السؤال :هل تتغير كفارة اليمين بتغير الأسعار ارتفاعاً وانخفاضاً؟
يجيب عن هذا السؤال فضيلة الدكتور عبداللطيف محمد عامر استاذ الشريعة بكلية الحقوق بجامعة الزقازيق يقول: تقوم أحكام الشريعة الإسلامية علي أسس منضبطة ثابتة حتي يمكن تطبيقها في الأحوال المتطورة والعصور المتغيرة. ومن هذه الأحكام الشرعية حكم كفارة اليمين فقد جعل الله تعالي هذه الكفارة شيئاً من ثلاثة حددها قوله تعالي: "فكفارته اطعام عشرة مساكين من أوسط ماتطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة" فالإطعام مثلاً حكم ثابت منضبط كما أن عشرة مساكين عدد ثابت. ولكن المتغير هو قيمة هذا الإطعام ارتفاعاً وانخفاضاً تبعاً لارتفاع الأسعار وانخفاضها كما انه لا يقصد بالاطعام عملية التغذية بالفعل. ولكن يقصد به تمليك المساكين مايخرج لهم ودفعه حتي يتملكوه ولا يتصرفوا فيه فقد قال الله تعالي: "وهو يطعم ولا يطعم" وليس في ذلك اطعام بالمعني اللغوي بل هو التمليك. ولقد قال العلماء في كفارة اليمين بالإطعام أن التمكين من الطعام اطعام لقوله تعالي: "ويطعمون الطعام علي حبه مسكيناً ويقيماً وأسيراً" فبأي وسيلة تمكن هؤلاء من الطعام فهو بمثابة الإطعام.
أما تحديد قيمة الطعام فإن المبدأ الثابت في ذلك يتمثل في قوله تعالي: "عشرة مساكين من أوسط ماتطعمون أهليكم" والوسط هو المنزلة الوسطي بين السعة والشدة فقد روي عن ابن عباس قوله: كان الرجل يقوت أهله قوتاً فيه سعة. وكان الرجل يقوت أهله قوتاً فيه شدة فنزل قوله تعالي: "من أوسط ماتطعمون أهليكم" ومن هنا فإن الرجل إذا أراد أن يكفر عن يمينه بالإطعام فإنه يطعم عشرة مساكين وجبتين مما اعتاد علي اكله من الطعام دون إسراف ولا تقتير.
وإذا كان العلماء قد رووا عن علي رضي الله عنه انه لا يجزئ اطعام عشرة مساكين وجبة واحدة يعني غداء دون عشاء أو عشاء دون غداء بل هو يغذيهم ويعشيهم فقد جعلوا لكل من الوجبتين كيلاً معيناً من قمح أو شعير أو غير ذلك مما اعتاد الناس الاقتيات منه فإذا كان تحديد الكيل ثابتاً فإن قيمته متغيرة بتغير الأحوال والأسعار ارتفاعاً وانخفاضاً فما كان يقدر بعشرة قروش مثلاً منذ عشرة أعوام فقد صار الآن يقدر بجنيه أو اكثر. وفي فترات الرخاء يرتفع سعر النقود وتقل قيمة السلعة. وفي فترات التضخم يكون العكس حيث تنخفض قيمة النقود وترتفع قيمة السلع.
ويبقي المعيار الثابت هو الكيل الذي لا يتغير. ولكن الذي يتغير هو قيمة هذا المعيار والمعبر عنه بالنقود حتي تنضبط الأحكام وهذا لون من مرونة الأحكام الشرعية التي تمثل سماحة الإسلام.
والله أعلم
المصدر: جريدة " الجمهورية " المصرية .
يجيب عن هذا السؤال فضيلة الدكتور عبداللطيف محمد عامر استاذ الشريعة بكلية الحقوق بجامعة الزقازيق يقول: تقوم أحكام الشريعة الإسلامية علي أسس منضبطة ثابتة حتي يمكن تطبيقها في الأحوال المتطورة والعصور المتغيرة. ومن هذه الأحكام الشرعية حكم كفارة اليمين فقد جعل الله تعالي هذه الكفارة شيئاً من ثلاثة حددها قوله تعالي: "فكفارته اطعام عشرة مساكين من أوسط ماتطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة" فالإطعام مثلاً حكم ثابت منضبط كما أن عشرة مساكين عدد ثابت. ولكن المتغير هو قيمة هذا الإطعام ارتفاعاً وانخفاضاً تبعاً لارتفاع الأسعار وانخفاضها كما انه لا يقصد بالاطعام عملية التغذية بالفعل. ولكن يقصد به تمليك المساكين مايخرج لهم ودفعه حتي يتملكوه ولا يتصرفوا فيه فقد قال الله تعالي: "وهو يطعم ولا يطعم" وليس في ذلك اطعام بالمعني اللغوي بل هو التمليك. ولقد قال العلماء في كفارة اليمين بالإطعام أن التمكين من الطعام اطعام لقوله تعالي: "ويطعمون الطعام علي حبه مسكيناً ويقيماً وأسيراً" فبأي وسيلة تمكن هؤلاء من الطعام فهو بمثابة الإطعام.
أما تحديد قيمة الطعام فإن المبدأ الثابت في ذلك يتمثل في قوله تعالي: "عشرة مساكين من أوسط ماتطعمون أهليكم" والوسط هو المنزلة الوسطي بين السعة والشدة فقد روي عن ابن عباس قوله: كان الرجل يقوت أهله قوتاً فيه سعة. وكان الرجل يقوت أهله قوتاً فيه شدة فنزل قوله تعالي: "من أوسط ماتطعمون أهليكم" ومن هنا فإن الرجل إذا أراد أن يكفر عن يمينه بالإطعام فإنه يطعم عشرة مساكين وجبتين مما اعتاد علي اكله من الطعام دون إسراف ولا تقتير.
وإذا كان العلماء قد رووا عن علي رضي الله عنه انه لا يجزئ اطعام عشرة مساكين وجبة واحدة يعني غداء دون عشاء أو عشاء دون غداء بل هو يغذيهم ويعشيهم فقد جعلوا لكل من الوجبتين كيلاً معيناً من قمح أو شعير أو غير ذلك مما اعتاد الناس الاقتيات منه فإذا كان تحديد الكيل ثابتاً فإن قيمته متغيرة بتغير الأحوال والأسعار ارتفاعاً وانخفاضاً فما كان يقدر بعشرة قروش مثلاً منذ عشرة أعوام فقد صار الآن يقدر بجنيه أو اكثر. وفي فترات الرخاء يرتفع سعر النقود وتقل قيمة السلعة. وفي فترات التضخم يكون العكس حيث تنخفض قيمة النقود وترتفع قيمة السلع.
ويبقي المعيار الثابت هو الكيل الذي لا يتغير. ولكن الذي يتغير هو قيمة هذا المعيار والمعبر عنه بالنقود حتي تنضبط الأحكام وهذا لون من مرونة الأحكام الشرعية التي تمثل سماحة الإسلام.
والله أعلم
المصدر: جريدة " الجمهورية " المصرية .