أخي المسلم اعلم و فقك الله أن حلق اللحية مخالف لقول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله وفعل الأنبياء من قبله و الخلفاء بل عامة الصحابة؛ وإعفاءها متابعة لهم.
فاحذرـ أرشدك الله لطاعته ـ من أن تكون ممن يقع عليهم قول الله تعالى
فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ـ سورة النور، الآية ٦٣
و قوله تعالى :
وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ـ سورة النساء، الآية ١١٥
حلق اللحية مخالف لقوله وفعله وحاله صلى الله عليه وسلم .
أولا: الأدلة القولية
١ـ الأمر بإعفاء اللحية :
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْهَكُوا الشَّوَارِبَ وَأَعْفُوا اللِّحَى. ـأخرجه البخاري
عَنْ ابْنِ عُمَرَعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
أَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَأَعْفُوا اللِّحَى.ـمسلم
عَنْ ابْنِ عُمَرَعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
أَنَّهُ أَمَرَ بِإِحْفَاءِ الشَّوَارِبِ وَإِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ.ـمسلم
٢. الأمر بتوفير اللحية :
عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ أَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَأَوْفُوا اللِّحَى.ـمسلم
قال الإمام أحمد :
حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ
خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَشْيَخَةٍ مِنْ الْأَنْصَارٍ بِيضٌ لِحَاهُمْ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ حَمِّرُوا وَصَفِّرُوا وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَتَسَرْوَلَونَ وَلَا يَأْتَزِرُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسَرْوَلُوا وَائْتَزِرُوا وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَتَخَفَّفُونَ وَلَا يَنْتَعِلُونَ قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَخَفَّفُوا وَانْتَعِلُوا وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ قَالَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَقُصُّونَ عَثَانِينَهُمْ وَيُوَفِّرُونَ سِبَالَهُمْ قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُصُّوا سِبَالَكُمْ وَوَفِّرُوا عَثَانِينَكُمْ وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ.
قال الألباني : هذا إسناد حسن.
عَثَانِينَكُمْ : جمع عثنون وهي اللحية.
سِبَالَكُمْ: جمع سبلة ـبالتحريك ـ : الشارب.
٣. إعفاء اللحية مخالفة للمجوس:
إنهم يوفرون سبالهم ويحلقون لحاهم فخالفوهم يعني المجوس .ـ الصحيحة
٤. الأمر بإرخاء اللحية :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُزُّوا الشَّوَارِبَ وَأَرْخُوا اللِّحَى خَالِفُوا الْمَجُوسَ.مسلم
ثانياً : الأدلة الفعلية
١. كثرة شعر لحيته :
عَنْ سِمَاكٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ يَقُولُا
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ شَمِطَ مُقَدَّمُ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ وَكَانَ إِذَا ادَّهَنَ لَمْ يَتَبَيَّنْ وَإِذَا شَعِثَ رَأْسُهُ تَبَيَّنَ وَكَانَ كَثِيرَ شَعْرِ اللِّحْيَةِ فَقَالَ رَجُلٌ وَجْهُهُ مِثْلُ السَّيْفِ قَالَ لَا بَلْ كَانَ مِثْلَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَكَانَ مُسْتَدِيرًا وَرَأَيْتُ الْخَاتَمَ عِنْدَ كَتِفِهِ مِثْلَ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ يُشْبِهُ جَسَدَهُ .مسلم
٢. عظم لحيته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا قَصِيرٌ وَلَا طَوِيلٌ عَظِيمَ الرَّأْسِ رَجِلَهُ عَظِيمَ اللِّحْيَةِ مُشْرَبًا حُمْرَةً طَوِيلَ الْمَسْرُبَةِ عَظِيمَ الْكَرَادِيسِ شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ كَأَنَّمَا يَهْبِطُ فِي صَبَبٍ لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . مسند أحمد
الحديث صحيح بمجموع طرقه .
