منتدي الا رسول الله

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدي اسلامي


2 مشترك

    شبهة النسخ والمنسوخ في القرآن

    عبدالرحمن حسن
    عبدالرحمن حسن
    عضو نشيط
    عضو نشيط


    ذكر عدد الرسائل : 119
    العمر : 38
    البلد : مصر
    الهوايات المفضلة : القراءه
    nbsp : شبهة النسخ والمنسوخ في القرآن 15781611
    درجات الاجاده : 0
    نقاط : 60883

    شبهة النسخ والمنسوخ في القرآن Empty شبهة النسخ والمنسوخ في القرآن

    مُساهمة من طرف عبدالرحمن حسن 17/8/2008, 2:41 pm

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الرد على شبهة النسخ والمنسوخ في القرآن
    النسخ فى اللغة هو الإزالة والمحو ، يقال: نسخت الشمسُ الظلَّ ، يعنى أزالته ومحته ، وأحلت الضوء محله.
    ثم تطورت هذه الدلالة فأصبح النسخ يطلق على الكتابة ، سواء كانت نقلاً عن مكتوب ، أو ابتدأها الكاتب بلا نقل.
    والنُّساخ أو الوراقون هم جماعة من محترفى الكتابة كانوا ينسخون كتب العلماء (ينقلون ما كتب فيها فى أوراق جديدة فى عدة نسخ ، مثل طبع الكتب الآن).
    أما النسخ فى الشرع فله عدة تعريفات أو ضوابط ، يمكن التعبيرعنها بالعبارة الآتية:
    " النسخ هو وقْفُ العمل بِِحُكْمٍٍ أَفَادَه نص شرعى سابق من القرآن أو من السنة ، وإحلال حكم آخر محله أفاده نص شرعى آخر لاحق من الكتاب أو السنة ، لِحكمة قصدها الشرع ، مع صحة العمل بحكم النص السابق ، قبل ورود النص اللاحق والنسخ موجود بقلة فى القرآن الكريم ، مثل نسخ حبس الزانيات فى البيوت حتى الموت ، وإحلال الحكم بالجلد مائة ، والرجم حتى الموت محل ذلك الحبس .
    النسخ و وروده فى القرآن ، على أن القرآن ليس وحياً من عند الله. ونذكر هنا عبارة لهم صوَّروا فيها هذه الشبهة:
    " القرآن وحده من دون سائر الكتب الدينية ، يتميز بوجود الناسخ والمنسوخ فيه ، مع أن كلام الله الحقيقى لا يجوز فيه الناسخ والمنسوخ ؛ لأن الناسخ والمنسوخ فى كلام الله هو ضد حكمته وصدقه وعلمه ، فالإنسان القصير النظر هو الذى يضع قوانين ويغيرها ويبدلها بحسب ما يبدو له من أحوال وظروف.
    لكن الله يعلم بكل شئ قبل حدوثه. فكيف يقال إن الله يغير كلامه ويبدله وينسخه ويزيله ؟
    ليس الله إنساناً فيكذب ، ولا ابن إنسان فيندم ؟!

    * الرد على هذه الشبهة:
    نحن لا ننكر أن فى القرآن نسخاً ، فالنسخ موجود فى القرآن بين ندرة من الآيات ، وبعض العلماء المسلمين يحصرها فيما يقل عن أصابع اليد الواحدة ، وبعضهم ينفى نفياً قاطعاً ورود النسخ فى القرآن .
    أما جمهور الفقهاء ، وعلماء الأصول فيقرونه بلا حرج ، وقد خصصوا للنسخ فصولاً مسهبة فى مؤلفاتهم فى أصول الفقه ، قل من لم يذكره منهم قدماء ومحدثين. والذى ننكره كذلك أن يكون وجود النسخ فى القرآن عيباً أو قدحاً فى كونه كتاباً منزلاً من عند الله. ذلك ظن الذين كفروا ، فويل للذين كفروا من النار.
    إن الناسخ والمنسوخ فى القرآن ، كان إحدى السمات التربوية والتشريعية ، فى فترة نزول القرآن ، الذى ظل يربى الأمة ، وينتقل بها من طور إلى طور ، وفق إرادة الله الحكيم ، الذى يعلم المفسد من المصلح ، وهو العزيز الحكيم.
    أما ما ذكرتموه من آيات القرآن ، ساخرين من مبدأ الناسخ والمنسوخ فيه فتعالوا اسمعوا الآيات التى ذكرتموها فى جداول المنسوخ والناسخ
    وهى قسمان:
    أحدهما فيه نسخ فعلاً (منسوخ وناسخ).
    وثانيهما لا ناسخ فيه ولا منسوخ فيه ، ونحن نلتمس لكم العذر فى هذا " الخلط " لأنكم سرتم فى طريق لا تعرفون كيفية السير فيه.

