المُحْكَــــم و المُتَشَــابِه
فـــي
القـــــرآن
========
فـــي
القـــــرآن
========
معنــى " المُحْكَــم " :
=============
ـ اللُّغويـون يسـتعملون مـادة الإِحكـام ( بكسـر الهمـز ) فـي معـانٍ متعـددة ، لكنهـا مـع تعددهـا ترجـع إلـى شـيءٍ واحـد ، هـو : " المنـع " ؛ فيقولـون :
أَحْكَـمَ الأمـر -----> أي أتقنـه ومنعـه عـن الفسـاد
ويقولـون :
أحكـم الفـرس -----> أي جعـل لـه حَكَمَـةَ ، والْحَكَمَـة : مـا أحـاط بحنكـي الفـرس مـن لجامـه تمنعـه مـن الاضطـراب
وقيــل :
" آتـاه الله الحكمـة " -----> أي :
العـدل أو العلـم أو الحلـم أو النبـوة أو القـرآن ؛ لمـا فـي هـذه المذكـورات مـن الحوافـظ الأدبيـة الرادعـة عمـا لا يليـق .
{ مناهل العرفان في علوم القرآن / ج : 2 / ص : 289 0 }
ـ إحكـام الكـلام -----> إتقانـه بتمييـز الصـدق مـن الكـذب فـي أخبـاره ، والرشـد مـن الغـي فـي أوامـره .
( مباحث في علوم القرآن / ص : 215 )
معنــى " المُتَشَــابِه " :
==============
المتشـابه يَـرِد علـى معنييـن لُغَوييـن :
1 ـ إمـا مـن " الشُّـبْهَة " ----> وهـي الجهالـة وعـدم التمييـز .
فيكـون المتشـابه ضـد المحكـم 0
ـ كقولـه تعالــى :
" قَالُــوا ادعُ لَنَــا رَبَّــكَ يُبَيِّـن لَّنَــا مَـا هِـيَ إِنَّ البَقَــرَ تَشَـابَه عَلَينَـا "
{ سورة البقرة / آية : 70 }
- تشـابه علينـا ----> أي اختلـط علينـا ، فـلا نميـزه ولا نعلـم نوعيـة المطلـوب
ـ ومنـه قولـه ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ مـن حديـث النعمـان بـن بشـير :
" إن الحـلال بَيِّـن ، وإن الحـرام بَيِّـن ، وبينهمـا مشـتبهات لا يعلمهـن كثيـر مـن النـاس "
( رواه مسلم )
2ـ وإمـا مـن الشَّـبَه ----> وهـو : التماثـل فـي الأوصـاف .
ـ كقولـه تعالـى :
" وَأُتُـوا بِـهِ مُتَشَـابِهاً " (سورة البقرة / آية : 25 )
متشـابهاً ----> أي يشـبه بعضـه بعضـاً فـي اللـون أو الطعـم أو الرائحـة أو الكمـال والجـودة 0
ـ وكقولـه تعالـى :
" تَشَـابَهَت قُلُوبُهُـم "
{سورة البقرة / آية : 118 0 }
تشـابهت ----> أي يشـبه بعضهـا بعضـاً فـي الغـي والجهالـة . التوحيد ( ربيع أول 1422 )
المُحْكَــم والمُتَشَـابِه فــي القــرآن :
ـ ورد فـي القـرآن ما يـدل علـى أنه محكـم ؛ كقولـه تعالـى :
" الـر كِتَـابٌ أُحْكِمَـتْ آياتُـهُ ثُـمَّ فُصِّلَـت مِـن لَّـدُن حَكِيـمٍ خَبِيـرٍ "
(سورة هود / آية : 1 )
ـ وورد أيضـاً مـا يـدل علـى أنـه متشـابه ؛ كقولـه تعالـى :
" اللهُ نَـزَّلَ أَحسَـنَ الحَدِيـثِ كِتَابـاً مُتَشَـابِهاً مَثَانِـيَّ تَقْشَـعِرّ مِنـهُ جُلُـودُ الَّذِيـنَ يَخشَـونَ رَبَّهُـم "
( سورة الزمر / آية : 23 )
ـ وورد أيضـاً مـا يـدل علـى أن بعضـه محكـم ، وبعضـه متشـابه ؛ كقولـه تعالـى :
" هُـوَ الَّـذِي أَنـزَلَ عَلَيـكَ الكِتَـابَ مِنـهُ آيَـاتٌ مُّحكَمَـاتٌ هُـنَّ أُمُّ الكِتَـابِ وأُخَـرُ مُتَشَـابِهاتٌ "
(سورة آل عمرآن / آية : 7 )
والسـؤال الـذي يطـرح نفسـه علـى الأذهـان :
س : كيـف يمكـن الجمـع بيـن هـذه الآيـات ؟ !
