قلت له أنّ الدعاء ليس هو الحل!!
الأستاذ/ جاسم المطوع
سألنى شاب : لماذا لا يستجيب الله للمسلمين على الرغم من كثرة دعائهم بأن يخلصنا الله من اليهود والكفار وأنصارهم؟ .. هكذا بدأ حواره معى ..
قلت : أن للنصر والتمكين أسباباً .. يأتى فى مقدمتها العمل .. ثم يأتى الدعاء فى المرتبة الثانية ..
قال :/ ولكن الدعاء هو الأساس وهو المخلص لنا من كل المآسى والكربات .. وقد قال تعالى :"ادعونى استجب لكم "
قلت : نعم إن الآية التى ذكرتها صحيحة .. ولكن لها فقه .. فالله لا يستجيب لعبده الكسلان أو النائم أو الذى لا يأخذ بأسباب الحركة والانجاز .. ولقد مرّ الإمام الحسن البصرى على رجل يلعب بالحصى بيده ويدعو الله أن يرزقه الحور العين .. فقال له ياهذا .. تدعو الله الحور العين وتلعب كما يلعب المجانين ؟؟!!
قال: إن هذا لمفهوم جديد علىّ.. وأنا فى اعتقادى أن الدعاء هو كل شيىء
قلت : دعنى أسألك ..لأكثر من خمسين سنة ونحن ندعو الله أن يحرر فلسطين أو يخلصنا من أزمة اقتصادية أو ينقذنا من تسلط الأعداء علينا .. لكن ماهو العمل أو الإنجاز الذى حققناه مقابل ذلك ؟ لقد قال الله تعالى :"إن تنصروا الله ينصركم " ولم يقل : ان تدعو الله ينصركم
قال : وهل نلغى الدعاء ؟؟
قلت : لا وألف لا .. ولكن الدعاء يأتى فى المرحلة الثانية لا الأولى .. وتأمل معى ماذا فعل النبى صلى الله عليه وسلم فى غزوة بدر .. فبعدما حدد الموقع وأخذ بأسباب النصر فصفّ الجيش وحمّسهم بالنصر توجه إلى الله بالدعاء .. وكذلك فعل فى غزوة الخندق ..
قال ان هذا المفهوم الذى تتحدث عنه مهم جدا ..
قلت : نعم .. وهو مما يتعلق بمفهومنا للقدر .. وأذكر من الطرائف فى هذا الشأن ما ذكره الإمام الغزالى رحمه الله عندما صلى خلف إمام دعا ( اللهم أهلك اليهود باليهود وأخرجنا من بين أيديهم سالمين ) .. قال له الشيخ بعد الخطبة : إذن ماهو دورنا نحن ؟؟!
فإذا كان الآخرون يخططون ويحسنون التعامل مع سنن الكون والنجاح والتمكين فى الأرض ونحن نواجه هذا بالدعاء فإن المعركة غير متساوية ولهذا هم ينتصرون علينا اليوم ..
وسكت الشاب وجعل يتأمل فى ... فقلت مابك سكت؟؟
قال : أفكر ..
قلت : دعنى أسألك .. فى قصة سيدنا يوسف عليه السلام .. عندما عرض الملك عليه الرؤيا وأخبره أن مصر ستقدم على مجاعة .. فهل نصحه سيدنا يوسف بالدعاء ؟ أم قال : اجعلنى على خزائن الأرض انى حفيظ عليم ..
قال : بل طلب منه تحمل المسئولية والعمل ..
قلت : وهذا ما قصدت أقوله لك ..ومن ثم استعان بالدعاء بعد الخطة والعمل .. وهذا هو المنهج الذى نحتاجه اليوم لنساهم فى تمكين الإسلام ونصرة المسلمين ..
ابتسم الشاب وقال : شكرا جزيلا لقد بثثت فى نفسى الحماس للعمل
قلت : ولا تنسى الدعاء بعد ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وصلوا على رسول الله