[size=21]الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
د ياسر برهامي
طالعت مقالاً كتبه الأستاذ "الشيخ أحمد شاكر" محدث الديار المصرية في مجلة "الهدي النبوي"، التي كانت تصدرها "جماعة أنصار السنة"، والتي كان "الشيخ أحمد شاكر" -رحمه الله- رئيساً لتحريرها في الأربعينيات من القرن العشرين الميلادي، أي من أكثر من ستين سنة، بعنوان: "بيان إلى الأمة المصرية خاصة، وإلى الأمم العربية والإسلامية عامة".
كتبه -رحمه الله- إبان احتلال مصر حيث كانت معسكراتهم تحتل منطقة قناة السويس، وقواعدهم تنتشر هناك، وقد بدأت المقاومة المصرية آنذاك باستهداف هذه القواعد والمعسكرات، وكان رد فعل الإنجليز عنيفاً بالطبع، وإن كنت أظن أنه ليس أعنف من فعل اليهود اليوم بأهلنا في فلسطين، أو فعل الأمريكيين وحلفائهم بأهلنا في العراق وأفغانستان، أو فعل الروس بأهلنا في الشيشان.
وتعجبت كثيراً، وأعجبني أكثر مدى قوة الكاتب الفذ والعالم الرباني والمفتي الواعي -وهو من هو رحمه الله- لواقع أمته وأعدائها، وحقيقة الصراع الذي يدور بينهم.
تعجبت وأعجبتني صراحته وجرأته في الحق في بلد محتل يحرك الإنجليز أموره بأيديهم وأعوانهم الذين سماهم: "أبناء الأعداء منا" و"عبيد الأعداء منا"، وبهرتني نصاعة الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة، وحسن الفهم للعلل والأحكام المنوطة بها، والوضوح الذي لا تشوبه شائبة أو تردد.
ثم تعجبت أكثر -وإن كان آلمني وأحزنني ولم يعجبني- حين قارنت بين موقف الشيخ -رحمه الله- وهو نفس الموقف الذي ينقله عن الأزهر الشريف، بل الأمة كلها -إلا أبناء الأعداء منا، وعبيد الأعداء منا-، وبين موقف كثير من المتحدثين في زماننا باسم الدين في مثل هذه القضية، والمفتين، بل وبعض الدعاة الذين تغيرت مفاهيمهم عن الولاء والبراء والولاية والعداوة إلى النقيض تماماً من موقف العلماء في ذلك الزمان إبان الاحتلال الإنجليزي لبلادنا، رغم الإعلان الظاهر عن الاستقلال منذ 1922.
تعجبت كيف انقلبت الموازين لدى الكثيرين إلى الحد الذي صار البعض يفتي فيه بأن أعداءنا المحتلين وأبناءهم وعبيدهم منا هم ولاة الأمور الذين يلزم المسلمين في البلاد المحتلة طاعتهم وتحريم الخروج عليهم ولو باللسان -كما زعموا كاذبين-، بل وصل الحال إلى أن أفتى البعض بجواز التجند ضمن جيوش الأعداء المعلنين صراحة راية الكفر لا يستترون، ولا يتدثرون بنفاق أو غيره، وأنه يسوغ للمسلم أن يقاتل، وأن يعاون جيوش الكفار في قتالها للمسلمين، وأن يعمل أجيراً لهم بأخذ أجرته على قتل إخوانه -سابقاً بالطبع-، وانتهاك حرماتهم.
بل صار بعضهم أشد على المسلمين من هؤلاء الأعداء، فإذا وقع الأسير منا في أيديهم فقد أهله الأمل في نجاته، وإذا سقط أسيراً في يد الأمريكان، قالوا: الحمد لله؛ هؤلاء أرحم ممن هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس، كما وصفهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فصار ما يذكر الشيخ -رحمه الله- أنه من الردة الصريحة إلى أمر من المباحات الجائزة والمصالح المعتبرة عند أهل زماننا.
فكأنهم يقولون للأعداء مرحباً بكم في المحطة القادمة لاحتلالكم لبلاد المسلمين، ستجدون منا كل عون وتأييد.
فأحببت أن أهدي هذه المقالة لإخواني وغيرهم، والعالم يتذكر سقوط فلسطين بأيدي اليهود من أكثر من ستين سنة، وسقوط بغداد في أيدي الأمريكان وحلفائهم منذ خمس سنين، نسأل الله أن ينصر الإسلام والمسلمين في كل مكان، وأن يهزم أعداءهم في كل مكان، اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب اهزمهم وزلزلهم وانصرنا عليهم.
