أسباب
مغفرة الذنوب
لفضيلة الشيخ
عبد الله بن عبد الرحمن السعد
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا،من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا
هادي له. واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله.
أما
بعد ...
فإن
مغفرة الذنوب غاية كل مسلم ومطلب كل مؤمن لأنه عندما تغفر ذنوب العبد من قبل ربه
عز وجل فإن هذا سعادته في الدنيا والآخرة.
قال
تعالي: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا
السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (آل عمران:133) ، وقال
تعالي: (وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ
رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (غافر:9).
فعلي
كل مسلم أن يسعى إلي تحقيق هذه المغفرة له من قبل الله عز وجل وذلك بفعل الأسباب
التي جعلها الله عز وجل سببا لغفران الذنوب والتجاوز عن السيئات والعيوب، وهذه
الأسباب (1) هي:
أولاً: التوبة إلي الله عز وجل:
والتوبة
هي: رجوع العبد إلي الله والإنابة إليه من ذنب قد ارتكبه أو واجبا تركه، ولها شروط
ثلاثة وهي: الندم والإقلاع عن الذنب والعزيمة على عدم العودة، وإن كان ذلك في حق
مخلوق فترد عليه حقه أو تتحلل منه.
والتوبة
من أفضل الأعمال وأجل القربات التي يتقرب بها العبد إلي ربه عز وجل، وقد بين
الرسول صلي الله عليه وسلم مكانة هذه العبادة عند الله عز وجل بقوله: ((
لله أشد فرحاً بتوبة عبده من رجل أضل راحلته بأرض مهلكة دوية، عليها طعامه وشرابه،
فطلبها حتى إذا أيس من حصولها نام في أصل شجرة ينتظر الموت ، فاستيقظ، فإذا هي على
رأسه، قد تعلق خطامها بالشجرة ، فالله أفرح بتوبة عبده من هذا براحلته))
متفق عليه.
وقد
أمره الله عز وجل بذلك، فقال تعالي: ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ)(محمد: 19) ، وقال
تعالي: ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ)(النور: 31).
وقد كان صلي الله عليه وسلم يكثر من
الاستغفار والتوبة إلي اله عز وجل حتى أنه في المجلس الواحد يتوب إلي الله
ويستغفره سبعين مرة، فقد أخرج البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلي
الله عليه وسلم قال: (( يا ايها الناس توبوا إلي الله، فوالله إني لأتوب إلي الله
في اليوم أكثر من سبعين مرة)) رواه البخاري.
وفي حديث الأغر بن يسار رضي الله عنه
قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ((
يا أيها الناس توبوا إلي الله واستغفروه فإني أتوب في اليوم مائة مرة))
رواه مسلم.
وقد
شرع الله لعباده الاستغفار بعد الأعمال الصالحة كالصلاة والحج، حتى يكون ذلك
جباراً لما قد يحصل فيها من النقص، قال تعالي: ( ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ
أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
(البقرة:199)، وعن ثوبان رضي الله عنه قال: ((
كان صلي الله عليه وسلم إذا أنصرف من صلاته استغفر الله ثلاثاً)).
رواه مسلم.
تـــــــــــــــــــــــــابع