وقبـل الإجابـة علـى هـذا السـؤال ، نُـوِرد مقدمـة هامـة لفهـم المحكـم والمتشـابه :
إن الله عـز وجـل خاطبنـا بكـلام له معنـى ، فالقــرآن كـلام عربـي مكـون مـن ألفـاظ لهـا معـان يسـتوعبها صاحـب اللسـان العربـي ، ولا يسـتوعبها الأعجمـي .
فإذا قـال الله تعالـى :
" لَّقَـد رَضِـيَ اللهُ عَـنِ المُؤمِنيـنَ إِذ يُبَايِعُونَـكَ تَحـتَ الشَّـجَرَةِ "
( سورة الفتح / آية : 18 )
عَلِـمَ صاحـب اللســان العربـي معنـى كلمـة " شــجرة " ،
فـإن سـألتُهُ عـن شـكلها وكيفيتهـا ؟
فإن كـان مِمَـنْ بايـع مـع رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ تحتهـا ، ربمـا وصفهـا لـك وصفـاً دقيقـاً لأنه رآهـا بعينـه ،
وإن لـم يكـن ـ منهـم ـ قـال : أنـا مـا رأيتهـا حتـى أصفهـا ، ولكنهـا شـجرة تبــدو فـي كيفيتهـا كأي شـجرة تنبـت فـي الصحـراء .
والحاصــل أنـه سـيصف كيفيـة الشـجرة مـن خـلال رؤيتهـا أو رؤيـة مثيلهـا .
فمعنـى لفـظ الشـجرة عنـد العربـي معلـوم واضـح محكـم ، يميـز بينه وبيـن لفـظ البقـرة أو غيـره مـن الألفـاظ.
لكـن لـو سـألنا " الأعجمـي " : مـا معنـى لفـظ " شـجرة " ، أو حتـى " بقــرة " ؟
عجـز عـن الجـواب لجهلـه بمعنـى الكـلام
وإذا قـال تعالـى :
" أَذَلِـكَ خيـرٌ نُـزُلاً أَم شَـجَرَةُ الزَّقُّـومِ "
(سورة الصافات / آية : 62 )
علم العربـي معنـى كلمـة شـجرة ، وأن المقصـود شجـرة معينـة تخـرج في أصـل الجحيـم ، أَعَـدَّها اللهُ للكافريـن .
لكـن لـو سـألناه عـن شـكلها وكيفيتهـا ؟ !
لقـال : الله أعلـم ، فأنـا مـا رأيتهـا ، ومـا رأيـتُ لهـا مثيـلاً ، فكيـف أعـرف كيفهـا ؟ !
فأصبـح لفـظ " الشـجرة " محكمـاً لـه ، والكيفيـة التـي دل عليهـا اللفـظ مجهولـة أو غيـر معلومـة أو متشـابهة أو مختلطـة
لكـن لـو سـألنا " الأعجمـي " عـن معنـى لفـظ " شـجرة الزقـوم " ، لمـا تمكـن مـن الجـواب ؛ لأن المعنـى ليـس لديـه ومشـتبه عليـه ، لا يعرفـه أصـلاً ، وكذلـك كيفيتهـا متشـابهة عليـه مـن بـاب أولـى .
ممـا سـبق يمكـن تقسـيم المحكـم والمتشـابه إلـى :
1 ـ إحكـام عـام ، وتشـابه عـام .
2 ـ إحكـام خـاص ، وتشـابه خـاص.