إنّ للكون رباً وسيداً، وخالقاً ومدبراً (لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، ولا غالب لأمره)، الأمر كله بيده كما قال: ((قل إن الأمر كله لله))((بيده ملكوت كل شيء))((ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين))، والمؤمن بهذا حقاً عجباً لأمره.
نواصي العباد والخلائق كلها بيده ((وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين))، والمؤمن بهذا عجباً لأمره.
الأمور تسير وفق ما قدره وأراده، لا يتخلف من ذلك شيء كما قال: ((إنا كل شيء خلقناه بقدر))((ذلك تقدير العزيز العليم))((إنما أمرنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون))، والمؤمن بهذا عجباً لأمره.
من رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبياً عجباً لأمره.
روى الإمام مسلم في صحيحه قوله - صلى الله عليه وسلم -: (عجباً لأمر المؤمن إنّ أمره كله له خير؛ وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له).
إنّ هذا الحديث يشفي صدور المؤمنين، ويذهب الحزن عنهم؛ ذلك لأنه يسلي المؤمن، ويبيِّن له أنه الكاسب في الحالتين: في السراء والضراء، وفي الفرح والحزن، وفي حالة السلم والحرب، وفي الغنى والفقر، والصحة والمرض، وفي أحواله كلها.
ففي حال العسر يرضى بما قدره له ربه اللطيف الخبير, فعندما يصيبه أمراً يكرهه يعلم أنّ ما أصابه لمن يكن ليخطئه, وعندما يفوته متاع من الدنيا يتذكر أنّ ما أخطأه لم يكن ليصبه؛ فينجلي - بهذا الإيمان - الحزن، ويذهب الهم، ويسعد القلب، ويزداد أجراً بإيمانه بالأقدار، ويحقق أمر الله ((لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم))(آل عمران 153)، وفي هذه الحال يقوم مقام الصبر محتسباً متذكراً أنّ الله - عز وجل - أراد اختباره؛ ليكفر عنه من سيئاته، ويرفع درجاته.
وفي الرخاء لا يبطر، ولا يقول كما قال الأول: ((إنما أوتيته على علم عندي))، بل يقول كما قال الصالحون: ((هذا من فضل ربي)), ويتذكر أن المنع والعطاء للامتحان حتى يتبين الصادقين من الكاذبين، والشاكرين من المتكبرين كما قال المولى - جل وعلا -: ((ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون)) قال ابن كثير - رحمه الله تعالى -: "وقوله: ((ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون))[الأنبياء:53] أي نختبركم بالمصائب تارة وبالنعم أخرى، فننظر من يشكر ومن يكفر، ومن يصبر ومن يقنط، كما قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس - رضي الله عنه -: (( ونبلوكم )) يقول: نبتليكم (( بالشر والخير فتنة))(الأنبياء:53) بالشدة والرخاء، والصحة والسقم، والغنى والفقر، والحلال والحرام، والطاعة والمعصية، والهدى والضلال، وقوله: ((وإلينا ترجعون)) أي فنجازيكم بأعمالكم".
والمؤمن في حال الحرب - وقبلها - يعد نفسه للجهاد في سبيل الله معنوياً وبدنياً، وينفق من أمواله، ويجاهد بوقته وفكره، ولسانه وقلمه.
وفي حال السلم - وكذلك في أحواله كلها - يلتف حول العلماء العاملين المصلحين، يسأل عن ما يجب عليه عمله، وكيف يتعامل مع إخوانه، وكيف يتعامل مع أعدائه امتثالاً لأمر الله: ((وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم)) فيجد ما يشفي غليله، ويُذهب همه، وما يشغله، فتطيب - حينئذٍ - نفسه، ويتذكر قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في شأن المؤمن: (إنّ أمره كله له خير).
ومن عجيب أمر المؤمن أنه لا يحزن ولا يأسى على ما مضى؛ وكذلك لا يخاف مما هو مقبل خوفاً يشتت فكره، ويصيبه بالهموم والغموم، فيستسلم بين الخوف والحزن، فيقعد عن العمل، فقد كان من دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن)، فالحزن على ما مضى، والهم سببه الخوف مما هو آت.
إنّ التسليم بالخيرية في أمر المؤمن لا يعني ترك الأخذ بالأسباب دفعاً للمضار، وجلباً للمصالح؛ بل يأخذ بها ولكنه لا يعتمد عليها بل يتوكل على العليم القدير.
ومن أعجب الخير الذي أصاب المؤمن، والذي يستلزم الشكر الدائم، والحمد والثناء على المنعم؛ أنه فطره مسلماً نعمة منه وفضلاً: ((ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم))، وتمام شكر هذه النعمة أن نثق بمولانا، وأن نعتز بديننا فهو الدين الحق(إن الدين عند الله الإسلام))، ونبينا - صلى الله عليه وسلم - خاتم المرسلين: ((ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن خاتم النبيين))، والقرآن خاتمة الكتب المنزلة من رب العالمين كما قال مولانا: ((وأنزلنا عليك الكتاب مصدقاً لما بين يديه ومهيمناً عليه))، وأنّ دين الإسلام هو الدين الذي تولى الله - عز وجل - حفظه ونصره كما قال الملك الحق: ((هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون)).
