منتدي الا رسول الله

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدي اسلامي


5 مشترك

    السمساره والريح

    طيور جنة الرحمن
    طيور جنة الرحمن
    المشرفه المميزه


    انثى عدد الرسائل : 1175
    العمر : 37
    nbsp : السمساره والريح 15781611
    درجات الاجاده : 0
    نقاط : 62393

    السمساره والريح Empty السمساره والريح

    مُساهمة من طرف طيور جنة الرحمن 1/11/2007, 4:47 pm

    كنت خارجا من مكتبي.. فوجدت زملائي يتهامزون و يتغامزون.. على غير عادتهم..
    "مابكم؟"
    "العجوز في الخارج تقول كلاما لا يجوز"
    "أي عجوز؟"
    "لا ندري.. ربما هي سمسارة هنا.. كلّ مرّة تأتي و تقول كلاما بذيئا و تذهب"
    "يعني هي كانت هنا؟"
    "نعم"
    "ثم خرجت؟"
    "نعم"
    "عندها مشكل معكم؟"
    "لا.. لكنها تفتعل كلّ مرّة مشكل.. و تأتي تصيح و تعمل مسرحية ثم تخرج"
    "عجيب.. لم يخبرني بأمرها أحد"
    "الأمر لا يستحق.. "
    خرجت من المكتب.. و دخلت سيارتي.. في الأثناء رأيت العجوز.. عجوز عادية.. لا شيء يميزها.. الا نظرتها لي.. فيها غلّ.. و غضب.. و كان حولها أناس لا أعرفهم.. و هي تنظر اليهم و تشير الي و تقول: "هؤلاء اللذين تعّوا بالدّنيا و تسحّروا بالآخرة.. لا ضمير لهم.. لا يتركون أحدا يأكل خبزا غيرهم.. و لا حتى رغيفا.."
    طبعا استفزّتني باتهاماتها.. و صراخها.. تماسكت نفسي لكن أوقفت السيارة و نزلت..
    قلت هي احدى اثنتين: اما أن تكون العجوز التبس عليها أمرا فجعلها تنفعل فأفهمها ما التبس عليها.. أو أنّها سليطة و تفتعل المشاكل كما قالوا فأوقفها عند حدّها حتى لا يتطوّر الأمر.
    ألقيت السلام على الجمع فلم تردّ عليّ و لم تنظر الي...
    "يا حاجة.. هل الكلام الذي كنت تقولينه أنا المقصود به؟"
    "نعم"
    "و هل تعرفينني؟"
    "أنت.. نحن الضعفاء نعرفكم جميعا لكنكم أنتم أيها الجبابرة لا تعرفون منا أحدا.. تدوسوننا بأطراف أحذيتكم و تمرّون و لا تحسّون حتّى بنا..."
    لن أدّعي بطولة فقد قرّرت أن أقصّ القصّة كما هي.. بدون تفكير في مجاهرة و لا رياء.. أحداثا أسوقها أسأل الله أن يلهمني فيها الاخلاص و يلهمكم حسن القبول..
    غضبت.. كلامها الجارح هذا .. من يسمعها يصدّق..
    قلت لها بحزم بعد أن تعمّدت أن أقف أمامها و أجعلها تراني "قولي يا حاجة.. هل تعرفينني؟ هل رأيتني قبل هذا؟ ذكّريني؟"
    قالت بعد أن حاصرتها بنظرات حازمة "أعرفك.."
    "طيب ماذا تريدين منّي؟ ما هي مشكلتك؟ هل ظلمتك؟"
    "نعم"
    "طيب.. هاتي مظلمتك و أنا أردها لك"
    "أنت أجّرت المكتب الي فوق.. ألم يكفك الي تحت؟ الّي فوق أنا كنت سأأجره لهؤلاء.. و آخذ عمولة.. "
    استغربت .. قلت لها: "طيب و ما ذنبي اذا كان صاحبه أجّره لي و أنا لا أعرفك؟"
    قالت و هي تتعمّد التصعيد "دعني.. حسبي الله و نعم الوكيل.. أنت أكلت حقّي"
    اقشعرّ جسمي.. و بدأت مسرحية العجوز تطلّع الدّم لرأسي... استعذت من الشيطان و قلت لها مهدّدا: "اسمعي يا امرأة.. المسرحية التي تقومين بها ستجعلني أتصرّف تصرّفا لن يعجبك. صاحب المحل سيستغني عن خدماتك اذا عرف شيئا عن الخداع الذي تقومين به.. فمن فضلك !"
