إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه و نستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له
وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
وعلى آله وأصحابه ومن أتبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيراً
أما بعد :-
فهذه بعض الأقوال الخاطئه بيننا ..
قول القائل : " القرش الأبيض ينفع فى اليوم الأسود "
وهذا المثل فيه آفتان :
* الآفة الأولى : أنه يدعو إلى كنز المال وعدم إنفاقه لأن هذا المال سيعود عليه بالنفع فى يوم من الأيام ... وهذا يجعل قلب العبد متعلقاً بالدنيا وحطامها الزائل.
* الآفة الثانية : أنه وصف اليوم بأنه يوم أسود وهذا من التشاؤم الذى نهى عنه النبى صلى الله عليه وسلم .
فالصواب أن العبد إذا أراد أن يدخر جزءاً من ماله تحَسُّباً لأى ظرف طارئ فلا حرج فى ذلك ولكن عليه أن ينزه نفسه من مثل تلك الكلمات.
* تقبيل النقود عند قبض الراتب أو عند أول بيع :
ومن الناس من إذا ذهب لقبض الراتب من المصنع أو الشركة فإذا به يضع النقود على جبهته ويقبلها ... وكذلك من التجار من يُقبَّل أول نقود يأخذها من أول بيع يبيعه فى أول اليوم ...
وهذا كله لا أصل له فى الشرع ... وإنما عليه أن يحمد الله - جل وعلا -فهو القائل فى كتابه : ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) [ إبراهيم : 7 ]
* قول القائل : لا حياء فى الدين :
أحياناً تجد واحداً من طلبة العلم يريد أن يسأل الشيخ سؤالاً خاصًّا قد يسبب له شيئًّا من الحرج فيقول للشيخ : لا حياء فى الدين فأنا أريد أن أسألك سؤالاً قد يكون فيه شئ من الحرج .
وهذا خطاً ، لأن الدين كله حياء .
والصواب أن يقول الإنسان : لا حرج فى الدين فقد قال تعالى :
(وما جعل عليكم فى الدين من حرج ) [ الحج : 78 ]
* قول القائل " أنا واثق فى نفسى " " عندى ثقة فى فلان "
* وهذه عبارة منتشرة بين كثير من الناس .
مثلاً : طالب يقول لزميله : الامتحان غداً فاجتهد فى المذاكرة والصلاة والدعاء ... فيرد عليه قائلاً : " أنا واثق فى نفسى "
ومثل هذا الإنسان يُخشى منه عدم الافتقار الى الله ولو فى الكلام .
وقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يعلمنا أن نقول " لا تكلنى إلى نفسى طرفة عين "
[ حسن : رواه الحاكم ]
* فعلى كل مسلم أن يفوض أمره إلى الله وأن يجعل يقينه وثقته فى الله
-جل وعلا - ... ولسان حاله : ( وما توفيقى إلا بالله ) [ هود : 88 ] .
* قول القائل " طور الله فى برسيمه "
قد تجد أحياناً رجلاً يسأل صديقه على رجل آخر فيقول له : ما رأيك فى فلان ؟ فيرد عليه صديقه ويقول : ألم تجد غير هذا الرجل الغبى
" ده طور الله فى برسيمه " .
* وهذا قول خاطئ يجب أن ننزه ألسنتنا عنه .
- وأنا أريد أن أسأل قائل هذه العبارة : هل هناك ثور لله - جل وعلا -
.. وهناك ثيران للناس .. حيث أنك تشير إلى أن ثور الله يرمز إلى عدم الفهم دون غيره من الثيران .
أيها الأخ المسلم : أليس فى هذا الكلام سوء أدب مع الخالق - جل وعلا
ثانياً : أنه لا يجوز أن يغتاب المسلم أخاه المسلم ويصفه بأنه كالثيران
وأنه إنسان قليل الفهم ... فلقد كرم الله هذا الإنسان فقال تعالى : ( ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم فى البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثيرٍ ممن خلقنا تفضيلاً ) [ الإسراء : 70 ] ... فهذا الكلام يتنافى مع الأدب الذى ينبغى أن يُراعى بين المسلمين .
قولهم عن الزواج " عقد قران "
وهذه من الأقوال الشائعة بين كثير من الناس .
- تأتيك الدعوة لحضور عقد زواج فتقرأ فيها : سيتم عقد قران فلان على فلانة ...
- وهذا من الأخطاء الشائعة لأن القرين هو الذى يصاحبك وأنت كارهٌ له فهل أنت تكره صحبة زوجتك ؟ ... بالطبع لا .
- وكلمة القرين لم تأت فى القرآن إلا مزمومة .
* قال تعالى : ( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين 36 وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون ) [ الزخرف : 36 : 37 ]* وقال تعالى : ( وقال قرينه هذا ما لدى عتيد 23 ألقيا فى جهنم كل كفارٍ عنيد 24 مناعٍ للخير معتدٍ مريبٍ 25 الذى جعل مع الله إلهاً آخر فألقياه فى العذاب الشديد 26 قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان فى ضلال بعيد 27 قال لا تختصموا لدى وقد قدمت إليكم بالوعيد )[ ق : 23 - 28 ]
* فالصواب أن نقول : عقد زواج ... عقد نكاح .
