س1
ماهو الحديث الموضوع ؟
الجواب :
الموضوع لغة : اسم مفعول مِنْ : وَضَـعَ يَضَـع .
ويأتي هذا اللفظ لمعانٍ عِـدّة ، منها :
الإسقاط كـ " وضع الجناية عنه " أي أسقطها .
الاختلاق والافتراء ، كَـ " وضع فلان القصة " أي اختلقها وافتراها .
قال ابن منظور :
وضَعَ الشيءَ وَضْعاً : اخْتَلَقَه . و
تَواضَعَ القومُ علـى الشيء : اتَّفَقُوا علـيه . و أَوْضَعْتُه فـي
الأَمر إِذا وافَقْتَه فـيه علـى شيء . انتهى .
وفي اصطلاح المُحدِّثين : هو ما نُسب إلى الرسول صلى الله عليه على آله وسلم اختلاقاً وكذِباً مما لم يقُـلـه أو يُقـرّه .
وعرّفه ابن الصلاح بأنه : المختلق المصنوع .
وبعبارة مختصرة :
هو الحديث المكذوب على النبي صلى الله عليه على آله وسلم .
والله أعلم .
__________
س4 :
ماالفرق بين الحديث الضعيف والموضوع ؟
الجواب :
الحديث الضعيف هو الحديث الذي لم تجتمع فيه صفات القبول .
وعُرّف بأنه : ما لم يجمع صفات الصحيح والحسن .
والمعنى متقارب .
والحديث الضعيف يكون ضعفه إما في السند وإما في المتن
فيكون الحديث ضعيف المتن إذا كان في المتن شذوذ أو نكارة .
ويكون ضعيف السند إذا كان في إسناده
راوٍ ضعيف ( على اختلاف درجات الضعف ) ، أو كان فيه راوٍ مجهول ولو لم
يُعلم ضعفه ، أو كان فيه عِلّـة قادحة ، أو شذوذ أو نكارة أيضا .
ودرجات الضعف هي ( هالك – متروك –
حديثه مردود – ضعيف جداً – ليس بشيء – لا يُكتب حديثه – مضطرِب الحديث –
لا يُحتج به – ضعفوه – ضعيف – أحاديثه مناكير – ليس بحجة – ليس بالقوي –
فيه ضعف – مجهول ... ) ونحوها مما يدل على ضعف الراوي .
فإذا كان في إسناد الحديث شيء من أسباب الضعف ، أو كان في متنه كذلك ، صار الحديث ضعيفاً .
والحديث الضعيف قد يتقوّى بكثرة الطرق إذا لم يكن شديد الضعف .
والضعيف أنواع :
الشاذ
المُعلل
المضطرب
المرسل
المنقطع
المعضل
المقلوب
وقد أوصلها ابن حبان إلى ( 49 ) نوعاً
واختُلِف في الاحتجاج به ، أو الاستدلال به – على تفصيل في هذه المسألة -
وأما الحديث الموضوع :
فهو المصنوع المُختلق – كما تقدّم – .
وهو ما كان في إسناده وضّـاع أو كذّاب أو متُهم بالكذب .
أو كان في متنه ما يُخالف أصول الشريعة مما يُعلم معه قطعاً أنه كذب صريح .
وهذا لا تجوز روايته إلا على سبيل التحذير منه ، وبيان حاله .
ولا يُمكن أن يتقوّى بحالٍ من الأحوال .
وبعض العلماء يُدخل الحديث الموضوع تحت أقسام الحديث الضعيف باعتبار التقسيم في مُقابلة الضعيف للصحيح والحسن .
ولذا نقرأ قول بعض العلماء : الموضوع شـرّ أنواع الضعيف .
فهذه العبارة من هذا الباب .
والله أعلم .
ما هي القواعد التي وضعها علماء الحديث لكشف الأحاديث الموضوعة ؟
الجواب :
أولاً : تقدم الكلام على أن السنة
داخلة في عموم قوله تعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ
وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) وأن السنة داخلة في مسمّى الذِّكْـر المحفوظ
.
وتقّدمت كلمة ابن المبارك – رحمه الله – حينما قال عن الأحاديث الموضوعة : يعيش لها الجهابذة .
وقد قيّض الله للسنة الغراء علماء على مر السنين وتتابع الأزمان ينفون عنها تحريف الجاهلين ، وانتحال المُبطلين .
