"مثلي في النبيين كمثل رجل بنى داراً، فأحسنها وأكملها وأجملها وترك فيها موضع لبنة لم يضعها، فجعل الناس يطوفون بالبنيان، ويعجبون منه ويقولون: لو تم موضع هذه اللبنة، فأنا في النبيين موضع تلك اللبنة" [1].
تكلمت نبوءة دانيال "تحطيم الممالك" عن حجر متميز يحطم التمثال الذي يمثل الممالك القديمة – كما فسرت نفس النبوءة "... وبينما أنت في الرؤيا انقض حجر لم يقطع بيد إنسان، وضرب التمثال على قدميه المصنوعتين من خليط الحديد والخزف فسحقهما، فتحطم الحديد والخزف والنحاس والفضة والذهب معاً..."
هذا الحجر يمثل مملكة الله (مملكة النبي المنتظر).. ".. وفي عهد هؤلاء الملوك يقيم إله السماوات مملكة لا تنقرض إلى الأبد، ولا يترك ملكها لشعب آخر،وتسحق وتبيد جميع هذه الممالك. أما هي فتخلد إلى الأبد".
الواقع أن هذا الحجر أو في معنى آخر قريب "اللبنة" كما ذكر الحديث النبوي المذكور أعلاه سنجده يتكرر في مواضع كثيرة من العهد القديم والعهد الجديد وفي كتاب الصابئة المقدس "الكنزاربا".
ففي إنجيل متى 21: 42-44 "ألم تقرءوا في الكتاب: الحجر الذي رفضه البناءون هو نفسه صار حجر الزاوية الأساسي...
إن ملكوت الله سينزع من أيديكم ويسلم إلى شعب يؤدى ثمره.. فأي من يقع على هذا الحجر يتكسر، ومن يقع الحجر عليه يسحقه سحقاً.
هذه الفقرة بلا شك تشير إلى المزمور 118-22 في العهد القديم "الحجر الذي رفضه البناءون قد صار رأس الزاوية".
الملفت للنظر هنا وصف الحجر بكونه رأس الزاوية وذلك كما أشارت إحدى روايات الحديث النبوي سالف الذكر "إلا موضع لبنة في زاوية من زواياه".
** = أما الكنزاربا، كتاب ديانة الصابئة المقدس، فأورد نبوءة عجيبة عن تلك اللبنة: ففي ديوان "حران كويثة " يجعل لحكم العرب 4000سنة قبل المسيح الكذاب، ولكنه يطابقه في قوله: "بأن اللبنة في الجدار ستنادى به"[2] أي تنادى بحكم العرب.
إذن اللبنة كما ذكرها الحديث النبوي لها أربع قرائن في المزامير ودانيال وإنجيل متى وكتاب الصابئة المقدس. وإن كان كتاب الصابئة أشد صراحة في نسبة هذا الحجر أو اللبنة للعرب.
لكن النص الموجود في إنجيل متى كذلك يشير لنبى من غير اليهود "إن ملكوت الله سينزع منكم" وهذه الغيرية تتفق مع حجر الزاوية المرفوض أى من غيرهم أيضا".
[1] رواه البخارى ومسلم والترمذى عن جابر، وابن حنبل ومسلم والبخارى عن أبى هريرة (صحيح الجامع الصغير ص 1019).
- في إحدى تلك الروايات نجد "في زاوية من زواياه" بعد كلمة "اللبنة".
[2] "الصائبة المندائيون" ص 45 تأليف الليدى دراور.