    و صعدت السيارة و ذهبت..
    و في الليل و أنا أراجع نفسي.. قلت "ما الذي يدفعها لهذا؟ ربّما كانت الحاجة.. ربّما كانت تعتقد أنّني أفسدت عليها التأجير.. ربّما.. ربّما.. "وجدت نفسي ألتمس لها الأعذار.. و في نفس الوقت أتحسّر على فرصة للرحمة ..
    أحسست بندم أرّقني..
    لكن الحمد لله.. الله جعل لنا مخارج في كلّ الحالات.. قرّرت أن أبحث عنها و أصلح بما تيسّر.. و بهذه النيّة استطعت النوم..
    و من الغد..
    أول ما دخلت المكتب سألت عنها.. اكتشفت أنه لا أحد يعرف أين هي.. فهمت أنها سمسارة لا تأتي الا مرّة أو مرّتين في السنة.. و أنّه لا يوجد أي طريقة للعثور عليها.. بحثنا بحثنا عبثا..
    فقرّرت أن أكرم أول من يرسله الله لي "فداءا" كأنها عقوبة فرضتها على نفسي لأصلح ما بيني و بين ربّي.... على أمل أن يرسلها الله لي مرّة أخرى لأصلح ما بيني و بينها..
    فسبحان الله.. لعلّها كانت ساعة استجابة.. من رحمات ربي,, يقولون لي: "العجوز التي عملت مشكل أمس.. الآن دخلت و تصيح و تصرخ و عاملة مشكلة معتقدة أنك لست هنا.. "
    فسبحان الله.. فرحت! ألذّ مشكل من أغلى عجوز..أرسلها ربّي.. نزلت مسرعا..
    و الزّملاء ينتظرون دخولي "لأورّيهم فيها" من نظراتهم كنت أرى "نعم.. انهرها.. لقّنها درسا لن تنساه.. اطرد عنا هذه الشريرة سليطة اللسان"
    لكني كنت في "بالونة ربّانية" في عالمي مع ربّي و لم أشأ أن أفسده.. تلاشوا كلّهم بنظراتهم و بتأثيراتهم و لم أعد أرى فيها الا "المرسولة لي من ربّي"
    وصلت اليها.. فأوّل ما رأتني.. سكتت.. و عمّ الصّمت.. الجميع توقّع أن أطردها و هي أوّلهم.. رأيت الخوف على وجهها المسكينة.. كلّ الخشونة و القسوة التي كانت على وجهها ذابت.. رأيت الخوف على وجهها و بيدها كأنها تحمي وجهها.. كأنها تخيلت أني سأضربها.. لا حول و لا قوة الا بالله..
    ابتسمت اليها.. و قلت لها فرحا مسرورا (مشفقا): "السلام عليكم.. تفضلي معي الى الداخل!"
    "لا"
    "تريدين أن نتحدّث هنا؟ أجلس بجانبك؟"
    "لا"
    "اذا تفضلي معي"
    "لا"
    "يهديك!"
    "باهي.. "
    و ذهبت معي المسكينة و هي خائفة... مترددة.. مستغربة من ابتسامتي.. (لم أنتبه لنظرات الآخرين اطلاقا)
    دخلت مكتبي..
    قلت لها "اجلسي تفضلي.."
    و مددت لها قهوة و ماءا باردا.. و حلوى.. و جلست بجانبها.. أنظر اليها مبتسما.. مشفقا على نفسي ثم عليها.. حامدا ربي.. متأملا في قدرته و رحمته.. محتسبا ان شاء الله..
    و في نفس الوقت.. أكاد أضحك..
    لكن العجوز لم تمهلني.. نظرت الى الحلوى.. اليّ.. الى الماء.. الى القهوة.. و أجهشت بالبكاء..
    عشر دقائق تقريبا و أنا أحاول اسكاتها و أحاول أن أقمع دموعي..
    فدموعها لم تكن تلك الدموع التعبيرية الرمزية.. الشاعرية.. بل دموع كحبات المطر.. على خدود أكلتها تجاعيد الزمن.. من عينين ذابلتين باهتتين من مرارة الحياة و تجاربها.. فكنت أحس بقلبي يعتصر و أحاول أن أسكتها..
