رسالة إلى كل من يعمل للإسلام
العمل الإسلامي ليس نشاطاً وقتياً
إن العمل الإسلامي ليس نشاطاً من الأنشطة تمارسه في أوقات فراغك وتتركه ساعة شغلك، كلا! إن العمل الإسلامي أعظم وأجل من ذلك بكثير، وقضية انتمائك لهذا الدين أكبر من ذلك بكثير، فالإسلام ليس من الأنشطة، كالنشاط الثقافي أو الرياضي أو "الكشافة"، تمارسه وأنت طالب وتتركه حين تتخرج، أو تمارسه وأنت أعزب وتتركه بعد الزواج، أو تعطيه وقتك قبل الوظيفة فإذا ما صرت موظفاً أو افتتحت عيادة أو صيدلية أو مكتباً استشارياً أو شغلتك الدروس الخصوصية تركته وأهملته، حاشا وكلا! أن يكون العمل الإسلامي كذلك.
إن قضية العمل للإسلام والانتماء له؛ هي قضية عبوديتك الحقة لله عز وجل، فلن ينخلع المسلم عن العمل الإسلامي بمقتضى عبوديته لله إلا مع آخر نَفَسٍ يخرج منه في هذه الحياة.
ألم تسمع - أخي - قول الله عز وجل: {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} أي حتى يأتيك الموت، لم يقل القرآن؛ واعبد ربك حتى تتخرج من الجامعة أو تصبح موظفاً أو حتى تتزوج أو حتى تفتتح العيادة أو المكتب الاستشاري أو... أو...
ولقد فهم سلفنا الصالح رضوان الله عليهم هذه الحقيقة البسيطة والهامة في دين الله عز وجل، فوجدنا أنَّ عمار بن ياسر كان يقاتل في سبيل الله وهو في التسعين من عمره! وأقول؛ كان يقاتل، ولم أقل؛ كان يدعو أو يعلم الناس أو يقوم بالحسبة فقط، ولكن كان مع ذلك كله يقاتل في سبيل الله وهو في ذلك العمر الذي يرق فيه العظم، ويهن فيه الجسم، ويشيب فيه الشعر، وتضعف فيه القوى.
وكان أبو سفيان بن حرب؛ يحرض المقاتلين على القتال وقد جاوز السبعين من عمره.
وكذلك اليمان وثابت بن وقش قاتلا في غزوة أحد وذلك بالرغم من سنهما الكبير وبالرغم من عذر الرسول صلى الله عليه وسلم لهما - إذ جعلهما في مؤخرة الجيش مع النساء -
ولماذا نذهب بعيداً؟! فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبع وعشرين غزوة، وتلك الغزوات كلها غزاها بعد أن جاوز الرابعة والخمسين من عمره الشريف, بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد غزوة تبوك وقاد المسلمين فيها - وكانت من أصعب الغزوات وأشدها على المسلمين - وقد بلغ الستين من عمره.
فما بالنا اليوم نرى الكثير يتركون العمل للإسلام بعد التخرج أو الزواج أو الانشغال بالتجارة أو الوظيفة أو... أو...!
فليعلم هؤلاء جميعاً؛ أن أمر الدين والإسلام ليس عبثاً أو لهواً هكذا، {وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيماً}
إنني أقول لهؤلاء؛ أين عهودكم التي قطعتموها على أنفسكم أمام الله وليس أما البشر؟! {وكان عهد الله مسئولاً}، أين هتافكم الذي كنتم ترددونه بين الحين والآخر:
في سبيل الله قمنا..........نبتغي رفع اللواء
ما لحزبٍ قدعملنا.........نحن للدين فداء
فلْيَعُدْ للدين مجدُه..........أو ترق منا الدماء
بل أقول لهم؛ إن عاقبة النكوص وخيمة، لاسيما لمن عرف الحق ثم انصرف عنه، ولمن ذاق حلاوة الحق ثم انغمس في الباطل.