وقد وضع العلماء قواعد لمعرفة الحديث الموضوع
وهذه القواعد منها ما يتعلق بالإسناد ( سلسلة الرواة ) ومنها ما يتعلق بالمتن ( نَصّ الحديث )
وأما ما يتعلق بالسند فـ :
1 – اعتراف الراوي بكذبه ، وهذا أقوى
دليل كما اعترف ميسرة بن عبد ربه – حديثاً في فضائل سور القرآن ، ولما
سُئل عن ذلك قال : رأيت الناس انصرفوا عن القرآن ، فوضعتها أرغّب الناس
فيها ! ( وقد تقدم هذا )
2 – وجود قرينة قوية تقوم مقام
الاعتراف بالوضع ، كأن يروي الراوي عن شيخ لم يَلْقََـه ويُحدّث بالسماع
أو التحديث ، أو عن شيخ في بلد لم يرحل إليه ، أو عن شيخ مات قبل أن يوُلد
هذا الراوي ، أو توفي ذلك الشيخ والراوي صغيراً لم يُدرك .
ولأجل ذلك اهتم العلماء بمعرفة
المواليد والوفيّـات وضبطوا تواريخ وفياتهم واُرِدت فيها المُصنفات ،
وعرفوا رحلات الشيوخ وإلى أي البلدان ، ومن خرج من العلماء من بلده ، ومن
لم يخرج ، وتواريخ ذلك كله .
3 – أن يتفرد راوٍ معروف بالكذب برواية حديث ولا يرويه غيره فيُحكم على روايته بالوضع .
4 – أن يُعرف الوضع من حال الراوي ، كأن يُحدّث بحديث عند غضه لم يكن يُحدّث به من قبل ، كما تقدم في قصة سعد بن طريف !
5 – أن يكون الراوي مُتهماً في حديثه مع الناس ولو لم يُتّهم في حديث رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم .
6 – أن ينصّ إمام من الأئمة على أن "
فلان " من الرواة يضع الحديث أو أنه كذاب ، ونحو ذلك من عبارات الجرح
الشديد التي يُعلم معها أنه وضاع .
وأما ما يتعلق بالمتن فـ :
1 – ركاكة لفظ الحديث المروي ، بحيث يُدرك من له إلمام باللغة أن هذا ليس من مشكاة النبوة .
2 – فساد المعنى ، كالأحاديث التي
يُكذّبها الحس ، ومعرفة هذا النوع لعلماء السنة الذين سَرت في عروقهم حتى
صار لديهم مَلَكَة في تمييز صحيحها من سقيمها ، وليس لكل أحد !
3 – مناقضة القرآن أو صحيح السنة
كالأحاديث التي فيها عرض التوبة على إبليس !
أو الأحاديث التي اشتملت على تخليد أحد من أهل الأرض !
أو الأحاديث التي فيها أن عمر الدنيا سبعة آلاف سنة !
أو ذم من يتمسك بالكتاب والسنة !
أو النص على خلافة علي – رضي الله عنه – كما تزعم الرافضة !
أو الأحاديث التي فيها أن الصحابة – رضي الله عنهم – كتموا شيئا من القرآن أو حرّفوه ،
فيُقطع ببطلان تلك الأحاديث .
4 – مُخالفة الحقائق التاريخية التي
جرت في عصر النبي صلى الله عليه على آله وسلم ، كحديث وضع الجزية عن أهل
خيبر ! وقد كتبته اليهود وجعلوا عليه من الشهود ( سعد بن معاذ – رضي الله
عنه – ) وقد توفّي بعد غزوة الخندق !
كما أن وضع الجزية لم يكن شُرِع آنذاك !
5 – موافقة الحديث لمذهب الراوي ، وهو
مُتعصب مُغالٍ في تعصبه ، كالأحاديث التي يرويها الرافضة في فضائل علي –
رضي الله عنه – أو الأحاديث التي ترويها المرجئة في الإرجاء ونحو ذلك .
6 – أن يكون الخبر عظيما ولا ينقله إلا
راو مُتّـهم ! كأن ينقل حوادث تاريخية لا تخفى على آحاد الناس ثم لا
ينقلها سواه ، ولا يُسمع بها من قبل .
7 – اشتمال الحديث على مجازفات وإفراط
في الثواب العظيم مقابل عمل صغير ، كما تقدم في الحديث الذي فيه : من قال
لا اله إلا الله خلق الله من كلمة منها طيراً منقاره من ذهب وريشه من
مرجان- وأخذ في قصة نحو عشرين ورقة ...