    و أخيرا تكلّمت و قالت "أعرفتني؟"
    قلت لها" طبعا!"
    قال" لا.. لم تعرفني.. أنا العجوز التي شتمتك أمس.."
    "نعم.. عرفتك"
    فأجهشت بالبكاء مرة أخرى..
    "فلماذا تفعل معي هذا؟ هه؟"
    "لأنّي أخطأت معك.. أنت مثل أمي أو جدتي.. كان الأولى أن أتأدب معك.. كما أني أعرف أنك لم تفهمي.."
    حينها تغير وجهها و لا تغيّروا وجوهكم فيجب أن تتعودوا على طبعها هذا.. هي تتغير من حال الى حال بسرعة ما شاء الله و هذا لا يزيد شخصيتها الا سحرا ما شاء الله.. قالت "بل أنا فهمت كلّ شيء.. أنت يا ولدي لم تفهم شيئا.. أنا كنت أستفزّك و أمثّل حتّى أستطيع اقناعهم.. و كنت آمل أن أحرجك فتترك لي المكتب لأأجره.. آه.. التجارة شطارة.. لو لم تكن هذه الحركات لما عملت!"
    "طيب.. ما رأيك أنّي سأأجّر المكتب منك؟ أي أن المكافأة ستأخذينها ان شاء الله"
    بكااااء.
    قاطعتها "الآن هل التجارة شطارة؟"
    "نعم شطارة.. لكن.. الرزّاق هو الله.. أنا أعرف هذا.. ابني قال لي أن الأرزاق من الله.." و تبكي و تبكي و تبكي..
    "يا حاجة.. أتريدين أن نتغدى معا؟"
    بكاء
    "يا حاجة..."
    بكاء..
    الحوار كان صعبا فقد بكت و بكت الى أن انتفخت عيناها و احترق قلبي..
    ثم تماسكت فجأة كعادتها و قالت: "اسمع.. أنت مثل ابني.. حتى كلامك يشبهه.. و أحسّ أنّك مثله تحبّ الحسنات و الآخرة و الجنة و كالحكايات الكل.. أريد كما أكرمتني أن أكرمك.."
    "اكرميني..."
    "سأهديك أغلى شيء في حياتي.."
    استقمت في جلستي بعد أن أحسست بصدقها.. و قلت "ما هو؟"
    "سأخبرك بسرّ كتمته عشرات السنين.. لتتعلّم.. "
    قلت حمدا لك يا رب.. ما هذا الكرم الربناي سبحان الله! أحسست أن الدرس من الله عبر لسانها و استمعت لها بهذه الكيفية فكان قلبي يسابق أذني في تقبّل الكلام..
    و قالت " أنا يا بني كنت رقّاصة.. بل أشهر رقّاصة.. كنت رقّاصة الشخصيات المرموقة.. لست من راقصات الكبريهات و المطاعم..أبدا.. أنا كنت رقاصة الوزراء و السّفراء.. كنت لهلوبة و شلهوبة (أوفّر عليكم الكلمات و الحركات التي كانت تستعملها).. "
    ذهلت.. شكلها عجوز متحجّبة لا أثر في وجهها لرقص و لا طرب و لا شباب.. أحسّت بما أفكّر فيه.. فهزّت جسدها قليلا برعشة مفتعلة خفيفة و طرشقت أصابعها حتى تأكّد لي كلامها و قالت "تحتاج الى دليل أم أنك ستصدّقني؟"
    قلت لها مصدوما "الا الأدلة! قصّي عليّ سرّك و لا تخفي عليّ شيئا.."
    قالت بأسى" هل للراقصة من توبة؟"
    قلت "طبعا!"
    قالت "أنا تبت عن الرقص! لكن بالفطرة.. لم يعرف أحد قصّتي.. فكّرت بيني و بين نفسي.. فتخيّلت أن الله ممكن يتوب عليّ فتبت.. أتريد أن تعرف كيف تبت؟"
    قلت متلهفا "طبعا..اكملي بالله عليك
    ذهلت!.. شكلها عجوز متحجّبة لا أثر في وجهها لرقص و لا طرب و لا شباب.. أحسّت بما أفكّر فيه.. فهزّت جسدها قليلا برعشة مفتعلة خفيفة و طرشقت أصابعها حتى تأكّد لي كلامها و قالت "تحتاج الى دليل أم أنك ستصدّقني؟"
    قلت لها مصدوما "الا الأدلة! قصّي عليّ سرّك و لا تخفي عليّ شيئا
    "


