نمت و أنا أفكر فيها ، فرأيتها فى منامى
اعترضتنى و أنا سائر فى طريقى ... حلوة ... متزينة كأشد ما يكون التزين .. متعطرة ... جاذبيتها شديدة جداً و كأنها تحمل فى داخلها مغناطيس رهيب ... بصراحة هى فاتنة بكل ما تحمله الكلمة من معان
و برغم ذلك لَمَّا رأيتها أجفلت .. ارتعدت .. خفت أن أقع فى شباكها
و بصعوبة حولت نظرى عنها و استدرت و أعطيتها ظهرى و سرت فى طريق آخر ، فأسرعت الخطى و لحقت بى ووقفت أمامى ، و ابتسمت فى وجهى ابتسامة آسرة ، كدت أذوب منها
احمر وجهى و تسارعت أنفاسى و أحسست بشعور الذى يقف أمام أتون مشتعل
أخرجت منديلى أجفف عرقى ، فإذا بابتسامتها تتسع ، و نظرة ثقة مفرطة تشيع فى وجهها الجميل . ثم كلمتنى فإذا صوتها كأعذب ما تكون الموسيقى
سألتنى : كيف حالك ؟
فرددت عليها بصوت مرتعش : بخير ... ما دمت بعيدة عنى
ابتسمت ساخرة و قالت : يااه ... هكذا ؟
كدت أفقد سيطرتى على نفسى فتعمدت أن يكون صوتى خشناً و أنا أقول لها : نعم .. هكذا
سألتنى : لما تعاملنى هذه المعاملة السيئة ؟
- أنا لا أريد أن أعاملك أصلاً
- لماذا تهرب منى ؟
- لأنى أعرفك جيداً
- و ماذا تعرف عنى ؟
- أعرف أنه لا أمان لك
- من أنبأك هذا ؟
- عشاقك القدامى
- و ما أدراك أنهم لم يغشوك ؟
- لأنى رأيتهم بنفسى و هم يلعنونك بعدما أفاقوا و عرفوا حقيقتك
- و برغم ذلك لو أشرت لأحدهم لجائنى حبواً
- فقلت لها بحدة : إذن فاذهبى لأحدهم و إليك عنى
ثم استدرت لأنطلق ، فأمسكت بذراعى و التفت لتقف أمامى مرة أخرى فأحسست بطراوة يديها و ملأ خياشمى عطرها الفواح فأحسست دواراً ... جميلة هي و شهية ... لا أستطيع أن أنكر هذا
آه لو تركت لها نفسى ، إذن لاستمتعت استماعاً لا حد ، و لكنى أفقت من خيالاتى
قالت لى بإغراء :
- أنا لا أريد أحداً غيرك
- ماذا تريدين منى ؟
- أنا لا أريد منك شيئاً ... أنا أريدك أنت
- و ماذا تفعلين بى ؟
- أريد أن أسعدك ... أريد أن أملأ حياتك بهجة و سروراً
نظرت فى عينيها فكدت أنهزم أمام جيوش أهدابها الطويلة ، فهززت رأسى و كأنى أنفض عن نفسى الخور
- لا تحاولى معى فلست كغيرى ممن وقع فى شباكك
ضحكت فى استهتار و قالت :
- كلهم قال مثل ما قلت
أحسست بثورة من سخريتها و كلامها فحاولت أن أقول لها كلاماً يجرحها و لكنى أحجمت ، و شعرت هى بما فى داخلى فقالت بصوت خافت :
- لا تخف منى ... جربنى .. و إن لم أعجبك اتركنى
- و لماذا أقدم على شيء أعلم من البداية أنه خاسر
- أنت شاب ... و الشباب يحبون المغامرة .. فلم لا تجرب ؟
- نعم ... أنا أحب المغامرة لا الانتحار
- أتسمى حبك لى انتحاراً ؟
- حبى لك ؟! هل ظننت أنى فى يوم الأيام سوف أحبك
- و لماذا لا تحبنى ؟ أنا جميلة و غنية و صاحبة نفوذ
- و لكنك فاجرة
لا أدرى كيف خرجت هذه الكلمة من فمى و ظننت أنها ستنفجر فى و لكنى فوجئت برد فعلها البارد
- أهكذا ترانى ؟
