المسائل، فمثلاً اللعب بالشطرنج محل خلاف بين أهل العلم قد يسوغ لك منع نفسك عن اللعب به، وتغلب جانب الورع ولكن لا يسوغ لك إلزام الناس بذلك . وقد يصلح أن تنصح أقرانك من الملتزمين بما تدين به لله دون إنكار أو تغليظ أو تأثيم. وأما بالنسبة لأهلك فإنكارك عليهم في مسائل الخلاف المعتبر له عواقبه
فمنها : ظهورك في موضع التشدد حيث أن غيرك يقول بالحل وفي الغالب يتناهى ذلك إلى أسماع الكثيرين فتظهر أنت في صورة المتشدد المتعنت الذي يحرم الحلال
ومنها : توسيع دائرة الخلاف بينك وبينهم وهي المطلوب تضييقها ما أمكن في إطار الانضباط الشرعي
ومنها : الإخلال بمبدأ مراعاة الأولويات حيث أنك قد وجهت طاقتك لتغيير ما هو مختلف في حرمته وكان بامكانك أن توجهها لتغيير ما هو متفق على حرمته لأن الأمر في الغالب سوف يطول فيه النقاش والجدال والأخذ والرد أياماً وحتى أن لم تكن هناك مخالفات في المنزل فكان بإمكانك أن توجه جهدك نحو الارتقاء بهم . وكما هو معلوم أن الخلاف بين العلماء فيه توسعة على الأمة وكما يقول عمر بن عبد العزيز ( ما يسرني أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا ) لأنه يعلم ما في هذا الخلاف من توسعة على الأمة : فلا ينبغي أيها الحبيب أن تحجر واسعاً.
3- دلو الحكمة
لا يجوز على الإطلاق تغيير منكر يترتب على تغييره الوقوع في منكر أعظم منه كما قررت الشريعة، وهذا هو الفقه في الدين ففي بعض الأحيان يجدر بالمسلم السكوت عن الإنكار خوفاً من إحلال منكر أعظم، وفي حديث الأعرابي الذي بال في المسجد ما يوضح ذلك ويقرره. حيث قام صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. لينالوا من الرجل الذي ارتكب مخالفة عظيمة فكفهم النبي وقال " دعوة وأريقوا على بوله سجلاً من ماء أو ذنوبا من ماء فإنما بعثتم ميسرين " وفي هذا الموقف تجلت حكمة النبي صلى الله عليه وسلم لأن في تركه منعاً لانتشار مساحة النجاسة في المسجد إذا ما ذعر الرجل وجرى، وفيه أيضاً اتقاء سخط الأعرابي على الإسلام وتعرضه للفتنة في دينه . فتحمل أهون الشرين ودفع الضرر الأكبر بالأدنى .ولذا كان بن تيمية رحمه الله ينهى تلامذته عن الإنكار على التتار الذين يشربون الخمر في الطرقات حتى لا يفيقوا ويقتلوا المسلمين، فقتل النفس المؤمنة أعظم عند الله من شرب الخمر.
فينبغي أن تضع هذه القاعدة نصب عينيك حتى لا تكون سبباً في وجود الشر دون أن تدري. وهذا يتصور وجوده في محيطك الأسري، فمثلاً قد يشاهد أهلك قناة إخبارية تظهر فيها أحياناً مقدمة برامج سافرة، أو يكون بالبرامج أحياناً خلفيات موسيقية .فإن كان يغلب على ظنك أنه في حال نهيك إياهم سوف يتحولون عن هذه القناة إلى قناة أخرى تعرض الأفلام والمسلسلات والتي لا تخلو من المشاهد الفاضحة فحينئذ لا ينبغي لك الإنكار لأن المخالفة الأولى أخف وطأة من الثانية وهذا لا يعني أن تغض بصرك وأذنك عن الحرام.
4- " قولاً لينا "
أعلم أن أسلوبك الطيب في التعامل مع أهلك حيال هذه المخلفات عامل في منتهى الأهمية من عوامل استجابتهم، وذلك يتناسب مع طبيعة النفس البشرية التي تكره أن يغلظ لها في القول. وقد أمر الله نبيه موسى وهارون بلين الكلام مع طاغية الزمان فرعون ( فقولا له قولاً لينا ) فمن باب أولى أن يكون اللين طابع القول للأهل المسلمين الموحدين . وما كان الرفق في شيء إلا زانه . فإنه والله أخاذ بمجامع القلوب وغراس لبذور المحبة والألفة ( ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ).