    انتظرونى مع باقى القصه قريبا جدا
    avatar
    الباحثة عن الحق
    عضو علي درجه مشرف
    عضو علي درجه مشرف


    عدد الرسائل : 1930
    nbsp : السمساره والريح 15781611
    درجات الاجاده : 0
    نقاط : 62730

    السمساره والريح Empty رد: السمساره والريح

    مُساهمة من طرف الباحثة عن الحق 1/11/2007, 11:31 pm

    أسجل للمتابعة

    بانتظار باقى القصة اختى منال


    السمساره والريح Ebe
    المدير العام
    المدير العام
    المدير العام لمنتدي الا رسول الله


    ذكر عدد الرسائل : 1507
    العمر : 44
    البلد : مصر
    الهوايات المفضلة : القراءة
    nbsp : السمساره والريح 15781611
    درجات الاجاده : 0
    نقاط : 62900

    السمساره والريح Empty رد: السمساره والريح

    مُساهمة من طرف المدير العام 2/11/2007, 12:22 am

    في انتظار الباقي معكي اختي
    هبة الله
    هبة الله
    المشرفه المميزه


    انثى عدد الرسائل : 1867
    العمر : 41
    البلد : مصر
    الهوايات المفضلة : القراءة
    nbsp : السمساره والريح 15781611
    درجات الاجاده : 12
    نقاط : 62592

    السمساره والريح Empty رد: السمساره والريح

    مُساهمة من طرف هبة الله 2/11/2007, 6:44 am

    في انتظار البقية أختي
    طيور جنة الرحمن
    طيور جنة الرحمن
    المشرفه المميزه


    انثى عدد الرسائل : 1175
    العمر : 37
    nbsp : السمساره والريح 15781611
    درجات الاجاده : 0
    نقاط : 62393

    السمساره والريح Empty رد: السمساره والريح

    مُساهمة من طرف طيور جنة الرحمن 3/11/2007, 2:53 am

    اشكركم لمروركم والباقيه تاتى قرييييييييييييييييييييييييييييييييبا جدا باذن الرحمن ودااااااااااايما منورين موضوعاتى
    طيور جنة الرحمن
    طيور جنة الرحمن
    المشرفه المميزه


    انثى عدد الرسائل : 1175
    العمر : 37
    nbsp : السمساره والريح 15781611
    درجات الاجاده : 0
    نقاط : 62393

    السمساره والريح Empty رد: السمساره والريح

    مُساهمة من طرف طيور جنة الرحمن 3/11/2007, 3:06 am

    [size=24][size=18]
    استرسلت العجوز تحكي.. كأنّها تأتي بالكلام من ثنايا قلبها.. من أماكن لم تفتح من سنين.. كنت أحس بصدقها.. و دموعها و تنهيداتها كانت كالفواصل لكلامها.. و تعابير وجهها.. أصبحت تتفاعل مع الأحداث.. فجمعت في وجه واحد وجوها كثيرة كل واحد منها يعبر عن مرحلة من حياتها.. وجه الشباب و الرقص.. الى وجه التوبة ..
    قالت: سأبدأ بولادتي حتى تكون الصورة واضحة. ولدت في عائلة فقيرة.. بعد أن وصلت سن المراهقة, مات أبي ثم لحقته أمي بعد أن أخبرتني على سرير الموت أني لست ابنتها و أن أمي الحقيقية اسمها كذا.. ولدتني بطريقة غير شرعية فأعطتني لهذه العائلة الفقيرة حتى يستروها و يتكفلوا بي بما أنهم لا ينجبون.
    نعم. أنا ابنة زنا. هذه المعلومة هي كل ما ورثته عن أمي التي ربتني و معها اسم أمي الحقيقية. خرجت من البيت و أنا مراهقة.. أهيم في الشوارع لا أملك ما يكفيني لقمة آكلها.. و ذهبت الى منطقة....... التي تسكن فيها أمي الحقيقية.. أبحث عنها.. أنام في الشوارع, أركب و "نرسكي".. الى أن وصلت بيت أمي.. بيتا فخما.. من أثرى أثرياء المنطقة.. لكن لم أكن أريد لا مالها و لا جاهها.. أريد أما.. كنت أبحث عن أما و ان كانت مزيّفة.. كنت أتمنى أن تكذب علي أي امرأة في الشارع و تقول لي أنها أمي و أذهب معها و أرتمي في حضنها.. كنت مستعدة أصدق أي شيء.. و أن أضحي بأي شيء..
    و دخلت القصر.. و طلبت منهم أن أرى أمي..
    قالوا أنها مريضة و قالوا من أنت؟ لم أشأ أن أفضحها و أقول أني ابنتها.. فقلت أني ابنة صديقتها.. فاعتذروا و قالوا لي أنها مريضة.. و طلبوا مني أن أعود في الغد..
    و بتّ في الشارع أحلم بأمي..
    و عدت من الغد..
    فأعادوا ردّي بأدب.. و قالوا أن حالتها الصحية لا تسمح..
    فخرجت و بتّ مرّة أخرى في اشارع أدعو لأمي..
    و عدت للمرة الثالثة فوجدت الكراسي من أول الشارع و الماء و عبد الباسط عبد الصمد.. عرفت أن أمي الجديدة ماتت..
    فجلست أعزي أناسا لا أعرفهم.. و أنا من يقبل العزاء..
    و لم ينتبه أحدا لوجودي..
    و لم أرد أن أبقى هناك..
    نظرت في وجه كل من عزّى أتوسّله أن يكفلني.. لكن توسّلي كان بعيناي و قلبي.. لأن لساني لم يكن حينها قد "تسرّح".. كنت خجولة جدا..و خجلت أن أطلب أمّا لي..
    و خرجت الى الشارع..
    هائمة..
    و طبعا.. لكن أن تتخيل النظافة هذه..
    جعلتني أتعرّف بأهم الشخصيات في البلد.. أدخل بيوتهم أكثر من نسائهم..
    و كنت ربّما للساني الجريء..أثير أكثر الرجال وجاهة و سلطة.. فعشت حياة البذخ.. و دفنت زوجي "شهيد الدربوكة" رحمه الله .. مات و هو يدربك على الواحدة و نص.. و أنا أرقص أمامه..
    هو رجل طيب.. رحمه الله.. و مات سكران يدربك.. لكن أنا أحسّ بأنّ رحمة الله أوسع من عمله.. أليس كذلك؟ هل يمكن له أن يدخل الجنة حتى أقابله و أقنعه أن ما علّمنيه حرام؟ أنا سامحته فهو أصلا لا يمكن ألا تسامحه.. الى الآن مازال طعم حلواه في فمي.. رحمه الله. أيمكن أن يكون في الجنة؟"
    قلت.. "ان شاء الله ان شاء الله.. رحمة اله واسعة.. اكملي.."

