سجود القلب
وهو مشهد الذل والانكسار والخضوع والافتقار للرب جل جلاله
فيشهد في كل ذرة من ذراته الباطنة والظاهرة ضرورة تامة وافتقارا تاما
إلى ربه ووليه ومن بيده صلاحه وفلاحه وهداه وسعادته
وهذه الحال التي تحصل لقلبه لا تنال العبارة حقيقتها وإنما تدرك بالحصول
فيحصل لقلبه كسرة خاصة لا يشبهها شيء بحيث يرى نفسه كالإناء المرضوض
تحت الأرجل الذي لا شيء فيه ولا به ولا منه ولا فيه منفعة ولا يرغب في مثله
وأنه لا يصلح للانتفاع إلا بجبر جديد من صانعه وقيمه
فحينئد يستكثر في هذا المشهد ما مَن ربه إليه من الخير
ويرى أنه لا يستحق قليلا منه ولا كثيرا
فأي خير ناله من الله استكثره على نفسه
وعلم أن قدره دونه وأن رحمة ربه هي التي اقتضت ذكره به
وسياقته إليه واستقل ما من نفسه من الطاعات لربه
ورآها ولو ساوت طاعات الثقلين من أقل ما ينبغي لربه عليه
واستكثر قليل معاصيه وذنوبه
فإن الكسرة التي حصلت لقلبه أوجبت له هذا كله.
فما أقرب الجبر من هذا القلب المكسور
وما أدنى النصر والرحمة والرزق منه
وما أنفع هذا المشهد له وأجداه عليه
وذرة من هذا ونفس منه أحب إلى الله من طاعات أمثال الجبال
من المدلين المعجبين بأعمالهم وعلومهم وأحوالهم ..
أحب القلوب إلى الله سبحانه
قلب قد تمكنت منه هذه الكسرة وملكته هذه الذلة
فهو ناكس الرأس بين يدي ربه
لا يرفع رأسه إليه حياء وخجلا من الله.
قيل لبعض العارفين :
أيسجد القلب ؟
قال : نعم
يسجد سجدة لا يرفع رأسه منها إلى يوم اللقاء فهذا سجود القلب.
وقلب لا تباشره هذه الكسرة فهو غير ساجد السجود المراد منه
وإذا سجد القلب لله هذه السجدة العظمى سجدت معه جميع الجوارح
وعنا الوجه حينئذ للحي القيوم
وخشع الصوت والجوارح كلها
وذل العبد وخضع واستكان ووضع خده على عتبة العبودية
ناظرا بقلبه إلى ربه ووليه نظر الذليل إلى العزيز الرحيم
فلا يُرى إلا متملقا لربه خاضعا له ذليلا مستعطفا له
يسأله عطفه ورحمته
فهو يترضى ربه كما يترضى المحب الكامل المحبة محبوبه
المالك له الذي لا غنى له عنه ولا بد له منه
فليس له هم غير استرضائه واستعطافه
لأنه لا حياة له ولا فلاح إلا في قربه ورضاه عنه ومحبته له
يقول :
كيف أُغضب من حياتى في رضاه ؟
وكيف أعدل عمن سعادتي وفلاحي وفوزي في قربه وحبه وذكره ؟
~~~~~~~~
صيد الخاطر لابن الجوزي
وهو مشهد الذل والانكسار والخضوع والافتقار للرب جل جلاله
فيشهد في كل ذرة من ذراته الباطنة والظاهرة ضرورة تامة وافتقارا تاما
إلى ربه ووليه ومن بيده صلاحه وفلاحه وهداه وسعادته
وهذه الحال التي تحصل لقلبه لا تنال العبارة حقيقتها وإنما تدرك بالحصول
فيحصل لقلبه كسرة خاصة لا يشبهها شيء بحيث يرى نفسه كالإناء المرضوض
تحت الأرجل الذي لا شيء فيه ولا به ولا منه ولا فيه منفعة ولا يرغب في مثله
وأنه لا يصلح للانتفاع إلا بجبر جديد من صانعه وقيمه
فحينئد يستكثر في هذا المشهد ما مَن ربه إليه من الخير
ويرى أنه لا يستحق قليلا منه ولا كثيرا
فأي خير ناله من الله استكثره على نفسه
وعلم أن قدره دونه وأن رحمة ربه هي التي اقتضت ذكره به
وسياقته إليه واستقل ما من نفسه من الطاعات لربه
ورآها ولو ساوت طاعات الثقلين من أقل ما ينبغي لربه عليه
واستكثر قليل معاصيه وذنوبه
فإن الكسرة التي حصلت لقلبه أوجبت له هذا كله.
فما أقرب الجبر من هذا القلب المكسور
وما أدنى النصر والرحمة والرزق منه
وما أنفع هذا المشهد له وأجداه عليه
وذرة من هذا ونفس منه أحب إلى الله من طاعات أمثال الجبال
من المدلين المعجبين بأعمالهم وعلومهم وأحوالهم ..
أحب القلوب إلى الله سبحانه
قلب قد تمكنت منه هذه الكسرة وملكته هذه الذلة
فهو ناكس الرأس بين يدي ربه
لا يرفع رأسه إليه حياء وخجلا من الله.
قيل لبعض العارفين :
أيسجد القلب ؟
قال : نعم
يسجد سجدة لا يرفع رأسه منها إلى يوم اللقاء فهذا سجود القلب.
وقلب لا تباشره هذه الكسرة فهو غير ساجد السجود المراد منه
وإذا سجد القلب لله هذه السجدة العظمى سجدت معه جميع الجوارح
وعنا الوجه حينئذ للحي القيوم
وخشع الصوت والجوارح كلها
وذل العبد وخضع واستكان ووضع خده على عتبة العبودية
ناظرا بقلبه إلى ربه ووليه نظر الذليل إلى العزيز الرحيم
فلا يُرى إلا متملقا لربه خاضعا له ذليلا مستعطفا له
يسأله عطفه ورحمته
فهو يترضى ربه كما يترضى المحب الكامل المحبة محبوبه
المالك له الذي لا غنى له عنه ولا بد له منه
فليس له هم غير استرضائه واستعطافه
لأنه لا حياة له ولا فلاح إلا في قربه ورضاه عنه ومحبته له
يقول :
كيف أُغضب من حياتى في رضاه ؟
وكيف أعدل عمن سعادتي وفلاحي وفوزي في قربه وحبه وذكره ؟
~~~~~~~~
صيد الخاطر لابن الجوزي