5- " كن عملياً "
ينبغي لك أيها الحبيب التركيز على الوسائل العملية وإيجاد البدائل النافعة فلا تحصر جهدك في إطار التنبيهات والتعليقات . فمثلا بدلاً من الطرق في كل حين على الإقلاع عن استماع الغناء يمكنك أن تشتري شريطاً من شرائط الأناشيد الإسلامية وتهديه إلى مستمعي الغناء من أسرتك على طريقة ( جرب هذا ) فربما أعجبهم واستعاضوا به عن استماع الغناء، ويكون مدخلاً إلى استماع المواد الأخرى الطيبة من دروس ومحاضرات نافعة. وكذلك إذا كان الوالد مدخنا فبدلاً من الوعظ المتكرر للوالد ببيان حرمة التدخين يمكنك أن تتخوله في الموعظة وتقوم بإعطائه كتيباً أو مجلة أو قائمة مطبوعة تبين الأمراض الفتاكة التي تصيب الإنسان من جراء التدخين، وبإمكانك كذلك أن تستعلم من الأطباء عن وسائل طبية تساعد المدخن على الإقلاع عن التدخين، لاسيما وأن الغالبية العظمي من المدخنين – أن لم يكونوا جميعهم – يتمنون أن يتخلصوا من هذه البلية ولكنهم يرون ذلك مستحيلاً. وحتما سوف يسر والدك كثيراً أن يراك حريصاً على سلامة صحته.
6- " مسلك الفقيه "
هذه الفقرة أخصصها للشاشات التي تبث السموم . إذا أنه لن يجدي التصرف التقليدي في معالجتها. فلقد كان الدعاة منذ عهد قريب يطالبون بالإجهاز عليها، أما اليوم فقد غزت هذه الشاشات عامة بيوت المسلمين وصارت جزءاً أساسياً في حياتهم، وفرضت نفسها على واقعهم، فبالتالي لن يستجيبوا لهذه اللهجة. وبناءً على ذلك ينبغي أن تتحول لهجتنا إلى الدعوة لترشيد الاستعمال، والتوجيه إلى القنوات الإسلامية النافعة . لاسيما وأن الإسلاميين قد أخذوا مواقعهم في المحيط الإعلامي وصمدوا أمام تحديات القنوات الغير هادفة وصارت القنوات الإسلامية البناءة منافساً قوياً وشوكة في حلق الإعلام الهدام، وصارت أداة مهمة لتوجيه الناس. ومن ذلك المنطلق أخي الحبيب أرى أن توجه أسرتك نحو الاستفادة من القنوات الهادفة والاستعاضة بها عن القنوات الأخرى . لأنه حتما سيتعذر استجابتهم لرغبتك في الإجهاز على تلك الشاشة وكذا الحال بالنسبة إلى ( الانترنت ) يكون التوجيه إلى تصفح المواقع الشرعية والإخبارية والعملية، وهكذا في كل مخالفة يمكن ترشيد مصدرها وتوجيهه إلى وجهة صحيحة . وانظر إلى مسلك الفقيه الجهبذ عبد الله بن مسعود صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع زاذان الذي كان مغنياً لاهياً مر به ابن مسعود وهو على حاله من الغناء والعبث فلم يزد ابن مسعود على قال : " لو كان ما يُسمع من حسن صوتك يا غلام بالقرآن كنت أنت أنت، ثم انصرف, فلما قيل لزاذان أنه ابن مسعود تأثر وبكى وتبع ابن مسعود وتاب على يديه ولزمه وتعلم منه.
7- " الأدوات الحية "
بإمكانك أن تستعين في هذا الشأن بمن كانت لهم عند أسرتك منزلة، وتربطهم بهم صلة قوية ،لإقناع أسرتك بالتخلي عن تلك المخالفات فربما كان تأثيرهم أبلغ ويعتمد ذلك على اقتناع من تستعين بهم بما تسعى إليه . ويفضل أن يطرقوا على موضوع وحدة الأسرة وكيف أن هذه المخالفات من المؤكد أنها تزعزع أركان تلك الوحدة الأسرية.
8 - " قنابل مسيلة للمشاعر "
إن عبوس الشاب وجفافه في مثل هذه الأمور يشعر الأهل وكأنهم في نظره غير مسلمين .إن التخلي عن الأساليب الجافة وسلوك مسلك استثارة العواطف يقرب الشاب من هدفه . كأن يعرب لهم بأسى عن شوقه لمجالستهم، والتنعم بجوارهم لولا هذه المخالفات التي تحول بينه وبينهم. هذا القالب قد يؤثر فيهم حقيقة وأن لم يكن فإنه ولا شك سوف يصنع تراكمات من هذه المواقف الطيبة حتما ستنفع فيما بعد.
