منتدي الا رسول الله

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدي اسلامي


+3
leena.m
أحمد العجمي
اسير الخطايا
7 مشترك

    المريضة التي عالجتني

    اسير الخطايا
    اسير الخطايا
    عضو نشيط جدا
    عضو نشيط جدا


    ذكر عدد الرسائل : 297
    العمر : 44
    البلد : مصر
    الهوايات المفضلة : النت
    nbsp : المريضة التي عالجتني 15781611
    درجات الاجاده : 0
    نقاط : 61560

    المريضة التي عالجتني Empty المريضة التي عالجتني

    مُساهمة من طرف اسير الخطايا 11/1/2008, 1:22 pm

    المريضة التي عالجتني..!




    كانت تدهشني نظراتها الدافئة من خلف قناع الأكسجين، كلها اطمئنان، لا أذكر
    أنني سمعتها تتألّم بصوتٍ مرتفع، كل ما أتذكّرهُ من صورتها كيف كانت تربتُ على
    يدي بحنو كلما أحسَّتْ فيها اضطراباً وأنا أحاول تعديل أي من الأنابيب الداخلة
    والخارجة من جسمها، وكيف كانت تتحامَل على نفسها لتذهب للمتَوَضَّأ مرتكزَةً
    على الإطار الحامل ذي العجلات، طالبةً منّي أن أساعدها في سحب قاعدة المغذّي
    في الممَرّ، ولا تطمئن إلا إذا تأكّدت من أدائنا الصلاة.

    كان يزدادُ تعجّبي عندما أراها تذكّرني وتذكّر زميلاتي بإغلاق الستائر على
    المريضات الأخريات عند مرور الفريق الطبي في جولتهِ الصباحية على المرضى، لا
    أنسى كيف كانت تحرص على أن تكون مستيقظة قبل الجولة الصباحية للأطباء حتى
    تتمكّن من سترِ نفسها جيداً.

    ما أحضر لها الزوّار شيئاً ولا أهدوها أمراً؛ إلا وأشركت فيه جميع العاملين في
    الجناح، كانت تتلطّف معنا في العبارة مهما أخطأنا أو أتينا بما لا يسرّ، أكره
    ما كانت تكره أن نفتح التلفاز في الجناح، وكانت تخفض صوت إذاعة القرآن حتى لا
    تُزعج من حولها من مريضات نائمات.

    نما شعورٌ غريبٌ في قلبي تجاهها، أحسستُ نحوها بالحبّ، وجهٌ يشعّ منه الصدق،
    وقلبٌ يسع الكل، ولسانٌ لم أسمع منه إلا ذكر الرب، كلما هممتُ بأمر تذكّرتُ
    ابتسامتها الحانية وهي تذكّرني بالبسملة قبل أن آخذ منها العيّنة، وكلما مررتُ
    بذلك الباب، باب حجرتها، تذكّرت ذلك المشهد الأخير، في يوم العملية الجراحية
    التي كانت مقرّرة لها.

    كانت على السرير، وكنّا نقطع الجناح، ونعبر الممرّ، لنذهب إلى المصعد، حتى
    ننزل لغرفة العمليات، كانت تشد يدي، وتسألني بالله أن أتأكّد أن كل جسمها
    مغطىً ولا يظهر منها شيء، كانت تردّد: "اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي".

    كان هذا آخر عهدي بها، بعدها لم تعد إلى الجناح، أظلمت الدنيا في عيني، وكأنّ
    قطعةً من جسدي فُصِلَت، وكأن ألف لترِ دمٍ من طُحالي ونخاع عظمي سُحِب. جاء
    ابنها في الغد ليأخذ متعلّقات والدته من حجرتها، علاماتُ الحزن عليه ظاهرة،
    ساعدناهُ في جمع متعلّقاتها، ومازالت آياتُ الفجيعة عليّ بادية، انكفأتُ باكية
    وأنا أضع في الحقيبةِ مذياعها الطيب.

    ولمّا كان من الغد، عادَ ابنها من جديد، وخلفهُ مرافق، يحملون كراتين كثيرة،
    وأكياس، يضعها أمامنا في قاعدة التمريض، يقول: هذه لكم، من الوالدة، قبل أيام
    أوصت أن نجهّزها لكم لتعطيكم إياها، وهاهي قد ماتت رحمها الله، وأمانتها لكم
    قد وصلت.