ولكن ما صح من الأحاديث لا يُنظر فيه
إلى مثل هذا مما قد يُتوهّم ، كحديث : من صلى على جنازة فله قيراط ،
والقيراط مثل جبل أحد . فهذا في الصحيحين ولا إشكال فيه .
وإنما هذا القيد أغلبي يُنظر فيه حال الرواة كذلك ، كأن يكون هذا الراوي ما عُرف إلا بهذا الحديث ، كما تقدم في قصة ذلك الحديث !
8 – أن يشتمل على تواريخ مستقبلية معينة .
9 – أن يكون المتن ظاهر الوضع ، كحديث
عوج بن عنق ! الذي قيل إنه أدرك الطوفان زمن نوح عليه الصلاة والسلام ،
وأن الطوفان لم يبلغ حُجزته ! وأنه كان يخوض البحر فيُخرج السمكة ثم
يشويها على الشمس !!!
وقد ذكرت هذا مرة في أحد المجالس ، ثم
أردت أن أُبيّن وضع الحديث ! قال أحد الحضور : ما يحتاج تقول إنه موضوع !
( يعني أنه واضح الوضع ) !
10 – أن يشتمل الحديث على ذم أُناس
لمجرد لونهم أو لغتهم ، وينصّ العلماء على أنه لا يصح حديث في ذم السودان
مثلاً ، أو ذم لغة معينة ، ونحو ذلك .
11 – أن ينصّ إمام من الأئمة على وضع الحديث ، وأنه موضوع مكذوب .
بالإضافة إلى أن الحديث الموضوع ليس عليه نور السنة النبوية ، وعليه علامات وشارات يفضح الله بها الكذب .
قال الربيع بن خثيم : إن من الحديث حديثا له ضوء كضوء النهار ، وإن من الحديث حديثا له ظلمة كظلمة الليل .
وقال ابن الجوزي : الحديث المنكر يقشعر له جلد الطالب ، وينفر منه قلبه في الغالب .
وقال أيضا : ما أحسن قول القائل : إذا رأيت الحديث يُباين المعقول أو يخالف المنقول أو يناقض الأصول ، فاعلم أنه موضوع .
ومع هذا لو كذب رجل بالليل لأصبح وقد كشفه الله وفضحه .
والله سبحانه وتعالى أعلم .
ღ.
س9:
ماهو الحديث المنكر والحديث الغريب ؟ وهل يعتبر حديث موضوع .
الجواب :
الحديث المنكر :
هو ما رواه الضعيف مُخالفاً فيه الثقة
وشرطه تفرّد الضعيف والمخالفة للثقة
أما إذا تفرّد الضعيف دون مخالفة الثقة فلا يُقال له : مُنكر بل يُقال له : ضعيف .
فكل حديث منكر فهو ضعيف ، وليس كل حديث ضعيف مُنكر .
وعلى هذا يكون الحديث المنكر من أقسام الحديث الضعيف ، ولا يُعتبر موضوعاً .
مثاله :
ما رواه أصحاب
السنن الأربعة من رواية همام بن يحيى عن ابن جريج عن الزهري عن أنس قال :
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه .قال أبو داود بعد
تخريجه : هذا حديث منكر ، وإنما يُعرف عن ابن جريج عن زياد بن سعد عن
الزهري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من ورِق ثم ألقاه .
قال : والوهم فيه من همام ، ولم يروه إلا همام . وقال النسائي بعد تخريجه
: هذا محفوظ ، فهمام بن يحيى ثقة احتج به أهل الصحيح ، ولكنه خالف الناس
فروى عن ابن جريج هذا المتن بهذا السند ، وإنما روى الناس عن ابن جريج
الحديث الذي أشار إليه أبو داود فلهذا حكم عليه بالنكارة .
قاله السيوطي في التدريب .
والحديث الغريب :
هو ما تفرّد بروايته شخص في أي موضع من السند .
وعلى هذا فقد يكون الحديث الغريب صحيحاً وقد يكون حسنا وقد يكون ضعيفاً .
مثاله :
حديث عمر – رضي الله عنه – : إنما الأعمال بالنيّـات . وهو في الصحيحين .
