الفرق بين دفع السيئة ومحو السيئة والمغفرة
[ قال بعض العلماء : إن محو الذنوب والسيئات يُسمى عفو ، والعفو أبلغ من الغفران لأن المغفرة ستر الذنوب والعفو محو وإحسان وذلك من فضل الله ورحمته . وقال الغزالى : العفو قريب من الغفور ولكنه أبلغ منه فإن الغفران يُنبئ عن الستر والعفو يُنبئ عن المحو ، والمحو أبلغ من الستر ]
الإجابة : الدفع أى المزاحمة أو الإنهاء أو الصرف أو الرد ، ودفعه أى نحاه وأزاله بقوة ، هذا لغةً .
والدفع شرعاً : الإتيان بحسنة بحيث تربو فى الميزان أمام السيئة كما فى قولخه تعالى { إدفع بالتى هى أحسن السيئة } المؤمنون 96 ، وأحسن الحسن ذكر الله ، فإن كنت صادق وذكرت الله ليس بلسانك فحسب ولكن بقلبك وجارحتك لدفع الله عنك هذه السيئة .
والدفع هو جبر النقص أو معادلة الميزان وزيادة حتى تربو كفة الحسنات ، فالسيئة موجودة لكن الحسنة زادت عليها وثقل بها الميزان .
المحو: هو الإزالة بحيث لا يبقى أثر وكانك أتيت بورقة بيضاء وخططت بها خطوطاً ثم أتيت بممحاة وأزلت بها الخطوط فلم يبقى لها أثر وعادت الورقة بيضاء ، ويوضح هذا الحديث : " إن الله ليبتلى العبد حتى يمشى على الأرض وما عليه خطيئة " فهذا معناه أن سيئاته قد مُحيت ، وهذا قد يكون بالإبتلاء ، فالبلاء محو للخطايا وذلك مع الصبر.
المغفرة : لغةً : أصلها من غفر والغَفْرُ إلباس ما يصونه عن الدنس ومنه اغْفِر ثوبك فى الوعاء وأصبغ ثوبك فإنه أغفر للوسخ ، وقيل : اغفروا هذا الأمر بغفرته أى : استروه بما يجب أن يستر به ( ملحوظة : يُقال للزارع كافر لأنه يستر الحبة ويُغطيها بالتراب فالغَفْر هو الستر والكَفْر ) والغِفارة : خِرقة تستر الخمار أن يمسه دُهن الرأس ، والغفران والمغفرة شرعاً : هو أن يصون الله العبد من أن يمسه العذاب ، قال تعالى { غفرانك ربنا } البقرة 285 ، وقوله تعالى { ومن يغفر الذنوب إلا الله } آل عمران 135 ، والإستغفار : طلب ذلك بالمقال والفِعال قال تعالى { إستغفروا ربكم إنه كان غفّاراً } نوح 10 ،
إذن فالمعصية موجودة وليس لها دافع يستدفعها ، ولم تُمح وزال أثرها ببلاء مثلاً أصاب العبد فى دنياه وصبر لكن هناك أمر ما له عند الله قد يكون توحيد أو إيمان أو موقف ما فيكون هذا سبباً لنيل مغفرة الله سبحانه وتعالى .
فالمغفرة هى وجود ذنب فعله العبد لكن لم يؤثر عليه هذا الذنب لأن الله حجب أثره فأصبحت رحمة الله حامية من أثر هذا الذنب ، فأصل المغفرة من المغفر الذى هو غطاء الرأس الذى يلبسه المقاتل ليحمى رأسه من أذى الحرب ، فكانت المغفرة هى حماية الله للعبد من أثر الذنوب ولكن المعصية أو الذنب نفسه موجود وذلك للحديث فى البخارى : إن الله يكتنف أحد عباده فيقول : أتذكر ذنب كذا يوم كذا ؟ فيقول : نعم يارب ، ويعد عليه ذنوبه فلا يُنكر منها شئ ، ثم يقول الله له : إنى قد غفرتها لك بصيام يوم قائظ شديد الحر ، فيكون ذلك سبباً لمغفرة الله له ، وهذا بالطبع لا يكون إلا للموحدين لأن الله عز وجل لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فالمشرك لا يدخل الجنة ولا يُغفر له وإن صام وصلى ، فلابد من وجود الأصول والثوابت لنيل مغفرة الله عز وجل .
ومن جهة أيهم أفضل : فالمحو هو الأفضل لأن الله لا يُعطيه إلا لأهل محبته ، فالله يبتلى المرء على قدر دينه ، فإن وجد فى دينه صلابة زيد له فى البلاء حتى يمشى على الأرض وليس عليه خطيئة وهؤلاء هم الصابرون الذين يُوفون أُجورهم بغير حساب ، فإذا جاءك البلاء فاعلم أن باباً للجنة قد فُتح لك فلا تُغلقه أنت بعدم الصبر والسخط ولأن الذى قدّر البلاء هو رب العالمين فأصبر لتكون من أهل الجنة .
لكن إعلم .. أن الذى غفر له ذنبه فى الجنة والذى مُحيت يسئاته فى الجنة والمدفوع سيئاته فى الجنة لكن الجنة درجات كما أن النار دركات ..
وأعلم أنك مطالب بأن تدفع وأن تصبر ومطالب بأن تطلب أسباب المغفرة لأنك قد تفعل ما يدفع ولا يدفع ، ويمكن أن تُبتلى فلا تصبر ، فالرجاء أن يمن الله عليك بالمغفرة ،وهذا سر كثرة ذكر المغفرة فى القرآن لأن الجميع يقع تحتها ، أما الدفع والمحو لا يبلغه إلا البعض .
قال العلماء : إن حظ العبد من إسم ربه الغفار أن الله يغفر لذاكره ويستر قبيح أعماله ويغطيها بجميل ظاهره
وجزاكم الله خيرا
اسأله سبحانه ان ينفعكم به
منقول للافادة