٣. كثاثة لحيته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال :
كان رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضخم الهامة عظيم العينين أهدب الأشفار،مشرب العينين حمرة، كث اللحية، أزهر اللون، إذا مشى تكفأ يمشي في صُعٍدٍ، و إذا التقت التفت جويعا شثن الكفين و القدمين .ابن عساكر في التاريخ
. المطر يتحادر على لحيته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ :
أَصَابَتْ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَ الْمَالُ وَجَاعَ الْعِيَالُ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا
أَنْ يَسْقِيَنَا قَالَ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ وَمَا فِي السَّمَاءِ قَزَعَةٌ قَالَ فَثَارَ سَحَابٌ
أَمْثَالُ الْجِبَالِ ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ قَالَ فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ وَفِي
الْغَدِ وَمِنْ بَعْدِ الْغَدِ وَالَّذِي يَلِيهِ إِلَى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى فَقَامَ ذَلِكَ الْأَعْرَابِيُّ أَوْ رَجُلٌ غَيْرُهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ
تَهَدَّمَ الْبِنَاءُ وَغَرِقَ الْمَالُ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا
وَلَا عَلَيْنَا قَالَ فَمَا جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنْ السَّمَاءِ إِلَّا تَفَرَّجَتْ
حَتَّى صَارَتْ الْمَدِينَةُ فِي مِثْلِ الْجَوْبَةِ حَتَّى سَالَ الْوَادِي وَادِي قَنَاةَ شَهْرًا قَالَ فَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَّا
حَدَّثَ بِالْجَوْدِ.أخرجه البخاري
٥. اضطراب لحيته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّم في الصلاة :
عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ قَالَ:
قُلْنَا لِخَبَّابٍ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قَالَ نَعَمْ قُلْنَا بِمَ كُنْتُمْ
تَعْرِفُونَ ذَاكَ قَالَ بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ.أخرجه البخاري
و هذا دليل يدل على أن لحيته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانث طويلةً، بحيث إنها كانت تتحرك و تضطرب
من قراءته، ولو كان مقصرًا منها ماتحركت.هذا أَمْرٌ.
الأمر الثاني : كونهم يرون اضطرابها؛ فيه دليل على طولها أيضاً، بحيث لو كانت قصيرة ما رأوا اضطرابها، و الله أعلم.
٦. تطييب لحيته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ :
كُنْتُ أُطَيِّبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَطْيَبِ مَا يَجِدُ حَتَّى أَجِدَ وَبِيصَ الطِّيبِ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ.
أخرجه البخاري
٧. وجود الشيب في لحيته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
عن أَبَا جُحَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ
رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَام يُشْبِهُهُ قُلْتُ لِأَبِي جُحَيْفَةَ صِفْهُ
لِي قَالَ كَانَ أَبْيَضَ قَدْ شَمِطَ وَأَمَرَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ قَلُوصًا قَالَ فَقُبِضَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ نَقْبِضَهَا.أخرجه البخاري
أَبْيَضَ قَدْ شَمِطَ : أي:سواد شعره مخالط لبياضه.الفتح ٥٦٨/٦
عن حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ صَاحِبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
أَرَأَيْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ شَيْخًا قَالَ كَانَ فِي عَنْفَقَتِهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ.أخرجه البخاري
عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ مِنْهُ بَيْضَاءَ وَوَضَعَ زُهَيْرٌ بَعْضَ أَصَابِعِهِ عَلَى عَنْفَقَتِهِ قِيلَ
لَهُ مِثْلُ مَنْ أَنْتَ يَوْمَئِذٍ فَقَالَ أَبْرِي النَّبْلَ وَأَرِيشُهَا.أخرجه مسلم
عَنْ وَهْبٍ أَبِي جُحَيْفَةَ السُّوَائِيِّ قَالَ
رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأَيْتُ بَيَاضًا مِنْ تَحْتِ شَفَتِهِ السُّفْلَى: الْعَنْفَقَةَ.أخرجه البخاري