كيف لا نعتز بديننا وكل من لم يؤمن به ممن سمع به من المخلدين في النار كما قال الله رب العالمين: ((ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين))، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار)(رواه مسلم).
إنا أسلمنا لربنا!! كيف لا وقد ((أسلم له ما في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً))، وهذا الإسلام استسلام لشرعنا ظاهراً وباطناً، عقيدة وشريعة، وحكماً وتحاكماً، له نعيش، ومن أجله نجاهد، وفي سبيله نموت، ونحن في ذلك كله نستشعر قول نبينا - عليه الصلاة والسلام -: (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير).
ومن عجيب حال المؤمن في الضراء أنه وقبل وقوع المكروه يكون متوقعاً حدوثه - ليس تشاؤماً - ولكن ليوطن نفسه، ولأنه يؤمن بقول الله - تعالى-: ((لقد خلقنا الإنسان في كبد))، ولأنه يعلم أن الدنيا دار أكدار لا تصفو على الدوام.
فهذه تسلية للنفس قبل وقوع المكروه، فإذا وقع تسلى بالإيمان بالقدر، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ثم يتضرع لسيده ومولاه أن يخفف عنه ما أصابه، وأن يُذهب عنه ما يجد.
إن العبد المؤمن في هذه الحياة يجب أن يتذكر أنه لا يعيش لنفسه؛ بل يعيش لنفسه ولغيره، فلنفسه بالتزكية وفعل الخيرات للفوز بالجنة والنجاة من النار، ويعيش لغيره لنفس الهدف لأن قدوته في ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن كان هذا حاله فليستعد للاختبار والابتلاء والتمحيص بصدر منشرح، وبقلب واثق من ربه، مستعيناً بسيده، متذكراً قول الله - جل وعلا -: ((ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم)).
فشعار المؤمن في الضراء الصبر، وفي حال السراء الشكر, وإن لم نقم هذين المقامين في الحالتين فلنتفقد إيماننا، ولننظر حالنا، ونسأل مولانا أن يتولانا.
أسأل الله العظيم أن يثبتنا على الإسلام، وأن يحيينا سعداء، ويميتنا شهداء، وأن يدخلنا الجنة مع الأبرار.
نواصي العباد والخلائق كلها بيده ((وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين))، والمؤمن بهذا عجباً لأمره.
الأمور تسير وفق ما قدره وأراده، لا يتخلف من ذلك شيء كما قال: ((إنا كل شيء خلقناه بقدر))((ذلك تقدير العزيز العليم))((إنما أمرنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون))، والمؤمن بهذا عجباً لأمره.
من رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبياً عجباً لأمره.
روى الإمام مسلم في صحيحه قوله - صلى الله عليه وسلم -: (عجباً لأمر المؤمن إنّ أمره كله له خير؛ وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له).
إنّ هذا الحديث يشفي صدور المؤمنين، ويذهب الحزن عنهم؛ ذلك لأنه يسلي المؤمن، ويبيِّن له أنه الكاسب في الحالتين: في السراء والضراء، وفي الفرح والحزن، وفي حالة السلم والحرب، وفي الغنى والفقر، والصحة والمرض، وفي أحواله كلها.
ففي حال العسر يرضى بما قدره له ربه اللطيف الخبير, فعندما يصيبه أمراً يكرهه يعلم أنّ ما أصابه لمن يكن ليخطئه, وعندما يفوته متاع من الدنيا يتذكر أنّ ما أخطأه لم يكن ليصبه؛ فينجلي - بهذا الإيمان - الحزن، ويذهب الهم، ويسعد القلب، ويزداد أجراً بإيمانه بالأقدار، ويحقق أمر الله ((لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم))(آل عمران 153)، وفي هذه الحال يقوم مقام الصبر محتسباً متذكراً أنّ الله - عز وجل - أراد اختباره؛ ليكفر عنه من سيئاته، ويرفع درجاته.
وفي الرخاء لا يبطر، ولا يقول كما قال الأول: ((إنما أوتيته على علم عندي))، بل يقول كما قال الصالحون: ((هذا من فضل ربي)), ويتذكر أن المنع والعطاء للامتحان حتى يتبين الصادقين من الكاذبين، والشاكرين من المتكبرين كما قال المولى - جل وعلا -: ((ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون)) قال ابن كثير - رحمه الله تعالى -: "وقوله: ((ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون))[الأنبياء:53] أي نختبركم بالمصائب تارة وبالنعم أخرى، فننظر من يشكر ومن يكفر، ومن يصبر ومن يقنط، كما قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس - رضي الله عنه -: (( ونبلوكم )) يقول: نبتليكم (( بالشر والخير فتنة))(الأنبياء:53) بالشدة والرخاء، والصحة والسقم، والغنى والفقر، والحلال والحرام، والطاعة والمعصية، والهدى والضلال، وقوله: ((وإلينا ترجعون)) أي فنجازيكم بأعمالكم".