    قالت: مات رحمه الله تاركا ابنا وحيدا
    ..
    و لا أخفيك أني يومها فكّرت في الاعتزال.. لكن أقنعوني بأني مازلت في أوجّ عطائي الفنّي و أن الفنّ الأصيل سيخسر نجمة لامعةلكنّي قاومت.. أحسست أنّ رسالتي مع ابني أهم من رسالتي الفنّية.. فأخذت ابني و هاجرت من تلك المنطقة الى منطقة أخرى.. و بقيت مع ابني و قرّرت أن أهبه حياتي و أن أكون له الأم و الأب و أن أربّيه كما لم أجد من يربّيني..
    و طبعا لك أن تتصور.. كنت أكسب أكثر من وزير.. الآن أجد نفسي بلا أي دخل.. كانت الأرضية ممهدة لهم ليغروني بالعودة الى الفنّ الأصيل..
    و رضخت.. لكن بطريقة لا تخطر على بالك.. ادّعيت أني أعمل ممرّضة في الليل.. و كلّ ليلة أترك ابني و أخرج و لا أعود الا مع الفجر.. و أقنعت كل أهالي المنطقة بهذه الكذبة.. لا أريد أن ينعت ابني بابن الرّقّاصة..
    و كبر الولد..
    و أنا كلّ ليلة محافظة على موعدي.. أخرج بلباس الممرّضة البيضاء.. أغيّرها بعيدا.. و أعود..
    ابني من صغره لم يكن عاديا.. نظرته لي.. كلامه.. أظن أنه لم يمرّ بالمراهقة قط.. كأنه ولد رجلا.. و ابني فيه خصلة.. "غلبني بها".. أنه لا يسأل.. كأنّه علم أنّه لو سألني لكنت متّ ألما.. فلم يسألني قط.. لم يحاسبني يوما.. ساكت.. أحسّ من نظراته بألمه.. لكن كان في منتهى البرّ.. و يسمع كلامي و يتحمّل نوباتي.. و لكن لم يدرأ أن يسألني "لما تأخرتي أمي؟ أين كنت أمي؟" حتى أنه لم يبحث يوما في ملابسي أو أغراضي.. لأنه لو بحث لوجد ملابس الرقص.. لكني كنت أقول دائما أن ابني يرى بنور الله.. كأن الله وضع على عينيه حجاب حتى لا يرى من أمه الا الخير...
    و تتالت الأيام و السنّون..
    و أصبح عمره 13 سنة..
    و عدت يوما الى البيت قبل الفجر بقليل.. و أنا منهكة.. فقد سمنت و أصبح الرقص يرهقني..
    فوجدت صدمة في انتظاري..
    وجدت ابني يصلّي "ركعة في جرّة أختها" صلاة طويلة.. لم يكن عندنا سجّادة و لا أعرف القبلة.. الآذان كنت أعتبره ناقوس الخطر.. لأنه يجب أن أدخل البيت قبل الآذان.. لكن لم أتوقع أن أجد ابني يصلي..
    اقتربت منه بدون شوشرة.. و كان ساجدا يبكي..
    سمعت دعائه..
    كان يقول: "يا رب.. ارح أمي من عمل الليل و جد لنا مخرجا.. أعرف أنها ممرضة و عملها نبيل.. لكن يا رب.. أرحها من عمل الليل"
    حينها لأول مرّة أتأكّد أنّ ابني لا يعلم شيئا من عملي..
    لأن سكاته الطويل و نظراته.. تجعلني أشك..
    لكن حينها.. أحسست أنّه يستحق أمّا أفضل منّي..
    قرّرت الاعتزال مرّة أخرى..
    لكنها ليست الأخيرة..
    كالعادة.. أوّ لما أقرّر تأتي المغريات..
    قلت لهم أصبحت كبيرة و سمينة و لم أعد أجيد الرقص.. لكن قالوا لي حتى جمهورك كبر معك و مازال يحترم فنّك.. و يرى بالعشرة..
    تعلّلت لهم بالسيارة.. فأهدوني سيارة..
    فبقيت على عملي هذا.. رغم أني كرهته..
    قاطعتها "كم من سنة بقيتي بعد هذا؟"
    قالت بتلقائية "10 سنوات أخرى!"
    "10
    سنوات!"
    "10
    سنوات.. و ابني كل ليلة أعود فأجده يصلّي.. قيام الليل.. و يسجد و يبكي و يدعو لي بالهداية و بعمل أرتح.. و أنا كأن قلبي تعوّد على المشهد.. فلم أعد أحس.. حينما أراه يصلّي أقول له: يهديك.. يزّي من الصلاة و ارقد كيف الناس, غدوة تقرى.. فكان لا يجرأ على مجرد النظر في وجهي.. كان يسكت و يذهب للنوم قائلا: القيام نافلة و طاعتك فرض يا أمي.. 10 سنوات و هو صابر علي.. ابني يا ولدي طلع "متديّن" "من عند ربي".. لم يعلّمه أحد شيئا.. سبحان الله.. لا أباه و لا أمه فيها شيئا من هذا.. ابني طلع صالح.. بل ولي صالح.. اليوم سأخبرك بكل شيء.. قل لي يا ولدي.. يخّي ما عندكش خدمة؟ ليك ساعة و انت تسمع في خرافاتي؟ ماحلاها خدمتك, مبنّك تسمع و الناس تستنى فيك"
    قلت "اكملي اكملي.. لا أحد ينتظرني الآن و حتى ان كان ينتظرني فلن أتركك حتى أسمع البقية"
    قالت " طيب و الإيجار.. أنت على وعدك لي أم تتليفة؟"
    قلت لها " ما ظنّك بي؟"
    قالت" أظن أنك صادق.. و أنك ستأجّره من عندي"
    قلت"طيب اكملي.."
    تنهّدت و أكملت..