عَنْ سِمَاكٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ يَقُولُا
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ شَمِطَ مُقَدَّمُ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ وَكَانَ إِذَا ادَّهَنَ لَمْ يَتَبَيَّنْ وَإِذَا شَعِثَ
رَأْسُهُ تَبَيَّنَ وَكَانَ كَثِيرَ شَعْرِ اللِّحْيَةِ فَقَالَ رَجُلٌ وَجْهُهُ مِثْلُ السَّيْفِ قَالَ لَا بَلْ كَانَ مِثْلَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ
وَكَانَ مُسْتَدِيرًا وَرَأَيْتُ الْخَاتَمَ عِنْدَ كَتِفِهِ مِثْلَ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ يُشْبِهُ جَسَدَهُ.أخرجه مسلم
. عدد الشيب في لحيته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ
يَصِفُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ رَبْعَةً مِنْ الْقَوْمِ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالْقَصِيرِ أَزْهَرَ اللَّوْنِ
لَيْسَ بِأَبْيَضَ أَمْهَقَ وَلَا آدَمَ لَيْسَ بِجَعْدٍ قَطَطٍ وَلَا سَبْطٍ رَجِلٍ أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ فَلَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ
سِنِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ وَقُبِضَ وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ قَالَ
رَبِيعَةُ فَرَأَيْتُ شَعَرًا مِنْ شَعَرِهِ فَإِذَا هُوَ أَحْمَرُ فَسَأَلْتُ فَقِيلَ احْمَرَّ مِنْ الطِّيبِ.أخرجه البخاري
قال الإمام أحمد :
حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ
لَمْ يَكُنْ فِي رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ
وَخَضَبَ أَبُو بَكْرٍ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ وَخَضَبَ عُمَرُ بِالْحِنَّاءِ.سنده صحيح
عن أبويعقوب يعني إسحاق قال: سمعث ثابثا البنانيَّ و سأله رجلٌ هل سألت أنس ابن مالك؟ قال
ثابت:سألت أنسا هل شمط رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لقد قبض الله عزَّ وجلَّ رسوله وما
فضحه بالشيب،ما كان في رأسه و لحيته يوم مات ثلاثون شعرةً بيضاء.و قيل له: أفضيحةٌ هو؟ قال
: أمَّا أنتم فتعدُّونه فضيحةً، و أمَّا نحن فكنَّا نعدُّه زينًا. المسند هذا حديث صحيح.
قال محمد ابن سعد في الطبقات الكبرى :
أخبرنا سليمان بن حرب وعارم بن الفضل عن حماد بن زيد عن ثابت البناني قال: سئل أنس عن
خضاب النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: إن النبي، صلى الله عليه وسلم، لم ير من الشيب ما
يخضب، قال سليمان في حديثه: إنما كان شمطات في لحيته ولو شئت عددتهن، وقال عارم في حديثه:
لو شئت لعددت شيبه.
قال الحافظ في الفتح : إسناده صحيح
ما عددت في رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أربع عشرة شعرة بيضاء. ابن سعد في
الطبقات الكبرى عن أنس و الحديث إسناده صحيح.
هدي عامة الصحابة في إعفاء اللحية
لو تصفحنا كتب التاريخ و التراجم لوجدناهم يذكرون كثيراً ـ و بالأخص في
صفات الصحابة من تراجمهم ـ أنهم كانوا يعفون لحاهم و يوفرونها ... نشأةً
على فطرتهم السليمة و اقتدائهم بنبيهم صلى الله عليه و سلم، و لا يتسع المقام
لذكر صفات لحاهم و هيئاتها، و يكفي أنهم كانوا يستغربون غاية الإستغراب، و
يتعجبون غاية العجب، عندما يجدون الرجل بدون لحية (١) ، مثل قيس بن
سعد (٢) رضي الله عنه،فقد صح في ترجمته بأنه لم تكن لديه لحية، و جاء ذلك
عن بعض الصحابة، و هذا يدل على أن غيرهم كانوا أصحاب لحى .
و هم القوم الذين عايشوا رسول الله صلى الله عليه و سلم، و قام الإسلام على سواعدهم، وأخدوا السنة من أصلها.
و إليك ما قال المزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة قيس بن سعد رضي الله
عنه، قال الحميدي(٣) : عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال : كان
قيس بن سعد أبو حذيفة رجلاً ضخماً،جسيما،صغير الرأس،ليست له لحية،وأشار
سفيان إلى ذقنه، قال: و كان إذا ركب الحمار خطت رجلاه في الأرض...(٤)
قال الحافظ في "الإصابة": و ذكر الزبير: أن قيس بن سعد كان سناطا ليس في
وجهه شعرة، فقال : إن الأنصار كانوا يقولون : و ددنا أن نشتري لقيس بن سعد لحية بأموالنا (٥).
قال أبو عمر: كذلك كان شريح و عبد الله بن الزبير لم يكن في وجوههم شعر.
و قال الطبراني رحمه الله في معجمه الكبير :
حَدَّثَنَا يَحْيَى بن أَيُّوبَ الْعَلافُ الْمِصْرِيُّ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بن أَبِي مَرْيَمَ ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بن سُوَيْدٍ ، حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بن عُبَيْدِ اللَّهِ بن رَافِعٍ ، أَنَّهُ رَأَى أَبَا سَعِيدٍ
الْخُدْرِيَّ ، وَجَابِرَ بن عَبْدِ اللَّهٍ ، وَعَبْدَ اللَّهِ بن عُمَرَ ، وَسَلَمَةَ بن الأَكْوَعِ ، وَأَبَا
أُسَيْدٍ الْبَدْرِيَّ ، وَرَافِعَ بن خَدِيجٍ ، وَأَنَسَ بن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَأْخُذُونَ مِنَ
الشَّوَارِبِ كَأَخْذِ الْحَلْقِ ، وَيُعْفُونَ اللِّحَى ، وَيَنْتِفُونَ الآبَاطَ .
قال الهيثمي في المجمع : رواه الطبراني، و عثمان هذا لم أعرفه و بقية أحد الإسنادين رجاله رجال الصحيح .
قلت: عثمان هو ابن عبيد الله بن رافع، ترجمته في الجرح و التعديل و في الثقات لابن حبان.
و قد روى عنه ابن أبي الذئب و عبد العزيز الدراوردي كما عند الطحاوي و إبراهيم بن سويد كلا عند الطبراني و إسماعيل ابن أبي خالد أيضاً عند الطحاوي و قد ذكره ابن حبان في الثقات.
و الأثر حسن.
قال الطبراني رحمه الله في معجمه الكبير :
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن عَبْدِ الْوَهَّابِ بن نَجْدَةَ الْحَوْطِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بن
عَيَّاشٍ ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بن مُسْلِمٍ ، قَالَ : " رَأَيْتُ خَمْسَةً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُمُّونَ شَوَارِبَهُمْ وَيُعْفُونَ لِحَاهُمْ وَيَصُرُّونَهَا : أَبَا أُمَامَةَ
الْبَاهِلِيَّ ، وَالْحَجَّاجَ بن عَامِرٍ الثُّمَالِيَّ ، وَالْمِقْدَامَ بن مَعْدِيكَرِبَ ، وَعَبْدَ اللَّهِ بن
بُسْرٍ الْمَازِنِيَّ ، وَعُتْبَةَ بن عَبْدٍ السُّلَمِيَّ . و سنده صحيح
---------------------------
(١) يروى عن أبي سعيد أنها معطلة لحيته،فعابوا عليه ذلك. انظر "المعجم الكبير للطبراني" و في السند إليه كلام.
(٢) هذا الصحابي الجليل كان من النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة الشُرط.
(٣) في الطبقات للحميدي ،كذا في حاشية تهذيب الكلام.
(٤) انظر تاريخ بغداد
(٥) قولهم ( و ددنا أن نشتري له لحية) إن صح الأثر فليس فيه دليل على جواز شراء اللحية.و لكن هذا منهم من باب المبالغة في رغبتهم في وجود اللحية، لأنها تدل على هيبة الرجل.وهذا حرص من السلف، على وجود اللحية في بعضهم البعض. وكثير اليوم إلا من رحم الله يحلقها،و يحلق بعضهم لبعض، و إذا قلت لبعضهم:عبد الله! أعف لحيتك، لا يجوز لك حلقها،أجاب قائلا ً: (لحية ما تحتها فلوس ما لها إلا الموس) وهذا خطأ.فالعباد معلقون بدينهم، و مأمورون بالإقتداء بنبيهم الذي كان إعفاء اللحية من شمائله الكريمة كما تقدم، و ليسوا معلقين بشهواتهم المهينة.
