[size=24] ما ينفع الوالدين بعد الوفاة
كثيرا ما يتساءل البررة الأوفياء الكرام الأتقياء ماذا نقدم لآبائنا بعد مماتهم؟ فاللآباء فضل وللأمهات فضل، وللآباء حق وللأمهات حق، فلا يصح منّا وقد ربيانا صغاراً ورعيانا شباباً وكباراً أن نتناسى حقوقهما، أو أن نغفل عن فضلهما !
وكيف نغفل عن حقوقهما ، وهى أعظم الحقوق على الإطلاق بعد حق الله ورسوله ؟! كيف وقد قال تعالى :{وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياّه وبالوالدين إحسانا } ]الإسراء 23] – كيف وقد قال تعالى : { واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا } ]النساء 36[
فلزاماً أن نحسن إلى الوالدين فى الحياة وبعد الممات وللجواب على سؤال المحسنين البررة والمؤمنين : ماذا نصنع للوالدين بعد الممات ؟ نقول – وبالله التوفيق –
الاستغفار للوالدين والدعاء لهما وطلب الرحمة :
قال تعالى :{ وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا } ]الاسراء 24[وقال النبى صلى الله عليه وسلم :" إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة ، إلا من صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له " مسلم
وقال عليه الصلاة والسلام :" إن الله عز وجل ليرفع الدرجة للعبد الصالح فى الجنة فيقول : يارب أنّى لى هذه ؟ فيقول استغفار ولدك لك "]أحمد]فى المسند 2/905[
وعليه فينبغى أن يُشرك الشخص والديه فى دعائه فيدعو لهما كما يدعو لنفسه ويستغفر لهما مع استغفاره لنفسه.
وعليك بأداء الدَّين عن والديك ما استطعت إلى ذلك سبيلا :
فتركة الوالدين لا تقسم إلا بعد أداء الديون التى عليهما كما قال تعالى :{ من بعد وصية يوصى بها أو دين } ]النساء ومن شدة أمر الدين أن النبى صلى الله عليه وسلم كان لايصلى على من عليه دين ففى صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين"وفى رواية أخرى" القتل فى سبيل الله يكفّر كل شىء إلا الدين "
الصدقة الجارية :
الصدقة عن الميت يصل ثوابها إليه وينتفع بها والدليل ما أخرجه البخارى من حديث بن عباس رضى الله عنهما أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أمى توفيت أينفعهاإن تصدقت عنها ؟ قال نعم ؟
وعند مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة، إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له"
الصوم عن الوالدين :
فيجوز الصيام عنهما إذا ماتا وعليهما صيام
*أخرج البخارى ومسلم :" جاءت امراة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يارسول الله إن أمى ماتت وعليها صوم نذر، أفأصوم عنها؟ قال أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته أكان يؤدى ذلك عنها ؟ قالت نعم ، قال : فصومى عن أمك "
* وفى الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من مات وعليه صيام .. صام عنه وليّه"
الحج عن الوالدين مستحب إذا ماتا أو كانا كبيرين لا يستطيعان الحج :
(وذلك إذا كنت حججت عن نفسك ) ومما يدل على ذلك ما أخرجه البخارى ومسلم ....جاءت النبى ( صلى الله عليه وسلم) امرأه قالت يارسول الله إن فريضة الله على عباده فى الحج أدركت أبى شيخا كبيرا ، لا يستطيع أن يثبت على الراحلة ، أفأحج عنه؟ قال : "نعم" وذلك فى حجة الوداع
* والعمرة أيضا جائزة عن الوالدين إذ هى جزء من الحج – فعند أبى داود والنسائى والترمذى وابن ماجه وأحمد وغيرهم عن أبى رزين أنه قال : يارسول الله إن أبى شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن ، قال : " احجج عن أبيك واعتمر".
قضاء النذر عن الوالدين :
وإذا مات الوالدان أو أحدهما وعليهما نذر أدّى ولدهما عنهما هذا النذر، أخرج البخارى أن سعد بن عبادة الأنصارى استفتى النبى صلى الله عليه وسلم فى نذر كان على أمه فتوفيت أمه قبل أن تقضيه فأفتاه أن يقضيه عنها فكانت سنة بعد
استرضاء الخصوم :
وإذاكانت ثمّ شحناء بين الوالد وبعض الناس قبل الممات ، وكان الوالد فيها ظالما فقم بتأدية المظالم إلى أهلها ، واطلب عفو الناس عن أبيك ودعائهم له وكذا والدتك
وأبر البرّ أن يصل الرجل أهل ودٍّ أبيه:
وذلك كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك أيضا من حسن العهد ، ومن الوفاء والصلة المحمودة .