    القسم الأول: ما فيه نسخ:
    من الآيات التى فيها نسخ ، وذكروها فى جدول الناسخ والمنسوخ الآيتان التاليتان: (واللاتى يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن فى البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا ) .
    ثم قوله تعالى: (الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة فى دين الله 000 ) .
    هاتان الآيتان فيهما نسخ فعلاً ، والمنسوخ هو حكم الحبس فى البيوت للزانيات حتى يَمُتْنَ ، أو يجعل الله لَهُنَّ حكماً آخر.
    وكان ذلك فى أول الإسلام. فهذا الحكم حكم حبس الزانية فى البيت ، حين شرعه الله عز وجل أومأ فى الآية نفسها إلى أنه حكم مؤقت ، له زمان محدد فى علم الله أزلاً. والدليل على أن هذا الحكم كان فى علم الله مؤقتاً ، وأنه سيحل حكم آخر محله فى الزمن الذى قدره الله عز وجل هو قوله: (أو يجعل الله لهن سبيلاً (. هذا هو الحكم المنسوخ الآن وإن كانت الآية التى تضمنته باقية قرآناً يتلى إلى يوم القيامة.
    أما الناسخ فهو قوله تعالى فى سورة "النور" فى الآية التى تقدمت ، وبين الله أن حكم الزانية والزانى هو مائة جلدة ، وهذا الحكم ليس عامّا فى جميع الزناة. بل فى الزانية والزانى غير المحصنين. أما المحصنان ، وهما اللذان سبق لهما الزواج فقد بينت السنة قوليًّا وعمليًّا أن حكمهما الرجم حتى الموت.
    وليس فى ذلك غرابة ، فتطور الأحكام التشريعية ، ووقف العمل بحكم سابق ، وإحلال حكم آخر لاحق محله مما اقتضاه منهج التربية فى الإسلام.
    ولا نزاع فى أن حكم الجلد فى غير المحصنين ، والرجم فى الزناة المحصنين ، أحسم للأمر ، وأقطع لمادة الفساد.
    وليس معنى هذا أن الله حين أنزل عقوبة حبس الزانيات لم يكن يعلم أنه سينزل حكماً آخر يحل محله ، وهو الجلد والرجم حاشا لله.
    والنسخ بوجه عام مما يناسب حكمة الله وحسن تدبيره ، أمَّا أن يكون فيه مساس بكمال الله. فهذا لا يتصوره إلا مرضى العقول أو المعاندين للحق الأبلج الذى أنزله الله وهذا النسخ كان معمولاً به فى الشرائع السابقة على شريعة الإسلام.
    ومن أقطع الأدلة على ذلك ما حكاه الله عن عيسى عليه السلام فى قوله لبنى إسرائيل: (ولأحل لكم بعض الذى حُرِّم عليكم) .
    وفى أناجيل النصارى طائفة من الأحكام التى ذكروها وفيها نسخ لأحكام كان معمولاً بها فى العهد القديم.
    ومثيروهذه الشبهات ضد القرآن يعرفون جيداً وقوع النسخ بين بعض مسائل العهد القديم والعهد الجديد. ومع هذا يدعون بإصرار أن التوراة والأناجيل الآن متطابقان تمام الانطباق .

    ومن هذا القسم أيضاً الآيتان الآتيتان:
    (يا أيها النبى حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون) .
    وقوله تعالى: (الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين).
    والآيتان فيهما نسخ واضح. فالآية الأولى توجب مواجهة المؤمنين لعدوهم بنسبة (1: 10) ، والآية الثانية توجب مواجهة المؤمنين للعدو بنسبة (1: 2).
    وهذا التطور التشريعى قد بين الله الحكمة التشريعية فيه ، وهى التخفيف على جماعة المؤمنين فى الأعباء القتالية فما الذى يراه عيباً فيه خصوم الإسلام ؟
    لو كان هؤلاء الحسدة طلاب حق مخلصين لاهتدوا إليه من أقصر طريق ، لأن الله عزوجل لم يدع مجالاً لريبة يرتابها مرتاب فى هاتين الآيتين. لكنهم يبحثون عن " العورات " فى دين أكمله الله وأتم النعمة فيه ، ثم ارتضاه للناس ديناً.
    وقد قال الله فى أمثالهم:
    (ولو نزلنا عليك كتاباً فى قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين) (10).