كانت الكلمة قد خرجت منى و لم يعد هناك مجال للتراجع لذا قلت لها :
- نعم ... هكذا أراك
- أفسدوك على
- من هؤلاء ؟
- الذين تسمع منهم ، لم لا تجرب لعلك تنجح فيما فشلوا فيه ؟
- و لماذا أجرب شيئاً أخبرنى من أثق فيه أنه سيضرنى و لا ينفعنى
- لم أكن أعلم أنك إمعة
- إمعة ؟
- نعم .... كنت أحسب أنك سيد قرارك
- آه ... أسلوب جديد لإثارتى و تحفيزى على ما تبتغين ... هيهات .. لا تحاولى
- أنت لا تفهمنى
- أنا أفهمك جيداً ... لأجل هذا أن أهرب منك
- سأجعلك ملكاً
- بئس الملك الذى يأتينى عن طريقك
- سأجعلك غنياً
- لا أريد غناك
- أقبل و لا تخف
- إليك عنى ... لا تقتربى منى ... أنا و أنت لا يمكن أن نتحد أو نكون خليلين أبداً
- ستندم
- سأندم لو أطعتك
- لن تستطيع أن تقاومنى إلى الأبد
- سأقاومك ما حييت
- و أنا سأجعلك هدفى ما حييت ... و أراهنك أنى سأنتصر عليك
- ستخسرين الرهان
اقتربت منى أكثر حتى كادت تلتصق بى ، فأحسست فوراناً و مادت بى الأرض ، فأنا أضعف مما أحاول أن أبدو ، و شعرت هى بذلك فابتسمت و قالت لى :
- أحبك
كادت تقضى على ما تبقى من لدى من عزم ، و حاولت أن أتكلم فلم يصل الكلام إلى لسانى ، فاتسعت ابتسامتها و قالت
- أعلم أنك تحبنى ، و لكنك تكابر
- أنا لا أحبك
- بل تحبنى ، و أنا أشعر بذلك
- ..........
- لا تكابر
- ..........
- لا تعاند
- .......
- لا تضيع هذه الفرصة من يدك
أغمضت عينى و أحاطت بعقلى سحابة من الأحلام ، المال ، الجمال ، السلطة ، النفوذ ، الشهرة ، كل هذا يتحقق بإشارة من يدى
الأمر ليس بالخطورة التى تصورتها ، الأمر يستحق بعض التضحيات القليلة
كانت تشعر بما يعتمل فى داخلى ، فأحبت أن تطرق الحديد و هو ساخن
- ماذا قلت يا مليكى
فتحت عينى و نظرت إليها ، و سمعت صوتاً داخلى يبتعد رويداً رويداً و يخفت رويداً رويداً يقول لى : أفق قبل فوات الأوان .... أفق قبل فوات .... أفق قبل .... أفق ... أفـ..
قلت لها بضعف :
- و ما يضمن لى أنك لن تفعلى بى مثل ما فعت بمن سبقنى ؟
فقالت بدلال : أنظر فى عينى
فنظرت فى عينيها فإذا بحر من الأسرار ، وسمعت صوتها عميقاً يقول :
- هل هذه عين كاذبة
فقلت كالمسحور : أبداً
- هل ستأتى معى ؟
هززت رأسى أن : نعم
قالت : إذن بقى أمر
- ما هو ؟
أخرجت من حقيبة يدها ورقة و قلماً ؟
فسألتها : ما هذا ؟
- هذا إقرار منك بأنك أتيت معى برغبتك ، و أنك بمجرد أن توقع على هذا الإقرار فإنك ملكى
- و لماذا ؟
- حتى أضمن أنك لن تتراجع مرة أخرى
ترددت .. أنا بهذا أبيع لها نفسى بمقابل لم أقبضه بعد
أحست بترددى فاستعملت سحرها مرة أخرى ، أحاطت وجهى بكفيها الرقيقين و عبأت خياشمى بأريجها فكأنما خدرتنى ، فأمسكت بالقلم و الورقة ووقعت ،فأطل من عينيها بريق النصر
ثم ضحكت فأشرقت نفسى و أمسكت بيدى و قادتنى كالطفل و أن أتعجب من موقفى الذى تبدل فى لحظات ، و لكنى أقنعت نفسى أننى الآن على صواب و موقفى السابق كان مبالغاً فيه