قول القائل " لو ربنا نزل لى من السماء مش ها اسامحه "
أعاذنا الله من تلك الكلمات التى تجرى على ألسنة بعض الناس .
- تجد أحياناً رجلين متخاصمين فتريد أن تًصلح بينهما وإذا بك تجد أحدهما فى قمة العناد لايريد أن يصالح أخاه ولا ان يصالحه أخوه ...
فتقول له : يا أخى الحبيب : الرجل جاء معترفاً بخطئه ويريد أن يصالحك فسامحه ... فيحمر وجهه ويقول : والله لو ربنا نزل لى من السماء مش ها اسامحه ... نعوذ بالله من ذلك .
- أو يقول : والله لو انطبقت السماء على الأرض مش ها اسامحه ...
نعوذ بالله من ذلك .
* من أنت أيها الانسان حتى تقول هذا الكلام ؟ ... أتدرى من هو الله ؟ ... إنه فاطر السماوات والأرض الذى قال عن نفسه - سبحانه وتعالى -
( وما قَدَروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطوياتٌ بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ) [ الزمر : 67 ] .
- إنه الملك القهار الذى قهر الجبابرة والقياصرة ... إنه العزيز الذى لا يًقهر ... إنه القادر على أن يبعث جنداً من جنوده على أى إنسان متكبر أو جاحد فيهلكه فى غمضة عين .
- فاحذر أيها المسلم الكريم من أن تتكلم مثل هذا الكلام عن الملك - جل وعلا - وكن سهلاً ليناً متسامحاً متواضعاً مع إخوانك المسلمين لتنال الرضوان من الله - جل وعلا - ولتكون أنت واخوانك فى ظل عرش الرحمن يوم القيامة ... ومن ثم يجمعكم الله فى الجنة إخواناً على سُررٍ متقابلين .
* قول القائل : " الأقارب عقارب "
وهذا المثل منتشر بين كثير من الناس ... وهو مثل يحض على قطيعة الرحم .
قال الله تعالى : ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا فى الأرض وتقطعوا أرحامكم 22 أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ) [ محمد : 22 ، 23 ] وقال تعالى :
( والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون فى الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار ) [ الرعد : 25 ] .
* وفى الصحيحين أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً او ليصمت " متفق عليه : رواه البخارى .
* وفى الصحيحين أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم ، فقالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة ، قال : نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك ؟ قالت بلى ، قال : فذلك لك . " ، ثم قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : " اقرءوا ان شئتم : ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا فى الأرض وتقطعوا أرحامكم 22 أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ) .
* وفى الصحيحين أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " من أحب أن يًبسط الله له فى رزقه ، ويُنسأ له فى أثره فليصل رحمه " متفق عليه : رواه البخارى .
ومعنى " يُنسأ له فى أثره " أى : يؤخر له فى أجله وعمره .
* وفى الصحيحين أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " لا يدخل الجنة قاطع " ...
أى قاطع رحم . متفق عليه : رواه البخارى .
* ومع ذلك قد تجد شاباً يريد أن يزور عمه " مثلاً " فإذا قال لأمه : أنا رايح لعمى ... تقول له : " عمك " ... عمى الدبب " إنت ماسمعتش المثل اللى بيقول : " الأقارب عقارب " .
* أيها الأخ الحبيب : احذر من قطيعة الرحم حتى لو كان هؤلاء الأقارب يسيئون اليك فلا تقابل الإساءة بإساءة بل عليك أن تحسن إليهم ... وإن قطعوا الصلة فلا تقطعها انت .
- روى مسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رجلاً قال : يارسول الله إن لى قرابة أصلهم ويقطعونى ، وأحسن إليهم ويسيئون إلىَّ ، وأحلم عنهم ويجهلون على ، فقال " لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم الملل ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم مادمت على ذلك "
- وروى البخارى أن النبى صلى الله عليه وسلم : قال : " ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذى إذا قطعت رحمه وصلها " صحيح : رواه مسلم .
قول القائل : " أبكى على الزمان اللى عمل القصير شمعدان " :
قد تجد إنساناً فقيراً ففتح الله عليه وأغناه من فضله فإذا رآه حاسد أو حاقد قال : " أبكى على الزمان اللى عمل القصير شمعدان " .
- وهذا فيه اعتراض على قدر الله وسوء أدب مع الله - جل وعلا - بل وسوء ظن بالله أنه لم يفعل ذلك لحكمة وأنه يسئ التصرف فى كونه وخلقه فيعطى من لا يستحق ، ويمنع عمن يستحق ، وبأن البشر أعلم بمواقع الفضل من ربهم عز وجل .
- ومن المعلوم أن الزمان لا مشيئة له وإنما الذى يشاء هو الله - عز وجل - والإيمان بالقدر واجب على كل مسلم فلا يتم للشخص إيمان إلا إذا آمن بالقدر خيره وشره ، واعتقد أن ما أخطأه لم يكن ليصيبه ، وما أصابه لم يكن ليخطئه ، وأيقن أن كل شئ مقدر مكتوب .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يؤمن عبد ، حتى يؤمن بالقدر خيره وشره من الله ، وحتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه "
صحيح : رواه الترمزى .. وصححه الألبانى فى " صحيح الجامع "
لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير
لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن
لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون