سبقت معاذة العنبرية التي ورد ذكرها في كتب الجاحظ علماء البيئة والاقتصاد والصحة في الاستفادة العلمية من كل شئ في الذبيحة حتى دمها ذلك الدم الذي يتسبب في كثير من المشكلات البيئيةفي المسالخ التي لا تحافظ على البيئة من مخلفاتها كما سبقت معاذة العنبرية الداعين الى استغلال مخلفات الذبائح من الجلود والعظام والدهون استغلالا علميا سليما محافظا على البيئة وصديقا لها.
فلقد اهدى اليها ابن عم لها اضحية فرأها رجل كئيبة حزينة مفكرة مطرقة فقال لها ما لك يا معاذة؟ قالت: انا امراة ارملة وليس لي قيم (بفتح القاف وتشديد الياء مع كسرها) ولا عهد لي بتدبير لحم الاضاحي وقد ذهب الذين كانوا يدبرونه ويقومون بحقه وقد خفت ان يضيع بعض هذه الشاة ولست اعرف وضع جميع اجزائها في اماكنها وقد علمت ان الله لم يخلق فيها ولا في غيرها شيئا لا منفعة فيه. ولكن المرء يعجز لا محالة. ولست اخاف من تضييع القليل إلا أنه يجر إلى تضييع الكثير.
استغلال كل شئ في الذبيحة:
قالت معاذة العنبرية اما القرن فالوجه فيه معروف وهو ان يجعل منه كالخطاف ويسمر في جزع من جزوع السقف فيعلق عليها الزبل (بضم الباء وتشديدها وتسكين الباء) والكيران وكل ما خيف عليه من الفأر والنمل والسنانير (القطط) وبنات وردان ( الصراصير)والحيات وغير ذلك.
واما المصران فإنه لاوتار المندفة وبنا الى ذلك اعظم الحاجة، واما قحف (بكسر القاف) الرأس واللحيان (عظم الفك) وسائر العظام فسبيله ان يكّسر بعد ان يعرق ثم يطبخ فما ارتفع من الدسم كان للمصباح وللادام وللعصيدة ولغير ذلك ثم تؤخذ تلك العظام فيوقد بها فلم يرى الناس وقودا قط اصفى ولا احسن لهبا منه.
واذا كانت كذلك فهي اسرع في القدر لقلة ما يخالطها من الدخان. واما الإهاب فالجلد نفسه جراب وللصوف وجوه لا تعد واما الفرث والبعر فحطب إذا جفف.
ثم قالت: بقى الآن علينا الانتفاع بالدم وقد علمت ان الله عز وجل لم يحرم من الدم المسفوح الا اكله وشربه وان له مواضع يجوز فيها ولا يمنع منها وان انا لم اقع على علم ذلك حتى يوضع موضع الانتفاع به صار كيه في قلبي وقذاً في عيني وهما لايزالان يعاوداني.
قال الراوي فلم البث ان رايتها قد تطلقت وتبسمت. فقلت ينبغي ان يكون قد انفتح لك باب الرأي في الدم. قالت: اجل ذكرت ان عندي قدورا شامية مجددا. وقد زعموا: انه ليس شئ ادبغ ولا أزيد في قوتها من التلطيخ بالدم الحار الدسم. وقد استرحت الآن اذا وقع كل شئ موقعه. قال ثم لقيتها بعد ستة اشهر فقلت لها: كيف كان قديد ((اللحم المقدد)) تلك؟
قالت: بأبي أنت لم يجئ وقت القديد بعد لنا في الشحم والإلية والجنوب والعظم المعرق وفي غير ذلك معاش. ولكل شئ إبان.
وهكذا سبقت معاذة العنبرية علماء البيئة في بيان اهمية كل مخلفات الذبائح وكيف يستفاد بها وعلمتنا ان الله لم يخلق اي شئ عبثا في هذه الحياة.
فلقد اهدى اليها ابن عم لها اضحية فرأها رجل كئيبة حزينة مفكرة مطرقة فقال لها ما لك يا معاذة؟ قالت: انا امراة ارملة وليس لي قيم (بفتح القاف وتشديد الياء مع كسرها) ولا عهد لي بتدبير لحم الاضاحي وقد ذهب الذين كانوا يدبرونه ويقومون بحقه وقد خفت ان يضيع بعض هذه الشاة ولست اعرف وضع جميع اجزائها في اماكنها وقد علمت ان الله لم يخلق فيها ولا في غيرها شيئا لا منفعة فيه. ولكن المرء يعجز لا محالة. ولست اخاف من تضييع القليل إلا أنه يجر إلى تضييع الكثير.
استغلال كل شئ في الذبيحة:
قالت معاذة العنبرية اما القرن فالوجه فيه معروف وهو ان يجعل منه كالخطاف ويسمر في جزع من جزوع السقف فيعلق عليها الزبل (بضم الباء وتشديدها وتسكين الباء) والكيران وكل ما خيف عليه من الفأر والنمل والسنانير (القطط) وبنات وردان ( الصراصير)والحيات وغير ذلك.
واما المصران فإنه لاوتار المندفة وبنا الى ذلك اعظم الحاجة، واما قحف (بكسر القاف) الرأس واللحيان (عظم الفك) وسائر العظام فسبيله ان يكّسر بعد ان يعرق ثم يطبخ فما ارتفع من الدسم كان للمصباح وللادام وللعصيدة ولغير ذلك ثم تؤخذ تلك العظام فيوقد بها فلم يرى الناس وقودا قط اصفى ولا احسن لهبا منه.
واذا كانت كذلك فهي اسرع في القدر لقلة ما يخالطها من الدخان. واما الإهاب فالجلد نفسه جراب وللصوف وجوه لا تعد واما الفرث والبعر فحطب إذا جفف.
ثم قالت: بقى الآن علينا الانتفاع بالدم وقد علمت ان الله عز وجل لم يحرم من الدم المسفوح الا اكله وشربه وان له مواضع يجوز فيها ولا يمنع منها وان انا لم اقع على علم ذلك حتى يوضع موضع الانتفاع به صار كيه في قلبي وقذاً في عيني وهما لايزالان يعاوداني.
قال الراوي فلم البث ان رايتها قد تطلقت وتبسمت. فقلت ينبغي ان يكون قد انفتح لك باب الرأي في الدم. قالت: اجل ذكرت ان عندي قدورا شامية مجددا. وقد زعموا: انه ليس شئ ادبغ ولا أزيد في قوتها من التلطيخ بالدم الحار الدسم. وقد استرحت الآن اذا وقع كل شئ موقعه. قال ثم لقيتها بعد ستة اشهر فقلت لها: كيف كان قديد ((اللحم المقدد)) تلك؟
قالت: بأبي أنت لم يجئ وقت القديد بعد لنا في الشحم والإلية والجنوب والعظم المعرق وفي غير ذلك معاش. ولكل شئ إبان.
وهكذا سبقت معاذة العنبرية علماء البيئة في بيان اهمية كل مخلفات الذبائح وكيف يستفاد بها وعلمتنا ان الله لم يخلق اي شئ عبثا في هذه الحياة.