إن نكث العهد مع الله من أعظم الذنوب عند الله وعند المؤمنين، {فمن نكث فإنما ينكث على نفسه}، وليتدبر كل من تسول له نفسه الأمارة بالسوء أو يزين له الشيطان أو ينكص على عقيبه؛ قوله تعالى: {ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين * فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون}
ثم ليتدبر جيداً ذلك العقاب الرادع العادل: {فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون}
إن قضية العمل للإسلام قضية خطيرة، وللأسف قد ينظر إليها بعض ضـعاف الإيمان - ممن يشاركون الأخوة العمل للإسلام في الجامعة - وكأنها شركة تجارية مع هؤلاء الأخوة وما تلبث الشركة أن تنفض مع انقضاء الأعوام الدراسية، أو يظنونها فترة زمالة وصداقة في الجامعة ثم تنتهي بالتخرج! لتنتهي القضية بِرُمَّتها.
وأنا أقول هنا؛ "ضعاف الإيمان" لأن المرض ينشأ عادة من ضعف الإيمان، ومرض القلب، ووهن العزيمة، وعدم رسوخ معاني الإيمان في القلب وليس في العقل، فالـعيب غالباً - بل دائماً - في القلب وليس في العقل، والعيب من ناحية خلل الإيمان وليس نقص العلم، ومن ناحية الشهوة لا من ناحية الشبهة، ونتيجة لحب الدنيا وليس نتيجة لقلة الوعي، فمن توجه بالعلاج فليتوجه إلى تلك القلوب ليزيل عنها درنها ويعالجها من دائها ومرضها، ولكن قلَّ الأطباء في هذا الزمان، وأقصد بالطبع أطباء القلوب, فأطباء الأبدان ما أكثرَهم وما أمرضَهم!
إن الذي يرتد عن الحق بعد ما عرفه؛ قد آثر لذة فانية وشهوة منقطعة، وطلب فرح ساعة بغم دهر، وألقى بنفسه في بئر المعصية، وأعرض عن المطالب العالية إلى الأغراض الخسيسة الفانية، فأصبح في أسر الشيطان مقيماً، وفي أودية الحيرة هائماً، وفي سجن الهوى مقيداً.
وبتجربتي الشخصية؛ وجدت أن كثيراً من هؤلاء يصبحون أسوأ من عوام المسلمين! ولعل ذلك من عقاب الله لهم.
فأصبح كالبازي المنتف ريشه..يرى حسراتٍ كلما طار طائرُ
العمل الإسلامي ليس نشاطاً وقتياً
إن العمل الإسلامي ليس نشاطاً من الأنشطة تمارسه في أوقات فراغك وتتركه ساعة شغلك، كلا! إن العمل الإسلامي أعظم وأجل من ذلك بكثير، وقضية انتمائك لهذا الدين أكبر من ذلك بكثير، فالإسلام ليس من الأنشطة، كالنشاط الثقافي أو الرياضي أو "الكشافة"، تمارسه وأنت طالب وتتركه حين تتخرج، أو تمارسه وأنت أعزب وتتركه بعد الزواج، أو تعطيه وقتك قبل الوظيفة فإذا ما صرت موظفاً أو افتتحت عيادة أو صيدلية أو مكتباً استشارياً أو شغلتك الدروس الخصوصية تركته وأهملته، حاشا وكلا! أن يكون العمل الإسلامي كذلك.
إن قضية العمل للإسلام والانتماء له؛ هي قضية عبوديتك الحقة لله عز وجل، فلن ينخلع المسلم عن العمل الإسلامي بمقتضى عبوديته لله إلا مع آخر نَفَسٍ يخرج منه في هذه الحياة.
ألم تسمع - أخي - قول الله عز وجل: {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} أي حتى يأتيك الموت، لم يقل القرآن؛ واعبد ربك حتى تتخرج من الجامعة أو تصبح موظفاً أو حتى تتزوج أو حتى تفتتح العيادة أو المكتب الاستشاري أو... أو...
ولقد فهم سلفنا الصالح رضوان الله عليهم هذه الحقيقة البسيطة والهامة في دين الله عز وجل، فوجدنا أنَّ عمار بن ياسر كان يقاتل في سبيل الله وهو في التسعين من عمره! وأقول؛ كان يقاتل، ولم أقل؛ كان يدعو أو يعلم الناس أو يقوم بالحسبة فقط، ولكن كان مع ذلك كله يقاتل في سبيل الله وهو في ذلك العمر الذي يرق فيه العظم، ويهن فيه الجسم، ويشيب فيه الشعر، وتضعف فيه القوى.
