(¸.·'´( الوفـــــاء )`'·.¸)
الوفاء : هو ملازمة طريق المواساة , والمحافظة على العهود , هذا هو المراد عند ذكر هذه الكلمة , وهي تدل على اتمام العهد . واكمال الشرط .
ولقد تحدث القرآن الكريم عن فضيلة (¸.·'´( الوفـــــاء )`'·.¸) في مواطن كثيرة , ولعل أشرف مكانة للوفاء, هي أن يصف الله تبارك وتعالى ذاته القدسية بالوفاء , فيقول عز من قائل :
(*) ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله , فيقتلون ويُقتلون , وعداً عليه حقاً في التوراة والانجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم (*) . التوبة 111
ولقد حدثنا القرآن الكريم , وبيّن لنا أن الوفاء صفة المؤمنين الأخيار , والمصطفين الأبرار , فقال ربنا عز وجل عن ابراهيم _ عليه السلام _ :
(*) وابراهيم الذي وَفّـــَى (*) .؟ النجم 37
والقرآن الكريم يخبرنا أن الوفاء أنواع كثيرة , فهناك الوفاء بالعهد للآخرين , كما قال عز وجل : (*) والموفون بعهدهم اذا عاهدوا (*) البقرة 177 وهناك الوفاء بالوعد الذي ينذره المرء على نفسه , كما قال تبارك وتعالى : (*) يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً (*) الانسان 7
وهناك الوفاء بالكيل الذي أشار اليه ربنا في قوله عز وجل : (*) أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين (*) . الشعراء 181
وهناك الوفاء بالعقود والذي يشير اليه بقوله تبارك وتعالى : (*) يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود (*) . المائدة ــ 1
ولكن أعلى الوفاء انما يكون للعهد الذي أخذه الله على عبده بأن يعبده , ويسعى الى مرضاته . قال عز وجل : (*) وبعهد الله أوفوا (*) . الانعام 152
وقال عز وجل : (*) ألم اعهد اليكم يابني آدم أن لاتعبدوا الشيطان انه لكم عدوٌ مبين * وأنِ أعبدوني هذا صراطٌ مستقيم (*). يس 60ـ 61
وهكذا أختي المسلمة عندما تتحلين بتلك الصفة مع غيرها من الصفات التي سبق ذكرها سوف تصلين الى الخلق الحسن , وحينئذٍ تفرحين فرحاً عظيماً .
وقبل أن ننتقل من هذه الوصية النبوية الى أخرى يلفت نظرنا في هذه الوصية سوء معاملة اليهود للرسول صلى الله عليه وسلم , وسماحته , وسعة خلقه معهم . انهم يقولون ( السام عليكم ) . أي الهلاك , والموت .
اختي المسلمة ...:
الاسلام : اسم مشتق من السلام , والله الذي تعبده المسلمة من أسمائه السلام , والقرآن الذي تؤمن به المسلمة يهدي الى سبل السلام , قال عز وجل : (*) قد جآءكم من الله نورٌ وكتابٌ مبين * يهدي بهِ الله من اتبع رضوانه سُبل السلام (*) المائدة 15 ـ 16
ولقد وصف ربنا ـ عز وجل _ عباده المؤمنين بأنهم دعاة السلام , فقال :
(*) وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً (*) الفرقان 63
وتحية المسلمين في الدنيا , ويوم يقابلون ربهم , ويلقونه هي السلام , قال عز وجل :
(*) تحيتهم يوم يلقونه سلام (*) . الأحزاب 44
فالسلام كما ترين هو الشعار الدائم , والعلامة المميزة لأهل الاسلام . أما اليهود فهم شعبٌ غلبت عليه شقوته , واستولى عليه غروره , فاستكبروا على خالقهم وخلقه , فلا يعرفون الحق , ولا يحبون أهله .