9- " قبول التدرج "
فإذا ما رأيت انحساراً في حجم تلك المخالفات فرحب بذلك، واقبله، وشجع عليه. أقول ذلك لأن بعض الشباب الملتزم لا يقبل إلا أن يستأصل شأفة المخالفات بين عشية وضحاها فإذا انحسرت كماً وكيفاً إلى حد ما لم يقبل واستمر في إنكاره بنفس الصورة وكأن هذا التحسن النسبي ليس له قيمة أو وزناً، بل يحسن أيها الحبيب أن تثني عليهم وتشجعهم وتحفزهم للمزيد.
فيشق على نفسه أن يرى مخالفة أوامر الله تعالى أمام ناظريه، ويقف في حيرة من أمره إذ أنه في حال سكوته يدرك تماماً أنه عرضة للتجاوب مع هذه المخالفات حينما يعتاد رؤيتها ،فيضعف في قلبه استقباحها،كمرحلة تسبق الوقوع في المشاركة فيها، وهذا أمر معلوم شرعاً، ومشاهد على الأرض الواقع، كما أنه يتأثم من التزام جانب الصمت إزاء هذه المخالفات وهو يعلم أمر النبي صلى الله عليه وسلم ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه وأن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ).
هذه المخاوف ولا شك قد تدفع الشاب إلى محاولة التغيير . وهو أمر مطلوب، ولكن التعامل مع هذه المخالفات داخل إطار الأسرة بالذات ينبغي أن يحاط بسياج من الحكمة وإلا نجمت عن هذه المحاولات خسائر اجتماعية تتمثل في اصطدامه بأسرته وتوتر العلاقات بينه وبينهم لذا كان من المناسب أن أوجه بعض النصائح لعزيزي الشاب عسى أن ينفعه الله بها.
1- " فاهجر "
بعض الشباب الملتزمين يتساهلون في التواجد في مكان المخالفة الشرعية داخل المنزل كأن يجلس مع أخيه مثلاً حال استماعه للغناء أو يجالسهم حال اجتماعهم على مشاهدة الأفلام والمسلسلات، أو يختلط بالأجنبيات حال الزيارات العائلية. علماً بأنه لا يجوز له الجلوس في أماكن المنكر إلا أن يكون في مقام وعظ أو تذكير أو إنكار . فهذا التساهل يوقع الشاب أولاً في دائرة الإثم، ثم ثانياً فيه إقرار على الخطأ وثالثا فيه تعريض نفسه للوقوع في الخطأ ذاته. ونصيحتي للشاب الملتزم إذا تعرض لمثل هذه المواقف أن يعتزل المكان ويعتذر إليهم بلطف دون إثارة أي مشكلات . فتكون النتيجة أما أن يقلعوا نهائيا عنً تلك المخالفات على الأقل مراعاة لشعور ولدهم وهذا احتمال ضعيف لكنه وارد . وإما أن تكون استجابتهم وقتية فيمتنعون في حال تواجده معهم وهذا بلا شك مكسب كبير. وإما أنهم لا يكترثون فيكون الشاب قد أدى ما عليه.
2- " لا تحجر واسعاً "
هناك أمور هي من موارد الاجتهاد والخلاف فيها بين أهل العلم معتبر، فلا تنكر على أهلك في مثل هذه المسائل، فمثلاً اللعب بالشطرنج محل خلاف بين أهل العلم قد يسوغ لك منع نفسك عن اللعب به، وتغلب جانب الورع ولكن لا يسوغ لك إلزام الناس بذلك . وقد يصلح أن تنصح أقرانك من الملتزمين بما تدين به لله دون إنكار أو تغليظ أو تأثيم. وأما بالنسبة لأهلك فإنكارك عليهم في مسائل الخلاف المعتبر له عواقبه
فمنها : ظهورك في موضع التشدد حيث أن غيرك يقول بالحل وفي الغالب يتناهى ذلك إلى أسماع الكثيرين فتظهر أنت في صورة المتشدد المتعنت الذي يحرم الحلال
ومنها : توسيع دائرة الخلاف بينك وبينهم وهي المطلوب تضييقها ما أمكن في إطار الانضباط الشرعي
ومنها : الإخلال بمبدأ مراعاة الأولويات حيث أنك قد وجهت طاقتك لتغيير ما هو مختلف في حرمته وكان بامكانك أن توجهها لتغيير ما هو متفق على حرمته لأن الأمر في الغالب سوف يطول فيه النقاش والجدال والأخذ والرد أياماً وحتى أن لم تكن هناك مخالفات في المنزل فكان بإمكانك أن توجه جهدك نحو الارتقاء بهم . وكما هو معلوم أن الخلاف بين العلماء فيه توسعة على الأمة وكما يقول عمر بن عبد العزيز ( ما يسرني أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا ) لأنه يعلم ما في هذا الخلاف من توسعة على الأمة : فلا ينبغي أيها الحبيب أن تحجر واسعاً.
