من طرف *manal 28/3/2008, 3:41 am
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قوله : ( خلق الله الخلق فلما فرغ منه )
أي قضاه وأتمه .
قوله : ( قامت الرحم )
يحتمل أن يكون على الحقيقة , والأعراض يجوز أن تتجسد وتتكلم بإذن الله , ويجوز أن يكون على حذف أي قام ملك فتكلم على لسانها , ويحتمل أن يكون ذلك على طريق ضرب المثل والاستعارة والمراد تعظيم شأنها وفضل واصلها وإثم قاطعها .
قوله : ( فأخذت )
كذا للأكثر بحذف مفعول أخذت , وفي رواية ابن السكن " فأخذت بحقو الرحمن " وفي رواية الطبري " بحقوي الرحمن " بالتثنية , قال القابسي أبى أبو زيد المروزي أن يقرأ لنا هذا الحرف لإشكاله , ومشى بعض الشراح على الحذف فقال : أخذت بقائمة من قوائم العرش , وقال عياض : الحقو معقد الإزار , وهو الموضع الذي يستجار به ويحتزم به على عادة العرب , لأنه من أحق ما يحامى عنه ويدفع , كما قالوا نمنعه مما نمنع منه أزرنا , فاستعير ذلك مجازا للرحم في استعاذتها بالله من القطيعة انتهى . . وقد يطلق الحقو على الإزار نفسه كما في حديث أم عطية " فأعطاها حقوه فقال : أشعرنها إياه " يعني إزاره وهو المراد هنا , وهو الذي جرت العادة بالتمسك به عند الإلحاح في الاستجارة والطلب , والمعنى على هذا صحيح مع اعتقاد تنزيه الله عن الجارحة . قال الطيبي : هذا القول مبني على الاستعارة التمثيلية كأنه شبه حالة الرحم وما هي عليه من الافتقار إلى الصلة والذب عنها بحال مستجير يأخذ بحقو المستجار به , ثم أسند على سبيل الاستعارة التخييلية ما هو لازم للمشبه به من القيام فيكون قرينة مانعة من إرادة الحقيقة , ثم رشحت الاستعارة بالقول والأخذ وبلفظ الحقو فهو استعارة أخرى , والتثنية فيه للتأكيد لأن الأخذ باليدين آكد في الاستجارة من الأخذ بيد واحدة .
قوله : ( فقال له مه )
هو اسم فعل معناه الزجر أي اكفف . وقال ابن , مالك : هي هنا " ما " الاستفهامية حذفت ألفها ووقف عليها بهاء السكت , والشائع أن لا يفعل ذلك إلا وهي مجرورة , لكن قد سمع مثل ذلك فجاء عن أبي ذؤيب الهذلي قال : قدمت المدينة ولأهلها ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج , فقلت مه ؟ فقالوا . قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قوله في الإسناد ( حدثنا سليمان )
هو ابن بلال .
قوله : ( هذا مقام العائذ بك من القطيعة )
هذه الإشارة إلى المقام أي قيامي في هذا مقام العائذ بك , وسيأتي مزيد بيان لما يتعلق بقطيعة الرحم في أوائل كتاب الأدب إن شاء الله تعالى . ووقع في رواية الطبري " هذا مقام عائذ من القطيعة " والعائذ المستعيذ , وهو المعتصم بالشيء المستجير به .
قوله : ( قال أبو هريرة : اقرءوا إن شئتم : فهل عسيتم )
هذا ظاهره أن الاستشهاد موقوف , وسيأتي بيان من رفعه وكذا في رواية الطبري من طريق سعيد بن أبي مريم عن سليمان بن بلال ومحمد بن جعفر بن أبي كثير .
قوله : ( حدثنا حاتم )
هو ابن إسماعيل الكوفي نزيل المدينة , ومعاوية هو ابن أبي مزرد المذكور في الذي قبله وبعده .
قوله : ( بهذا )
يعني الحديث الذي قبله , وقد أخرجه الإسماعيلي من طريقين عن حاتم بن إسماعيل بلفظ " فلما فرغ منه قامت الرحم فقالت : هذا مقام العائذ " ولم يذكر الزيادة . وزاد بعد قوله قالت بلى يا رب " قال فذلك لك " .
قوله : ( ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرءوا إن شئتم )
حاصله أن الذي وقفه سليمان بن بلال على أبي هريرة رفعه حاتم بن إسماعيل , وكذا وقع في رواية الإسماعيلي المذكورة .
قوله ( أخبرنا عبد الله )
هو ابن المبارك
قوله ( بهذا )
أي بهذا الإسناد والمتن , ووافق حاتما على رفع هذا الكلام الأخير , وكذا أخرجه الإسماعيلي من طريق حبان بن موسى عن عبد الله بن المبارك .
( تنبيه ) :
اختلف في تأويل قوله : ( إن توليتم ) فالأكثر على أنها من الولاية والمعنى إن وليتم الحكم , وقيل بمعنى الإعراض , والمعنى لعلكم إن أعرضتم عن قبول الحكم أن يقع منكم ما ذكر , والأول أشهر , ويشهد له ما أخرج الطبري في تهذيبه من حديث عبد الله بن مغفل قال " سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض ) قال هم هذا الحي من قريش , أخذ الله عليهم إن ولوا الناس أن لا يفسدوا في الأرض ولا يقطعوا أرحامهم " .