    ابقوا معنا لمتابعه اخر حلقه من حلقات السمساره والريح[/size][/size]
    طيور جنة الرحمن
    طيور جنة الرحمن
    المشرفه المميزه


    انثى عدد الرسائل : 1175
    العمر : 37
    nbsp : السمساره والريح 15781611
    درجات الاجاده : 0
    نقاط : 62393

    السمساره والريح Empty رد: السمساره والريح

    مُساهمة من طرف طيور جنة الرحمن 3/11/2007, 3:32 am

    بجد انا بحب القصه دى اووووووووووى اوووووووووووى عشان قصه حقيقيه وكلامها بيوصل لقلبى بسرعه جدا لانى اظن انه طالع فعلا من القلب واتمننننننننننننننى ان اكون مثل ابن السمساره فى كل شىء وخاصه فى بر الوالدين يارب اسعده وثبت ايمانه واجعل قراءة قصته هوه وامه فى موازين حسناته وامه وابيه وحسناتنا جميعا ويجازى اخى ابو زياد الفردوس لانه من حدثت معه القصه وكتبها لنا وجعلها فى ميزان حسناته واهله اجمعين


    اللهم ارزقنا بر الوالدين

    اللهم ارحم امى

    اللهم ارحم امى


    اللهم ارحم امى


    وامواتنا واموات المسلمين اجمعين وارحمنا ا جميعا اذا صرنا الى ما صاروا اليه برحمتك الواسعه يا ارحم الراحمين


    اللهم امييييييييييييييييييييييييييييييييييين يارب العالمين

    وصلى الله وسلم على حبيبى ونبيى محمد واله وصحبه وسلم

    سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة الا بالله
    طيور جنة الرحمن
    طيور جنة الرحمن
    المشرفه المميزه


    انثى عدد الرسائل : 1175
    العمر : 37
    nbsp : السمساره والريح 15781611
    درجات الاجاده : 0
    نقاط : 62393

