بسم الله الرحمان الرحيم
الولاء والبراء
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبعد:
الولاء والبراء ركن من أركان العقيدة، وشرط من شروط الإيمان، تغافل عنه كثيرا من النّاس وأهمله البعض فاختلطت الأمور وكثر المفرطون.
تعريف الولاء: هو حب الله ورسوله والصحابة المؤمنين الموحدين ونصرتهم.
تعريف البراء: هو بغض من خالف الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين من الكافرين والمشركين والمنافقين والمبتدعين والفساق.
الموالاة بين المؤمنين
1- الأنس بالمؤمنين والتعاون معهم.
2- النصرة والجهاد والهجرة من الولاء: ومن الحب في الله النصرة للمسلم من أي جنس أو لون كان، ومنها الهجرة لأنّها مرتبطة بالولاء والبراء ومنها ذلك الجهاد في سبيل الله، لأنّه الفاصل بين الحق والباطل.
3- السلام والمصافحة: ومفتاح الحب في الله يكون بالسلام والمصافحة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنّة حتى تؤمنوا، ولاتؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم» [رواه مسلم].
4- المجالسة والصحبة: ومن الحب في الله مجالسة الصالحين وصحبتهم، قال الله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الكهف:28].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل» والمقصود أن تظهر فائدة الصحبة الطيبة، وبركة المخالطة، وحسن المجاورة. والمؤمن يتقرب إلى ربّه بمجالسة الصالحين وصحبتهم.
5- التزاور في الله: ومن الحب في الله التزاور فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من عاد مريضا أوزار أخا له في الله ناداه مناد بأن طبت وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنّة منزلا» [رواه الترمذي].
البراءة من الكفار
1-عدم تولي اليهود والنصارى، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}.
2-عدم موالاة الكفار ومحبتهم في القلب، قال شيخ الإسلام الداعية محمد بن عبـد الوهاب رحمـه الله: " إنّ الإنسان لا يستقيم له إسلام ولو وحد الله وترك الشرك إلاّ بعداوة المشـركـين كمـا قال تعالى في [سورة المجادلة:22]: {لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} "
3-التحذير من مسايرتهم فيما يفعلون واتباع أهوائهم.
4-التحذير من طاعة الكفار وما يشيرون ويأمرون به على سبيل النصح والـتوجيه، قـال تعـالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ} [آل عمران:149].
5-التحذير من الركون إليهم وهو الميل والرضى بما يطلبونه من المسلم، قال تعالى: {وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ} [هود:113] قال ابن كثير : " أي لا ترضوا بأعمالهم، ولا تميلوا إليهم، ولا تستعينوا بهم، فتكونوا كأنّكم قد رضيتم بأعمالهم ".
6-الـتحذير من مداهـنتهم: أي: مجاملتهم، قال تعالى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم:9].
7-عدم إظهار الود لهم: قال سبحانه: {لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة:22].
8-التحذير من التشبه بهم، وتقليدهم، والإقامة في بلدهم إلاّ المستضعف، أو لمصلـحة دينية.
9-التحذير من مشاركتهم في أعيادهم، وطقوسهم ممّا فيه تمجيد عقيدتهم كتهنئتهم وتعـزيتهم ونحو ذلك.
10-التحذير من الإستغفار لهم والترحم عليهم.
عقيدة أهل السنة والجماعة في الولاء والبراء
يقول شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله: " فليتدبر المؤمن أنّ المؤمن تجب مولاته وإن ظلمك واعتدى عليك ، والكـافـر تجب معاداته وان أعطاك واحسن إليك،فان الله سبحانه وتعالى بعث الرسل وانزل الكتب ليـكون الـدين كله لله ،فيكون الحب لا وليائه والبغض لاعدائه ، وإذا أجتمع في الرجل الواحد : خير وشر وفجور وطاعة ومعصية وسنة وبدعة ، استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير ، واستـحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فبه من الشر ، فيجتمع في اشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة " أهـ.
سئل فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله عن الولاء والبراء ؟
فأجاب بقوله: البراء والولاء لله سبحانه وتعالى أن يتبرأ الإنسان من كل ما تبرأ الله منه كما قال تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [الممتحنة:4]، فيجب على كل مؤمن أن يتبرأ من كل مشرك وكافر، وكذلك يجب على المسلم أن يتبرأ من كل عمل لا يرضي الله ورسوله وأن لم يكن كافرا، كالفسوق والعصيان، قال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} [الحجرات:7]. وإذا كان مؤمن عنده إيمان وعنده معصية، فنواليه على إيمانه، ونكرهه على معاصيه، وهذا يجري في حياتنا، فقد تأخذ دواء كريه الطعم وأنت كاره لطعمه، أنت ومع ذلك راغب فيه لأنّ فيه شفاء للمرض، أمّا الأعمال فتتبرأ من كل عمل محرم ولا يجوز لنا أن نألف الأعمال المحرمة. والمؤمن العاصي نتبرأ من عمله بالمعصية ولكنّنا نواليه ونحبه على ما معه من الإيمان (مجموع فتاوى محمد بن عثيمين رقم 382).
من إعداد/ سلسلة العلامتين