بسم الله الرحمن الرحيم ...
مقدمـــــة ،،،
نحمد الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد . ليس كمثله شىء وهو السميع البصير، القائل في قرآنه العظيم : قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ . [ آل عمران : 64 ]
وهو القائل جل جلاله : وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا . [ الاسراء : 111 ]
وهو القائل سبحانه وتعالى : وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ والأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ . [ البقرة : 135 ]
والصلاة والسلام على رسولنا الكريم محمد بن عبد الله وعلى السابقين الأكرمين من الأنبياء والمرسلين ، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ثم أما بعد :
فإن بعض المسلمين يحرص على تجنب الكتابة في موضوع المسيحية ومناقشة أهلها والرد على شبهاتهم لأسباب مختلفة. منها الرضوخ لضغط الأقليات الدينية أو الاكثريات الدينية . ومنها الرغبة في المجاملة . ومنها عدم توفر المعلومات لدى الكاتب . ومنها عدم الاهتمام بالموضوع كله .
ولكننا نرى الأمر من زاوية أخرى. فالأمر في غاية الأهمية من وجهة نظرنا. فمن كان يعتقد أنه يعرف الحقيقة فعليه ألا يبخل على الناس بها، وإلا كان مثل شخص يرى جماعة تكاد تقع في حفرة مهلكة فلا ينبهها إلى خطورة ذلك رغم علمه به . وعندما يتحرك الضمير اليقظ للمرشد العارف فيرشد إلى الطريق الصحيح يكون قد قام بواجبه نحو نفسه ونحو الآخرين. والاستجابة لإرشاده ليست إلزامية، بل اختيارية .
وهكذا شأن هذا الموقع. انشأناه بدافع حب الخير لجميع عباد الله وبدافع الرغبة في أن تعم هداية الله سبحانه وتسود، وبدافع تبيان الحقائق لمن تهمه الحقائق . ولنرد فيه على جميع مزاعم وافتراءات وشبهات أعداء الإسلام ، ونقارن فيه بين عقائدهم وعقائد المسلمين الصحيحة بعبارة سهلة وميسرة . ولاشك بأن من يغمض عينيه عن الحق ويصم أذنيه دون الحق فإنه لن يضر الحق وإنما سيضر نفسه ... وستبقى الشمس ساطعة مضيئة لكل ذي عينين ..
فإلى كل مسيحي يبحث عن الحق نهدي هذا الموقع ..
وإذا كان بعض المسيحيين يجد صعوبة في التخلي عن بعض المعتقدات والعادات الخاطئة . وقد يحاول الأقرباء والأصدقاء إقناعهم بعدم تغيير معتقداتهم . فليتذكر هؤلاء المسيحيون بأن إرضاء الله سبحانه أهم بكثير من إرضاء الناس كما في سفر الأمثال 29 : 25 ، متى 10 : 36 ، 37 . وأننا سنقف أمام خالقنا يوم للمحاسبة دون أن ينفعنا مال أو أهل أو ولد .
والله نسأل أن يجعل عملنا هذا خالصاً له .. إنه الموفق لكل خير والمعين عليه ،،
(الرد علي أن المســـيح ...فداء البشر ورجاء الأمم....)
أولا أقول لا يوجد سبب مقنع للمسلمين لرفض كون المسيح هو فداء البشر
لأن عقيدة الفداء عند النصارى وأصلها الذي بنيت عليه ، وهو قولهم بصلب المسيح عليه السلام ، من العقائد الأساسية عند النصارى ؛ حتى إنهم ليراهنون بالديانة كلها إذا لم تصح هذه العقيدة.
فهل الفداء خلاص لجميع البشر ، كما يقول يوحنا : { يسوع المسيح البار ، شفيع عند الآب ، فهو كفارة لخطايانا ، لا لخطايانا وحدها ، بل لخطايا كل العالم أيضاً } [ رسالة يوحنا الأولى 2/2 ] ، أو هو خاص بمن آمن واعتمد : { من آمن واعتمد خلص ، ومن لم يؤمن يدن } [ مرقس 16/16 ] .
إن المتأمل في سيرة المسيح وأقواله يرى بوضوح أن دعوة المسيح كانت لبني إسرائيل، وهو ما نلمسه في قصة المرأة الكنعانية التي قالت له : { ارحمني يا سيد يا ابن داود . ابنتي مجنونة جداً ، فلم يجبها بكلمة واحدة ، فتقدم إليه تلاميذه ، وطلبوا إليه قائلين : اصرفها لأنها تصيح وراءنا ، فأجاب وقال : لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة ، فأتت وسجدت له قائلة : يا سيد أعني ، فأجاب وقال : ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب} (متى 15/22 - 26) ، فالمسيح لم يقم بشفاء ابنة المرأة الكنعانية ، وهو قادر عليه ، فكيف يقوم بالفداء عن البشرية جمعاء ؟
وهل هذا الخلاص من خطيئة آدم الأولى فقط ، أو هو عام لجميع خطايانا ؟
إن أحدا لا يحمل إثم أحد ، ولا يفديه بنفسه ، كما قال الله تعالى في كتابه الكريم : ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) فاطر/18 .
وهذا هو ما تقرره نصوص كتابكم المقدس : { النفس التي تخطيء هي تموت ، الابن لا يحمل من إثم الأب ، والأب لا يحمل من إثم الابن ، بر البار عليه يكون ، وشر الشرير عليه يكون } [ حزقيال 18/20 - 21 ] .
فليس هناك خطيئة موروثة : { لولا أني جئت وكلمتهم ، لما كانت عليهم خطيئة ، وأما الآن فلا عذر لهم في خطيئتهم . . لولا أني عملت بينهم أعمالاً ما عمل أحد مثلها ، لما كانت لهم خطيئة ، لكنهم الآن رأوا ، ومع ذلك أبغضوني وأبغضوا أبي } [ يوحنا 15/22 - 24 ] .
ولقد وعد الله التائبين بالقبول : { فإذا رجع الشرير عن جميع خطاياه التي فعلها ، وحفظ كل فرائضي وفعل حقاً وعدلاً ، فحياة يحيا ، لا يموت ، كل معاصيه التي فعلها لا تذكر عليه ، بره الذي عمل يحيا } [ حزقيال 18/21-23 ] ، وانظر [ إشعيا 55/7 ]
إن الاتكال على النسب من غير توبة وعمل صالح ، ضرب من الخبال ؛ فمن أبطأ به عمله ، لم يسرع به نسبه ، كما يقول نبينا صلى الله عليه وعلى إخوانه المرسلين وسلم [ صحيح مسلم 2699] ، وهكذا علمكم يوحنا المعمدان ( يحي عليه السلام ) : { يا أولاد الأفاعي من علمكم أن تهربوا من الغضب الآتي ، أثمروا ثمراً يبرهن على توبتكم ، ولا تقولوا لأنفسكم : نحن أبناء إبراهيم ، أقول لكم : إن الله قادر على أن يجعل من هذه الحجارة أبناء لإبراهيم ؛ ها هي الفأس على أصول الشجر : فكل شجرة لا تعطي ثمرا جيدا تقطع ، وترمى في النار } [ متى 3/7 - 11 ] .
إن غفران الذنب بتوبة صاحبه هو اللائق بالله البر الرحيم ، لا الذبح والصليب ، وإراقة الدماء ، هذا ما يقرره الكتاب المقدس :
{ إني أريد رحمة لا ذبيحة ، لأني لم آت لأدعو أبراراً ، بل خطاة إلى التوبة } [ متى 9/13 ]
و لهذا يقول بولس : { طوبى للذين غفرت آثامهم وسترت خطاياهم ، طوبى للرجل الذي لا يحسب له الرب خطية } [ رومية 4/7-8 ] .
