بعث واستثارة الشوق إلى الله (استعدادا لرمضان)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا أشك أن استثارة الشوق إلى الله من أهم خطوات الاستعداد لرمضان
ولذا أحببت أن أنقل إليكم كلام الشيخ : رضا بن أحمد الصمدي عن بعث واستثارة الشوق إلى الله كالقاعدة الأولى من قواعد الاستعداد إلى رمضان ولتي ذكرها في كتابه القواعد الحسان في أسرار الطاعة والاستعداد لرمضان
لعل الله أن يرزقنا الصدق في الاشتياق إليه ويبلغنا رمضان ويوفقنا فيه إلى طاعته
إليكم كلام الشيخ:
" بعث واستثارة الشوق إلى الله:
على مر الأيام يخلق الإيمان في القلب وتصدأ أركان المحبة فتحتاج إلى من يهبك سربالا إيمانيا جديدا تستقبل به شهر رمضان, وأصل القدرة على فعل الشيء معونة الله ثم مؤونة العبد, ونعني بالمؤونة: رغبته وإرادته, فعلى قدر المؤونة تأتي المعونة.
وفي الحديث القدسي : ((إذا تقرب العبد إليّ شبرا تقربت إليه ذراعا, وإذا تقرب إليّ ذراعا تقربت من باعا, وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة)) رواه البخاري
فالمبادرة من العبد ثم الإجابة حتما من الرب:
((ادعوني أستجب لكم)) غافر 60
((فاذكروني أذكركم)) البقرة 15
فلابد من إثارة كوامن شوقك إلى الله عز وجل حتى تلين لك الطاعات فتؤديها ذائقا حلاوتها ولذتها, وأية لذة يمكن أن تحصلها من قيام الليل ومكابدة السهر ومراوحة الأقدام المتعبة أو ظمأ الهواجر أو ألم جوع البطون إذا لم يكن كل ذلك مبنيا على معنى ((وعجلت إليك ربي لترضى)) طه84 ؟! ومن لبى نداء حبيبه بدون شوق يحدوه فهو بارد سمج, دعوى محبته لا طعم لها.
لا جرم كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته : ((وأسألك الرضا بالقضاء وبرد العيش بعد الموت ولذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك.....)) رواه النسائي بسند صحيح
وشوقك لربك ولإرضائه أفناه رين الشبهات والشهوات وأهلكته جوائح المعاصي ومرور الأزمنة دون كدح إلى الله, فتحتاج يا باغي الخير إلى بعث الشوق من جديد لو كان ميتا, أو استثارته إن كان موجودا كامنا.
عوامل بعث واستثارة الشوق إلى الله :
1- مطالعة أسماء الله الحسنى وصفاته العلى, وتدبر كلامه وفهم خطابه فإن من شأن هذه المطالعة والفهم والتدبر فيها أن يشحذ من القلب همة للوصول إلى تجليات هذه الأسماء والصفات والمعاني, فتتحرك كوامن المعرفة في القلب والعقل ويأتي عندئذ المدد.
وتأمل قصة أبي الدحداح في فهمه كلام ربه كيف حرك أريحتيه وألبسه حب البذل
فعن عبد الله ابن مسعود قال: لما نزلت آية : ((منذ الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له)) البقرة 245. قال أبو الدحداح الأنصاري: وإن الله يريد منا القرض؟ قال:نعم يا أبا الدحداح, قال: أرني يدك يا رسول الله, قال: فناوله رسول الله يده, قال فإني أقرضت ربي حائطي, قال حائطه له فيه ستمائة نخلة وأم الدحداح فيه وعياله. قال فجاء أبو الدحداح فنادى يا أم الدحداح! قالت: لبيك, قال أخرجي من الحائط فإني أقرضته ربي عز وجل, وفي رواية أخرى أنها لما سمعته يقول ذلك عمدت إلى صبيانها تخرج ما في أفواههم وتنفض ما في أكمامهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ((كم من عذق رداح في الجنة لأبي الدحداح)) العذق من النخل كالعنقود من العنب, ورداح يعني ثقيل من كثرة ما فيه من التمر.
وتأمل رعاك الله من عطن الشبهات كيف فهم الصحابي من كلام الله عز وجل المعنى الظاهر بدون أن يكون في قلبه تردد أو تهيب لأن شجرة إيمانه قامت على ساق التنزيه.
2- مطالعة منن الله العظيمة وآلائه الجسيمة فالقلوب مجبولة على حب من أحسن إليها ولذلك كثر في القرآن سوق آيات النعم الخلق والفضل تنبيها لهذا المعنى, وكلما ازددت علما بنعم الله عليك كلما ازددت شوقا لشكره على نعمائه.