وكان أبو سفيان بن حرب؛ يحرض المقاتلين على القتال وقد جاوز السبعين من عمره.
وكذلك اليمان وثابت بن وقش قاتلا في غزوة أحد وذلك بالرغم من سنهما الكبير وبالرغم من عذر الرسول صلى الله عليه وسلم لهما - إذ جعلهما في مؤخرة الجيش مع النساء -
ولماذا نذهب بعيداً؟! فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبع وعشرين غزوة، وتلك الغزوات كلها غزاها بعد أن جاوز الرابعة والخمسين من عمره الشريف, بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد غزوة تبوك وقاد المسلمين فيها - وكانت من أصعب الغزوات وأشدها على المسلمين - وقد بلغ الستين من عمره.
فما بالنا اليوم نرى الكثير يتركون العمل للإسلام بعد التخرج أو الزواج أو الانشغال بالتجارة أو الوظيفة أو... أو...!
فليعلم هؤلاء جميعاً؛ أن أمر الدين والإسلام ليس عبثاً أو لهواً هكذا، {وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيماً}
إنني أقول لهؤلاء؛ أين عهودكم التي قطعتموها على أنفسكم أمام الله وليس أما البشر؟! {وكان عهد الله مسئولاً}، أين هتافكم الذي كنتم ترددونه بين الحين والآخر:
في سبيل الله قمنا..........نبتغي رفع اللواء
ما لحزبٍ قدعملنا.........نحن للدين فداء
فلْيَعُدْ للدين مجدُه..........أو ترق منا الدماء
بل أقول لهم؛ إن عاقبة النكوص وخيمة، لاسيما لمن عرف الحق ثم انصرف عنه، ولمن ذاق حلاوة الحق ثم انغمس في الباطل.
إن نكث العهد مع الله من أعظم الذنوب عند الله وعند المؤمنين، {فمن نكث فإنما ينكث على نفسه}، وليتدبر كل من تسول له نفسه الأمارة بالسوء أو يزين له الشيطان أو ينكص على عقيبه؛ قوله تعالى: {ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين * فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون}
ثم ليتدبر جيداً ذلك العقاب الرادع العادل: {فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون}
إن قضية العمل للإسلام قضية خطيرة، وللأسف قد ينظر إليها بعض ضـعاف الإيمان - ممن يشاركون الأخوة العمل للإسلام في الجامعة - وكأنها شركة تجارية مع هؤلاء الأخوة وما تلبث الشركة أن تنفض مع انقضاء الأعوام الدراسية، أو يظنونها فترة زمالة وصداقة في الجامعة ثم تنتهي بالتخرج! لتنتهي القضية بِرُمَّتها.
وأنا أقول هنا؛ "ضعاف الإيمان" لأن المرض ينشأ عادة من ضعف الإيمان، ومرض القلب، ووهن العزيمة، وعدم رسوخ معاني الإيمان في القلب وليس في العقل، فالـعيب غالباً - بل دائماً - في القلب وليس في العقل، والعيب من ناحية خلل الإيمان وليس نقص العلم، ومن ناحية الشهوة لا من ناحية الشبهة، ونتيجة لحب الدنيا وليس نتيجة لقلة الوعي، فمن توجه بالعلاج فليتوجه إلى تلك القلوب ليزيل عنها درنها ويعالجها من دائها ومرضها، ولكن قلَّ الأطباء في هذا الزمان، وأقصد بالطبع أطباء القلوب, فأطباء الأبدان ما أكثرَهم وما أمرضَهم!
إن الذي يرتد عن الحق بعد ما عرفه؛ قد آثر لذة فانية وشهوة منقطعة، وطلب فرح ساعة بغم دهر، وألقى بنفسه في بئر المعصية، وأعرض عن المطالب العالية إلى الأغراض الخسيسة الفانية، فأصبح في أسر الشيطان مقيماً، وفي أودية الحيرة هائماً، وفي سجن الهوى مقيداً.
وبتجربتي الشخصية؛ وجدت أن كثيراً من هؤلاء يصبحون أسوأ من عوام المسلمين! ولعل ذلك من عقاب الله لهم.
فأصبح كالبازي المنتف ريشه..يرى حسراتٍ كلما طار طائرُ
منقول