[b]منقال الولد لأبيه : ألا ترى إلى جارنا قد قلّ ماله ، وكاد يخسر كل تجارته.
قال الوالد : نسأل الله أن يحفظه ومالَه ، فمن علائم الإيمان – يا بني – أن تدعو لأخيك المؤمن ما ترغبه لنفسك .
قال الابن : ليس هذا ما أردتُ يا أبي ، وإن كنت أدعو له بالرزق الوافر.
قال الأب : وما الذي أردتـَه يا بني من ذلك؟
قال الابن : أردتُ أن انبهك إلى أنني طالبتُه بدين لنا عليه ، فسكتَ والألم باد في وجهه ، ثم طلب أن نؤجله قليلاً .
قال الأب : كان عليك – وقد عرفتَ حاجته – أن تـُنظره، لا أن تحرجه .
قال الابن : إن انتظارنا فترة أخرى قد يجعلنا نخسر مالنا حين يفتقر تماماً ، فرغبت استنجازه قبل أن يضيع كل شيء .
قال الأب : إنك بهذا تزيد الطين بلة ، وتؤذيه .
قال الابن : ولكنه حقنا ؛ با أبي .
قال الأب : أين أنت من وصية الرسول صلى الله عليه وسلم بالجار " حتى كاد أن يورّثه " وأين حُسنُ العِشرة؟!... إن الله يسأل عن صحبة ساعة ... أين أنت كذلك من قول الله تعالى " وإن كان ذو عُسرة فنَظِرَةٌ إلى ميسرة "؟
- الابن ساكت –
أردف الأب قائلاً : أتحب – لوكنت مكانه – أن يطالبك بمثل ما تُطالبه ؟!
- ظل الابن ساكتاً –
واستمر الأب قائلاً بصيغة السؤال : أتدري جزاء من يتجاوز عن المُعسر ؟
قال الابن متسائلاً في حياء : وما جزاؤه يا أبَتِ ، حفظك الله مربياً ومعلماً ؟
قال الأب : جزاؤه الجنة ، وقبل ذلك غفران الله وعفوه اللذان يكونان سبباً في دخول الجنة .
قال الابن : كيف ذلك يا والدي ، وضح جزاك الله الخير والجنة .
قال الأب : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلسه المعتاد في الروضة المشرفة بعد الصلاة يعلم الناس ، ويعظهم أن يكونوا يداً واحدة ، ومجتمعاً متكافلاً فقال :
حوسب رجلٌ ممن كان قبلكم ، كان غنياً موسراً ، آتاه الله مالاً وافراً ، فلما وقف بين يدي الله تعالى قال الله سبحانه له – وهو أعلم بما فعل - : ماذا عملت في الدنيا فيما آتيتك من مال ؛ يا عبدي ؟
قال : هل أستطيع أن اكتمك- يا رب - حديثاً ، وأنت علام الغيوب ؟ .. تعلم ما كان وما يكون ، وما لا يكون لو كان كيف كان يكون . !! كنت – يا رب – حين آتيتني مالاً أبايع الناس ، وأنت نُصب عيني ، فأعاملهم معاملة هينة لينة ، أتجاوز عن هفَواتهم ، وأتيسّر على الموسر ، وأُنظرُ المعسر .
قال تعالى : فهل مَن يشهد على ذلك ؟
قال الرجل : كنت أقول لفتاي : إذا أتـَيتَ معسراً فتجاوز عنه ، لعل الله أن يتجاوز عنا .
قال تعالى : فلم كنت تفعل هذا يا عبدي ؟
قال الرجل : ليس لي من عمل الخير إلا القليل ، فقلتُ : أُيَسّر على عباد الله ، فيُيَسّرَ الله عليّ .
قال تعالى : أنا عند حسن ظن عبدي بي ، وأنا أحق بذا منه ... تجاوزوا عن عبدي ...
فأدخلتْه الملائكة الجنّة معزّزاً مكرّما .
قال الابن : فاز الرجل إذ ِاشترى الآخرة بالدنيا .
قال الأب : أفلا تقتفي أثَره ، ونسير على خُطاه ، يا ولدي ؟
قال الابن : بلى يا والدي ، جزاك الله عني كل خير ، وأدخلني وإياك في زمرة عباده الصالحين ، وأظلّنا يوم القيامة تحت عرشه ، يوم لا ظلّ إلا ظلُّه .