سرت وراءها حتى دخلنا قصرها ، صعدت وراءها إلى غرفتها
و أغلقت الباب خلفنا ، فأصابتنى قشعريرة ، و سألت نفسى هل حقاً أنا معها وحدنا
هل حقاً سأستمتع بهذا الجمال وحدى
وقفت عند الباب لا أجرؤ على الاقتراب منها فمنحتنى أجمل ابتسامتها ثم استدارت إلى المرآة و نظرت إلى انعكاس صورتى فيها ووضعت يدها على رأسها و نزعت شعرها المستعار
امتلأت نفسى بالذعر .... ما هذا ... إنها شمطاء ... شعرها أشعث أبيض كالقطن
ثم مدت يدها إلى رموشها و نزعتها و إلى عينيها فنزعت عدساتها فبانت عينها على حقيقتها
ثم مدت يدها داخل فمها و نزعت طاقم أسنانها
لم يبق من الحسناء التى أسرتنى منذ قليل إلا مسخ
ندت منى صرخة سمعتها فالتفتت فى هدوء و سألتى :
- ماذا بك ؟
- أنت عجوز
- و ماذا فى هذا ؟
- و قبيحة جداً
- أنت قلت أنك تعرفنى جيداً
- لم أكن أعرف بهذا القبح
- هذا شأنك ... كان ينبغى أن تتوقع هذا
- أنت غششتنى
- أنا لم أغشك ... أنت غششت نفسك
- أنت سحرتنى
- ليس لدى هذه القدرة .... أنت أقنعت نفسك بهذا
- ليتنى ما تبعتك
- فات أوان الندم
- ماذا تعنين ؟
- أنسيت أنك الآن ملكى
- كيف ؟
- أنسيت أنك وقعت إقراراً بذلك ؟
- أيتها المخادعة ؟
- أنت الذى خدع نفسه و أقنعها بالسراب
- ألححت على ... حتى ضعفت
- بل كنت ضعيفاً من البداية
- حذرونى منك
- و لم تسمع لهم
- كنت شديدة القوة
- بل أنت شديد الضعف
- لن أستسلم لك
- ليس هذا بمقدورك الآن
- بل بمقدورى
- و الإقرار
- لا يلزمنى ... لن أنفذه
- هل تظن أنك تستطيع ذلك
- نعم أستطيع
- أتتحدانى
- نعم أتحداك ... أيتها الشمطاء القبيحة
- ما زال لدى ما يغريك ... لدى المال و السلطة و النفوذ
- أدركت الآن أن كل ما لديك سراب
- لا تتسرع
- بل لقد تسرعت حينما وافقتك
- و ماذا ستصنع الآن ؟
- سأهرب ... سأجرى ... سأنطلق .... سأفر بجلدى
- حاول
استدرت و جريت فوقعت على وجهى ، و نظرت إلى قدمى فوجدت أن بها أغلالاً لا أدرى متى وضعت فى قدمى
تعالت ضحكاتها الشيطانية ، و مددت يدى أحاول أن أفك تلك القيود و لكنى وجدتها محكمة عسيرة الفك
سألتها : ماذا فعلت بى ؟
- بل ماذا فعلت بنفسك ؟
- غررتنى
- هذه مهنتى
- خدعتنى
- هذه وظيفتى
- كنت أحسبك حلوة خضرة
- و ماذا وجدتنى
- جيفة قذرة
- لن تكون أول و لا آخر من أستطيع خداعه
- أنت حقاً متاع الغرور ، لو استطعت أن أخرج الآن و أنادى و أصرخ فى الناس
أيها الناس لا تغتروا فى الدنيا ... إنها سراب زائل و متاع كاذب ... اعتبروا بمن سقط فى شراكها قبلكم
قالت لى و كأنها تنصحنى :
- لا تتعب نفسك هم يعلمون ،و مع ذلك سيصنعون مثل ما صنعت إلى يوم القيامة
- أعوذ بالله منك ... أعوذ بالله منك ... أعوذ بالله منك ...
*******************
استيقظت ... الحمد لله ... ما زلت على البر ... لن تخدعنى ... لن تقهرنى .... سأتمسك بدينى و سأستعين بالله عليها .