    ومن هذا القسم أيضاً الآيتان الآتيتان:
    (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصيةً لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج...) .
    وقوله تعالىSadوالذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً...) .
    أجل ، هاتان الآيتان فيهما نسخ ؛ لأن موضوعهما واحد ، هو عدة المتوفى عنها زوجها.
    الآية الأولى: حددت العدة بعام كامل.
    والآية الثانية: حددت العدة بأربعة أشهر وعشر ليال.
    والمنسوخ حكماً لا تلاوة هو الآية الأولى ، وإن كان ترتيبها فى السورة بعد الآية الثانية.
    والناسخ هو الآية الثانية ، التى حددت عدة المتوفى عنها زوجها بأربعة أشهر وعشر ليال ، وإن كان ترتيبها فى السورة قبل الآية المنسوخ حكمها.
    وحكمة التشريع من هذا النسخ ظاهرة هى التخفيف ، فقد استبعدت الآية الناسخة من مدة العدة المنصوص عليها فى الآية المنسوخ حكمها ثمانية أشهر تقريباً ، والمعروف أن الانتقال من الأشد إلى الأخف ، أدعى لامتثال الأمر ، وطاعة المحكوم به.. وفيه بيان لرحمة الله عز وجل لعباده. وهو هدف تربوى عظيم عند أولى الألباب.

    القسم الثانى:
    أما القسم الثانى ، فقد ذكروا فيه آيات على أن فيها نسخاً وهى لا نسخ فيها ، وإنما كانوا فيها حاطبى ليل ، لا يفرقون بين الحطب ، وبين الثعابين ، وكفى بذلك حماقة.
    وها نحن نعرض نموذجين مما حسبوه نسخاً ، وهو أبعد ما يكون عن النسخ.

    النموذج الأول:
    (لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى) .
    (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) .
    زعموا أن بين هاتين الآيتين تناسخاً ، إحدى الآيتين تمنع الإكراه فى الدين ، والأخرى تأمر بالقتال والإكراه فى الدين وهذا خطأ فاحش ، لأن قوله تعالى (لا إكراه فى الدين) سلوك دائم إلى يوم القيامة.
    والآية الثانية لم ولن تنسخ هذا المبدأ الإسلامى العظيم ؛ لأن موضوع هذه الآية " قاتلوا " غير موضوع الآية الأولى: (لا إكراه فى الدين).
    لأن قوله تعالى: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر) له سبب نزول خاص. فقد كان اليهود قد نقضوا العهود التى أبرمها معهم المسلمون. وتآمروا مع أعداء المسلمين للقضاء على الدولة الإسلامية فى المدينة ، وأصبح وجودهم فيها خطراً على أمنها واستقرارها. فأمر الله المسلمين بقتالهم حتى يكفوا عن أذاهم بالخضوع لسلطان الدولة ، ويعطوا الجزية فى غير استعلاء.
    أجل: إن هذه الآية لم تأمر بقتال اليهود لإدخالهم فى الإسلام. ولو كان الأمر كذلك ما جعل الله إعطاءهم الجزية سبباً فى الكف عن قتالهم ، ولاستمر الأمر بقتالهم سواء أعطوا الجزية أم لم يعطوها ، حتى يُسلموا أو يُقتلوا وهذا غير مراد ولم يثبت فى تاريخ الإسلام أنه قاتل غير المسلمين لإجبارهم على اعتناق الإسلام.
    ومثيرو هذه الشبهات يعلمون جيداً أن الإسلام أقر اليهود بعد الهجرة إلى المدينة على عقائدهم ، وكفل لهم حرية ممارسة شعائرهم ، فلما نقضوا العهود ، وأظهروا خبث نياتهم قاتلهم المسلمون وأجلوهم عن المدينة.
    ويعلمون كذلك أن النبى (عقد صلحاً سِلْمِيًّا مع نصارى تغلب ونجران ، وكانوا يعيشون فى شبه الجزيرة العربية ، ثم أقرهم عقائدهم النصرانية وكفل لهم حرياتهم الاجتماعية والدينية.
    وفعل ذلك مع بعض نصارى الشام. هذه الوقائع كلها تعلن عن سماحة الإسلام ، ورحابة صدره ، وأنه لم يضق بمخالفيه فى الدين والاعتقاد.
    فكيف ساغ لهؤلاء الخصوم أن يفتروا على الإسلام ما هو برئ منه ؟
    إنه الحقد والحسد. ولا شىء غيرهما ، إلا أن يكون العناد.