    السمساره والريح Empty رد: السمساره والريح

    مُساهمة من طرف طيور جنة الرحمن 4/11/2007, 7:51 pm


    [size=24]قالت:" 10 سنوات.. كلّ ليلة, كلّ ليلة و هو يصلي و يدعو.. تعرف ما معنى هذا؟"
    "أتخيّل!"
    "لا.. لا يمكنك أن تتخيّل.. 10 سنوات أي من 13 سنة الى أن وصل سنه 23 سنة.. من الطفولة الى الشباب وهو يصلي و يدعو لأمّه.. تعرف ما معنى هذا؟ هل قدّمت لأمّك شيئا من هذا؟ كم صبرت على أمّك؟ أنا حينما سأقابل ربي لا أدري ما مصيري.. لكني سأشهد لابني.. ألسنا نشهد على بعض؟ سأشهد أن ابني لم يوبخنييوما رغم أني استحق التوبيخ و لم يألمني يوما و لم يتذمر يوما.. بل أنه صبر علي.. و بكى عشر سنوات.. الى أن هداني الله. "هذا آش حبّ ربّي" واحد يدعي ليلة و واحد زوز و ولدي دعى عشرة سنين.."
    "طيلة هذه العشر سنوات.. كيف كان و أين كنت؟"
    "أنا كنت مبنّجة من الشيطان.. أرقص كالآلة.. كل يوم أحس بقيمتي ترخص.. و أحتقر نفسي.. لكني أقاوم.. و "كسوحية" (قسوة) القلب يا بني.. تأتي بقسوة أخرى.. أما هو.. فكل يوم يزداد هداية و أصبح يقرأ الدين و يتعلم.. و كنت أشتري له الكتب بمال أقترضه.. قل لي لماذا؟"
    "لماذا؟"
    "لأني بشطارتي عرفت أن مالي حرام. و رغم اقتناعي بأني أكّلت ابني الحرام و رغم عجزي و رغم أني "خايبة" في كل شيء.. الا أنني لم أطق أن أرى كتب الدين و ما أدراك تشترى بالحرام...الا هذا.. لا أريد أن يفشل ابني في تديّنه.. أنا حاذقة و أفهم كل شيء يا ولدي.. فهمت أن الحرام يقطع البركة..فكنت أقترض من الطيبات مالا أشتري له بها كتبا.. و كان يقرأها و يتعلم.. و كل يوم يقصّ عليّ حديثا.. أو آية.. كلّها عن الجنة و الأم و الحنان و رحمة ربي.. و ربي قدّاش رحمته واسعة .. كنت أقول في قلبي مسكين ابني.. لكن مع الوقت أصبحت أتشوق لعودتي للبيت حتى أسمع منه الكلام الجميل.. و أصبحت أحب ربي.. اكتشفت أني كنت –استغفر الله- أظن أن ربي هو السبب في يتمي و ما جرى لي.. كالعقدة.. و لم أكن أعرف كيف أطرد هذه الفكرة.. فمن سيفتيني؟ الدرباكجي ولا الزّكّار ولاّ الطّبّال؟ لكن ابني مع الوقت أفهمني أن الله سبحانه هو سبب كل خير و أننا نحن أصحاب "العمايل".. و يكفي أن وهبني ابنا مثله و أنا لا أستحقه.."
    قلت لها: "طيب و بعد؟"
    قالت" و ذات يوم.. طلب مني ابني أن أترك العمل, قال لي أنه وجد عملا و أنه سيوفر لي حياة كريمة.. و أنه لن يجعلني أحتاج شيئا.. حاولت اقناعه, حاولت التملص.. لكنه بكل أدب و رفق بقي يلحّ.. و مرة.. رضخت بزلّة لسان.. أردت أن أقول لا فنطق لساني بنعم.. بحركة لا ارادية.. فعانقني و بكى.. فأشفقت عليه فأكملت التظاهر أني موافقة.. و فعلا.. خرج ابني و توجه الى عمله الجديد.
    و بقي يعمل عند مؤجّره الجزار الظالم.. استغل تدين ابني.. الى أن اكتشف ابني أن التاجر كان يغشّ في اللحم الذي كان يبيعه.. فواجهه.. فغضب المؤجر و خاف أن يفضحه ابني.. فقرّر أن يبادر هو.. و فعلا قام بتركيب تهمة باطلة له.. و شكى به و قبضوا عليه..
    و أوّل ما سمعت, قمت بتدخلاتي.. فكما فهمت معارفي كثر.. لكن لم تنفع.. يبدو أن التهمة التي لفّقوها له كبيرة..
    فذهبت الى هناك..
    و رأيت يا ولدي ما لا دليل بعده و لا برهان..
    طلبت منهم أن أرى ابني..