قال ابن رجب – رحمه الله – :
هذا الحديث تفرد
بروايته يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن أبي
وقاص الليثي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وليس له طريق هذا الطريق كذا
قال علي بن المديني وغيره ، وقال الخطابي : لا أعلم خلافا بين أهل الحديث
في ذلك مع أنه قد روى من حديث أبي سعيد وغيره ، وقد قيل إنه قد روى من طرق
كثيرة لكن لا يصح من ذلك شيء عند الحفاظ ،ثم رواه عن الأنصاري الخلق
الكثير والجم الغفير ، فقيل : رواه عنه أكثر من مائتي راوٍ ، وقيل رواه
عنه سبعمائة راو ، ومن أعيانهم الإمام مالك والثوري والأوزاعي وابن
المبارك والليث بن سعد وحماد بن زيد وشعبة وابن عيينة وغيرهم ، واتفق
العلماء على صحته وتلقيه بالقبول ، وبه صدر البخاري كتابه الصحيح . انتهى .
والغرابة أنواع :
1 – غريب المتن والإسناد
2 – غريب الإسناد فقط
3 – غريب بعض المتن
وقد يُطلق على الغريب الفرد .
والله أعلم .
س10 :
هل يمكن لعامة افراد المجتمع أن يعرف الحديث الموضوع من غيره .
الجواب :
لا يُمكن لعامة
الناس معرفة الحديث الموضوع إلا بمعرفة القواعد التي وضعها العلماء لمعرفة
الحديث الموضوع ، وقد تقدمت الإشارة إليها .
والدليل على ذلك كثرة انتشار الأحاديث الموضوعة ، فلو كان عامة الناس يعرفون الأحاديث الموضوعة لما انتشرت بهذه الصورة
س11 :
هل العلم بالأحاديث الصحيحة والموضوعة فرض كفاية أم فرض عين .
الجواب :
العلم بالأحاديث الصحيحة وضدّها فرض كفاية ، إلا أنه يجب على العالم معرفة الأحاديث الموضوعة حتى لا يستدل ولا يستشهد بها .
فالذي يتصدّر
لتعليم الناس يجب أن يعلم بصحيح الأحاديث من سقيمها ، أو على الأقل يصدر
عن رأي إمام مُعتبر في مسألة التصحيح والتضعيف .
س12 :
ماذا نفعل عند قرائتنا لكتب فيها أحاديث غير موضح درجة صحتها ؟ هل نصدقها ؟ أم لا؟
الجواب :
سبقت الإشارة إلى أن العمل فرع عن التصحيح .
وسبقت الإشارة إلى
أن الحديث إذا صحّ فإنه يُعمل به على حسب مدلوله ، إن كان يدلّ على واجب
وجب العمل به ، وإن دلّ على أمر مسنون فالعمل به سُنّـة ، وهكذا .
وتقدّم قول القاسمي
– من ثمرات الحديث الصحيح - : لزوم قبول الصحيح ، وأن لم يعمل به أحد .
قال الإمام الشافعي في الرسالة : ليس لأحد دون رسول الله صلى الله عليه
على آله وسلم أن يقول إلا بالاستدلال ، ولا يقول بما استحسن ، فإن القول
بما استُحسِن شيء يُحدِثه لا على مثالٍ سابق . انتهى .
فالصحيح أنه لا يُعمل بالحديث إلا إذا صحّ ، ولذا كان الإمام الشافعي – رحمه الله – يقول كثيراً : إن صحّ الحديث .
يعني في مسألة مُعينة إذا صح الحديث عمل به .
كل هذا تقدّم
ولكن من قرأ في كتاب ولا يعلم صحة أحاديثه فإنه يتوقف عن العمل بها حتى تتبيّن له صحتها .
إلا إذا كانت الأحاديث ممن رواها أهل الصحيح الذين اشترطوا الصحة ووفّـوا بشرطهم ؛ كالبخاري ومسلم .
وهناك من اشترط
الصحة ولم يوفِّ بها ، بل تعقب العلماء بعض من اشترط الصحة ، كالحاكم في
المستدرك فإنه قد يروي الموضوعات ، والتمس له العلماء العُذر حيث مات ولم
يُنقّح كتابه .
ومثل صحيح ابن حبان أو صحيح ابن خزيمة ، فإنهما اشترطا الصحة ولم يوفّيـا بها ، وإن كانا أمثل من المستدرك وأقوى .
ماهو الحديث الموضوع ؟
الجواب :
الموضوع لغة : اسم مفعول مِنْ : وَضَـعَ يَضَـع .
ويأتي هذا اللفظ لمعانٍ عِـدّة ، منها :
الإسقاط كـ " وضع الجناية عنه " أي أسقطها .
الاختلاق والافتراء ، كَـ " وضع فلان القصة " أي اختلقها وافتراها .
قال ابن منظور :
وضَعَ الشيءَ وَضْعاً : اخْتَلَقَه . و
تَواضَعَ القومُ علـى الشيء : اتَّفَقُوا علـيه . و أَوْضَعْتُه فـي
الأَمر إِذا وافَقْتَه فـيه علـى شيء . انتهى .
وفي اصطلاح المُحدِّثين : هو ما نُسب إلى الرسول صلى الله عليه على آله وسلم اختلاقاً وكذِباً مما لم يقُـلـه أو يُقـرّه .
وعرّفه ابن الصلاح بأنه : المختلق المصنوع .
وبعبارة مختصرة :
هو الحديث المكذوب على النبي صلى الله عليه على آله وسلم .
والله أعلم .
__________
س4 :
ماالفرق بين الحديث الضعيف والموضوع ؟
الجواب :
الحديث الضعيف هو الحديث الذي لم تجتمع فيه صفات القبول .
وعُرّف بأنه : ما لم يجمع صفات الصحيح والحسن .
والمعنى متقارب .
والحديث الضعيف يكون ضعفه إما في السند وإما في المتن
فيكون الحديث ضعيف المتن إذا كان في المتن شذوذ أو نكارة .
ويكون ضعيف السند إذا كان في إسناده
راوٍ ضعيف ( على اختلاف درجات الضعف ) ، أو كان فيه راوٍ مجهول ولو لم
يُعلم ضعفه ، أو كان فيه عِلّـة قادحة ، أو شذوذ أو نكارة أيضا .
ودرجات الضعف هي ( هالك – متروك –
حديثه مردود – ضعيف جداً – ليس بشيء – لا يُكتب حديثه – مضطرِب الحديث –
لا يُحتج به – ضعفوه – ضعيف – أحاديثه مناكير – ليس بحجة – ليس بالقوي –
فيه ضعف – مجهول ... ) ونحوها مما يدل على ضعف الراوي .
فإذا كان في إسناد الحديث شيء من أسباب الضعف ، أو كان في متنه كذلك ، صار الحديث ضعيفاً .
والحديث الضعيف قد يتقوّى بكثرة الطرق إذا لم يكن شديد الضعف .
والضعيف أنواع :
الشاذ
المُعلل
المضطرب
المرسل
المنقطع
المعضل
المقلوب
وقد أوصلها ابن حبان إلى ( 49 ) نوعاً
واختُلِف في الاحتجاج به ، أو الاستدلال به – على تفصيل في هذه المسألة -
وأما الحديث الموضوع :
فهو المصنوع المُختلق – كما تقدّم – .
وهو ما كان في إسناده وضّـاع أو كذّاب أو متُهم بالكذب .
أو كان في متنه ما يُخالف أصول الشريعة مما يُعلم معه قطعاً أنه كذب صريح .
وهذا لا تجوز روايته إلا على سبيل التحذير منه ، وبيان حاله .
ولا يُمكن أن يتقوّى بحالٍ من الأحوال .
وبعض العلماء يُدخل الحديث الموضوع تحت أقسام الحديث الضعيف باعتبار التقسيم في مُقابلة الضعيف للصحيح والحسن .
ولذا نقرأ قول بعض العلماء : الموضوع شـرّ أنواع الضعيف .
فهذه العبارة من هذا الباب .
والله أعلم .
ما هي القواعد التي وضعها علماء الحديث لكشف الأحاديث الموضوعة ؟
الجواب :
أولاً : تقدم الكلام على أن السنة
داخلة في عموم قوله تعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ
وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) وأن السنة داخلة في مسمّى الذِّكْـر المحفوظ
.
وتقّدمت كلمة ابن المبارك – رحمه الله – حينما قال عن الأحاديث الموضوعة : يعيش لها الجهابذة .
وقد قيّض الله للسنة الغراء علماء على مر السنين وتتابع الأزمان ينفون عنها تحريف الجاهلين ، وانتحال المُبطلين .
وقد وضع العلماء قواعد لمعرفة الحديث الموضوع
وهذه القواعد منها ما يتعلق بالإسناد ( سلسلة الرواة ) ومنها ما يتعلق بالمتن ( نَصّ الحديث )
وأما ما يتعلق بالسند فـ :
1 – اعتراف الراوي بكذبه ، وهذا أقوى
دليل كما اعترف ميسرة بن عبد ربه – حديثاً في فضائل سور القرآن ، ولما
سُئل عن ذلك قال : رأيت الناس انصرفوا عن القرآن ، فوضعتها أرغّب الناس
فيها ! ( وقد تقدم هذا )
2 – وجود قرينة قوية تقوم مقام
الاعتراف بالوضع ، كأن يروي الراوي عن شيخ لم يَلْقََـه ويُحدّث بالسماع
أو التحديث ، أو عن شيخ في بلد لم يرحل إليه ، أو عن شيخ مات قبل أن يوُلد
هذا الراوي ، أو توفي ذلك الشيخ والراوي صغيراً لم يُدرك .
ولأجل ذلك اهتم العلماء بمعرفة
المواليد والوفيّـات وضبطوا تواريخ وفياتهم واُرِدت فيها المُصنفات ،
وعرفوا رحلات الشيوخ وإلى أي البلدان ، ومن خرج من العلماء من بلده ، ومن
لم يخرج ، وتواريخ ذلك كله .
3 – أن يتفرد راوٍ معروف بالكذب برواية حديث ولا يرويه غيره فيُحكم على روايته بالوضع .
4 – أن يُعرف الوضع من حال الراوي ، كأن يُحدّث بحديث عند غضه لم يكن يُحدّث به من قبل ، كما تقدم في قصة سعد بن طريف !
5 – أن يكون الراوي مُتهماً في حديثه مع الناس ولو لم يُتّهم في حديث رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم .
6 – أن ينصّ إمام من الأئمة على أن "
فلان " من الرواة يضع الحديث أو أنه كذاب ، ونحو ذلك من عبارات الجرح
الشديد التي يُعلم معها أنه وضاع .
وأما ما يتعلق بالمتن فـ :
1 – ركاكة لفظ الحديث المروي ، بحيث يُدرك من له إلمام باللغة أن هذا ليس من مشكاة النبوة .
2 – فساد المعنى ، كالأحاديث التي
يُكذّبها الحس ، ومعرفة هذا النوع لعلماء السنة الذين سَرت في عروقهم حتى
صار لديهم مَلَكَة في تمييز صحيحها من سقيمها ، وليس لكل أحد !
3 – مناقضة القرآن أو صحيح السنة
كالأحاديث التي فيها عرض التوبة على إبليس !
أو الأحاديث التي اشتملت على تخليد أحد من أهل الأرض !
أو الأحاديث التي فيها أن عمر الدنيا سبعة آلاف سنة !
أو ذم من يتمسك بالكتاب والسنة !
أو النص على خلافة علي – رضي الله عنه – كما تزعم الرافضة !
أو الأحاديث التي فيها أن الصحابة – رضي الله عنهم – كتموا شيئا من القرآن أو حرّفوه ،
فيُقطع ببطلان تلك الأحاديث .
4 – مُخالفة الحقائق التاريخية التي
جرت في عصر النبي صلى الله عليه على آله وسلم ، كحديث وضع الجزية عن أهل
خيبر ! وقد كتبته اليهود وجعلوا عليه من الشهود ( سعد بن معاذ – رضي الله
عنه – ) وقد توفّي بعد غزوة الخندق !
كما أن وضع الجزية لم يكن شُرِع آنذاك !
5 – موافقة الحديث لمذهب الراوي ، وهو
مُتعصب مُغالٍ في تعصبه ، كالأحاديث التي يرويها الرافضة في فضائل علي –
رضي الله عنه – أو الأحاديث التي ترويها المرجئة في الإرجاء ونحو ذلك .
6 – أن يكون الخبر عظيما ولا ينقله إلا
راو مُتّـهم ! كأن ينقل حوادث تاريخية لا تخفى على آحاد الناس ثم لا
ينقلها سواه ، ولا يُسمع بها من قبل .
7 – اشتمال الحديث على مجازفات وإفراط
في الثواب العظيم مقابل عمل صغير ، كما تقدم في الحديث الذي فيه : من قال
لا اله إلا الله خلق الله من كلمة منها طيراً منقاره من ذهب وريشه من
مرجان- وأخذ في قصة نحو عشرين ورقة ...