و غير هذا كثير، لكن أكتفي بهذا خشية الإسهاب و الإطالة.
فاحذرـ أرشدك الله لطاعته ـ من أن تكون ممن يقع عليهم قول الله تعالى
فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ـ سورة النور، الآية ٦٣
و قوله تعالى :
وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ـ سورة النساء، الآية ١١٥
حلق اللحية مخالف لقوله وفعله وحاله صلى الله عليه وسلم .
أولا: الأدلة القولية
١ـ الأمر بإعفاء اللحية :
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْهَكُوا الشَّوَارِبَ وَأَعْفُوا اللِّحَى. ـأخرجه البخاري
عَنْ ابْنِ عُمَرَعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
أَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَأَعْفُوا اللِّحَى.ـمسلم
عَنْ ابْنِ عُمَرَعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
أَنَّهُ أَمَرَ بِإِحْفَاءِ الشَّوَارِبِ وَإِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ.ـمسلم
٢. الأمر بتوفير اللحية :
عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ أَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَأَوْفُوا اللِّحَى.ـمسلم
قال الإمام أحمد :
حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ
خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَشْيَخَةٍ مِنْ الْأَنْصَارٍ بِيضٌ لِحَاهُمْ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ حَمِّرُوا وَصَفِّرُوا وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَتَسَرْوَلَونَ وَلَا يَأْتَزِرُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسَرْوَلُوا وَائْتَزِرُوا وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَتَخَفَّفُونَ وَلَا يَنْتَعِلُونَ قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَخَفَّفُوا وَانْتَعِلُوا وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ قَالَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَقُصُّونَ عَثَانِينَهُمْ وَيُوَفِّرُونَ سِبَالَهُمْ قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُصُّوا سِبَالَكُمْ وَوَفِّرُوا عَثَانِينَكُمْ وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ.
قال الألباني : هذا إسناد حسن.
عَثَانِينَكُمْ : جمع عثنون وهي اللحية.
سِبَالَكُمْ: جمع سبلة ـبالتحريك ـ : الشارب.
٣. إعفاء اللحية مخالفة للمجوس:
إنهم يوفرون سبالهم ويحلقون لحاهم فخالفوهم يعني المجوس .ـ الصحيحة
٤. الأمر بإرخاء اللحية :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُزُّوا الشَّوَارِبَ وَأَرْخُوا اللِّحَى خَالِفُوا الْمَجُوسَ.مسلم
ثانياً : الأدلة الفعلية
١. كثرة شعر لحيته :
عَنْ سِمَاكٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ يَقُولُا
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ شَمِطَ مُقَدَّمُ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ وَكَانَ إِذَا ادَّهَنَ لَمْ يَتَبَيَّنْ وَإِذَا شَعِثَ رَأْسُهُ تَبَيَّنَ وَكَانَ كَثِيرَ شَعْرِ اللِّحْيَةِ فَقَالَ رَجُلٌ وَجْهُهُ مِثْلُ السَّيْفِ قَالَ لَا بَلْ كَانَ مِثْلَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَكَانَ مُسْتَدِيرًا وَرَأَيْتُ الْخَاتَمَ عِنْدَ كَتِفِهِ مِثْلَ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ يُشْبِهُ جَسَدَهُ .مسلم
٢. عظم لحيته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا قَصِيرٌ وَلَا طَوِيلٌ عَظِيمَ الرَّأْسِ رَجِلَهُ عَظِيمَ اللِّحْيَةِ مُشْرَبًا حُمْرَةً طَوِيلَ الْمَسْرُبَةِ عَظِيمَ الْكَرَادِيسِ شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ كَأَنَّمَا يَهْبِطُ فِي صَبَبٍ لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . مسند أحمد
الحديث صحيح بمجموع طرقه .
٣. كثاثة لحيته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال :
كان رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضخم الهامة عظيم العينين أهدب الأشفار،مشرب العينين حمرة، كث اللحية، أزهر اللون، إذا مشى تكفأ يمشي في صُعٍدٍ، و إذا التقت التفت جويعا شثن الكفين و القدمين .ابن عساكر في التاريخ
. المطر يتحادر على لحيته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ :
أَصَابَتْ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَ الْمَالُ وَجَاعَ الْعِيَالُ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا
أَنْ يَسْقِيَنَا قَالَ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ وَمَا فِي السَّمَاءِ قَزَعَةٌ قَالَ فَثَارَ سَحَابٌ
أَمْثَالُ الْجِبَالِ ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ قَالَ فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ وَفِي
الْغَدِ وَمِنْ بَعْدِ الْغَدِ وَالَّذِي يَلِيهِ إِلَى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى فَقَامَ ذَلِكَ الْأَعْرَابِيُّ أَوْ رَجُلٌ غَيْرُهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ
تَهَدَّمَ الْبِنَاءُ وَغَرِقَ الْمَالُ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا
وَلَا عَلَيْنَا قَالَ فَمَا جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنْ السَّمَاءِ إِلَّا تَفَرَّجَتْ
حَتَّى صَارَتْ الْمَدِينَةُ فِي مِثْلِ الْجَوْبَةِ حَتَّى سَالَ الْوَادِي وَادِي قَنَاةَ شَهْرًا قَالَ فَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَّا
حَدَّثَ بِالْجَوْدِ.أخرجه البخاري
٥. اضطراب لحيته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّم في الصلاة :
عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ قَالَ:
قُلْنَا لِخَبَّابٍ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قَالَ نَعَمْ قُلْنَا بِمَ كُنْتُمْ
تَعْرِفُونَ ذَاكَ قَالَ بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ.أخرجه البخاري
و هذا دليل يدل على أن لحيته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانث طويلةً، بحيث إنها كانت تتحرك و تضطرب
من قراءته، ولو كان مقصرًا منها ماتحركت.هذا أَمْرٌ.
الأمر الثاني : كونهم يرون اضطرابها؛ فيه دليل على طولها أيضاً، بحيث لو كانت قصيرة ما رأوا اضطرابها، و الله أعلم.
٦. تطييب لحيته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ :
كُنْتُ أُطَيِّبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَطْيَبِ مَا يَجِدُ حَتَّى أَجِدَ وَبِيصَ الطِّيبِ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ.
أخرجه البخاري
٧. وجود الشيب في لحيته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
عن أَبَا جُحَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ
رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَام يُشْبِهُهُ قُلْتُ لِأَبِي جُحَيْفَةَ صِفْهُ
لِي قَالَ كَانَ أَبْيَضَ قَدْ شَمِطَ وَأَمَرَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ قَلُوصًا قَالَ فَقُبِضَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ نَقْبِضَهَا.أخرجه البخاري
أَبْيَضَ قَدْ شَمِطَ : أي:سواد شعره مخالط لبياضه.الفتح ٥٦٨/٦
عن حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ صَاحِبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
أَرَأَيْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ شَيْخًا قَالَ كَانَ فِي عَنْفَقَتِهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ.أخرجه البخاري
عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ مِنْهُ بَيْضَاءَ وَوَضَعَ زُهَيْرٌ بَعْضَ أَصَابِعِهِ عَلَى عَنْفَقَتِهِ قِيلَ
لَهُ مِثْلُ مَنْ أَنْتَ يَوْمَئِذٍ فَقَالَ أَبْرِي النَّبْلَ وَأَرِيشُهَا.أخرجه مسلم
عَنْ وَهْبٍ أَبِي جُحَيْفَةَ السُّوَائِيِّ قَالَ
رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأَيْتُ بَيَاضًا مِنْ تَحْتِ شَفَتِهِ السُّفْلَى: الْعَنْفَقَةَ.أخرجه البخاري