3- دلو الحكمة
لا يجوز على الإطلاق تغيير منكر يترتب على تغييره الوقوع في منكر أعظم منه كما قررت الشريعة، وهذا هو الفقه في الدين ففي بعض الأحيان يجدر بالمسلم السكوت عن الإنكار خوفاً من إحلال منكر أعظم، وفي حديث الأعرابي الذي بال في المسجد ما يوضح ذلك ويقرره. حيث قام صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. لينالوا من الرجل الذي ارتكب مخالفة عظيمة فكفهم النبي وقال " دعوة وأريقوا على بوله سجلاً من ماء أو ذنوبا من ماء فإنما بعثتم ميسرين " وفي هذا الموقف تجلت حكمة النبي صلى الله عليه وسلم لأن في تركه منعاً لانتشار مساحة النجاسة في المسجد إذا ما ذعر الرجل وجرى، وفيه أيضاً اتقاء سخط الأعرابي على الإسلام وتعرضه للفتنة في دينه . فتحمل أهون الشرين ودفع الضرر الأكبر بالأدنى .ولذا كان بن تيمية رحمه الله ينهى تلامذته عن الإنكار على التتار الذين يشربون الخمر في الطرقات حتى لا يفيقوا ويقتلوا المسلمين، فقتل النفس المؤمنة أعظم عند الله من شرب الخمر.
فينبغي أن تضع هذه القاعدة نصب عينيك حتى لا تكون سبباً في وجود الشر دون أن تدري. وهذا يتصور وجوده في محيطك الأسري، فمثلاً قد يشاهد أهلك قناة إخبارية تظهر فيها أحياناً مقدمة برامج سافرة، أو يكون بالبرامج أحياناً خلفيات موسيقية .فإن كان يغلب على ظنك أنه في حال نهيك إياهم سوف يتحولون عن هذه القناة إلى قناة أخرى تعرض الأفلام والمسلسلات والتي لا تخلو من المشاهد الفاضحة فحينئذ لا ينبغي لك الإنكار لأن المخالفة الأولى أخف وطأة من الثانية وهذا لا يعني أن تغض بصرك وأذنك عن الحرام.
4- " قولاً لينا "
أعلم أن أسلوبك الطيب في التعامل مع أهلك حيال هذه المخلفات عامل في منتهى الأهمية من عوامل استجابتهم، وذلك يتناسب مع طبيعة النفس البشرية التي تكره أن يغلظ لها في القول. وقد أمر الله نبيه موسى وهارون بلين الكلام مع طاغية الزمان فرعون ( فقولا له قولاً لينا ) فمن باب أولى أن يكون اللين طابع القول للأهل المسلمين الموحدين . وما كان الرفق في شيء إلا زانه . فإنه والله أخاذ بمجامع القلوب وغراس لبذور المحبة والألفة ( ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ).
5- " كن عملياً "
ينبغي لك أيها الحبيب التركيز على الوسائل العملية وإيجاد البدائل النافعة فلا تحصر جهدك في إطار التنبيهات والتعليقات . فمثلا بدلاً من الطرق في كل حين على الإقلاع عن استماع الغناء يمكنك أن تشتري شريطاً من شرائط الأناشيد الإسلامية وتهديه إلى مستمعي الغناء من أسرتك على طريقة ( جرب هذا ) فربما أعجبهم واستعاضوا به عن استماع الغناء، ويكون مدخلاً إلى استماع المواد الأخرى الطيبة من دروس ومحاضرات نافعة. وكذلك إذا كان الوالد مدخنا فبدلاً من الوعظ المتكرر للوالد ببيان حرمة التدخين يمكنك أن تتخوله في الموعظة وتقوم بإعطائه كتيباً أو مجلة أو قائمة مطبوعة تبين الأمراض الفتاكة التي تصيب الإنسان من جراء التدخين، وبإمكانك كذلك أن تستعلم من الأطباء عن وسائل طبية تساعد المدخن على الإقلاع عن التدخين، لاسيما وأن الغالبية العظمي من المدخنين – أن لم يكونوا جميعهم – يتمنون أن يتخلصوا من هذه البلية ولكنهم يرون ذلك مستحيلاً. وحتما سوف يسر والدك كثيراً أن يراك حريصاً على سلامة صحته.