والمؤمن في حال الحرب - وقبلها - يعد نفسه للجهاد في سبيل الله معنوياً وبدنياً، وينفق من أمواله، ويجاهد بوقته وفكره، ولسانه وقلمه.
وفي حال السلم - وكذلك في أحواله كلها - يلتف حول العلماء العاملين المصلحين، يسأل عن ما يجب عليه عمله، وكيف يتعامل مع إخوانه، وكيف يتعامل مع أعدائه امتثالاً لأمر الله: ((وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم)) فيجد ما يشفي غليله، ويُذهب همه، وما يشغله، فتطيب - حينئذٍ - نفسه، ويتذكر قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في شأن المؤمن: (إنّ أمره كله له خير).
ومن عجيب أمر المؤمن أنه لا يحزن ولا يأسى على ما مضى؛ وكذلك لا يخاف مما هو مقبل خوفاً يشتت فكره، ويصيبه بالهموم والغموم، فيستسلم بين الخوف والحزن، فيقعد عن العمل، فقد كان من دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن)، فالحزن على ما مضى، والهم سببه الخوف مما هو آت.
إنّ التسليم بالخيرية في أمر المؤمن لا يعني ترك الأخذ بالأسباب دفعاً للمضار، وجلباً للمصالح؛ بل يأخذ بها ولكنه لا يعتمد عليها بل يتوكل على العليم القدير.
ومن أعجب الخير الذي أصاب المؤمن، والذي يستلزم الشكر الدائم، والحمد والثناء على المنعم؛ أنه فطره مسلماً نعمة منه وفضلاً: ((ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم))، وتمام شكر هذه النعمة أن نثق بمولانا، وأن نعتز بديننا فهو الدين الحق(إن الدين عند الله الإسلام))، ونبينا - صلى الله عليه وسلم - خاتم المرسلين: ((ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن خاتم النبيين))، والقرآن خاتمة الكتب المنزلة من رب العالمين كما قال مولانا: ((وأنزلنا عليك الكتاب مصدقاً لما بين يديه ومهيمناً عليه))، وأنّ دين الإسلام هو الدين الذي تولى الله - عز وجل - حفظه ونصره كما قال الملك الحق: ((هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون)).
كيف لا نعتز بديننا وكل من لم يؤمن به ممن سمع به من المخلدين في النار كما قال الله رب العالمين: ((ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين))، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار)(رواه مسلم).
إنا أسلمنا لربنا!! كيف لا وقد ((أسلم له ما في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً))، وهذا الإسلام استسلام لشرعنا ظاهراً وباطناً، عقيدة وشريعة، وحكماً وتحاكماً، له نعيش، ومن أجله نجاهد، وفي سبيله نموت، ونحن في ذلك كله نستشعر قول نبينا - عليه الصلاة والسلام -: (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير).
ومن عجيب حال المؤمن في الضراء أنه وقبل وقوع المكروه يكون متوقعاً حدوثه - ليس تشاؤماً - ولكن ليوطن نفسه، ولأنه يؤمن بقول الله - تعالى-: ((لقد خلقنا الإنسان في كبد))، ولأنه يعلم أن الدنيا دار أكدار لا تصفو على الدوام.
فهذه تسلية للنفس قبل وقوع المكروه، فإذا وقع تسلى بالإيمان بالقدر، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ثم يتضرع لسيده ومولاه أن يخفف عنه ما أصابه، وأن يُذهب عنه ما يجد.
إن العبد المؤمن في هذه الحياة يجب أن يتذكر أنه لا يعيش لنفسه؛ بل يعيش لنفسه ولغيره، فلنفسه بالتزكية وفعل الخيرات للفوز بالجنة والنجاة من النار، ويعيش لغيره لنفس الهدف لأن قدوته في ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن كان هذا حاله فليستعد للاختبار والابتلاء والتمحيص بصدر منشرح، وبقلب واثق من ربه، مستعيناً بسيده، متذكراً قول الله - جل وعلا -: ((ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم)).
فشعار المؤمن في الضراء الصبر، وفي حال السراء الشكر, وإن لم نقم هذين المقامين في الحالتين فلنتفقد إيماننا، ولننظر حالنا، ونسأل مولانا أن يتولانا.
أسأل الله العظيم أن يثبتنا على الإسلام، وأن يحيينا سعداء، ويميتنا شهداء، وأن يدخلنا الجنة مع الأبرار.