عَنْ سِمَاكٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ يَقُولُا
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ شَمِطَ مُقَدَّمُ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ وَكَانَ إِذَا ادَّهَنَ لَمْ يَتَبَيَّنْ وَإِذَا شَعِثَ
رَأْسُهُ تَبَيَّنَ وَكَانَ كَثِيرَ شَعْرِ اللِّحْيَةِ فَقَالَ رَجُلٌ وَجْهُهُ مِثْلُ السَّيْفِ قَالَ لَا بَلْ كَانَ مِثْلَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ
وَكَانَ مُسْتَدِيرًا وَرَأَيْتُ الْخَاتَمَ عِنْدَ كَتِفِهِ مِثْلَ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ يُشْبِهُ جَسَدَهُ.أخرجه مسلم
. عدد الشيب في لحيته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ
يَصِفُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ رَبْعَةً مِنْ الْقَوْمِ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالْقَصِيرِ أَزْهَرَ اللَّوْنِ
لَيْسَ بِأَبْيَضَ أَمْهَقَ وَلَا آدَمَ لَيْسَ بِجَعْدٍ قَطَطٍ وَلَا سَبْطٍ رَجِلٍ أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ فَلَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ
سِنِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ وَقُبِضَ وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ قَالَ
رَبِيعَةُ فَرَأَيْتُ شَعَرًا مِنْ شَعَرِهِ فَإِذَا هُوَ أَحْمَرُ فَسَأَلْتُ فَقِيلَ احْمَرَّ مِنْ الطِّيبِ.أخرجه البخاري
قال الإمام أحمد :
حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ
لَمْ يَكُنْ فِي رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ
وَخَضَبَ أَبُو بَكْرٍ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ وَخَضَبَ عُمَرُ بِالْحِنَّاءِ.سنده صحيح
عن أبويعقوب يعني إسحاق قال: سمعث ثابثا البنانيَّ و سأله رجلٌ هل سألت أنس ابن مالك؟ قال
ثابت:سألت أنسا هل شمط رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لقد قبض الله عزَّ وجلَّ رسوله وما
فضحه بالشيب،ما كان في رأسه و لحيته يوم مات ثلاثون شعرةً بيضاء.و قيل له: أفضيحةٌ هو؟ قال
: أمَّا أنتم فتعدُّونه فضيحةً، و أمَّا نحن فكنَّا نعدُّه زينًا. المسند هذا حديث صحيح.
قال محمد ابن سعد في الطبقات الكبرى :
أخبرنا سليمان بن حرب وعارم بن الفضل عن حماد بن زيد عن ثابت البناني قال: سئل أنس عن
خضاب النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: إن النبي، صلى الله عليه وسلم، لم ير من الشيب ما
يخضب، قال سليمان في حديثه: إنما كان شمطات في لحيته ولو شئت عددتهن، وقال عارم في حديثه:
لو شئت لعددت شيبه.
قال الحافظ في الفتح : إسناده صحيح
ما عددت في رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أربع عشرة شعرة بيضاء. ابن سعد في
الطبقات الكبرى عن أنس و الحديث إسناده صحيح.
هدي عامة الصحابة في إعفاء اللحية
لو تصفحنا كتب التاريخ و التراجم لوجدناهم يذكرون كثيراً ـ و بالأخص في
صفات الصحابة من تراجمهم ـ أنهم كانوا يعفون لحاهم و يوفرونها ... نشأةً
على فطرتهم السليمة و اقتدائهم بنبيهم صلى الله عليه و سلم، و لا يتسع المقام
لذكر صفات لحاهم و هيئاتها، و يكفي أنهم كانوا يستغربون غاية الإستغراب، و
يتعجبون غاية العجب، عندما يجدون الرجل بدون لحية (١) ، مثل قيس بن
سعد (٢) رضي الله عنه،فقد صح في ترجمته بأنه لم تكن لديه لحية، و جاء ذلك
عن بعض الصحابة، و هذا يدل على أن غيرهم كانوا أصحاب لحى .
و هم القوم الذين عايشوا رسول الله صلى الله عليه و سلم، و قام الإسلام على سواعدهم، وأخدوا السنة من أصلها.
و إليك ما قال المزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة قيس بن سعد رضي الله
عنه، قال الحميدي(٣) : عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال : كان
قيس بن سعد أبو حذيفة رجلاً ضخماً،جسيما،صغير الرأس،ليست له لحية،وأشار
سفيان إلى ذقنه، قال: و كان إذا ركب الحمار خطت رجلاه في الأرض...(٤)
قال الحافظ في "الإصابة": و ذكر الزبير: أن قيس بن سعد كان سناطا ليس في
وجهه شعرة، فقال : إن الأنصار كانوا يقولون : و ددنا أن نشتري لقيس بن سعد لحية بأموالنا (٥).