6- " مسلك الفقيه "
هذه الفقرة أخصصها للشاشات التي تبث السموم . إذا أنه لن يجدي التصرف التقليدي في معالجتها. فلقد كان الدعاة منذ عهد قريب يطالبون بالإجهاز عليها، أما اليوم فقد غزت هذه الشاشات عامة بيوت المسلمين وصارت جزءاً أساسياً في حياتهم، وفرضت نفسها على واقعهم، فبالتالي لن يستجيبوا لهذه اللهجة. وبناءً على ذلك ينبغي أن تتحول لهجتنا إلى الدعوة لترشيد الاستعمال، والتوجيه إلى القنوات الإسلامية النافعة . لاسيما وأن الإسلاميين قد أخذوا مواقعهم في المحيط الإعلامي وصمدوا أمام تحديات القنوات الغير هادفة وصارت القنوات الإسلامية البناءة منافساً قوياً وشوكة في حلق الإعلام الهدام، وصارت أداة مهمة لتوجيه الناس. ومن ذلك المنطلق أخي الحبيب أرى أن توجه أسرتك نحو الاستفادة من القنوات الهادفة والاستعاضة بها عن القنوات الأخرى . لأنه حتما سيتعذر استجابتهم لرغبتك في الإجهاز على تلك الشاشة وكذا الحال بالنسبة إلى ( الانترنت ) يكون التوجيه إلى تصفح المواقع الشرعية والإخبارية والعملية، وهكذا في كل مخالفة يمكن ترشيد مصدرها وتوجيهه إلى وجهة صحيحة . وانظر إلى مسلك الفقيه الجهبذ عبد الله بن مسعود صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع زاذان الذي كان مغنياً لاهياً مر به ابن مسعود وهو على حاله من الغناء والعبث فلم يزد ابن مسعود على قال : " لو كان ما يُسمع من حسن صوتك يا غلام بالقرآن كنت أنت أنت، ثم انصرف, فلما قيل لزاذان أنه ابن مسعود تأثر وبكى وتبع ابن مسعود وتاب على يديه ولزمه وتعلم منه.
7- " الأدوات الحية "
بإمكانك أن تستعين في هذا الشأن بمن كانت لهم عند أسرتك منزلة، وتربطهم بهم صلة قوية ،لإقناع أسرتك بالتخلي عن تلك المخالفات فربما كان تأثيرهم أبلغ ويعتمد ذلك على اقتناع من تستعين بهم بما تسعى إليه . ويفضل أن يطرقوا على موضوع وحدة الأسرة وكيف أن هذه المخالفات من المؤكد أنها تزعزع أركان تلك الوحدة الأسرية.
8 - " قنابل مسيلة للمشاعر "
إن عبوس الشاب وجفافه في مثل هذه الأمور يشعر الأهل وكأنهم في نظره غير مسلمين .إن التخلي عن الأساليب الجافة وسلوك مسلك استثارة العواطف يقرب الشاب من هدفه . كأن يعرب لهم بأسى عن شوقه لمجالستهم، والتنعم بجوارهم لولا هذه المخالفات التي تحول بينه وبينهم. هذا القالب قد يؤثر فيهم حقيقة وأن لم يكن فإنه ولا شك سوف يصنع تراكمات من هذه المواقف الطيبة حتما ستنفع فيما بعد.
9- " قبول التدرج "
فإذا ما رأيت انحساراً في حجم تلك المخالفات فرحب بذلك، واقبله، وشجع عليه. أقول ذلك لأن بعض الشباب الملتزم لا يقبل إلا أن يستأصل شأفة المخالفات بين عشية وضحاها فإذا انحسرت كماً وكيفاً إلى حد ما لم يقبل واستمر في إنكاره بنفس الصورة وكأن هذا التحسن النسبي ليس له قيمة أو وزناً، بل يحسن أيها الحبيب أن تثني عليهم وتشجعهم وتحفزهم للمزيد.