الشباب هم أمل الأمة، والمأمول منهم أن يقيموا الدين، ويحافظوا على الشعائر، ويبعثوا روح الجهاد في سبيل الله لنصرة الأمة؛ لكن الصراحة أن كثيراً من شبابنا ضيعوا الأخلاق وأهملوا أعظم شعائر الدين، ولذا فلابد من الصلاح والاستقامة قبل الندم.
الشباب هم أمل الأمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ].[آل عمران:102]. [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ][النساء:1]. [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمً] [الأحزاب:70-71]. أما بعد.. فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلاله، وكل ضلاله بالنار. معاشر الأحبة! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله وبياكم وسدد على طريق الحق خطاي وخطاكم، أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجمعني وإياكم في دار كرامته إخواناً على سرر متقابلين، كما أسأله سبحانه أن يحفظني وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يجعلنا هداة مهتدين لا ضالين ولا مضلين.
بصراحة مع الشباب: المقصد: كيف نسلك سبيل النجاة؟ كيف نتعاون على البر والتقوى؟ كيف نتعاون على أن ننجو بأنفسنا وأهلينا من عذاب الله؟
بصراحة مع الشباب: الشباب -بارك الله فيهم- هم بناة الحضارة، وعلى أكتاف الشباب يتغير الواقع، وبأيدي الشباب تستعيد الأمة مكانتها، وتستعيد الأمة العزة المفقودة والعزة المسلوبة؛ لكن أي نوع من الشباب هو الذي سيغير الواقع؟......
خروج من طريق الضياع
الشباب اليوم على صنفين، وتعال نتكلم بصراحة ونقول للشباب: ماذا تريدون؟ كثير من الشباب يدعي أنه في سعادة ويدعي أنه في راحة وطمأنينة، لكن في قرارة نفسه يعلم أنه ليس كذلك. على غير ميعاد منذ أسابيع مضت كنت في سفر إلى الرياض فصعدت الطائرة، وبينا أنا أضع حقائبي في المكان المخصص إذا بمنادٍ من خلفي يقول: السلام عليكم يا فلان! فالتفت فإذا بشاب أعرفه منذ سنوات طوال فرقت بيني وبينه أحوال الدنيا هنا وهناك، وكان في آخر عهدي به منذ سنين مضت أنه مذبذب لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء سار مع أهل الاستقامة فترة ثم عاد إلى ما كان عليه. الذي أعرفه أنه أصبح موظفاً في الخطوط الجوية وأصبح مضيفاً، وهذه أمنية كان يتمناها هو، كنت أسأله: لماذا تريد هذه الوظيفة المتعبة؟ قال: أحب السفر هنا وهناك كل يوم في بلد. مضت الأيام وتفرقنا، والذي أعرفه أنه التحق في ذلك المجال الذي يريده، جاءتني الأخبار أنه تزوج وأصبح أباً، لم أره منذ عشر سنوات إلا في الطائرة في ذلك اليوم، قلت: فلان! قال: نعم، قلت: أهلاً وسهلاً، كان يرتدي ثياب الوظيفة لكنه لم يكن على مهمة في تلك الطائرة، كان يريد الذهاب إلى الرياض ثم من الرياض سيصعد على طائرة إلى خارج البلاد في رحله تستغرق أربع ساعات ثم يرجع إلى البلاد في نفس الليلة. جلست معه، وقلت: ما هي أخبارك؟ قال: أبشرك بخير وسعادة وما مر علي لحظات إلا وأنا أحسن. قلت: عندي خبر أنك تزوجت، قال: نعم تزوجت وعندي طفل صغير اسمه خالد، قلت: ما شاء الله تبارك الله، الآن أصبحت رجلاً مسئولاً عن أسرة كاملة، فكيف هي أحوالك؟ قال: بعد أن أنجبت زوجتي هجرتني لسنة كاملة، ذهبت وتركت البيت لسنة كاملة. قلت: لماذا؟ قال: بصراحة يا شيخ! لسوء تصرفاتي، لقد كذبت عليك حين قلت لك إني في سعادة وإني في طمأنينة، الحقيقة يا شيخ! إني أعيش هموماً وغموماً لا يعلمها إلا الله، والله يا شيخ إني في ضياع لا يعلمه إلا الله كثرة السفر وكثرة التنقلات كنت أظنها ستجلب لي سعادة؛ لكن الذي حدث أنها أحدثت لي عكس ذلك، انجرفت مع الأشرار من بلد إلى بلد ومن مصيبة إلى مصيبة حتى تركتني زوجتي وذهبت إلى أهلها سنة كاملة، رجعت بعد أن عاهدتها أني سأستقيم وأني سأعود إلى صراط الله المستقيم؛ لكني ما صدقت في عهودي ولا في مواثيقي. يقول: منذ أيام حدث حادث أثر في حياتي، وغير من مجريات حياتي، كنت في إحدى البلاد الأسيوية، بعد أن وصلت الرحلة المفترض أننا سنبقي ثلاث ليال هناك ثم نرجع مرة ثانية، خرجت مع من خرج يسرح و يمرح في تلك البلاد، رجعت ومعي فاجرة إلى الفندق، يقول: فلما تجردت من ثيابها وتجردت أنا من ثيابي إذا بنداء هز كياني، إذا بالأذان يرتفع من مسجد مجاور لنا، يقول: خافت هي وانتفضت ولبست ثيابها ودخلت إلى دورة المياه وتوضأت ثم خرجت وجلست تصلي وتبكي، وأنا لم يتحرك شيء في داخلي، قلت في نفسي: إلى هذه الدرجة أنا وصلت إلى الضياع! إلى هذه الدرجة أصبح الأذان يؤذن ولا يحرك في قلبي شيئاً! إلى هذه الدرجة أرى من يتأثر ويبكي ولا يعني لي شيئاً! فرجعت ولم أصنع شيئاً؛ لكني رجعت وأنا أحمل الهم وأنا أقول: إلى متى وأنا أسير على هذا الطريق؟ إلى متى وأنا أسير على طريق الضياع؟ سبحان الله! فاجرة سمعت الأذان ينادي فانتفضت في مكانها ورفضت أن تفعل الفاحشة وتوضأت وصلت باكية في مكانها! يقول لي: أنا الآن تجاوزت الثلاثين سنة ولا أدري متى سيتغير الواقع؟
قلت له: كيف أنت مع الصلاة؟ قال: أنا لا أصلي يا شيخ! قلت له: وكيف تحيا إذاً وأنت لا تصلي؟! ولا تعرف أوامر الله ولا تأتمر بأوامر الله؟! قال: كأن الله قد ساقك إليَّ الليلة، أنا أحتاجك يا شيخ! أنا أريد أن أصرح لك بما يدور في داخلي. الذي يدور في داخله هو آثار الذنوب والمعاصي، آثار البعد عن الله جل في علاه، آثار الإدبار عن صراط الله المستقيم، كيف يتغير الواقع وهو لا يعرف أبسط أمور الدين، وهي الاستقامة على صلاته. قلت: أنا أنزل في الرياض في مهمة وأرجع على طائرة الحادية عشرة والنصف. قال: هي موعد رجوع طائرتي أيضاً، أنا أسافر إلى بيروت ثم أرجع وأقلع على طائرة الحادية عشرة والنصف؛ قال: أرجوك أنا أريدك يا شيخ! فقد مللت هذا الطريق وهذه الحياة. قلت: استقم في صفوف المصلين والزم المسجد واركع واسجد لله حتى يتغير الحال، فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. افترقنا في صالة المطار على أن نلتقي في الساعة الحادية عشرة والنصف حتى نرجع إلى الدمام، ولظروف تأخرت في المجيء إلى المطار حتى كادت الرحلة تفوتني، حتى قال لي الشباب في الرياض: امكث يا شيخ! امكث هذه الليلة وارجع غداً صباحاً، قلت: لا أنا على موعد في المطار، أنا على موعد مع ذلك الشاب الذي واعدته على أن نلتقي مهما كانت الظروف، فقد ودعني في المطار بعين باكية ولا زلت أذكر ذلك الوجه وهو يفترق ويبتعد عني وهو يقول لي: أرجوك يا شيخ! أنا أحتاجك، فما أردت أن أتخلف عن موعده. انتقلت من منطقة بالرياض في الساعة الحادية عشرة والطائرة تقلع في الساعة الحادية عشرة والنصف، لما وصلت إلى المطار الساعة الحادية عشرة والنصف وجدت أن الركاب كلهم قد ركبوا إلا صاحبي كان ينتظر عند البوابة، فلما رآني بكى وأخذ يقول: والله يا شيخ ما كنت لأركب الطائرة حتى تأتي أنت، ثم ركبنا، وبين السماء والأرض باح واعترف، بين السماء والأرض أعلنها توبة لله رب العالمين، قال لي فيما قال في الحديث الذي دار بيني وبينه: أبشرك يا شيخ لقد صليت ولأول مرة أصلي منذ سنوات، والله لأول مرة بين السماء والأرض أحس أني قريب من الله، لأول مرة أحس بالراحة والطمأنينة في داخلي. أقول: أحبتي! الإنسان في ضياع حتى يتعرف على الله جل في علاه قال سبحانه: [وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ] [الذاريات:56].
