الجليس الصالح والجليس السوء
عن أبي موسى الأشعري-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: (مثل الجليس الصالح والسوء: كحامل المسك، ونافخ الكِير، فحامل المسك: إما أن يَحْذِيَك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة) متفق عليه.
اشتمل هذا الحديث على الحث على اختيار الأصحاب الصالحين، والتحذير من ضدهم.
ومثَّل النبي-صلى الله عليه وسلم- بهذين المثالين، مبينًا أن الجليس الصالح: جميع أحوالك معه وأنت في مَغْنَم وخير، كحامل المسك الذي تنتفع بما معه من المسك: إما بهبة، أو بعوض، وأقل ذلك: مدة جلوسك معه، وأنت قرير النفس برائحة المسك.
فالخير الذي يصيبه العبد من جليسه الصالح أبلغ وأفضل من المسك الأذفر، فإنه إما أن يعلِّمك ما ينفعك في دينك ودنياك، أو يُهْدِي لك نصيحة، أو يحذِّرك من الإقامة على ما يضرك، فيحثك على طاعة الله، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، ويبصِّرك بعيوب نفسك، ويدعوك إلى مكارم الأخلاق ومحاسنها، بقوله وفعله وحاله.
فإن الإنسان مجبول على الاقتداء بصاحبه وجليسه، والطباع والأرواح جنود مجندة، يقود بعضها بعضًا إلى الخير، أو إلى ضده.
وأقل ما تستفيده من الجليس الصالح – وهي فائدة لا يستهان بها – أن تكفَّ بسببه عن السيئات والمعاصي، رعايةً للصحبة، ومنافسةً في الخير، وترفعًا عن الشر، وأن يحفظك في حضرتك ومغيبك، وأن تنفعك محبته ودعاؤه في حال حياتك وبعد مماتك، وأن يدافع عنك بسبب اتصاله بك، ومحبته لك.
وتلك أمور لا تباشر أنت مدافعتها، كما أنه قد يصلك بأشخاص وأعمال ينفعك اتصالك بهم.
وفوائد الأصحاب الصالحين لا تعد ولا تحصى. وحسب المرء أن يعتبر بقرينه، وأن يكون على دين خليله.
وأما مصاحبة الأشرار: فإنها بضد جميع ما ذكرنا. وهم مضرةٌ من جميع الوجوه على من صاحبهم، وشرٌ على من خالطهم. فكم هلك بسببهم أقوام. وكم قادوا أصحابهم إلى المهالك من حيث يشعرون ومن حيث لا يشعرون.
ولهذا كان من أعظم نعم الله على العبد المؤمن، أن يوفِّقه لصحبة الأخيار. ومن عقوبته لعبده، أن يبتليه بصحبة الأشرار.
صحبة الأخيار توصل العبد إلى أعلى عليين، وصحبة الأشرار توصله إلى أسفل سافلين.
صحبة الأخيار توجب له العلوم النافعة، والأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة، وصحبة الأشرار: تحرمه ذلك أجمع: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا*يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولًا}[الفرقان: 27-29].
المرجع: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
للشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي-رحمه الله-
عن أبي موسى الأشعري-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: (مثل الجليس الصالح والسوء: كحامل المسك، ونافخ الكِير، فحامل المسك: إما أن يَحْذِيَك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة) متفق عليه.
اشتمل هذا الحديث على الحث على اختيار الأصحاب الصالحين، والتحذير من ضدهم.
ومثَّل النبي-صلى الله عليه وسلم- بهذين المثالين، مبينًا أن الجليس الصالح: جميع أحوالك معه وأنت في مَغْنَم وخير، كحامل المسك الذي تنتفع بما معه من المسك: إما بهبة، أو بعوض، وأقل ذلك: مدة جلوسك معه، وأنت قرير النفس برائحة المسك.
فالخير الذي يصيبه العبد من جليسه الصالح أبلغ وأفضل من المسك الأذفر، فإنه إما أن يعلِّمك ما ينفعك في دينك ودنياك، أو يُهْدِي لك نصيحة، أو يحذِّرك من الإقامة على ما يضرك، فيحثك على طاعة الله، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، ويبصِّرك بعيوب نفسك، ويدعوك إلى مكارم الأخلاق ومحاسنها، بقوله وفعله وحاله.
فإن الإنسان مجبول على الاقتداء بصاحبه وجليسه، والطباع والأرواح جنود مجندة، يقود بعضها بعضًا إلى الخير، أو إلى ضده.
وأقل ما تستفيده من الجليس الصالح – وهي فائدة لا يستهان بها – أن تكفَّ بسببه عن السيئات والمعاصي، رعايةً للصحبة، ومنافسةً في الخير، وترفعًا عن الشر، وأن يحفظك في حضرتك ومغيبك، وأن تنفعك محبته ودعاؤه في حال حياتك وبعد مماتك، وأن يدافع عنك بسبب اتصاله بك، ومحبته لك.
وتلك أمور لا تباشر أنت مدافعتها، كما أنه قد يصلك بأشخاص وأعمال ينفعك اتصالك بهم.
وفوائد الأصحاب الصالحين لا تعد ولا تحصى. وحسب المرء أن يعتبر بقرينه، وأن يكون على دين خليله.
وأما مصاحبة الأشرار: فإنها بضد جميع ما ذكرنا. وهم مضرةٌ من جميع الوجوه على من صاحبهم، وشرٌ على من خالطهم. فكم هلك بسببهم أقوام. وكم قادوا أصحابهم إلى المهالك من حيث يشعرون ومن حيث لا يشعرون.
ولهذا كان من أعظم نعم الله على العبد المؤمن، أن يوفِّقه لصحبة الأخيار. ومن عقوبته لعبده، أن يبتليه بصحبة الأشرار.
صحبة الأخيار توصل العبد إلى أعلى عليين، وصحبة الأشرار توصله إلى أسفل سافلين.
صحبة الأخيار توجب له العلوم النافعة، والأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة، وصحبة الأشرار: تحرمه ذلك أجمع: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا*يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولًا}[الفرقان: 27-29].
المرجع: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
للشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي-رحمه الله-