ومما يبطل نظرية وراثة الذنب أيضاً النصوص في كتابكم المقدس :
{ لا تَدينوا لئلا تُدانوا ، فكما تدينون تُدانون ، وكما تكيلون يُكال لكم } [ متى 7/1-2 ]
{ فإن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته ، وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله }
[ متى 16/27 ]
وأكد المسيح على أهمية العمل الصالح والبر ، فقال للتلاميذ : { ليس كل من يقول : لي يا رب يا رب ، يدخل ملكوت السموات . بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السموات ، كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم : يا رب يا رب ، أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين ، وباسمك صنعنا قوات كثيرة ، فحينئذ أصرّح لهم : إني لم أعرفكم قط . اذهبوا عني يا فاعلي الإثم } [ متى 7/20-21 ]
فلم يحدثهم عن الفداء الذي سيخلصون به من الدينونة والذين يعملون الصالحات هم فقط الذين ينجون يوم القيامة من الدينونة ، بينما يحمل الذين عملوا السيئات إلى الجحيم ، من غير أن يكون لهم خلاص بالمسيح أو غيره :
{ تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته ، فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة ، والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة } [ يوحنا 5/28-29] .
ويقول بطرس : { أرى أن الله لا يفضل أحدا على أحد في الحقيقة ، فمن خافه من أية أمة كانت ، وعمل الخير ، كان مقبولا عنده } [ أعمال الرسل 10/34-35 ] .
ونعم ، سوف نرى نحن والنصارى المسيح كما هو ؛ عبدا من عباد الله المقربين ، وأنبيائه المرسلين ،
وفي هذا اليوم يتبرأ ممن اتخذه إلها من دون الله ، أو نسب إليه ما لم يقله ، لتعلم ساعتها أنه لم يكن هناك لغز ولا أسرار.
( قُلْ يا أهل الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) آل عمران /64 .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــــ
[للمزيد: انظر حول هذه القضية بتوسع : د . منذر السقار : هل افتدانا المسيح على الصليب و المسيحية الأصلية ص 110 ، 121 ، و د . سعود الخلف : اليهودية والنصرانية ص 238 ] لا تنسوني من صالح الدعاءوأستغفر الله لي ولكم أخوكم في الله (عبدالرحمن حسن)
مقدمـــــة ،،،
نحمد الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد . ليس كمثله شىء وهو السميع البصير، القائل في قرآنه العظيم : قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ . [ آل عمران : 64 ]
وهو القائل جل جلاله : وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا . [ الاسراء : 111 ]
وهو القائل سبحانه وتعالى : وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ والأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ . [ البقرة : 135 ]
والصلاة والسلام على رسولنا الكريم محمد بن عبد الله وعلى السابقين الأكرمين من الأنبياء والمرسلين ، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ثم أما بعد :
فإن بعض المسلمين يحرص على تجنب الكتابة في موضوع المسيحية ومناقشة أهلها والرد على شبهاتهم لأسباب مختلفة. منها الرضوخ لضغط الأقليات الدينية أو الاكثريات الدينية . ومنها الرغبة في المجاملة . ومنها عدم توفر المعلومات لدى الكاتب . ومنها عدم الاهتمام بالموضوع كله .
ولكننا نرى الأمر من زاوية أخرى. فالأمر في غاية الأهمية من وجهة نظرنا. فمن كان يعتقد أنه يعرف الحقيقة فعليه ألا يبخل على الناس بها، وإلا كان مثل شخص يرى جماعة تكاد تقع في حفرة مهلكة فلا ينبهها إلى خطورة ذلك رغم علمه به . وعندما يتحرك الضمير اليقظ للمرشد العارف فيرشد إلى الطريق الصحيح يكون قد قام بواجبه نحو نفسه ونحو الآخرين. والاستجابة لإرشاده ليست إلزامية، بل اختيارية .
وهكذا شأن هذا الموقع. انشأناه بدافع حب الخير لجميع عباد الله وبدافع الرغبة في أن تعم هداية الله سبحانه وتسود، وبدافع تبيان الحقائق لمن تهمه الحقائق . ولنرد فيه على جميع مزاعم وافتراءات وشبهات أعداء الإسلام ، ونقارن فيه بين عقائدهم وعقائد المسلمين الصحيحة بعبارة سهلة وميسرة . ولاشك بأن من يغمض عينيه عن الحق ويصم أذنيه دون الحق فإنه لن يضر الحق وإنما سيضر نفسه ... وستبقى الشمس ساطعة مضيئة لكل ذي عينين ..