ولكن ما صح من الأحاديث لا يُنظر فيه
إلى مثل هذا مما قد يُتوهّم ، كحديث : من صلى على جنازة فله قيراط ،
والقيراط مثل جبل أحد . فهذا في الصحيحين ولا إشكال فيه .
وإنما هذا القيد أغلبي يُنظر فيه حال الرواة كذلك ، كأن يكون هذا الراوي ما عُرف إلا بهذا الحديث ، كما تقدم في قصة ذلك الحديث !
8 – أن يشتمل على تواريخ مستقبلية معينة .
9 – أن يكون المتن ظاهر الوضع ، كحديث
عوج بن عنق ! الذي قيل إنه أدرك الطوفان زمن نوح عليه الصلاة والسلام ،
وأن الطوفان لم يبلغ حُجزته ! وأنه كان يخوض البحر فيُخرج السمكة ثم
يشويها على الشمس !!!
وقد ذكرت هذا مرة في أحد المجالس ، ثم
أردت أن أُبيّن وضع الحديث ! قال أحد الحضور : ما يحتاج تقول إنه موضوع !
( يعني أنه واضح الوضع ) !
10 – أن يشتمل الحديث على ذم أُناس
لمجرد لونهم أو لغتهم ، وينصّ العلماء على أنه لا يصح حديث في ذم السودان
مثلاً ، أو ذم لغة معينة ، ونحو ذلك .
11 – أن ينصّ إمام من الأئمة على وضع الحديث ، وأنه موضوع مكذوب .
بالإضافة إلى أن الحديث الموضوع ليس عليه نور السنة النبوية ، وعليه علامات وشارات يفضح الله بها الكذب .
قال الربيع بن خثيم : إن من الحديث حديثا له ضوء كضوء النهار ، وإن من الحديث حديثا له ظلمة كظلمة الليل .
وقال ابن الجوزي : الحديث المنكر يقشعر له جلد الطالب ، وينفر منه قلبه في الغالب .
وقال أيضا : ما أحسن قول القائل : إذا رأيت الحديث يُباين المعقول أو يخالف المنقول أو يناقض الأصول ، فاعلم أنه موضوع .
ومع هذا لو كذب رجل بالليل لأصبح وقد كشفه الله وفضحه .
والله سبحانه وتعالى أعلم .
ღ.
س9:
ماهو الحديث المنكر والحديث الغريب ؟ وهل يعتبر حديث موضوع .
الجواب :
الحديث المنكر :
هو ما رواه الضعيف مُخالفاً فيه الثقة
وشرطه تفرّد الضعيف والمخالفة للثقة
أما إذا تفرّد الضعيف دون مخالفة الثقة فلا يُقال له : مُنكر بل يُقال له : ضعيف .
فكل حديث منكر فهو ضعيف ، وليس كل حديث ضعيف مُنكر .
وعلى هذا يكون الحديث المنكر من أقسام الحديث الضعيف ، ولا يُعتبر موضوعاً .
مثاله :
ما رواه أصحاب
السنن الأربعة من رواية همام بن يحيى عن ابن جريج عن الزهري عن أنس قال :
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه .قال أبو داود بعد
تخريجه : هذا حديث منكر ، وإنما يُعرف عن ابن جريج عن زياد بن سعد عن
الزهري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من ورِق ثم ألقاه .
قال : والوهم فيه من همام ، ولم يروه إلا همام . وقال النسائي بعد تخريجه
: هذا محفوظ ، فهمام بن يحيى ثقة احتج به أهل الصحيح ، ولكنه خالف الناس
فروى عن ابن جريج هذا المتن بهذا السند ، وإنما روى الناس عن ابن جريج
الحديث الذي أشار إليه أبو داود فلهذا حكم عليه بالنكارة .
قاله السيوطي في التدريب .
والحديث الغريب :
هو ما تفرّد بروايته شخص في أي موضع من السند .
وعلى هذا فقد يكون الحديث الغريب صحيحاً وقد يكون حسنا وقد يكون ضعيفاً .
مثاله :
حديث عمر – رضي الله عنه – : إنما الأعمال بالنيّـات . وهو في الصحيحين .