قال عز وجل حاكياً عن غيهم :
(*) كلما جاءهم رسولٌ بما لاتهوى أنفسهم فريقاً كذبوا وفريقاً يقتلون (*) . المائدة 70
ففي الوصية التي بين أيدينا يأتي نفر من اليهود , وبخبثهم يقولوا للرسول صلى الله عليه وسلم : السام عليك . أي الموت . فيرد عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم وعليكم . وهنا تنبري عائشة _ رضي الله عنها _ بعد ضيقها بمقالة اليهود , فتقول لهم :
بل عليكم السام والذام . والذام هو العيب . فيقول لها النبي صلى الله عليه وسلم : (*) ياعائشة لا تكوني فاحشة (*)8 .
وهذا من عظيم حلمه , وصبره , وملاطفته للناس , مالم تدع حاجة الى المخاشنة .
وفي هذه الوصية استحباب تغافل أهل الفضل عن سفه المبطلين اذا لم تترتب عليه مفسدة .
وفي هذا يقول الامام الشافعي _ رحمه الله - :
الكيّس العاقل هو الفطن المتغافل .
وهكذا تنتهي وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لعائشة _ رضي الله عنها _ التي تعلمنا منها البعد عن الفحش والتفحش , والتحلي بالخلق الحسن .
فنسأل ربنا أن ينفعنا بما علمنا , وأن يعلمنا ما جهلنا , والحمد لله رب العالمين .
«®°·.¸.•°™ التحذير من طلب الزوجة للطلاق ™°°·.¸.•°®»
عم ثوبان ـ رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
**( أيما امرأةٍ سألت زوجها طلاقاً في غير بأس فحرامٌ عليها رائحة الجنة **)
اسناده صحيح رواه أبودؤاود والترمذي واحمد وغيرهم .
أختي المسلمة ::
هذه وصية غالية من الرسول صلى الله عليه وسلم الى كل امرأة قد آمنت بالله رباً , وبالاسلام ديناً , وبمحد نبياً ورسولاً , صلى الله عليه وسلم .
يحذرالنبي صلى الله عليه وسلم المرأة المسلمة من الوقوع في هذا الاثم العظيم . فالحياة الزوجية لابد أن تُبنى على المودة الخالصة , والمحبة الصادقة , لأنه متى قامت على هذه المشاعر النبيلة , كانت كلها خيراً وبركة على أصحابها .
فالزواج رابطة مقدسة , تقوم على أسمى المعاني الروحية والعاطفية , وهو عبارة عن شركة بين اثنين في كافة شئون الحياة .
وعقد الزواج في الاسلام انما يعقد للدوام , وعلى التأبيد الا أن يشاء الله أمراً كان مفعولاً .
ومن أجل هذا كله كانت الصلة بين الرجل وزوجته من أقدس الصلات وأوثقها , ولِمَ لا ؟!!!
وقد قال ربنا عز وجل :: ** وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً ** النساء 21
ولقد عُني الاسلام الحنيف بحقوق كل من الزوجين عند الآخر , عنايةً تامة , وهذه هي حقوق المرأة مجملة على زوجها ::
(ــ 1 ــ) :: الانفاق عليها بحسب حاله يسراً , أو عسراً , وتشمل النفقة الآتي:
الطعام , الشراب , اللباس , الدواء , السكن , وذلك لقوله عز وجل : **
لينفق ذو سعةٍ من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يُكلف
الله نفساً الا ماآتاها ** الطلاق 7
(ــ 2 ــ) :: حق الفراش , وهو حقها في الوطء .
(ــ 3 ــ) :: حماية عرضها , ومالها , ودينها , لأن الرجل هو المسئول عن زوجته والمختص بحمايتها من كل مكروه ٍ وسوء .
(ــ 4 ــ) :: تعليم زوجته الضروري من أمور الدين , وان عجز الزوج عن تعليمها بنفسه , أذنَ لها في حضور مجالس العلم في بيوت الله , أو عند من لديهن العلم من بنات جنسها , أو غير ذلك من طرق العلم المباحة شرعاً .
(ــ 5 ــ) :: حسن العشرة , لقوله عزوجل : ** وعاشروهن بالمعروف ** النساء19
وللزوج كذلك من الحقوق الكثير على زوجته , فمن ذلك ::
(ـ1ـ) :: أن تكون مطيعة له , متجنبة لاذائه بقول , أو فعل , عاملة على مرضاته , حتى تدخل جنة ربها .