فإلى كل مسيحي يبحث عن الحق نهدي هذا الموقع ..
وإذا كان بعض المسيحيين يجد صعوبة في التخلي عن بعض المعتقدات والعادات الخاطئة . وقد يحاول الأقرباء والأصدقاء إقناعهم بعدم تغيير معتقداتهم . فليتذكر هؤلاء المسيحيون بأن إرضاء الله سبحانه أهم بكثير من إرضاء الناس كما في سفر الأمثال 29 : 25 ، متى 10 : 36 ، 37 . وأننا سنقف أمام خالقنا يوم للمحاسبة دون أن ينفعنا مال أو أهل أو ولد .
والله نسأل أن يجعل عملنا هذا خالصاً له .. إنه الموفق لكل خير والمعين عليه ،،
(الرد علي أن المســـيح ...فداء البشر ورجاء الأمم....)
أولا أقول لا يوجد سبب مقنع للمسلمين لرفض كون المسيح هو فداء البشر
لأن عقيدة الفداء عند النصارى وأصلها الذي بنيت عليه ، وهو قولهم بصلب المسيح عليه السلام ، من العقائد الأساسية عند النصارى ؛ حتى إنهم ليراهنون بالديانة كلها إذا لم تصح هذه العقيدة.
فهل الفداء خلاص لجميع البشر ، كما يقول يوحنا : { يسوع المسيح البار ، شفيع عند الآب ، فهو كفارة لخطايانا ، لا لخطايانا وحدها ، بل لخطايا كل العالم أيضاً } [ رسالة يوحنا الأولى 2/2 ] ، أو هو خاص بمن آمن واعتمد : { من آمن واعتمد خلص ، ومن لم يؤمن يدن } [ مرقس 16/16 ] .
إن المتأمل في سيرة المسيح وأقواله يرى بوضوح أن دعوة المسيح كانت لبني إسرائيل، وهو ما نلمسه في قصة المرأة الكنعانية التي قالت له : { ارحمني يا سيد يا ابن داود . ابنتي مجنونة جداً ، فلم يجبها بكلمة واحدة ، فتقدم إليه تلاميذه ، وطلبوا إليه قائلين : اصرفها لأنها تصيح وراءنا ، فأجاب وقال : لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة ، فأتت وسجدت له قائلة : يا سيد أعني ، فأجاب وقال : ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب} (متى 15/22 - 26) ، فالمسيح لم يقم بشفاء ابنة المرأة الكنعانية ، وهو قادر عليه ، فكيف يقوم بالفداء عن البشرية جمعاء ؟
وهل هذا الخلاص من خطيئة آدم الأولى فقط ، أو هو عام لجميع خطايانا ؟
إن أحدا لا يحمل إثم أحد ، ولا يفديه بنفسه ، كما قال الله تعالى في كتابه الكريم : ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) فاطر/18 .
وهذا هو ما تقرره نصوص كتابكم المقدس : { النفس التي تخطيء هي تموت ، الابن لا يحمل من إثم الأب ، والأب لا يحمل من إثم الابن ، بر البار عليه يكون ، وشر الشرير عليه يكون } [ حزقيال 18/20 - 21 ] .
فليس هناك خطيئة موروثة : { لولا أني جئت وكلمتهم ، لما كانت عليهم خطيئة ، وأما الآن فلا عذر لهم في خطيئتهم . . لولا أني عملت بينهم أعمالاً ما عمل أحد مثلها ، لما كانت لهم خطيئة ، لكنهم الآن رأوا ، ومع ذلك أبغضوني وأبغضوا أبي } [ يوحنا 15/22 - 24 ] .