3- التحسر على فوات الأزمنة في غير طاعة الله, بل قضاؤها في عبادة الهوى. قال ابن القيم: ((وهذا اللحظ يؤدي به إلى مطالعة الجناية, والوقوف على الخطر فيها, والتشمير لتداركها والتخلص من رقها وطلب النجاة بتمحيصها))
4- تذكر سبق السابقين مع تخلفك مع القاعدين يورثك هذا تحرقا للمسابقة والمسارعة والمنافسة , وكل ذلك أمر الله به, قال تعالى: ((وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة)) آل عمران138
((سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة)) الحديد 21
((وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)) المطففين 26
واعلم يا مريد الخير أن بعث الشوق وظيفة لا ينفك عنها السائر إلى الله عز وجل , ولكن ينبغي مضاعفة هذا الشوق قبل شهر رمضان لتضاعف الجهد فيه, وهذا الشوق نوع من أنواع الوقود الإيماني الذي يحفز على الطاعة, ثم به يذوق المتعبد طعم عبادته ومناجاته.
ومجالات الشوق عندك كثيرة أعظمها وأخطرها الشوق إلى رؤية وجه الله عز وجل, ويمكنك أن تتمرن على قراءة هذا الحديث مع تحديث نفسك بمنزلتها عند الله, وهل ستنال شرف رؤيته أم لا؟ ((إذا دخل أهل الجنة الجنة ، قال يقول الله تبارك وتعالى : تريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تبيض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار . قال فيكشف الحجاب . فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل))
وفي مجالات الشوق: الشوق إلى لقاء الله وإلى جنته ورحمته ورؤية أوليائه في الجنة وخاصة الشوق للقاء النبي صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى
وأعلم أن لهذا الشوق لصوصا وقطاعا يتعرضون لك, فاحذر الترفه (خاصة في رمضان) واحذر فتنة الأموال والأولاد والأزواج, اتركهم ورائك ولا تلتفت وامض حيث تؤمر واجعل شعارك في رمضان:
((هم أولاء على أثري وعجلت إليك ربي لترضى))
أنتهى
منقول من مشروع ال100 يوم للشيخ هاني حلمي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا أشك أن استثارة الشوق إلى الله من أهم خطوات الاستعداد لرمضان
ولذا أحببت أن أنقل إليكم كلام الشيخ : رضا بن أحمد الصمدي عن بعث واستثارة الشوق إلى الله كالقاعدة الأولى من قواعد الاستعداد إلى رمضان ولتي ذكرها في كتابه القواعد الحسان في أسرار الطاعة والاستعداد لرمضان
لعل الله أن يرزقنا الصدق في الاشتياق إليه ويبلغنا رمضان ويوفقنا فيه إلى طاعته
إليكم كلام الشيخ:
" بعث واستثارة الشوق إلى الله:
على مر الأيام يخلق الإيمان في القلب وتصدأ أركان المحبة فتحتاج إلى من يهبك سربالا إيمانيا جديدا تستقبل به شهر رمضان, وأصل القدرة على فعل الشيء معونة الله ثم مؤونة العبد, ونعني بالمؤونة: رغبته وإرادته, فعلى قدر المؤونة تأتي المعونة.
وفي الحديث القدسي : ((إذا تقرب العبد إليّ شبرا تقربت إليه ذراعا, وإذا تقرب إليّ ذراعا تقربت من باعا, وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة)) رواه البخاري
فالمبادرة من العبد ثم الإجابة حتما من الرب:
((ادعوني أستجب لكم)) غافر 60
((فاذكروني أذكركم)) البقرة 15
فلابد من إثارة كوامن شوقك إلى الله عز وجل حتى تلين لك الطاعات فتؤديها ذائقا حلاوتها ولذتها, وأية لذة يمكن أن تحصلها من قيام الليل ومكابدة السهر ومراوحة الأقدام المتعبة أو ظمأ الهواجر أو ألم جوع البطون إذا لم يكن كل ذلك مبنيا على معنى ((وعجلت إليك ربي لترضى)) طه84 ؟! ومن لبى نداء حبيبه بدون شوق يحدوه فهو بارد سمج, دعوى محبته لا طعم لها.