(ـ2 ـ) :: من حقه عليها : أن تكون صالحة عابدة , حافظة لغيبته في نفسها , وفي ماله , وفي بيته .
(ـ3 ـ) :: ومن حقه عليها : أن تتقي ربها في مال زوجها , وأن تأخذ منه بحكمة لا اسراف , ولا تبذير, ولا تكلفه مالا يستطيع .
(ـ 4 ـ) :: ومن حقه : أن تتأدب بآداب الدين من حشمة , ووقار في اللباس , وفي الزينة .
(ـ 5 ـ) :: ومن حقه : أن تقوم بتدبير شئون بيته , وخدمته بالمعروف .
(ـ 6 ـ) :: ومن حقه : تأديبها اذا خرجت عن طاعة الله , أو فعلت مايغضبه .
كل تلك الحقوق التي قررها الاسلام للطرفين حتى تستمر العلاقة الزوجية في أحسن حال , وعلى خير مايرام . ولذا فكل أمر من شأنه أن يضعف هذه العلاقة قد أبغضه الاسلام .
ولذا عندما تتأملي أختي المسلمة في تلك الوصية التي بين أيدينا تجدين أنها تحذر من حدوث هذا الطلاق عن طريق ٍ يغضب الله .
فالطلاق في الاسلام هو طلاق الحكمين في الشقاق بين الزوجين , اذا رأيا أن الطلاق هو الوسيلة لقطع الشقاق .
أما أن يحدث وينظر الرجل الى امرأة أخرى فيشتهي أن يطلق زوجته مع أنه لم يحدث من زوجته ما يستدعي ذلك من سوء العشرة , أو تقصير , فان هذا الزوج ربما يؤدي الى فتنة زوجه , فهذا الزوج قد كفر بنعمة الله عليه , ووقع في سوء أدب , ويكون الطلاق مكروهاً محظوراً . وبالمثل الحديث الذي بين أيدينا الآن ....... فلنتأمل فيه :
.. '*¤!||!¤*'` المعنى الاجمالي '*¤!||!¤*' ..
أي امرأة سألت زوجها أن يطلقها في غير حالة شدة تدعوها , وتلجئها الى المفارقة كأن تخاف أن لا تقيم حدود الله فيما يجب عليها من حسن الصحبة , وجميل العشرة لكراهتها له , أو بأن يضارها لتختلع منه , فحرامٌ عليها , أي ممنوع عنها رائحة الجنة . وذلك على نهج الوعيد , والمبالغة في التهديد , أو وقوع ذلك متعلق بوقت دون وقت , أي لاتجد رائحة الجنة أول ماوجد أهل الاحسان , والفلاح , أو لاتجد أصلاً , وهذا من المبالغة في التهديد , ونظير ذلك كثير .
أختي المسلمة ....::
الزواج في الاسلام يراد به انشاء أسرة قوية , مترابطة , يسودها الود والألفة والمحبة , انها مؤسسة اجتماعية صغيرة , تسعى لأهداف نبيلة عليا, فاذا لم تتحقق الغاية منه , لقصور في الزوجين , أو كليهما في القيام بواجباته , أو تنكر لحقوق الآخر عليه , كان لابد من فصم العلاقة بين الزوجين , وذلك لأن في استمرارها لا يستقيم بناء الأسرة , وتنهار قواعدها . ومن هنا نشأت الضرورة للأخذ بمبدأ الطلاق ( كعلاج ) واق ٍ لسلامة بناء الأسرة , وتقدير هذه الضرورة يعود للرجل , باعتباره رأس الأسرة , وهو المكلف برعايتها , والانفاق عليها .
غير أن الرجل لايسوغ له بأي حالٍ من الأحوال أن يمارس حق الطلاق الا في حدود الضرورة التي تقتضيه , ويُعتبر ظالماً , ومسئولاً ديانة , اذا تجاوز هذا الحق , فهو عند الله أبغض الحلال , والمؤمن الصادق في ايمانه , العامل باسلامه , يخشى سخط ربه , ويخشى عقابه .
ولقد أعطى الاسلام المرأة الحق في الطلاق عن طريق الخلع , وهو أن تدفع
بعض الماديات , أو تتنازل عنها , نظير أن يطلقها الزوج لتضررها .