    كانت هدايا رائعة، تحف صغيرة راقية، مع رسالة رقيقة مذيّلة باسمها تشكرنا فيها
    على حُسن عنايتنا بها وبالمرضى، ومعها كتيبات وأشرطة دعوية باللغة العربية
    وأخرى بلغات زميلاتي.

    على الرغم من امتلاء جناحنا بهذه الكتب والأشرطة والمجلات الإسلامية، التي
    يحضرها مرضانا للأجنحة والعيادات؛ إلا أننا لم نسمعها، ولا أدري ما الذي جذبنا
    لنسمع هذه بالذات، ونقرأ تلك بالتحديد، ربما احتراماً لهذه المرأة الحديدية،
    التي تغلّبَت على آلامها، و حافظت رغم قسوة ظروفها الصحية على فروض دينها، و
    أطفأت تعبنا وعملنا الشاق بابتسامة حانية ومعاملةٍ حسنةٍ طيبة.

    أحببتُ الاستقامة من خلالها، أحببتُ البشاشة في تعاملها، أحببتُ صبرها
    وثباتها، أحببتُ سترها وعفافها، أعترف، كنتُ لا أحرص على حجابي، وكنتُ أتباسط
    كثيراً في حديثي مع بعض الزملاء، كنتُ أجمع الصلوات وأؤخّرها، وأحياناً كثيرة
    أغضب ممن ينصحني وألقي ما يعطيني من شريطٍ أو كتاب.

    كنتُ أستحي من نفسي أمامها، وأخجل من ضآلتي أمام صبرها والتزامها، في أسابيع
    مُكثها معنا تحوّلت همّتي إلى همّةٍ أخرى، إلى عزيمةٍ وعمل، كنتُ أتمنّى أن
    أبشرها، وتفرح عينها بعودتي إلى الحق. لكن حين جاءني خبر توقّف قلبها؛ حلّقتُ
    في أفق الخشوع وقد شرَقْتُ بدمعتي، وتركتُ أوصالي يجول بها ارتعاد الخشيةِ،
    وبدأتُ أبكي مثل طفلٍ خائفٍ في الظلمةِ، كأنّي بها أمامي.....، وسكتَت
    محدّثتي.

    ما أعظم هذا الدين..!، حتى المريض وجد مكاناً له بين الدُعاة، نعم، المريض
    الداعية، بابتسامته، ببشاشته، بصبره، وتحمّله، بتذكيره، ووعظه، كل السلف
    وأفراد الأمّة الصالحين الأُوَل كانوا دعاةً في المرض، وعلى فراش الموت.



    أحمد العجمي
    أحمد العجمي
    عضو علي درجه مشرف
    عضو علي درجه مشرف


    ذكر عدد الرسائل : 598
    العمر : 38
    البلد :
    الهوايات المفضلة : programming
    nbsp : المريضة التي عالجتني 15781611
    درجات الاجاده : 0
    نقاط : 61500

    المريضة التي عالجتني Empty رد: المريضة التي عالجتني

    مُساهمة من طرف أحمد العجمي 11/1/2008, 1:43 pm

    جزاك الله خيرا , قصة رائعة جدا , سبحان الله خافت علي حدود الله وسترت نفسها كي لايراها سبحانك ربي.
    المريضة التي عالجتني (20)
    المريضة التي عالجتني (9)
    المريضة التي عالجتني (50)
    avatar
    leena.m
    عضو نشيط جدا
    عضو نشيط جدا


    انثى عدد الرسائل : 280
    العمر : 40
    البلد : الاردن
    الهوايات المفضلة : المطالعة
    بلد العضو : المريضة التي عالجتني Iraqflsmnwmxm4
    nbsp : المريضة التي عالجتني 15781611
    درجات الاجاده : 0
    نقاط : 61700