من معانيها: ما خلقتهم إلا ليتعرفوا علي. وكيف يكون التعرف على الله إلا بالركوع والسجود والخضوع لأوامره والانتهاء عن نواهيه، أنت عبد للسيد الذي خلقك وأعطاك وأمدك بكل شيء، لا بد أن تحقق العبودية حتى يحقق الله لك ما وعد، لا بد أن تسير على النهج الذي خلقك الله من أجله.. ظل يبكي بين السماء والأرض ويدلي باعترافات: تركتني زوجتي، تركني المقربون، تركني أناس كثيرون، والسبب: الذنوب والمعاصي، كنت أظن أن السفر والترحال سيجلب لي سعادة كنت أظن أن السفر هنا وهناك ومعاشرة هؤلاء وهؤلاء ستجلب لي سعادة، قال: والله ما استشعرت السعادة إلا مرة واحدة منذ سنوات مضت، حين انتشلني أولئك الشباب الصالحون وأخذوا يغدون بي ويروحون إلى المسجد، حينها عرفت أنني إنسان، حينها عرفت أن لي قيمة في هذا المجتمع، اجتهدت أكثر من بعض الشباب في تلك الفترة، لكن حين سلكت تلك الوظيفة وبدأت أطير من بلد إلى بلد بدأت رحلة الضياع.
بصراحة: كثير من الشباب يعيش في ضياع لا يعلم به إلا الله، هو يضحك ويتبسم لكنها ليست بابتسامة خارجة من القلب، ابتسامة وراءها ما يعبر عنها، وأشياء كثيرة يخفيها الشباب خلف ابتساماتهم. قل لأصحاب المعاصي والضياع: ماذا صنعت المعاصي بهم، وهل جلبت لهم سعادة؟ المطلوب مني ومنك بارك الله فيك أن نسير على طريق الاستقامة، أن نعيش عبيداً لله رب العالمين.
الشباب والمحافظة على الصلاة
اسمع بصراحة إلى واقع الشباب: التقيت بثلاثة على إحدى الطرق الطويلة في ساعة متأخرة من الليل، قلت وقد توقفت لهم: أين تريدون؟ قالوا: نريد الدمام، قلت: اصعدوا فأنتم على طريقي. لما ركبوا وهم في مقتبل العمر لم تتجاوز أعمارهم الحادية والعشرين أو الثانية والعشرين، سألتهم: أين تريدون؟ قالوا: نريد المكان الفلاني، قلت: ماذا تريدون من هناك؟ قالوا: نبحث عن وظائف، قطعوا مسافات طويلة بحثاً عن وظيفة، بحثاً عن الجاه، بحثاً عن الرزق. ولا عيب في أن يسعي الإنسان لرزقه؛ لكن عيب كل العيب أن يراه الله مقصر في حقه، عيب كل العيب أننا نخرج من أجل دنيانا وفي قضاء حوائجنا ولا نخرج في طاعة الله حين ينادينا منادي الله: الصلاة خير من النوم، أو حي على الصلاة حي على الفلاح. قلت: اصدقوني ما هي المؤهلات التي تحملونها. فما ذكروا مؤهلات تذكر، منهم من يحمل الشهادة المتوسطة ومنهم من يحمل دون ذلك، قلت: الأمر لله من قبل ومن بعد، ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم، لكن من كان مع الله كان الله معه، وما سميت الصلاة صلاة إلا لأنها صله بين العبد وربه، ولأن الله يصل بفاعلها إلى الجنة و يصل بتاركها إلى النار، ولأن الله يتعهد أهل الصلوات، قال الله تعالى:[ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ].[طه:132]. لذلك سألتهم وقلت: كيف أنتم مع الصلاة؟ اسمع بارك الله فيك! اسمع أخبار الشباب وبصراحة مع صلواتهم التي هي أساس أمور دينهم، قال الذي يجلس بجانبي: أقول لك الصراحة أم أكذب عليك يا شيخ! قلت: إن كذبت فأنت لا تكذب علي بل تكذب على نفسك أنت، قال: بصراحة أنا ما أصلي، قلت: إذاً كافر، قال: لا، قلت: كيف وقد جاء في الحديث: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، (بين المرء وبين الكفر ترك الصلاة) فهل ترضى بهذا الاسم؟! قال: لا. قلت: إذاً فافعل بفعل المسلمين الذين من أساس أركان دينهم بعد توحيد الله: إقامة الصلاة.