ولقد وعد الله التائبين بالقبول : { فإذا رجع الشرير عن جميع خطاياه التي فعلها ، وحفظ كل فرائضي وفعل حقاً وعدلاً ، فحياة يحيا ، لا يموت ، كل معاصيه التي فعلها لا تذكر عليه ، بره الذي عمل يحيا } [ حزقيال 18/21-23 ] ، وانظر [ إشعيا 55/7 ]
إن الاتكال على النسب من غير توبة وعمل صالح ، ضرب من الخبال ؛ فمن أبطأ به عمله ، لم يسرع به نسبه ، كما يقول نبينا صلى الله عليه وعلى إخوانه المرسلين وسلم [ صحيح مسلم 2699] ، وهكذا علمكم يوحنا المعمدان ( يحي عليه السلام ) : { يا أولاد الأفاعي من علمكم أن تهربوا من الغضب الآتي ، أثمروا ثمراً يبرهن على توبتكم ، ولا تقولوا لأنفسكم : نحن أبناء إبراهيم ، أقول لكم : إن الله قادر على أن يجعل من هذه الحجارة أبناء لإبراهيم ؛ ها هي الفأس على أصول الشجر : فكل شجرة لا تعطي ثمرا جيدا تقطع ، وترمى في النار } [ متى 3/7 - 11 ] .
إن غفران الذنب بتوبة صاحبه هو اللائق بالله البر الرحيم ، لا الذبح والصليب ، وإراقة الدماء ، هذا ما يقرره الكتاب المقدس :
{ إني أريد رحمة لا ذبيحة ، لأني لم آت لأدعو أبراراً ، بل خطاة إلى التوبة } [ متى 9/13 ]
و لهذا يقول بولس : { طوبى للذين غفرت آثامهم وسترت خطاياهم ، طوبى للرجل الذي لا يحسب له الرب خطية } [ رومية 4/7-8 ] .
ومما يبطل نظرية وراثة الذنب أيضاً النصوص في كتابكم المقدس :
{ لا تَدينوا لئلا تُدانوا ، فكما تدينون تُدانون ، وكما تكيلون يُكال لكم } [ متى 7/1-2 ]
{ فإن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته ، وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله }
[ متى 16/27 ]
وأكد المسيح على أهمية العمل الصالح والبر ، فقال للتلاميذ : { ليس كل من يقول : لي يا رب يا رب ، يدخل ملكوت السموات . بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السموات ، كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم : يا رب يا رب ، أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين ، وباسمك صنعنا قوات كثيرة ، فحينئذ أصرّح لهم : إني لم أعرفكم قط . اذهبوا عني يا فاعلي الإثم } [ متى 7/20-21 ]
فلم يحدثهم عن الفداء الذي سيخلصون به من الدينونة والذين يعملون الصالحات هم فقط الذين ينجون يوم القيامة من الدينونة ، بينما يحمل الذين عملوا السيئات إلى الجحيم ، من غير أن يكون لهم خلاص بالمسيح أو غيره :
{ تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته ، فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة ، والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة } [ يوحنا 5/28-29] .
ويقول بطرس : { أرى أن الله لا يفضل أحدا على أحد في الحقيقة ، فمن خافه من أية أمة كانت ، وعمل الخير ، كان مقبولا عنده } [ أعمال الرسل 10/34-35 ] .
ونعم ، سوف نرى نحن والنصارى المسيح كما هو ؛ عبدا من عباد الله المقربين ، وأنبيائه المرسلين ،
وفي هذا اليوم يتبرأ ممن اتخذه إلها من دون الله ، أو نسب إليه ما لم يقله ، لتعلم ساعتها أنه لم يكن هناك لغز ولا أسرار.
( قُلْ يا أهل الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) آل عمران /64 .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــــ
[للمزيد: انظر حول هذه القضية بتوسع : د . منذر السقار : هل افتدانا المسيح على الصليب و المسيحية الأصلية ص 110 ، 121 ، و د . سعود الخلف : اليهودية والنصرانية ص 238 ] لا تنسوني من صالح الدعاءوأستغفر الله لي ولكم أخوكم في الله (عبدالرحمن حسن)