    فلما رفضوا عملت فضييحة بجلاجل.. أضعاف أضعاف ما أسمعته اياك أمس..
    و توعدت و هددت..
    فأدخلوني..
    كان ابني جالسا..
    و كان الرجل يحقق معه..
    كان الرجل يسأل: هل أنت فعلت كذا و كذا و كذا؟
    و ابني يرد بثقة: لا
    رد الرجل بأدب: هل هناك دليل؟
    قال ابني: لا
    أين كنت حينها؟
    كنت في البيت
    ماذا تفعل؟
    أصلي
    و هل لديك شهود؟
    نعم
    من؟
    الله سبحانه كان شاهدا علي..
    ضحك الرجل بسخرية و قال له بكل جرأة: و كيف نأتي به ليشهد؟
    و حينها.. حينها هبّت ريح عاتية.. عاصفة.. حرّكت كل ما في المكتب.. و كسّرت الشبابيك.. و تخيّلنا أنها الساعة قد قامت.. كلّ شيء يتحرّك في الهواء.. الرّجل خاف و كل من هناك خاف و أنا خفت.. الا ابني بقي شامخا في مكانه لم يتحرك.. قام الرجل صارخا : "هزّ عليّا ولدك يا مرا.. هزّ عليّا ولدك..!!" وأوّل ما قام ابني.. هدأت العاصفة و سكن الريح.. و كأن شيئا لم يحدث..
    اخرجونا من هناك ظانّين أن ابني وليا صالحا.. لكني لا أظن ذلك.. بل أعتقد و أجزم.. أعطاه الله كرامة ينقذه بها من الظلم..
    عدت الى البيت..
    أحسست بغصة في قلبي..
    لم أشعر الا و أنا أقول لابني.. علّمني الآن الوضوء و الصلاة..
    قال باكيا: افعلي ما أفعل..
    و فعلت ما فعل.. و صلّيت خلفه..
    لكن في السجود.. لم أرد أن أرفع رأسي.. تركته يكمل صلاته و أنا كملت صلاتي لحالي.. سجدت طويييلا كما كان يفعل.. حمدت الله و استغفرت و تبت لذنبي..
    و بعد الصلاة أحسست أني ولدت من جديد.. قاربت الستين حينها.. لكن سبحان الله.. هل هناك عمر للتوبة؟
    "لا"
    "اذا.. الحمد لله.. أترى كم أمهلني الله لأتوب؟ و كم من فرصة؟ ..الآن أصبحت أكفل الأيتام و أتعلم الخير من جديد.. تفرغت لهذا.. و لأساعد نفسي و ابني.. أقوم بشوية سمسرة و أتاجر قليلا حسب ما تيسّر.. هذه هي حكايتي.. "
    لم أجد ما أقول.. كأني تجمدت في مكاني.. تمنيت لو أبكي..
    قلت لها: "كيف أساعدك؟"
    قالت "لا أريد مساعدة أحد.. أريد حقي.. الايجار الذي وعدتني به فقط."
    و قبل أن تنصرف.. قالت لي "أول مرّة أحكي قصّتي.. إياك أن تفضحني"
    و بعد مدة قابلت ابنها.. كان نورا كما قالت و كما تخيلته.. و ماشاء الله لا قوة الا بالله أوّل ما تراه تحسّ بروحانية و ايمانيات مرتفعة.. و لم أره بعد ذلك و لم أرها.. يقال أنهما سافرا..
    تعمّدت أن أنقل القصة كما هي.. خاصة كلامها.. حذفت منه "ترسّبات" الماضي من كلام و جمل و تركت الباقي كما هو.. حذفت قليلا من التفاصيل و غيرت قليلا حتى لا أفضحها كما تقول.. و أترك لكم و لي المجال للإحساس و التعليق


    ..
    [/size]
    الفلسطيني
    الفلسطيني
    عضو نشيط جدا
    عضو نشيط جدا


    ذكر عدد الرسائل : 189
    البلد : حيث كتب الله لي ان اكون
    الهوايات المفضلة : الانترنت
    nbsp : السمساره والريح 15781611
    درجات الاجاده : 0
    نقاط : 62390

    السمساره والريح Empty رد: السمساره والريح

    مُساهمة من طرف الفلسطيني 4/11/2007, 11:46 pm

    جزاك الله خيرا اختي طيورجنه الرحمن
    وفعلا قصه مؤثره جدا
    وجعلها في ميزان حسناتك

      الوقت/التاريخ الآن هو 22/11/2024, 4:11 am