من رواية البخاري ومسلم والترمذي
رياض الصالحين /باب فضل السماحة في البيع والشراء
قصص النبي صلي الله علية وسلم
قال الوالد : نسأل الله أن يحفظه ومالَه ، فمن علائم الإيمان – يا بني – أن تدعو لأخيك المؤمن ما ترغبه لنفسك .
قال الابن : ليس هذا ما أردتُ يا أبي ، وإن كنت أدعو له بالرزق الوافر.
قال الأب : وما الذي أردتـَه يا بني من ذلك؟
قال الابن : أردتُ أن انبهك إلى أنني طالبتُه بدين لنا عليه ، فسكتَ والألم باد في وجهه ، ثم طلب أن نؤجله قليلاً .
قال الأب : كان عليك – وقد عرفتَ حاجته – أن تـُنظره، لا أن تحرجه .
قال الابن : إن انتظارنا فترة أخرى قد يجعلنا نخسر مالنا حين يفتقر تماماً ، فرغبت استنجازه قبل أن يضيع كل شيء .
قال الأب : إنك بهذا تزيد الطين بلة ، وتؤذيه .
قال الابن : ولكنه حقنا ؛ با أبي .
قال الأب : أين أنت من وصية الرسول صلى الله عليه وسلم بالجار " حتى كاد أن يورّثه " وأين حُسنُ العِشرة؟!... إن الله يسأل عن صحبة ساعة ... أين أنت كذلك من قول الله تعالى " وإن كان ذو عُسرة فنَظِرَةٌ إلى ميسرة "؟
- الابن ساكت –
أردف الأب قائلاً : أتحب – لوكنت مكانه – أن يطالبك بمثل ما تُطالبه ؟!
- ظل الابن ساكتاً –
واستمر الأب قائلاً بصيغة السؤال : أتدري جزاء من يتجاوز عن المُعسر ؟
قال الابن متسائلاً في حياء : وما جزاؤه يا أبَتِ ، حفظك الله مربياً ومعلماً ؟
قال الأب : جزاؤه الجنة ، وقبل ذلك غفران الله وعفوه اللذان يكونان سبباً في دخول الجنة .
قال الابن : كيف ذلك يا والدي ، وضح جزاك الله الخير والجنة .
قال الأب : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلسه المعتاد في الروضة المشرفة بعد الصلاة يعلم الناس ، ويعظهم أن يكونوا يداً واحدة ، ومجتمعاً متكافلاً فقال :
حوسب رجلٌ ممن كان قبلكم ، كان غنياً موسراً ، آتاه الله مالاً وافراً ، فلما وقف بين يدي الله تعالى قال الله سبحانه له – وهو أعلم بما فعل - : ماذا عملت في الدنيا فيما آتيتك من مال ؛ يا عبدي ؟
قال : هل أستطيع أن اكتمك- يا رب - حديثاً ، وأنت علام الغيوب ؟ .. تعلم ما كان وما يكون ، وما لا يكون لو كان كيف كان يكون . !! كنت – يا رب – حين آتيتني مالاً أبايع الناس ، وأنت نُصب عيني ، فأعاملهم معاملة هينة لينة ، أتجاوز عن هفَواتهم ، وأتيسّر على الموسر ، وأُنظرُ المعسر .
قال تعالى : فهل مَن يشهد على ذلك ؟
قال الرجل : كنت أقول لفتاي : إذا أتـَيتَ معسراً فتجاوز عنه ، لعل الله أن يتجاوز عنا .
قال تعالى : فلم كنت تفعل هذا يا عبدي ؟
قال الرجل : ليس لي من عمل الخير إلا القليل ، فقلتُ : أُيَسّر على عباد الله ، فيُيَسّرَ الله عليّ .
قال تعالى : أنا عند حسن ظن عبدي بي ، وأنا أحق بذا منه ... تجاوزوا عن عبدي ...
فأدخلتْه الملائكة الجنّة معزّزاً مكرّما .
قال الابن : فاز الرجل إذ ِاشترى الآخرة بالدنيا .
قال الأب : أفلا تقتفي أثَره ، ونسير على خُطاه ، يا ولدي ؟
قال الابن : بلى يا والدي ، جزاك الله عني كل خير ، وأدخلني وإياك في زمرة عباده الصالحين ، وأظلّنا يوم القيامة تحت عرشه ، يوم لا ظلّ إلا ظلُّه .
من رواية البخاري ومسلم والترمذي
رياض الصالحين /باب فضل السماحة في البيع والشراء
قصص النبي صلي الله علية وسلم