أما الثاني فقال لي: أنا أحسن منه يا شيخ! أنا أحسن منه حالاً! قلت: وكيف؟ قال: أنا أصلي من الجمعة إلى الجمعة. قلت: هذا دين جديد وهذا شرع جديد. قال: وماذا أفعل إذاً؟ قلت: هي خمس صلوات بارك الله فيك! قال الثالث: أنا أحسنهم حالاً يا شيخ! قلت: وكيف؟ قال: أنا أصلي في اليوم صلاتين. أيعقل أن هذا هو حال الشباب، منهم من لا يركع ولا يسجد، ومنهم من لا يصلي إلا من الجمعة إلى الجمعة، ومنهم من لا يعرف الله إلا في وقت الشدة، في أوقات الامتحانات والاختبارات يقبل الناس على المساجد، وحين ترفع وتقضي حوائجهم يدبرون عن أوامر الله : [أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ][الأعراف:99]، يعدهم الشيطان ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غروراً. كم خسرنا من شاب وفتاة لا يصلون ولا يعرفون أوامر الله، كم خسرنا من صغار ومن كبار خرجوا من الحياة بلا رصيد من الحسنات، غرتهم الأماني وغرهم بالله الغرور. يقول أحد مغسلي الموتى: جيء لنا بشاب في مقتبل العمر، فلما بدأنا بتغسيله وتكفينه انقلب لونه من البياض الشديد إلى السواد الشديد، خفنا من المنظر الذي رأيناه فخرجنا خائفين فوجدنا رجلاً في الخارج، قلنا: من أنت، ومن الميت؟ قال: الميت ميتنا وأنا أبوه. قلت: ما خبر ميتكم هذا؟ قال: ميتنا هذا لم يك من المصلين، قلنا: نعوذ بالله! خذوا ميتكم أنتم وغسلوه وكفنوه، فحكم الله في هذا ألا يغسل ولا يكفن ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يدعى له ولا يستغفر له ولا يحمل على الرقاب، بل يسحب على وجهه، وتحفر له حفرة في الصحراء ثم يكب فيها على وجهه [وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ] [النحل:33]. أتدري كم من أمر للمحافظة على الصلوات في كتاب الله؟ أكثر من تسعين أمراً، يكفينا أمر واحد حتى نعلم أن القضية قضية خطيرة، وأن القضية يترتب عليها إما جنة وإما نار، وأول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة الصلاة، وحتى يستقيم حاله في دنياه وينظر الله في أموره في آخرته لا بد أن يستقيم صفوف المصلين.
أحد الشباب يقول:
أنا وصاحب لي نغدو ونروح في أوقات الصلوات والله لا نعرف المساجد ولا نعرف الأوامر، نستهزئ بالمصلين ونستهزئ بأهل الاستقامة وأهل الالتزام، حتى جاء يوم فافترقنا بعد الفجر ولم نصلها، نمت فلما استيقظت قال لي أخي الأكبر: فلان صاحبك قد مات اليوم! ظننت بأن الأمر مزح وليس بالأمر الجد، فقلت: اترك عنك هذا الكلام فقد فارقته هذا الصباح وذهب هو إلى البيت. قال: أقول لك بالحرف الواحد: فلان قد مات! فذهبت إلى بيته أتقصي الخبر، طرقت الباب فخرج إلي أبوه، قلت: أين فلان؟ فقال لي والدمعة على خده: عظم الله أجرك في فلان، قلت: أين هو؟ قال: أين هو؟! لن نصلي عليه ولن ندفنه في مقابر المسلمين، لأنه كان لا يصلي، كم نصحناه وإياك أن تحافظا على أوامر الله! يقول الشاب: حينها علمت أني على خطر، حينها تأكدت أني أسير على طريق غير صحيح، علمت أنه لا بد أن أصحح المسار، فهذا الموت يتخطف الصغار ويتخطف الكبار، منهم من يأخذه في الجو، ومنهم من يأخذه في الأرض، ومنهم من يأخذهم على ضفاف البحار؛ فكيف يكون حالي إذا جاءني المنادي يقول: يا فلان بن فلان، قد انقضى العمر وانتهت الحياة، وأنا على حال لا يعلمها إلا الله.
اللهم اجعلنا ممن دعاك فاجبته,واستهداك فهديته , واستنصرك فنصرته ,وتوكل عليك فكفيته , وتاب اليك فقبلته . اللهم طهر قلوبنا من النفاق واعمالنا من الرياء , والستنا من الكذب واعيننا من الخيانة , انك تعلم خائنة الاعين وما تخفى الصدور . اللهم امين يارب العالمين.