أسأل الله تعالى أن ينجينى منها و من خطرها
منقول
اعترضتنى و أنا سائر فى طريقى ... حلوة ... متزينة كأشد ما يكون التزين .. متعطرة ... جاذبيتها شديدة جداً و كأنها تحمل فى داخلها مغناطيس رهيب ... بصراحة هى فاتنة بكل ما تحمله الكلمة من معان
و برغم ذلك لَمَّا رأيتها أجفلت .. ارتعدت .. خفت أن أقع فى شباكها
و بصعوبة حولت نظرى عنها و استدرت و أعطيتها ظهرى و سرت فى طريق آخر ، فأسرعت الخطى و لحقت بى ووقفت أمامى ، و ابتسمت فى وجهى ابتسامة آسرة ، كدت أذوب منها
احمر وجهى و تسارعت أنفاسى و أحسست بشعور الذى يقف أمام أتون مشتعل
أخرجت منديلى أجفف عرقى ، فإذا بابتسامتها تتسع ، و نظرة ثقة مفرطة تشيع فى وجهها الجميل . ثم كلمتنى فإذا صوتها كأعذب ما تكون الموسيقى
سألتنى : كيف حالك ؟
فرددت عليها بصوت مرتعش : بخير ... ما دمت بعيدة عنى
ابتسمت ساخرة و قالت : يااه ... هكذا ؟
كدت أفقد سيطرتى على نفسى فتعمدت أن يكون صوتى خشناً و أنا أقول لها : نعم .. هكذا
سألتنى : لما تعاملنى هذه المعاملة السيئة ؟
- أنا لا أريد أن أعاملك أصلاً
- لماذا تهرب منى ؟
- لأنى أعرفك جيداً
- و ماذا تعرف عنى ؟
- أعرف أنه لا أمان لك
- من أنبأك هذا ؟
- عشاقك القدامى
- و ما أدراك أنهم لم يغشوك ؟
- لأنى رأيتهم بنفسى و هم يلعنونك بعدما أفاقوا و عرفوا حقيقتك
- و برغم ذلك لو أشرت لأحدهم لجائنى حبواً
- فقلت لها بحدة : إذن فاذهبى لأحدهم و إليك عنى
ثم استدرت لأنطلق ، فأمسكت بذراعى و التفت لتقف أمامى مرة أخرى فأحسست بطراوة يديها و ملأ خياشمى عطرها الفواح فأحسست دواراً ... جميلة هي و شهية ... لا أستطيع أن أنكر هذا
آه لو تركت لها نفسى ، إذن لاستمتعت استماعاً لا حد ، و لكنى أفقت من خيالاتى
قالت لى بإغراء :
- أنا لا أريد أحداً غيرك
- ماذا تريدين منى ؟
- أنا لا أريد منك شيئاً ... أنا أريدك أنت
- و ماذا تفعلين بى ؟
- أريد أن أسعدك ... أريد أن أملأ حياتك بهجة و سروراً
نظرت فى عينيها فكدت أنهزم أمام جيوش أهدابها الطويلة ، فهززت رأسى و كأنى أنفض عن نفسى الخور
- لا تحاولى معى فلست كغيرى ممن وقع فى شباكك
ضحكت فى استهتار و قالت :
- كلهم قال مثل ما قلت
أحسست بثورة من سخريتها و كلامها فحاولت أن أقول لها كلاماً يجرحها و لكنى أحجمت ، و شعرت هى بما فى داخلى فقالت بصوت خافت :
- لا تخف منى ... جربنى .. و إن لم أعجبك اتركنى
- و لماذا أقدم على شيء أعلم من البداية أنه خاسر
- أنت شاب ... و الشباب يحبون المغامرة .. فلم لا تجرب ؟
- نعم ... أنا أحب المغامرة لا الانتحار
- أتسمى حبك لى انتحاراً ؟
- حبى لك ؟! هل ظننت أنى فى يوم الأيام سوف أحبك
- و لماذا لا تحبنى ؟ أنا جميلة و غنية و صاحبة نفوذ
- و لكنك فاجرة
لا أدرى كيف خرجت هذه الكلمة من فمى و ظننت أنها ستنفجر فى و لكنى فوجئت برد فعلها البارد
- أهكذا ترانى ؟
كانت الكلمة قد خرجت منى و لم يعد هناك مجال للتراجع لذا قلت لها :
- نعم ... هكذا أراك
- أفسدوك على
- من هؤلاء ؟
- الذين تسمع منهم ، لم لا تجرب لعلك تنجح فيما فشلوا فيه ؟
- و لماذا أجرب شيئاً أخبرنى من أثق فيه أنه سيضرنى و لا ينفعنى
- لم أكن أعلم أنك إمعة
- إمعة ؟
- نعم .... كنت أحسب أنك سيد قرارك
- آه ... أسلوب جديد لإثارتى و تحفيزى على ما تبتغين ... هيهات .. لا تحاولى
- أنت لا تفهمنى
- أنا أفهمك جيداً ... لأجل هذا أن أهرب منك
- سأجعلك ملكاً
- بئس الملك الذى يأتينى عن طريقك
- سأجعلك غنياً
- لا أريد غناك
- أقبل و لا تخف
- إليك عنى ... لا تقتربى منى ... أنا و أنت لا يمكن أن نتحد أو نكون خليلين أبداً
- ستندم
- سأندم لو أطعتك
- لن تستطيع أن تقاومنى إلى الأبد
- سأقاومك ما حييت
- و أنا سأجعلك هدفى ما حييت ... و أراهنك أنى سأنتصر عليك
- ستخسرين الرهان
اقتربت منى أكثر حتى كادت تلتصق بى ، فأحسست فوراناً و مادت بى الأرض ، فأنا أضعف مما أحاول أن أبدو ، و شعرت هى بذلك فابتسمت و قالت لى :
- أحبك
كادت تقضى على ما تبقى من لدى من عزم ، و حاولت أن أتكلم فلم يصل الكلام إلى لسانى ، فاتسعت ابتسامتها و قالت
- أعلم أنك تحبنى ، و لكنك تكابر
- أنا لا أحبك
- بل تحبنى ، و أنا أشعر بذلك
- ..........
- لا تكابر
- ..........
- لا تعاند
- .......
- لا تضيع هذه الفرصة من يدك
أغمضت عينى و أحاطت بعقلى سحابة من الأحلام ، المال ، الجمال ، السلطة ، النفوذ ، الشهرة ، كل هذا يتحقق بإشارة من يدى
الأمر ليس بالخطورة التى تصورتها ، الأمر يستحق بعض التضحيات القليلة
كانت تشعر بما يعتمل فى داخلى ، فأحبت أن تطرق الحديد و هو ساخن
- ماذا قلت يا مليكى
فتحت عينى و نظرت إليها ، و سمعت صوتاً داخلى يبتعد رويداً رويداً و يخفت رويداً رويداً يقول لى : أفق قبل فوات الأوان .... أفق قبل فوات .... أفق قبل .... أفق ... أفـ..
قلت لها بضعف :
- و ما يضمن لى أنك لن تفعلى بى مثل ما فعت بمن سبقنى ؟
فقالت بدلال : أنظر فى عينى
فنظرت فى عينيها فإذا بحر من الأسرار ، وسمعت صوتها عميقاً يقول :
- هل هذه عين كاذبة
فقلت كالمسحور : أبداً
- هل ستأتى معى ؟
هززت رأسى أن : نعم
قالت : إذن بقى أمر
- ما هو ؟
أخرجت من حقيبة يدها ورقة و قلماً ؟
فسألتها : ما هذا ؟
- هذا إقرار منك بأنك أتيت معى برغبتك ، و أنك بمجرد أن توقع على هذا الإقرار فإنك ملكى
- و لماذا ؟
- حتى أضمن أنك لن تتراجع مرة أخرى
ترددت .. أنا بهذا أبيع لها نفسى بمقابل لم أقبضه بعد
أحست بترددى فاستعملت سحرها مرة أخرى ، أحاطت وجهى بكفيها الرقيقين و عبأت خياشمى بأريجها فكأنما خدرتنى ، فأمسكت بالقلم و الورقة ووقعت ،فأطل من عينيها بريق النصر
ثم ضحكت فأشرقت نفسى و أمسكت بيدى و قادتنى كالطفل و أن أتعجب من موقفى الذى تبدل فى لحظات ، و لكنى أقنعت نفسى أننى الآن على صواب و موقفى السابق كان مبالغاً فيه