قال ابن رجب – رحمه الله – :
هذا الحديث تفرد
بروايته يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن أبي
وقاص الليثي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وليس له طريق هذا الطريق كذا
قال علي بن المديني وغيره ، وقال الخطابي : لا أعلم خلافا بين أهل الحديث
في ذلك مع أنه قد روى من حديث أبي سعيد وغيره ، وقد قيل إنه قد روى من طرق
كثيرة لكن لا يصح من ذلك شيء عند الحفاظ ،ثم رواه عن الأنصاري الخلق
الكثير والجم الغفير ، فقيل : رواه عنه أكثر من مائتي راوٍ ، وقيل رواه
عنه سبعمائة راو ، ومن أعيانهم الإمام مالك والثوري والأوزاعي وابن
المبارك والليث بن سعد وحماد بن زيد وشعبة وابن عيينة وغيرهم ، واتفق
العلماء على صحته وتلقيه بالقبول ، وبه صدر البخاري كتابه الصحيح . انتهى .
والغرابة أنواع :
1 – غريب المتن والإسناد
2 – غريب الإسناد فقط
3 – غريب بعض المتن
وقد يُطلق على الغريب الفرد .
والله أعلم .
س10 :
هل يمكن لعامة افراد المجتمع أن يعرف الحديث الموضوع من غيره .
الجواب :
لا يُمكن لعامة
الناس معرفة الحديث الموضوع إلا بمعرفة القواعد التي وضعها العلماء لمعرفة
الحديث الموضوع ، وقد تقدمت الإشارة إليها .
والدليل على ذلك كثرة انتشار الأحاديث الموضوعة ، فلو كان عامة الناس يعرفون الأحاديث الموضوعة لما انتشرت بهذه الصورة
س11 :
هل العلم بالأحاديث الصحيحة والموضوعة فرض كفاية أم فرض عين .
الجواب :
العلم بالأحاديث الصحيحة وضدّها فرض كفاية ، إلا أنه يجب على العالم معرفة الأحاديث الموضوعة حتى لا يستدل ولا يستشهد بها .
فالذي يتصدّر
لتعليم الناس يجب أن يعلم بصحيح الأحاديث من سقيمها ، أو على الأقل يصدر
عن رأي إمام مُعتبر في مسألة التصحيح والتضعيف .
س12 :
ماذا نفعل عند قرائتنا لكتب فيها أحاديث غير موضح درجة صحتها ؟ هل نصدقها ؟ أم لا؟
الجواب :
سبقت الإشارة إلى أن العمل فرع عن التصحيح .
وسبقت الإشارة إلى
أن الحديث إذا صحّ فإنه يُعمل به على حسب مدلوله ، إن كان يدلّ على واجب
وجب العمل به ، وإن دلّ على أمر مسنون فالعمل به سُنّـة ، وهكذا .
وتقدّم قول القاسمي
– من ثمرات الحديث الصحيح - : لزوم قبول الصحيح ، وأن لم يعمل به أحد .
قال الإمام الشافعي في الرسالة : ليس لأحد دون رسول الله صلى الله عليه
على آله وسلم أن يقول إلا بالاستدلال ، ولا يقول بما استحسن ، فإن القول
بما استُحسِن شيء يُحدِثه لا على مثالٍ سابق . انتهى .
فالصحيح أنه لا يُعمل بالحديث إلا إذا صحّ ، ولذا كان الإمام الشافعي – رحمه الله – يقول كثيراً : إن صحّ الحديث .
يعني في مسألة مُعينة إذا صح الحديث عمل به .
كل هذا تقدّم
ولكن من قرأ في كتاب ولا يعلم صحة أحاديثه فإنه يتوقف عن العمل بها حتى تتبيّن له صحتها .
إلا إذا كانت الأحاديث ممن رواها أهل الصحيح الذين اشترطوا الصحة ووفّـوا بشرطهم ؛ كالبخاري ومسلم .
وهناك من اشترط
الصحة ولم يوفِّ بها ، بل تعقب العلماء بعض من اشترط الصحة ، كالحاكم في
المستدرك فإنه قد يروي الموضوعات ، والتمس له العلماء العُذر حيث مات ولم
يُنقّح كتابه .
ومثل صحيح ابن حبان أو صحيح ابن خزيمة ، فإنهما اشترطا الصحة ولم يوفّيـا بها ، وإن كانا أمثل من المستدرك وأقوى .
[/size]
منقووووووووووووووووووووووووول برجاء الدعاء لمعد الرسالة