    النموذج الثانى:
    (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما) .
    (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه) .
    والآيتان لا ناسخ ولا منسوخ فيهما. بل إن فى الآية الثانية توكيداً لما فى الآية الأولى ، فقد جاء فى الآية الأولى: " فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما "
    ثم أكدت الآية الثانية هذا المعنى: (رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه)فأين النسخ إذن ؟.
    أما المنافع فى الخمر والميسر ، فهى: أثمان بيع الخمر ، وعائد التجارة فيها ، وحيازة الأموال فى لعب الميسر " القمار " وهى منافع خبيثة لم يقرها الشرع من أول الأمر ، ولكنه هادنها قليلاً لما كان فيها من قيمة فى حياة الإنسان قبل الإسلام ، ثم أخذ القرآن يخطو نحو تحريمها خطوات حكيمة قبل أن يحرمها تحريماً حاسماً ، حتى لا يضر بمصالح الناس.
    وبعد أن تدرج فى تضئيل دورها فى حياة الناس الاقتصادية وسد منافذ رواجها ، ونبه الناس على أن حسم الأمر بتحريمها آتٍ لا محالة وأخذوا يتحولون إلى أنشطة اقتصادية أخرى ، جاءت آية التحريم النهائى فى سورة المائدة هذه: (رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) هذه هى حقيقة النسخ وحكمته التشريعية ، وقيمته التربوية ومع هذا فإنه نادر فى القرآن.
    احمد
    احمد
    المدير العام لمنتدي الا رسول الله


    ذكر عدد الرسائل : 576
    العمر : 44
    البلد : مصر ام الدنيا
    الهوايات المفضلة : كره القدم
    بلد العضو : شبهة النسخ والمنسوخ في القرآن Egyptcxse5
    nbsp : شبهة النسخ والمنسوخ في القرآن 15781611
    درجات الاجاده : 0
    نقاط : 63527

    شبهة النسخ والمنسوخ في القرآن Empty رد: شبهة النسخ والمنسوخ في القرآن

    مُساهمة من طرف احمد 18/8/2008, 1:08 pm


    جزاك الله خيرا

    واليك فتوي عن هذا الموضوع



    النسخ في القرآن
    النسخ في القرآن:
    النسخ : هو رفع الشارع حكمًا من أحكامه بخطاب متأخرٍ عنه,
    وبذلك يتبين الفرق بين النسخ والتخصيص, فالنسخ يكون فيه النصان الناسخ والمنسوخ غير مقترنين زمانًا, بل يكون الناسخ متأخرًا عن المنسوخ. كنسخ القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة كما في سورة البقرة , ونسخ الثبوت لعشرة بالثبوت لاثنين كما في سورة الأنفال , ونسخ الصدقة في آية النجوى بالآية التي تليها في سورة المجادلة.
    والنسخ واقع في الشريعة الإسلامية لحِكَمٍ، منها التدرج و التيسير.وقد أَجمع المسلمون على جوازه، وأَنكره اليهود ظناً منهم أَنه بَداء، كالذي يرى الرأي ثم يبدو له، وهو باطل، لأَنه بيان مدَّة الحكم كالإِحياء بعد الإِماتة وعكسه، والمرض بعد الصحة وعكسه، والفقر بعد الغنى وعكسه، وذلك لا يكون بداء، فكذا الأَمر والنهي‏.
    ولا يقع النسخ إلاَّ في الأَمر والنَّهي، ولو بلفظ الخبر. أَما الخبر الذي ليس بمعنى الطلب فلا يدخله النسخ، ومنه الوعد والوعيد. وإذا عرفت ذلك عرفت فساد صنع من أَدخل في كتب النسخ كثيراً من آيات الإِخبار والوعد والوعيد.
    والأدلة على وقوع النسخ في القرآن:
    قول الله تعالى: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }{البقرة:106} وقوله تعالى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }{النحل:101} وقوله: {سَنُقْرِؤُكَ فَلَا تَنسَى*إِلَّا مَا شَاء اللَّهُ }{الأعلى:6-7}