فصلْ عمّاتك وأعمامك ، وخالاتك وأخوالك واعلم أن الله يأجر والدك على تلك السنة الحسنة التى سنّها لك
* وكذلك فى أبواب السنن الحسنة فتحيى السنن الحسنة التى كان يفعلها أبوك حتى يؤجر ويثاب ويجرى عليه عمله الصالح ويجرى عليه رزقه فى قبره .
* وإذا كان أبوك يكفل أيتاماً وفى وسعك أن تكفلهم فلا تشعرهم بانقطاع الكفالة بل واصل العطاء وواصل الكفالة فتؤجر ويؤجر والدك لكونه سنّ لك سنة حسنة
*أحسن إلى الجيران كما كان أبوك يحسن إليهم ، وقدم لهم الهدايا الحين بعد الحين
* عُدالمرضى الذين كان أبوك يعودهم ، واتبع الجنائز كما كان أبوك يفعل.
* أصلح بين الناس كما كان أبوك يُصلح ولا تبغ الفساد فى الأرض فإن الله لايحب المفسدين .
* اعمر مساجد الله كما كان أبوك يعمرها ، بل وإن استطعت الزيادة فلتزد ، ففى ذلك خير
وواصل مسيرة الخير التى سار فيها والداك
وأصلح ما أفسده الوالد :
وإذا كان الوالد قد اقترف سوءاً أو جََّره إلى مسلم أو ظلم شخصا أو قطع رحما أو اختلس أو سرق فعليك إن كنت تريد رحمة والدك مما هو فيه من العذاب فعليك أن تصلح ما أفسده الوالد ، فتصل الرحم المقطوعة ، وترد الأموال المغصوبة وترفع الظلم عن المظلومين
إذا كان والدك منع إخوتك من الميراث فأعط البنات ميراثهن إنقاذاً لوالدك من ظلمات القبر وزلات الصراط والعذاب يوم الوعيد .
*إذا كان والدك قد أوصى بوصية جائرة ظالمة فلا تمضها فالوصية الجائرة منكر يجب تغييره
* إذا كان والدك أو والدتك قد أوصياك بقطع أرحامك فلا تقطع الأرحام
وهذه هدية للوالدين قدمها لنفسك ولهما :
أخرج الإمام أحمد بسند حسن قال : كنت جالسا عند النبى صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول " تعلموا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا يستطيعها البطلة " قال : ثم مكث ساعة ، ثم قال : تعلموا سورة البقرة وآل عمران فإنهما الزهروان يظلان صاحبهما يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف ، وإن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبره كالرجل الشاحب فيقول له : هل تعرفنى ؟ فيقول : ما أعرفك ، فيقول : أنا صاحبك القرآن الذى أظمأتك فى الهواجر وأسهرت ليلك ، وإن كل تاجر من وراء تجارته ، وإنك اليوم من وراء كل تجارة ، فيعطى الملك بيمينه والخلد بشماله ، ويوضع على رأسه تاج الوقار ، ويكسى والداه حلتين لا يقوم لهما أهل الدنيا ، فيقولان : بما كسبنا هذه ؟ فيقال : بأخذ ولدكما القرآن ، ثم يقال له : اقرأ واصعد فى درجة الجنة وغرفها ، فهو فى صعود ما دام يقرأ هذا كان أو ترتيلاً.
أما قراءة القرآن ووهب ثوابها للميت :
فلم أر دليلا صريحاً صحيحاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفيد أنه فعل ذلك ، ولا أنه حثّ عليه ولا أمر به .. ومن قال : إن الميت ينتفع بسماع القرآن ويؤجر على ذلك ، فقد غلط ، لإن النبى صلى الله عليه وسلم قال : إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له "
من كتابات الشيخ/ مصطفى بن العدوى( ما ينفع الوالدين بعد الوفاة )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.. صلوا على رسول الله ....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات :
- عن عبادة رضي الله عنه قال ..قال رسول الله صلى الله علية وسلم : ( من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة ).