منتدي الا رسول الله

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدي اسلامي


    الوفاء العهد والميثاق في الاسلام

    avatar
    الرضوان
    عضو نشيط جدا
    عضو نشيط جدا


    انثى عدد الرسائل : 181
    البلد : maroc
    بلد العضو : الوفاء العهد والميثاق في الاسلام Moroccoflsmnwmaa1
    nbsp : الوفاء العهد والميثاق في الاسلام 15781611
    درجات الاجاده : 0
    نقاط : 60300

    الوفاء العهد والميثاق في الاسلام Empty الوفاء العهد والميثاق في الاسلام

    مُساهمة من طرف الرضوان 6/7/2008, 11:32 pm

    تتمة

    12- آثار أخرى:
    ذكرت فيما سبق أبرز الآثار وأعظمها، وهناك آثار أخرى ذكرها القرآن وصفًا للناقضين لعهودهم، الخائنين لمواثيقهم، رأيت أن أجملها في فقرة واحدة، لاشتراكها في كونها أوصافًا يكتسبها أولئك كأثر من آثار غدرهم وخيانتهم.
    فبنوا إسرائيل لما أخذ الله عليهم الميثاق ألا يعتدوا في السبت خانوا وغدروا فكيف كانت عاقبتهم؟ لقد جعلهم الله قردة خاسئين، جزاء لسوء فعلتهم وخسة طباعهم: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ) (البقرة:65) وفي الأعراف: (فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ) (الأعراف:166) .
    ونفى العقل عن الذين يأخذون كل ما عرض لهم حلالا كان أو حرامًا، مخالفين بذلك ميثاق الكتاب الذي أخذ عليهم، وجاء نفي العقل بصيغة الاستفهام: (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (الأعراف: من الآية169) .
    ومن الصفات التي وصفهم الله بها، أنهم شرّ الدواب، ولقد اكتسبوا تلك الصفة جزاء أفعالهم القبيحة، والجزاء من جنس العمل، والفعل دليل على الفاعل: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ) (الأنفال:55،56) .
    وتستمر الآيات في الكشف عن صفات هؤلاء، وتكشف ما خفي من طويتهم وحالهم، فلقد دخلوا في زمن الخائنين: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ) (الأنفال:58) .
    وختام تلك الصفات وأعظمها وصفهم بالنفاق، والكذب، والكذب مطية النفاق: (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ) (التوبة:75-77) .
    وإذا تأملنا هذه الصفات مجتمعة أو متفرقة شعرنا بخطورة الأمر ومآله، وأدركنا أن نقض العهد كان سببًا مباشرًا لما وصفوا به، فوصفهم بالنفاق جاء أثرًا واضحًا لاختلاف الوعد: (فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ) (التوبة: من الآية77) ووصفهم بشّر الدواب والخيانة والكذب جاء ثمرة لفعلهم وسوء صنيعهم، وقبل ذلك لما نكث بنوا إسرائيل وغدروا جعلهم الله قردة خاسئين.
    13- الجناية على النفس:
    أنسب أثر أختم به هذه الآثار التي تنتظر الناقضين لعهودهم، المتلاعبين بمواثيقهم، ما ذكره الله سبحانه وتعالى في سورة الفتح: (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ) (الفتح: من الآية10) فالناقض لعهده يجني على نفسه ويوبقها، وهذه الأثار هو سببها، وهو حطبها ووقودها.
    وإذا تأمل الإنسان هذه النهاية لنفسه، والمصير الذي سيؤل إليه، والثمن الباهظ الذي سيطلب منه، وتذكر أنه لم يظلم بشيء من هذا، ولم يحمل وزر غيره، أدرك خطورة الأمر وفداحة الخطب، وأن الأمر جدّ لا لعب فيه ولا عبث، وأنه لا منجاة له إلا بالوفاء بعهد الله وميثاقه، وأن يعض على ذلك بالنواجذ، ليجنب نفسه وأمته الهلاك والبوار وسوء الدار.

    وأخيرًا:
    ففي ختام مبحث آثار نقض العهد والميثاق أشير إلى أن المتأمل لواقع البشرية الآن يدرك المآسي التي تعيش فيها، فهي تنتقل من محنة إلى محنة، ومن نكبة إلى نكبة، دول تعيش في حروب وأخرى في قلاقل وثالثة تعصف بها الفتن ورابعة وخامسة، مع أننا نجد في مطلع كل يوم معاهدات توقع وعهود تكتب، ونجد أن المنظمات الدولية في ازدياد وتوسع، فهناك الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، وقبلها عصبة الأمم، وبعدهما عدم الانحياز وجامعة الدول العربية، وأخيرًا المؤتمر الإسلامي، وبين هذه وتلك المنظمة الأفريقية وغيرها. ولم تستطع أي من هذه المنظمات أن توقف حربًا، أو أن تنفّذ عهدًا أو تحترم ميثاقًا.
    وتذكرت كيف كانت تعيش الدولة الإسلامية الأولى وما تلاها من دول إسلامية حقّة، وكيف نعمت وجاراتها باستقرار تحسد عليه، وأدركت أن العهود والمواثيق التي كانت قائمة يومئذ كانت تحترم وتنفذ، فجنى الناس آثارها. أما اليوم فقد سادت شريعة الغاب ودول الذئاب، القوي يأكل الضعيف، لا عهد ولا ميثاق ولا قانون.
    ولن يعود للبشرية أمنها واستقرارها إلا بعودتها إلى دين ربها وتحكيم شرع الله ونهجه في الحياة، وهناك يأمن المؤمن والكافر وتحترم العهود والمواثيق، وإلا فمزيدًا من الدمار والهلاك والبوار، سنة الله ولن تجد لسُنة الله تبديلا. اللهم سلمنا وعافنا
    والسلام عليكم ورحمة الله

      الوقت/التاريخ الآن هو 25/11/2024, 5:07 pm