    واختلف العلماء:
    فقيل‏:‏ لا يُنسخ القرآن إلاَّ بقرآن، لقوله تعالى: {‏مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106]. ‏ قالوا‏:‏ ولا يكون مثل القرآن وخيرًا منه إلاَّ قرآن.
    وقيل: بل ينُسخ القرآن بالسنَّة، لأَنها أَيضًا من عند الله، قال تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ* إنْ هُوَ إلاَّ وَحْيٌ يُوحَى‏} [النجم : 3-4].
    والثالث‏:‏ إذا كانت السنَّة بأَمر الله من طريق الوحْي نسخت، وإن كانت باجتهاد فلا. حكاه ابن حبيب النيسابوريّ في تفسيره‏.‏
    وقال الشافعي‏ّ:‏ حيث وقع نسخ القرآن بالسنَّة، فمعها قرآن عاضد لها، وحيث وقع نسخ السنَّة بالقرآن معه سنَّة عاضدة له؛ ليتبيَّن توافق القرآن والسنَّة‏.‏
    وكثير من المحققين ذهب إلى أن السنة غير المتواترة لا تنسخ القرآن, وما نقلوه من الأمثلة من السنة الناسخة للقرآن يمكن بالتتبع إثبات أن مع هذه السنة قرأنًا عاضدًا لها, كآية الوصية مثلاً نسخت بآيات المواريث مع حديث:" إنّ الله أعطى كل ذي حق حقه, فلا وصية لوارث" [صحيح:رواه الترمذي وغيره] وكذا آية: {وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً }{النساء:15} ليست منسوخة بحديث:"خُذوا عَنِي, خُذوا عني, قد جَعَلَ اللهُ لهُنَّ سَبيلاً. الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ ,وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ " رواه مسلم , ولكن الآية جعلت للإمساك غايةً مبهمة فجاءت السنة وبيَّنت تلك الغاية.وقيل:أن الآية منسوخة بآية سورة النور.
    * والنسخ في القرآن على ثلاثة أَضرب‏ :أَحدها‏:‏ ما نسخ تلاوته وحكمه معاً‏.وهو قليل, ويستدل له بقول الله تعالى:‏ {سَنُقْرِؤُكَ فَلَا تَنسَى*إِلَّا مَا شَاء اللَّهُ }{الأعلى:6-7} .
    الضرب الثاني‏:‏ ما نسخ تلاوته وبقي حكمه‏، ومثّلوا له بقول عائشة‏ رضي الله عنها:‏ كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ" رواه مالك ومسلم .
    وقد تكلموا في قولها‏:‏ (وهنَّ مما يقرأُ من القرآن): فإن ظاهره بقاء التلاوة، وليس كذلك‏.
    وأُجيب بأَن المراد: قارب الوفاة، أَو أَنَّ التلاوة نُسِخت أَيضًا، ولم يبلغ ذلك كل الناس إلاَّ بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَتُوُفِّي وبعض الناس يقرؤُها‏.‏
    وقال أَبو موسى الأَشعريُّ‏:‏ نزلت ثم رفعت‏.ومثلوا له أيضًا بآية الرجم: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ:لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَطُولَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ حَتَّى يَقُولَ قَائِلٌ مَا أَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ أَلَا وَإِنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ إِذَا أُحْصِنَ الرَّجُلُ وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ حَمْلٌ أَوْ اعْتِرَافٌ وَقَدْ قَرَأْتُهَا الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ"[صحيح:رواه ابن ماجة وغيره]
    وقد أَورد بعضهم فيه سؤالاً وهو‏:‏ ما الحكمة في رفع التلاوة مع بقاء الحكم؟ وهلاَّ أبقيَت التلاوة ليجتمع العمل بحكمها وثواب تلاوتها؟
    وأَجاب صاحب الفنون: بأَنَّ ذلك ليظهر به مقدار طاعة هذه الأُمَّة في المسارعة إِلى بذل النفوس بطريق الظنِّ، من غير استفصال لطلب طريق مقطوع به، فيسرعون بأَيسر شيء، كما سارع الخليل إبراهيم إلى ذبح ولدِه بمنام، والمنام أَدنى طريق الوحي‏.‏
    وقد أنكر بعض المبتدعة هذين الضربين من النسخ, ويُرَد عليه بمفهوم قول الله تعالى: {سَنُقْرِؤُكَ فَلَا تَنسَى*إِلَّا مَا شَاء اللَّهُ }{الأعلى:6-7} وأما ادعاؤهم بأن القول بهذا النسخ نوع من القول بوقوع التحريف في القرآن,وهذه مغالطة واضحة إذ التحريف يكون من فعل البشر, وليس بوحي, أما النسخ فلا يكون إلا بوحي من الله تعالى, والفرق واضح بين الاثنين, لذلك لا يؤخذ النسخ من أقوال المجتهدين والمفسرين والعلماء بل لابد فيه من النص الموحى به قرأنًا أو سنة.
    الثالث:ما نُسِخ حكمه وبقيت تلاوته؛ وهذا الضرب هو الذي فيه الكتب المؤلفة، وهو على الحقيقة قليلٌ جداً، وإنْ أَكثر الناسُ من ذكر الآيات فيه.
    قال السيوطي : إن الذي أَورده المكثرون أَقسام‏:‏
    قسم ليس من النسخ في شيء ولا من التخصيص، ولا له بهما علاقة بوجه من الوجوه. وذلك مثل قوله تعالى: {وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة، الآية: 3]. {أَنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم} [البقرة، الآية: 254]. ونحو ذلك.
    قالوا‏:‏ إنه منسوخ بآية الزكاة، وليس كذلك هو باقٍ:
    أَمَّا الأُولى: فإنها خبر في معرض الثناء عليهم بالإِنفاق، وذلك يصلح أَن يفسّر: بالزكاة، وبالإِنفاق على الأَهل، وبالإِنفاق في الأُمور المندوبة كالإِعانة والإِضافة. وليس في الآية ما يدلُّ على أََنها نفقة واجبة غير الزكاة.
    والآية الثانية: يصلحُ حملها على الزكاة، وقد فسّرت بذلك.