    المريضة التي عالجتني Empty رد: المريضة التي عالجتني

    مُساهمة من طرف leena.m 11/1/2008, 7:55 pm

    لا يعرف الانسان من اين يأتيه الهدى , فربما اتته الرحمة والقبول على يد شخص ضعيف مريض مثل هذه المرأة , رغم مرضها الا انها استطاعت أن تدعو لدين الله وان تنشر فكرة أو أفكار عندها بواسطة أخلاقها وحسن تصرفها وجمال روحها , وعدم اليأس وعدم القنوط , فالعمر محدود لا الغضب من المرض يطيله ولا الهروب من الواقع يقصره إنما الايمان بالله يؤدي الى طرح البركة بالعمر , بأعمال الشخص وأقواله والتي يكون من خلالها كانه عاش مئة عام أو أكثر , وهذا المقصود بالبركة ,
    الله يجزيك الخير أخي اسير الخطايا والله يغفرلك ويعفو عن كل خطاياك وخطايانا , اللهم أمين
    khaled1985
    khaled1985
    عضو نشيط جدا
    عضو نشيط جدا


    ذكر عدد الرسائل : 156
    البلد : مصر
    nbsp : المريضة التي عالجتني 15781611
    درجات الاجاده : 0
    نقاط : 61873

    المريضة التي عالجتني Empty رد: المريضة التي عالجتني

    مُساهمة من طرف khaled1985 11/1/2008, 8:55 pm

    جزاك الله خيرا على هذه القصة الرائعة وبارك الله فيك
    avatar
    هانى حسنى
    عضو نشيط
    عضو نشيط


    ذكر عدد الرسائل : 80
    العمر : 45
    البلد : مصر
    الهوايات المفضلة : القرائة والنت
    nbsp : المريضة التي عالجتني 15781611
    درجات الاجاده : 0
    نقاط : 62420

    المريضة التي عالجتني Empty رد: المريضة التي عالجتني

    مُساهمة من طرف هانى حسنى 15/1/2008, 1:41 pm

    جزاك الله خيرا على هذه القصة الرااااااااااااااااااااائعة جدا
    قصة يقرئها الانسان بدموعة لا بعينية فقط سبحان الله هذه هى الدعوة الى الله دون ان تتحدث وهو ما فعلتة المريضة الداعية وهى لاتشعر فعلها كان دعوة اخلاقها وسلوكها وكلامها رحمها الله وادخلنا واياها الجنة
    اسير الخطايا
    اسير الخطايا
    عضو نشيط جدا
    عضو نشيط جدا


    ذكر عدد الرسائل : 297
    العمر : 44
    البلد : مصر
    الهوايات المفضلة : النت
    nbsp : المريضة التي عالجتني 15781611
    درجات الاجاده : 0
    نقاط : 61560

    المريضة التي عالجتني Empty رد: المريضة التي عالجتني

    مُساهمة من طرف اسير الخطايا 15/1/2008, 4:30 pm


    يسرني ان القصة أفادتكم
    بورك فيكم اخواني جميعا
    احب الله
    احب الله
    عضو علي درجه مشرف
    عضو علي درجه مشرف


    انثى عدد الرسائل : 339
    العمر : 51
    البلد : مصر
    الهوايات المفضلة : ربى يتقبل
    nbsp : المريضة التي عالجتني 15781611
    درجات الاجاده : 3
    نقاط : 62003

    المريضة التي عالجتني Empty رد: المريضة التي عالجتني

    مُساهمة من طرف احب الله 16/1/2008, 7:09 am

    بسم الله الرحمن الرحيم

    بارك الله فيك اخى الكريم

    وكما قلنا من قبل كل انسان يجب ان يكون داعية بسلوكه وفى موقع

    وقلنا ان عمل رجل فى الف رجل خير من قول الف رجل فى رجل
    تائبه لله
    تائبه لله
    عضو علي درجه مشرف
    عضو علي درجه مشرف


    انثى عدد الرسائل : 526
    العمر : 43
    nbsp : المريضة التي عالجتني 15781611
    درجات الاجاده : 0
    نقاط : 62150

    المريضة التي عالجتني Empty رد: المريضة التي عالجتني

    مُساهمة من طرف تائبه لله 16/1/2008, 7:21 pm

    قصة رائعة تشير الى حسن الخاتمة..اللهم احسن ختامتنا جمعيا

    جزيت خيرا اخى اسير وجعلها فى ميزان حسناتك

    تقبل مرورى

      الوقت/التاريخ الآن هو 6/11/2024, 12:39 am