سرت وراءها حتى دخلنا قصرها ، صعدت وراءها إلى غرفتها
و أغلقت الباب خلفنا ، فأصابتنى قشعريرة ، و سألت نفسى هل حقاً أنا معها وحدنا
هل حقاً سأستمتع بهذا الجمال وحدى
وقفت عند الباب لا أجرؤ على الاقتراب منها فمنحتنى أجمل ابتسامتها ثم استدارت إلى المرآة و نظرت إلى انعكاس صورتى فيها ووضعت يدها على رأسها و نزعت شعرها المستعار
امتلأت نفسى بالذعر .... ما هذا ... إنها شمطاء ... شعرها أشعث أبيض كالقطن
ثم مدت يدها إلى رموشها و نزعتها و إلى عينيها فنزعت عدساتها فبانت عينها على حقيقتها
ثم مدت يدها داخل فمها و نزعت طاقم أسنانها
لم يبق من الحسناء التى أسرتنى منذ قليل إلا مسخ
ندت منى صرخة سمعتها فالتفتت فى هدوء و سألتى :
- ماذا بك ؟
- أنت عجوز
- و ماذا فى هذا ؟
- و قبيحة جداً
- أنت قلت أنك تعرفنى جيداً
- لم أكن أعرف بهذا القبح
- هذا شأنك ... كان ينبغى أن تتوقع هذا
- أنت غششتنى
- أنا لم أغشك ... أنت غششت نفسك
- أنت سحرتنى
- ليس لدى هذه القدرة .... أنت أقنعت نفسك بهذا
- ليتنى ما تبعتك
- فات أوان الندم
- ماذا تعنين ؟
- أنسيت أنك الآن ملكى
- كيف ؟
- أنسيت أنك وقعت إقراراً بذلك ؟
- أيتها المخادعة ؟
- أنت الذى خدع نفسه و أقنعها بالسراب
- ألححت على ... حتى ضعفت
- بل كنت ضعيفاً من البداية
- حذرونى منك
- و لم تسمع لهم
- كنت شديدة القوة
- بل أنت شديد الضعف
- لن أستسلم لك
- ليس هذا بمقدورك الآن
- بل بمقدورى
- و الإقرار
- لا يلزمنى ... لن أنفذه
- هل تظن أنك تستطيع ذلك
- نعم أستطيع
- أتتحدانى
- نعم أتحداك ... أيتها الشمطاء القبيحة
- ما زال لدى ما يغريك ... لدى المال و السلطة و النفوذ
- أدركت الآن أن كل ما لديك سراب
- لا تتسرع
- بل لقد تسرعت حينما وافقتك
- و ماذا ستصنع الآن ؟
- سأهرب ... سأجرى ... سأنطلق .... سأفر بجلدى
- حاول
استدرت و جريت فوقعت على وجهى ، و نظرت إلى قدمى فوجدت أن بها أغلالاً لا أدرى متى وضعت فى قدمى
تعالت ضحكاتها الشيطانية ، و مددت يدى أحاول أن أفك تلك القيود و لكنى وجدتها محكمة عسيرة الفك
سألتها : ماذا فعلت بى ؟
- بل ماذا فعلت بنفسك ؟
- غررتنى
- هذه مهنتى
- خدعتنى
- هذه وظيفتى
- كنت أحسبك حلوة خضرة
- و ماذا وجدتنى
- جيفة قذرة
- لن تكون أول و لا آخر من أستطيع خداعه
- أنت حقاً متاع الغرور ، لو استطعت أن أخرج الآن و أنادى و أصرخ فى الناس
أيها الناس لا تغتروا فى الدنيا ... إنها سراب زائل و متاع كاذب ... اعتبروا بمن سقط فى شراكها قبلكم
قالت لى و كأنها تنصحنى :
- لا تتعب نفسك هم يعلمون ،و مع ذلك سيصنعون مثل ما صنعت إلى يوم القيامة
- أعوذ بالله منك ... أعوذ بالله منك ... أعوذ بالله منك ...
*******************
استيقظت ... الحمد لله ... ما زلت على البر ... لن تخدعنى ... لن تقهرنى .... سأتمسك بدينى و سأستعين بالله عليها .
أسأل الله تعالى أن ينجينى منها و من خطرها
منقول