    وقوله في البقرة: {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً} [البقرة، الآية: 83]. عدَّه بعضهم من المنسوخ بآية السيف. وقد غَلَّطه ابن الحصَّار بأَنَّ الآية حكاية عمَّا أَخذه على بني إسرائيل من الميثاق، فهو خبر لا نَسخ فيه، وقسْ على ذلك.
    وقسم هو من قسم المخصوص لا من قسم المنسوخ‏، ومنه قوله تعالى {فَٱعْفُواْ وَٱصْفَحُواْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِ} [البقرة: 109]. ‏ وغير ذلك من الآيات التي خُصَّت باستثناء أَو غاية‏، وقد أَخطأَ من أَدخلها في المنْسوخ.
    ومنه قوله: ‏{وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ} [البقرة، الآية: 221]. ‏قيل إنَّه نُسخ بقوله: {وَٱلْمُحْصَنَاتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ‏} [المائدة، الآية: 5]. وإنما هو مخصوص به‏.
    وقسم رَفع ما كان عليه الأَمر في الجاهلية أَو في شرائع مَنْ قبلنا، كإبطال نكاح نساء الآباء، ومشروعيَّة القصاص والدِّيَة، وحَصْر الطَّلاق في الثلاث. وهذا عدم إدخاله في قسم الناسخ أَقرب، ووجَّهوه: بأَنَّ ذلك لوعُدّ في الناسخ لعُدّ جميع القرآن منه، إذ كلُّه أَو أَكثره رافع لما كان عليه الكفار وأَهل الكتاب .
    إذا علمت ذلك: فقد خرج من الآيات التي أَوردها المكثرون الجمّ الغفير، مع آيات الصفح والعفو، إن قلنا إن آية السيف لم تنسخها، وبقي مما يصلح لذلك عدد يسير.أهـ ‏

    هذا وقد يقع النسخ في السنة أيضًا كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: " نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا, وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ, وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ النَّبِيذِ إِلَّا فِي سِقَاءٍ فَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَةِ كُلِّهَا وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا" رواه مسلم عن بريدة.


    المصدر

    http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?t=63150&highlight=%DE%E6%E1+%C7%E1%DE%D1%C2%E4+%C3%E4+%C7%E1%E3%D3%ED%CD+%CA%DF%E1%E3+%DD%ED+%C7%E1%E3%E5%CF+%C3%ED+%E6%E5%E6+%D8%DD%E1+%DB%ED%D1+%E3%D0%DF%E6%D1+%DD%ED+%C7%E1%C3%E4%C7%CC%ED%E1

      الوقت/التاريخ الآن هو 21/9/2024, 7:17 pm