قال أبو عمر: كذلك كان شريح و عبد الله بن الزبير لم يكن في وجوههم شعر.
و قال الطبراني رحمه الله في معجمه الكبير :
حَدَّثَنَا يَحْيَى بن أَيُّوبَ الْعَلافُ الْمِصْرِيُّ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بن أَبِي مَرْيَمَ ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بن سُوَيْدٍ ، حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بن عُبَيْدِ اللَّهِ بن رَافِعٍ ، أَنَّهُ رَأَى أَبَا سَعِيدٍ
الْخُدْرِيَّ ، وَجَابِرَ بن عَبْدِ اللَّهٍ ، وَعَبْدَ اللَّهِ بن عُمَرَ ، وَسَلَمَةَ بن الأَكْوَعِ ، وَأَبَا
أُسَيْدٍ الْبَدْرِيَّ ، وَرَافِعَ بن خَدِيجٍ ، وَأَنَسَ بن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَأْخُذُونَ مِنَ
الشَّوَارِبِ كَأَخْذِ الْحَلْقِ ، وَيُعْفُونَ اللِّحَى ، وَيَنْتِفُونَ الآبَاطَ .
قال الهيثمي في المجمع : رواه الطبراني، و عثمان هذا لم أعرفه و بقية أحد الإسنادين رجاله رجال الصحيح .
قلت: عثمان هو ابن عبيد الله بن رافع، ترجمته في الجرح و التعديل و في الثقات لابن حبان.
و قد روى عنه ابن أبي الذئب و عبد العزيز الدراوردي كما عند الطحاوي و إبراهيم بن سويد كلا عند الطبراني و إسماعيل ابن أبي خالد أيضاً عند الطحاوي و قد ذكره ابن حبان في الثقات.
و الأثر حسن.
قال الطبراني رحمه الله في معجمه الكبير :
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن عَبْدِ الْوَهَّابِ بن نَجْدَةَ الْحَوْطِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بن
عَيَّاشٍ ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بن مُسْلِمٍ ، قَالَ : " رَأَيْتُ خَمْسَةً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُمُّونَ شَوَارِبَهُمْ وَيُعْفُونَ لِحَاهُمْ وَيَصُرُّونَهَا : أَبَا أُمَامَةَ
الْبَاهِلِيَّ ، وَالْحَجَّاجَ بن عَامِرٍ الثُّمَالِيَّ ، وَالْمِقْدَامَ بن مَعْدِيكَرِبَ ، وَعَبْدَ اللَّهِ بن
بُسْرٍ الْمَازِنِيَّ ، وَعُتْبَةَ بن عَبْدٍ السُّلَمِيَّ . و سنده صحيح
---------------------------
(١) يروى عن أبي سعيد أنها معطلة لحيته،فعابوا عليه ذلك. انظر "المعجم الكبير للطبراني" و في السند إليه كلام.
(٢) هذا الصحابي الجليل كان من النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة الشُرط.
(٣) في الطبقات للحميدي ،كذا في حاشية تهذيب الكلام.
(٤) انظر تاريخ بغداد
(٥) قولهم ( و ددنا أن نشتري له لحية) إن صح الأثر فليس فيه دليل على جواز شراء اللحية.و لكن هذا منهم من باب المبالغة في رغبتهم في وجود اللحية، لأنها تدل على هيبة الرجل.وهذا حرص من السلف، على وجود اللحية في بعضهم البعض. وكثير اليوم إلا من رحم الله يحلقها،و يحلق بعضهم لبعض، و إذا قلت لبعضهم:عبد الله! أعف لحيتك، لا يجوز لك حلقها،أجاب قائلا ً: (لحية ما تحتها فلوس ما لها إلا الموس) وهذا خطأ.فالعباد معلقون بدينهم، و مأمورون بالإقتداء بنبيهم الذي كان إعفاء اللحية من شمائله الكريمة كما تقدم، و ليسوا معلقين بشهواتهم المهينة.
و غير هذا كثير، لكن أكتفي بهذا خشية الإسهاب و الإطالة.