]
د ياسر برهامي
طالعت مقالاً كتبه الأستاذ "الشيخ أحمد شاكر" محدث الديار المصرية في مجلة "الهدي النبوي"، التي كانت تصدرها "جماعة أنصار السنة"، والتي كان "الشيخ أحمد شاكر" -رحمه الله- رئيساً لتحريرها في الأربعينيات من القرن العشرين الميلادي، أي من أكثر من ستين سنة، بعنوان: "بيان إلى الأمة المصرية خاصة، وإلى الأمم العربية والإسلامية عامة".
كتبه -رحمه الله- إبان احتلال مصر حيث كانت معسكراتهم تحتل منطقة قناة السويس، وقواعدهم تنتشر هناك، وقد بدأت المقاومة المصرية آنذاك باستهداف هذه القواعد والمعسكرات، وكان رد فعل الإنجليز عنيفاً بالطبع، وإن كنت أظن أنه ليس أعنف من فعل اليهود اليوم بأهلنا في فلسطين، أو فعل الأمريكيين وحلفائهم بأهلنا في العراق وأفغانستان، أو فعل الروس بأهلنا في الشيشان.
وتعجبت كثيراً، وأعجبني أكثر مدى قوة الكاتب الفذ والعالم الرباني والمفتي الواعي -وهو من هو رحمه الله- لواقع أمته وأعدائها، وحقيقة الصراع الذي يدور بينهم.
تعجبت وأعجبتني صراحته وجرأته في الحق في بلد محتل يحرك الإنجليز أموره بأيديهم وأعوانهم الذين سماهم: "أبناء الأعداء منا" و"عبيد الأعداء منا"، وبهرتني نصاعة الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة، وحسن الفهم للعلل والأحكام المنوطة بها، والوضوح الذي لا تشوبه شائبة أو تردد.
ثم تعجبت أكثر -وإن كان آلمني وأحزنني ولم يعجبني- حين قارنت بين موقف الشيخ -رحمه الله- وهو نفس الموقف الذي ينقله عن الأزهر الشريف، بل الأمة كلها -إلا أبناء الأعداء منا، وعبيد الأعداء منا-، وبين موقف كثير من المتحدثين في زماننا باسم الدين في مثل هذه القضية، والمفتين، بل وبعض الدعاة الذين تغيرت مفاهيمهم عن الولاء والبراء والولاية والعداوة إلى النقيض تماماً من موقف العلماء في ذلك الزمان إبان الاحتلال الإنجليزي لبلادنا، رغم الإعلان الظاهر عن الاستقلال منذ 1922.
تعجبت كيف انقلبت الموازين لدى الكثيرين إلى الحد الذي صار البعض يفتي فيه بأن أعداءنا المحتلين وأبناءهم وعبيدهم منا هم ولاة الأمور الذين يلزم المسلمين في البلاد المحتلة طاعتهم وتحريم الخروج عليهم ولو باللسان -كما زعموا كاذبين-، بل وصل الحال إلى أن أفتى البعض بجواز التجند ضمن جيوش الأعداء المعلنين صراحة راية الكفر لا يستترون، ولا يتدثرون بنفاق أو غيره، وأنه يسوغ للمسلم أن يقاتل، وأن يعاون جيوش الكفار في قتالها للمسلمين، وأن يعمل أجيراً لهم بأخذ أجرته على قتل إخوانه -سابقاً بالطبع-، وانتهاك حرماتهم.
بل صار بعضهم أشد على المسلمين من هؤلاء الأعداء، فإذا وقع الأسير منا في أيديهم فقد أهله الأمل في نجاته، وإذا سقط أسيراً في يد الأمريكان، قالوا: الحمد لله؛ هؤلاء أرحم ممن هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس، كما وصفهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فصار ما يذكر الشيخ -رحمه الله- أنه من الردة الصريحة إلى أمر من المباحات الجائزة والمصالح المعتبرة عند أهل زماننا.
فكأنهم يقولون للأعداء مرحباً بكم في المحطة القادمة لاحتلالكم لبلاد المسلمين، ستجدون منا كل عون وتأييد.
فأحببت أن أهدي هذه المقالة لإخواني وغيرهم، والعالم يتذكر سقوط فلسطين بأيدي اليهود من أكثر من ستين سنة، وسقوط بغداد في أيدي الأمريكان وحلفائهم منذ خمس سنين، نسأل الله أن ينصر الإسلام والمسلمين في كل مكان، وأن يهزم أعداءهم في كل مكان، اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب اهزمهم وزلزلهم وانصرنا عليهم.
]