لا جرم كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته : ((وأسألك الرضا بالقضاء وبرد العيش بعد الموت ولذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك.....)) رواه النسائي بسند صحيح
وشوقك لربك ولإرضائه أفناه رين الشبهات والشهوات وأهلكته جوائح المعاصي ومرور الأزمنة دون كدح إلى الله, فتحتاج يا باغي الخير إلى بعث الشوق من جديد لو كان ميتا, أو استثارته إن كان موجودا كامنا.
عوامل بعث واستثارة الشوق إلى الله :
1- مطالعة أسماء الله الحسنى وصفاته العلى, وتدبر كلامه وفهم خطابه فإن من شأن هذه المطالعة والفهم والتدبر فيها أن يشحذ من القلب همة للوصول إلى تجليات هذه الأسماء والصفات والمعاني, فتتحرك كوامن المعرفة في القلب والعقل ويأتي عندئذ المدد.
وتأمل قصة أبي الدحداح في فهمه كلام ربه كيف حرك أريحتيه وألبسه حب البذل
فعن عبد الله ابن مسعود قال: لما نزلت آية : ((منذ الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له)) البقرة 245. قال أبو الدحداح الأنصاري: وإن الله يريد منا القرض؟ قال:نعم يا أبا الدحداح, قال: أرني يدك يا رسول الله, قال: فناوله رسول الله يده, قال فإني أقرضت ربي حائطي, قال حائطه له فيه ستمائة نخلة وأم الدحداح فيه وعياله. قال فجاء أبو الدحداح فنادى يا أم الدحداح! قالت: لبيك, قال أخرجي من الحائط فإني أقرضته ربي عز وجل, وفي رواية أخرى أنها لما سمعته يقول ذلك عمدت إلى صبيانها تخرج ما في أفواههم وتنفض ما في أكمامهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ((كم من عذق رداح في الجنة لأبي الدحداح)) العذق من النخل كالعنقود من العنب, ورداح يعني ثقيل من كثرة ما فيه من التمر.
وتأمل رعاك الله من عطن الشبهات كيف فهم الصحابي من كلام الله عز وجل المعنى الظاهر بدون أن يكون في قلبه تردد أو تهيب لأن شجرة إيمانه قامت على ساق التنزيه.
2- مطالعة منن الله العظيمة وآلائه الجسيمة فالقلوب مجبولة على حب من أحسن إليها ولذلك كثر في القرآن سوق آيات النعم الخلق والفضل تنبيها لهذا المعنى, وكلما ازددت علما بنعم الله عليك كلما ازددت شوقا لشكره على نعمائه.
3- التحسر على فوات الأزمنة في غير طاعة الله, بل قضاؤها في عبادة الهوى. قال ابن القيم: ((وهذا اللحظ يؤدي به إلى مطالعة الجناية, والوقوف على الخطر فيها, والتشمير لتداركها والتخلص من رقها وطلب النجاة بتمحيصها))
4- تذكر سبق السابقين مع تخلفك مع القاعدين يورثك هذا تحرقا للمسابقة والمسارعة والمنافسة , وكل ذلك أمر الله به, قال تعالى: ((وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة)) آل عمران138
((سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة)) الحديد 21
((وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)) المطففين 26
واعلم يا مريد الخير أن بعث الشوق وظيفة لا ينفك عنها السائر إلى الله عز وجل , ولكن ينبغي مضاعفة هذا الشوق قبل شهر رمضان لتضاعف الجهد فيه, وهذا الشوق نوع من أنواع الوقود الإيماني الذي يحفز على الطاعة, ثم به يذوق المتعبد طعم عبادته ومناجاته.
ومجالات الشوق عندك كثيرة أعظمها وأخطرها الشوق إلى رؤية وجه الله عز وجل, ويمكنك أن تتمرن على قراءة هذا الحديث مع تحديث نفسك بمنزلتها عند الله, وهل ستنال شرف رؤيته أم لا؟ ((إذا دخل أهل الجنة الجنة ، قال يقول الله تبارك وتعالى : تريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تبيض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار . قال فيكشف الحجاب . فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل))
وفي مجالات الشوق: الشوق إلى لقاء الله وإلى جنته ورحمته ورؤية أوليائه في الجنة وخاصة الشوق للقاء النبي صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى
وأعلم أن لهذا الشوق لصوصا وقطاعا يتعرضون لك, فاحذر الترفه (خاصة في رمضان) واحذر فتنة الأموال والأولاد والأزواج, اتركهم ورائك ولا تلتفت وامض حيث تؤمر واجعل شعارك في رمضان:
((هم أولاء على أثري وعجلت إليك ربي لترضى))
أنتهى
منقول من مشروع ال100 يوم للشيخ هاني حلمي